رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
العلامة أوريجينوس: ["كلَّم الرب موسى وهرون قائلًا: ينزل بنو إسرائيل كلٌ عند رايته بأعلام (إشارات) لبيوت آبائهم، قِبَالة خيمة الاجتماع حولها ينزلون" [1-2]. طلب موسى أن يتقدم كل رجل في المَحَلَّة حسب رتبته، حسب رايته (إشارته) لبيت أبيه. ويقول الرسول بولس "ليكن كل شيء بلياقة وبحسب ترتيب" (1 كو 14: 40). ألا يُظهر ذلك أن الروح الذي تكلَّم به موسى هو بعينه الذي تكلم به الرسول بولس؟! فقد أمر موسى أن يسيروا في المَحَلَّة بترتيب، وقدَّم الرسول التعليم أن يكون كل شيء "بحسب ترتيب" في الكنيسة. موسى الذي كان يخدم الناموس أمر بحفظ الترتيب في المَحَلَّة، وبولس الرسول خادم الإنجيل يريد أن يلتزم المسيحي بالترتيب لا في سلوكه فقط وإنما حتى في ملبسه، إذ يقول "كَذلِكَ.. النِّسَاءَ يُزَيِّنَّ ذَوَاتِهِنَّ بِلِبَاسِ الْحِشْمَةِ" (1 تي 2: 9). إنهما (موسى وبولس) لا يريدان الالتزام بالترتيب فقط في تنفيذ الواجبات والملبس فحسب وإنما يعنيان "ترتيب النفس"... كثيرًا ما يحدث أن إنسانًا له أفكار وضيعة دنيئة يتلذذ بالماديات الأرضيّة، وبمكر ينال رتبة كهنوتيّة عالية ويعتلي منبر المعلمين، بينما آخر روحاني متحرر من الانشغال بالأمور الزمنيّة وقادر على فحص كل شيء ولا يُحكم عليه من أحد (1 كو 2: 15) يشغل أول رتبة في الكهنوت أو يُحسب من الشعب. مثل هذا الأمر فيه ازدراء بتعاليم الناموس والإنجيل ولا يكون فيه ترتيب! نحن أيضًا إذ نكون قلقين ومرتبكين بالأكل والشرب، ولا ننشغل إلا بالأمور الزمنيّة، لا نقدم لله إلاَّ ساعة أو ساعتين في اليوم للذهاب إلى الكنيسة للصلاة والاستماع لكلمة الله، نعمل على إشباع احتياجاتنا الزمنيّة وإرضاء المعدة، بهذا نكون غير مهتمين بالتعليم القائل "ينزل كلٌ عند رايته (حسب رتبته)"، أو القائل "ليكن كل شيء بلياقة وبحسب ترتيب"، لأن الترتيب الذي وضعه السيد المسيح هو أن نطلب أولًا ملكوت الله وبره (مت 6: 33) مؤمنين أن هذه كلها تزاد لنا. بهذا ينزل كلٌ (عند رايته) حسب رتبته. هل تعتقد أن الذين يُلقبون قسوسًا ويفتخرون بانتسابهم للكهنوت يسيرون حسب رتبهم كما يليق بهم؟ هكذا أيضًا هل يسير الشمامسة حسب رتبهم؟ إذن لماذا نسمع أحيانًا أناسًا يجدفون قائلين: "انظر هذا الأسقف أو هذا القس أو هذا الشماس؟ إلاَّ لأنهم يشاهدون الكاهن أو خادم الله مقصرًا في واجبات رتبته، سالكًا بما يخالف الرتبة الكهنوتيّة ورتبة اللاويين! ماذا أقول أيضًا عن العذارى والنُسَّاك الذين يوكل إليهم القيام بخدمات دينية؟ فإن قَصَّر هؤلاء في التزامهم بالاحتشام والوقار أما يتهمهم موسى قائلًا: ليَسِر كل إنسان حسب رتبته (عند رايته)، فإن من يعرف رتبته، ويفهم ما يليق بها يزن أعماله وينظم كلماته وتصرفاته حتى ملابسه بما يليق ومقتضيات الرتبة التي ينتسب إليها، فلا نسمع قول الله "بسببكم يُجَدَّف على اسمي من الأمم"]. |
|