وأمام هذا الاتضاع والانسحاق بدأ قلب داود يهدأ جدًا، تمامًا كما يقول الكتاب "اَلْجَوَابُ اللَّيِّنُ يَصْرِفُ الْغَضَبَ وَالْكَلاَمُ الْمُوجِعُ يُهَيِّجُ السَّخَطَ" (أم15: 1). فإذا كان قلب داود مشتعلاً بالغضب لكنه هدأ أمام كلام الاتضاع والانسحاق. وقالت له: "وَالآنَ يَا سَيِّدِي حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ وَحَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ إِنَّ الرَّبَّ قَدْ مَنَعَكَ عَنْ إِتْيَانِ الدِّمَاءِ وَانْتِقَامِ يَدِكَ لِنَفْسِكَ.." (1صم25: 26).
في بداية الأمر اعتذرت له وقالت له لتكن هذه الخطية علىَّ أنا، والرجل أحمق، ولا تحاسبه على تصرفاته -طبعا لا يجوز لأي زوجة أن تعتبر من حقها أن تقول عن زوجها أنه أحمق- فهذه الكلمة قيلت اعتذارًا لداود الذي هو مسيح الرب، ولم تقُلها لأي شخص عادي، كمن يعتذر لله عن خطية الرجل، فباعتبار أن الملك الممسوح بالروح القدس يمثل حضور الله في وسط الشعب، وهذه كانت نظرتها لداود، وبهذا يكون الاعتذار لله من خلال شخص داود, لأن الذي يشتم مسيح الرب يهين الرب, والذي يعتذر لمسيح الرب يعتذر للرب. وقد قال السيد المسيح للآباء الرسل: "الَّذِي يَسْمَعُ مِنْكُمْ يَسْمَعُ مِنِّي والَّذِي يُرْذِلُكُمْ يُرْذِلُنِي والَّذِي يُرْذِلُنِي يُرْذِلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي" (لو10: 16)، وهذا الكلام قالته أبيجايل بينها وبين داود ملك إسرائيل وممثل الله بين الجماعة.