[صلوا من أجل التناول باستحقاق. اطلبوا عنَّا وعن كل المسيحيين] {القداس الإلهي}.
فالصوم وحده يُمكنه أنْ يُحقق هذا التحوُّل, ويمنحنا الدليل الوجودي على أنَّ الاعتماد على الأكل والمادة ليس هو الحياة, بل الكلمة والصلاة والنعمة والانسحاق والتقدم إلى السرائر.. , وإذ يقترن الصوم بالصلاة والنعمة, والعبادة والشركة, والتوبة والشهادة والخدمة يصبح صومًا روحيًا.
وإذا ما تعمقنا في فهم هذا كله يصير الصوم الوسيلة الوحيدة التي يستعيد بها الإنسان قامته الروحية الحقيقية, والأمر ليس نظريًا بل هو تحدى عملي لذلك الكذاب الكبير المحتال إبليس الذي استطاع بأنْ يقنعنا أنْ نعتمد على الخبز وحده, وراح يبنى المعرفة البشرية كلها والعلم والوجود على تلك الأكذوبة المضيعة والمضللة, فالصوم هو هدم لتلك الأكذو بة وهو الدليل أيضًا على أنَّه أكذوبة.. ومن المفيد أنْ ندرك أنَّ المسيح خلصنا لمَّا كان صائمًا وواجه الشيطان [إنجيل الأحد الثاني من الصوم "أحد التجربة"], وأنَّه قال فيما بعد أنَّ الشيطان لا يُهزم إلاَّ بالصلاة والصوم.. لذلك تلتزم كنيستنا في عبادتها الليتورجية أثناء فترة الصوم الأربعيني, بصلاة أطول, وإماتة أشد, وتضحية لأبعد مدى وأكثر تجسيدًا.. وهذه هي أعجوبة الصوم التي تجعلنا أكثر اتحادًا وقربًا من الله..