رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مهمة التقليد في الكنيسة القديمة
“لو لم يحرّكني سلطان الكنيسة الجامعة لما أمنت بالإنجيل” القديس أوغسطين، ضد الرسائل المانيّة، 1، 1) القديس فكنديوس والتقليد: كان قول القديس فكنديوس الليرنسي الشهير: “يجب أن نحفظ ما آمن الجميع به دائماً وفي كل مكان” (Commonitorium،2) ميزة رئيسة في موقف الكنيسة القديمة من الأمور الإِيمانيَّة. وهذا القول كان مقياساً مبدأ في الوقت نفسه. وكان التشديد الحاسم يقع هنا على استمرار التعليم المسيحي. والحق، أن القديس فكنديوس احتكم إلى “المسكونية” المزدوجة في الإيمان المسيحي -في المكان والزمان. فهذا الرؤية الكبيرة هي التي ألهمت القديس إيريناوس في أيامه: لقد انتشرت الكنيسة الواحدة في أرجاء العالم، لكنَّها تتكلَّم بصوت واحد وتحفظ الإيمان نفسه في كلّ مكان، كما سلَّمه الرسل الأطهار وحفظه وتعاقب الشهود، هذا الإيمان “الذي حُفظ في الكنيسة من أيام الرسل بواسطة تعاقب القسوس”. هذان الوجهان للإيمان، بل بعدهما، لن ينفصلا، لأن “المسكونية” (universitas) و”القِدَم” (antiquitas) و”الإجماع في الرأي” (consensios) أمور متكاملة وليس أحد منها مقياساً صالحاً في حدِّ ذاته. |
30 - 06 - 2016, 05:27 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مهمة التقليد في الكنيسة القديمة
لم يكن “القِدَم” في حدِّ ذاته ضمانة كافية للحقيقة إذا لم يثبِّته “الإجماع في الرأي” عند “القدماء”. و”الإجماع” في حد ذاته لم يكن باتّاً ما لم ترجع جذوره بشكل مستمر إلى الرسل. يقول القديس فكنديوس: نحن نعترف بالإيمان الحقيقي عن طريق الالتجاء إلى الكتاب المقدَّس والتقليد، “عن طريقين… أولاً عن طريق سلطان الكتاب المقدس، ومن ثمّ عن طريق تقليد الكنيسة الجامعة”. لكن هذا الأمر لا يشير إلى وجود مصدرين للعقيدة المسيحية، لأن قانون الكتاب كان “تاماً” و”كافياً” في حدِّ ذاته ولأن “كل الأشياء (في الكتاب) كاملة وأكثر من كافية”. فماذا يجب أن يُكمَّل “بسلطان” آخر؟ ولماذا كان الرجوع إلى سلطان “الفهم الكنسي” ضرورياً؟ لقد كان السبب واضحاً وهو أن كلّ مسيحي شرع في تفسير الكتاب بشكل مختلف، “لدرجة أن المرء يكاد يصل إلى الانطباع بأن هناك معاني مختلفة بمقدار عدد الناس”. ولذلك قاوم القديس فكنديوس تعدّد الأفكار “الخاصة” بفكر الكنيسة “الواحد”، فكر الكنيسة الجامعة، فقال إنه يجب أن “نوجِّه تفسير كتب الأنبياء والكتابات الرسولية وفق قاعدة التفسير الكنسي الجامع”. فلم يكن للتقليد عنده وجود مستقل، ولم يكن مصدراً مكمِّلاً للإيمان. “فالفهم الكنسي” لا يضيف شيئاً إلى الكتاب المقدَّس، لكنه كان الوسيلة الواحدة للتحقق من المعنى الصحيح للكتاب ولكشفه. كان التقليد التفسير الموثوق به، وبهذا المعنى يمتد امتداد الكتاب. وكان التقليد “الكتاب المفهوم بشكل صحيح”. وكان الكتاب، عند القديس فكنديوس، القانون الأوحد والرئيسي والنهائي للحقيقة المسيحية (Commonitoriun الإصحاح 2 و28).
|
||||
30 - 06 - 2016, 05:27 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مهمة التقليد في الكنيسة القديمة
المسألة التفسيرية في الكنيسة القديمة:
في هذا المجال وافق القديس فكنديوس كلياً التقليد القائم في الكنيسة. فعبارة القديس إيلاريون واتيه الرائعة التي تقول : “إن الكتاب ليس في قراءته، بل في فهمه” (إلى كونستانس، 2، 9، مجموعة الآباء اللاتين، مين 10، 570) كرَّرها القديس إيرونيموس “جيروم” (الحوار ضد لوكيفاروس، 28، مجموعة الآباء اللاتين مين 23، 190-191). ولقد ظلّت مشكلة التفسير الصحيح للكتاب المقدس حادّة حتى القرن الرابع أثناء صراع الكنيسة مع الآريوسيين، وما خفَّت حدَّتها عماّ كانت عليه في القرن الثاني أثناء مقاومة العرفانيين والصباليوسيين والمونتانيين. فكلّ أطراف النزاع احتكمت إلى الكتاب، حتى إن الهراطقة والعرافايين والمانويين استشهدوا بفصوله وآياته واحتكموا إلى سلطانه. وكان التفسير في تلك الفترة أهمّ منهج لاهوتي ولعلَّه كان المنهج الأوحد، وكان سلطان الكتاب مطلقاً وسامياً. وكان الأرثوذكسيون يتّجهون إلى طرح السؤال التفسيري الحاسم: ما هو مبدأ تفسير الكتاب؟ لكنَّ لفظة “الكتاب المقدس” أشارت في القرن الثاني بصورة أساسية إلى العهد القديم، ولذلك اعترض مركيون (مرقيون) بقوة على سلطان أسفار العهد القديم رفض الاعتراف بها. بناء عليه أصبح برهان وحدة العهدين ضرورية. ما هو أساس الفهم المسيحي والخريستولوجي “للنبوءة”، أي للعهد القديم وما هو مبرِّره؟ ففي تلك الحقبة أُثير أولاً سلطان التقليد. فالكتاب ينتمي إلى الكنيسة ولذلك يُفهم بشكل وافٍ ويُفسَّر بشكل صحيح فيها وضمن جماعة الإيمان القويم فقط. أمَّا الهراطقة، أي الذين خارج الكنيسة، فلم يملكوا مفتاح فكر الكتاب، لأنه لم يكن الاستشهاد بكلام الكتاب كافياً إذ يجب على الإنسان أن يَشرح معنى الكتاب الحقيقي والقصد منه بشكل كليّ وأن يُدرك مسبقاً نموذج الإِعلان الكتابي ومخطط عناية الله المخلِّصة. وهذا لن يتحقَّق إلاَّ بالرؤية الإيمانية. فبالإيمان كان “الإقرار بالمسيح” (Christiuszeugniss) في العهد القديم مفهوماً. |
||||
30 - 06 - 2016, 05:27 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مهمة التقليد في الكنيسة القديمة
فبالإيمان أُكِّدت بشكل صحيح وحدة الأناجيل ذات الأشكال الأربعة لكنَّ هذا الإيمان لم يكن تأملاً فردياً كيفياً، بل كان إيمان الكنيسة المتأصل في البشارة الرسولية وفي الكرازة (kerygma) أمَّا الذين خارج الكنيسة فتعوزهم هذه الرسالة الأساسية، التي هي قلب الإنجيل. فالكتاب عندهم حرف ميت ومجموعة من النصوص والسير غير المترابطة. إنهم حاولوا ترتيبها وفق طريقتهم الخاصة التي استقوها من مصادر غريبة. فأتى إيمانها مختلفاً. هذه هي حجة ترتليان في مبحثه “معارضة الهرطقة” (De praescriptione). فهو لم يشأ أن يبحث الكتاب مع الهراطقة، إذ لا حقّ لهم في استعماله لأنه لا يخصّهم. الكتاب ملك الكنيسة. ولذلك أكّد ترتليان بشدة على أولوية “قانون الإيمان” (regula fidie) الذي هو المفتاح الأوحد لفهم معاني الكتاب. وهذا “القانون” كان رسولياً ومتأصّلاً في تعليم الرسل ومستمداً منه. وصف تُرنير (C.H.Turner) بشكل صحيح معنى هذا الاحتكام إلى “قانون الإيمان” وغاية الرجوع إليه في الكنيسة الأولى، فقال: “عندما تحدَّث المسيحيون عن “قانون الإيمان”بكونه قانوناً “رسولياً”… لم يعنوا به أن الرسل اجتمعوا لصياغته… بل عنوا به أن الاعتراف بالإيمان الذي علَّمه الرسل وأودعوه تلاميذهم ليعلِّموه هم من بعدهم”. كان هذا الاعتراف هو هو في كل مكان، رغم أن أسلوب التعبير قد يتغيَّر من مكان إلى مكان وكان دوماً وثيق الصلة بدستور المعمودية وخارج هذا “القانون” لا يمكن إلاَّ أن يفسَّر الكتاب تفسيراً خاطئاً. فالكتاب والتقليد، عند ترتليان، متلازمان دون انفصال: “حيثما يتّضح التعليم المسيحي الحقّ والإيمان المسيحي القويم نجد الكتاب المقدَّس الحقيقي والتفسير القويم والتقليد المسيحي الحقيقي” (19، 3). فتقليد الإيمان الرسولي كان المرشد الضروري لفهم الكتاب والضمانة الأساسية للتفسير الصحيح. لكنَّ الكنيسة لم تكن سلطة خارجية مهمتها أن تحكم على الكتاب، بل أن تحفظ الحقيقة الإلهية المودعة فيه
|
||||
30 - 06 - 2016, 05:27 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مهمة التقليد في الكنيسة القديمة
القديس إيريناوس و”قانون الحقيقة”:
عندما دحض القديس إيريناوس سوء استعمال العرفانيين الغنوصيين للكتاب المقدَّس أورد تشبيهاً رائعاً، فقال: صنع فنَّان موهوب صورة جميلة لأحد الملوك من الجوهر الثمينة، لكنَّ شخصاً آخر فكَّ هذه الحجارة وأعاد ترتيبها بأسلوب آخر ليقدِّم صورة كلب وثعلب. ثم زعم أن هذه الصورة هي الصورة الأصلية التي صنعها الفنَّان الأول، وتعلَّل قائلاً إن الحجارة (أو الفسيفساء psiphides) أصلية. والحق أن التصميم الأصلي قد تهدَّم و “ضاع نموذج الإنسان الموضوع”. هذا بالضبط ما يفعله الهراطقة بالكتاب المقدس. فهم يتجاهلون ويمزِّقون “الترابط والترتيب” الموجودين في الكتاب المقدس، “ويقطعون أوصال الحقيقة”. إن كلماتهم وتعابيرهم وأمثالهم أصيلة، لكنَّ قياسهم (أو تصميمهم) (hypothesis) كيفيّ وخاطئ (ضد الهرطقة 1، 8، 1). ثمّ أورد هذا القديس تشبيهاً آخر. كانت مختارات من شعر هوميروس متداولة في تلك الأيام، لكنها استخدمت جزافاً وبعيداً عن سياقها وأُعيد ترتيبها بشكل كيفيّ. فكانت الأبيات كلُّها هوميروسية، لكنَّ القصة الجديدة التي اخترعها الناس بسبب إعادة ترتيب الأبيات لم تعد هوميروسية أبداً. وكذلك ينخدع الإنسان بسهولة بهذا الأسلوب الذي يبدوا هوميروسياً (1، 9، 4). ويجدر بنا أن نشير إلى أن ترتليان ذكر أيضاً هذه المختارات الشعرية (centones) من أبيات هوميروسية وفرجيلية (معارضة الهراطقة 39). |
||||
30 - 06 - 2016, 05:27 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مهمة التقليد في الكنيسة القديمة
ويبدو أن هذا الأسلوب كان مألوفاً في الأدب الدفاعي آنذاك. أمَّا النقطة التي أراد القديس إيريناوس أن يوضحها فهي أن للكتاب نموذجه وبنيته الداخلية وتآلفه، لكنَّ الهراطقة ينكرون هذا النموذج وبالأحرى يستبدلونه بنموذجهم الخاص. وبكلام آخر، إنهم يعيدون ترتيب الشواهد الكتابية على أسس غريبة عن الكتاب نفسه. فأكد القديس إيريناوس أن الذين يحفظون بقوة “قانون الحقّ” الذي تسلَّموه في المعمودية لن يجدوا صعوبة في “إعادة كلّ عبارة إلى مكانها الصحيح”، ولن يعجزوا عن مشاهدة الصورة الحقيقية. إن العبارة الواقعية التي استعملها القديس إيريناوس فريدة وخاصة به وهي “الملائم لجسم الحقيقة” (prosarmosas tis alithias somation) وترجمتها اللاتينية القديمة غير المتقنة: (corpusculum veritatis) أمَّا معناها فواضح جداً، لأن لفظة (Somation) “جسم” ليس تصغيراً، بل تشير إلى “الجسم” (corpus) إلى السياق الصحيح والبنية الأصلية و”الصورة الصحيحة” والترتيب الأولى للحجارة (أو الفسيفساء) والأبيات. ولذلك يجب أن يرشدنا “قانون” الإيمان، في رأيه، إلى قراءة الكتاب المقدَّس، لأن المؤمنين يلتزمونه باعترافهم به في المعمودية، ولأن هوية الرسالة الأساسية و”حقيقة” الكتاب تعيّنان به بصورة صحيحة. أم العبارة الفضَّلة لدى القديس إيريناوس فكانت “قانون الحقّ” (Kanon tis alitheias، Regula veritatis).
|
||||
30 - 06 - 2016, 05:28 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مهمة التقليد في الكنيسة القديمة
والواقع أن هذا “القانون” لم يكن سوى شهادة الرسل وكرازتهم وبشارتهم، التي “أودعت” في الكنيسة وعُهد بها إليها من الرسل وحُفظت بصدق وسُلِّمت بإجماع عام في كلّ الأمكنة عبر تعاقب الرعاة “الذين تسلَّموا موهبة الحقيقة الثابتة إلى جانب التعاقب الرسولي”. ومهما كان المدلول الدقيق والمباشر لهذه العبارة التي تزخر بالمعاني فلن يعترينا الشك في أن هذه الحفظ الدائم للإيمان المودَع ونقله تحققا، عند القديس إيريناوس، بحضور الروح القدس في الكنيسة. لقد كان مفهوم الكنيسة عنده قائماً على “المواهب” و”المؤسسة” بآن واحد. وكان “التقليد”، في مفهومه، “وديعة حيَّة” (Juvenescens depositum) أعطيت للكنيسة لتكون نسمة جديدة للحياة، مثل نسمة الحياة التي أُسبغت على الإنسان الأول (aspiration plasmationis quemadmodum 1، 24، 3). والأساقفة و”القسوس” كانوا حرَّاساً مفوَّضين في الكنيسة وخدَّاماً للحقيقة التي أُدعت فيها. “حيثما تودع posita sunt” مواهب (charismata) الرب يحسن تعلّم الحقيقة ممن عندهم التعاقب الكنسي الآتي من الرسل (successio apud quos est ea quae est ab apostolis ecclesiae) وممن عندهم التصرف اللائق الذي لا عيب فيه وممن ينطقون بكلام طاهر لا غش فيه. فهؤلاء يحفظون أيضاً إيماننا هذا بالإله الواحد الذي خلق كلّ شيء، ويكثرون محبتنا لابن الله الذي أتمَّ تدبيراً عظيماً كهذا من أجلنا، ويفسرون لنا الكتاب من دون خطر ولا يجدِّفون على الله ولا يزدرون البطاركة ولا يحتقرون الأنبياء” (5، 26، 4).
|
||||
30 - 06 - 2016, 05:28 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مهمة التقليد في الكنيسة القديمة
قانون الإيمان (Regula fidei):
كان التقليد في الكنيسة الأولى مبدأ تفسيرياً ومنهجاً تفسيرياً أيضاً، لأننا لا نقدر أن نفهم الكتاب فهماً صحيحاً وكاملاً إلاَّ على ضوء التقليد الرسولي الحيّ وفي إطاره. وهذا التقليد كان عاملاً أساسياً في الوجود المسيحي، لا لأنه يقدر أن يضيف شيئاً إلى ما أعلن في الكتاب، بل لأن يزوِّد بالإطار الحيّ وبالمنظور الواسع اللذين يُكتشف ويُفهم بهما “القصد” الحقيقي من الكتاب والإعلان الإلهي و”تصميمهما” الكامل. كانت الحقيقة عند القديس إيريناوس “منهجاً راسخ الأساس” و”جسماً حيّاً” (corpus) (ضد الهراطقة 2، 27، 1) “ولحناً متآلف النغمات” (3، 38، 2). لكننا لا ندرك هذا “التآلف” إلاَّ بالرؤية الإيمانية. الحق، أن التقليد لم يكن مجرَّد نقل لعقائد متوارثة “على الطريقة اليهودية”، بل كان الحياة المستمرة في الحقيقة . ولم يكن قلباً بلا حراك ومُركباً من القضايا الملزمة، بل كان تبصرا في معنى الأحداث المعلَنة وتأثيرها في كشف “الإله الفاعل”.لقد كان هذا الأمر حاسماً في حقل التفسير الكتابي. إن ج.ل.برستيج أحسن في قوله: “إن صوت الكتاب يُسمع بوضوح إذا ما فُسِّرت نصوصه برؤية واسعة وبطريقة منطقية وباتفاق مع الإيمان الرسولي ومع دليل الممارسة التاريخيَّة للمسيحية. فالهراطقة هم الذين عوَّلوا على نصوص منعزلة والمسيحيون الأصيلون تنبَّهوا أكثر من المبادئ الكتابية». وعندما لخَّصت الدكتورة إلين فليسيمانفان لير تحليلها الدقيق لاستعمال التقليد في الكنيسة الأولى، قالت: “إن الكتاب من دون تفسير ليس كتاباً على الإطلاق، وعندما نستخدمه ويصير حياًّ يكون كتاباً مفسَّراً”. فيجب أن نفسِّر الكتاب وفقاً “لمضمونه الأساسي” المعلَن في “قانون الإيمان” (Regula fidei). وهكذا يكون هذا “القانون” مَثَلاً يوجّه تفسير الكتاب. “فالتفسير الحقيقي للكتاب هو التقليد وبشارة الكنيسة”. |
||||
30 - 06 - 2016, 05:28 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مهمة التقليد في الكنيسة القديمة
القديس أثناسيوس و”غاية الإيمان”:
في القرن الرابع لم تتبدَّل الأحوال، لأن الصراع مع الآريوسيين دار أيضاً حول مسألة تفسير الكتاب، على الأقل في المرحلة الأولى من هذا الصراع. فجاء الآريوسيون وأنصارهم بمجموعة كبيرة من النصوص الكتابية ليدافعوا عن موقفهم العقيدي، وأرادوا حصر البحث اللاهوتي في المجال الكتابي وحده. ولذلك كانت مواجهتهم في هذا الإطار ضرورية في بادئ الأمر. ومنهجهم التفسيري أي طريقة معالجتهم للنص، كان مطابقاً لمنهج الذين انشقوا عن الكنيسة في القرون الأولى. فهم اهتموا بالنصوص التي اختاروها لتأييد موقفهم، من غير أن يلتفتوا إلى السياق العام للإعلان. ولذلك اضطر الأرثوذكسيون إلى الاحتكام إلى فكر الكنيسة، إلى “الإيمان” الذي أُعلن مرة وحُفظ بصدق. وهذا كان اهتمام القديس أثناسيوس الأساسي ومنهجه الاعتيادي. لقد استشهد الآريوسيون بمقاطع كثيرة من الكتاب ليقيموا الدليل على ما ناضلوا من أجله وهو أن المخلِّص مخلوق. في جواب القديس أثناسيوس كان الاحتكام إلى “قانون الإيمان” واضحاً في قوله: “لنصلح، نحن الذين اقتنينا غاية الإيمان (to Skopon tis pisteos) المعنى الصحيح (orthisn tin dianian) لما فسَّروه بشكل خاطئ” (ضد الأريوسيين 3، 35). وأكَّد القديس أثناسيوس أن التفسير “الصحيح” لنصوص معيَّنة يصبح ممكناً من خلال المنظور الإيماني كله فقط: “ما يتعلَّلون به من الأناجيل يفِّسرونه بشكل خاطئ، إذا ما قبلنا نحن المسيحيين غاية الإيمان (Himas tous christianous pisteos ton skopon tis Kath) وقرأنا الكتاب مستعملين هذه الغاية قانوناً (osper Kanoni chrisameni)”. |
||||
30 - 06 - 2016, 05:28 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مهمة التقليد في الكنيسة القديمة
من جهة ثانية يجب أن نهتمّ اهتماماً شديداً بالسياق المباشر لكلّ جملة وتعبير وبإبراز قصد الكاتب الصحيح بدقة (1، 54). وعندما كتب القديس أثناسيوس إلى الأسقف سرابيون عن الروح القدس أكَّد له أن الآريوسيين يجهلون “غاية الكتاب المقدس” (إلى سرابيون 2، 7 وإلى أساقفة مصر، 4) “لأنهم يهتمون بما يُقال ويتجاهلون معناه”. كانت لفظة (skopos) “لغاية” عند أثناسيوس موازنة لفظة (hypothesis) عند إيريناوس للإشارة إلى “الفكرة” الأساسية والتصميم الصحيح والمعنى المقصود وكانت لفظة (skopos) مألوفة في اللغة التفسيرية عند عدد من المدارس الفلسفية، وخاصة عند الأفلاطونية الحديثة. إن التفسير قام بدورٍ كبير في المحاولات الفلسفية في ذلك الوقت ولذلك كان إثارة السؤال عن المبدأ التفسيري ضرورياً. فالفيلسوف إيامفليخوس كان نموذجياً في هذه النقطة. لقد كان من واجب الإنسان أن يكتشف “النقطة الرئيسية” والموضوع الأساسي في البحث الذي يدرسه وأن يحفظها في ذهنه دائماً . ومن الجائز أن يكون القديس أثناسيوس ملماً بالاستخدام التقني لهذه اللفظة، ولذلك أكَّد أن الاستشهاد بفصول ومقاطع معزولة من الكتاب المقدَّس بعيداً عن قصد الكتاب الإجمالي أمر مضلِّل. ونخطئ إذا فسَّرنا لفظة (skopos) عند أثناسيوس بأنها “المعنى العام” للكتاب. “فغاية” الإيمان و “غاية” الكتاب هي الفحوى العقيدي الموجود بكثافة في “قانون الإيمان”، كما حفظته الكنيسة وكما “انتقال من “أب إلى أب” في وقت لا نجد فيه “آباء” عند الآريوسيين (في قوانين مجمع نيقية، 27)”.
|
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
بدون التقليد المقدس لا توجد الكنيسة |
التقليد المقدس هو الكنيسة عينها |
الرسول مرقس بشهادة التقليد وطقوس الكنيسة |
الرسول بشهادة التقليد وطقوس الكنيسة |
عظة .. التقليد فى الكنيسة الارثوذكسية والكتاب المقدس |