صدقني يا صديقي ان هذا المعنى لم يخطر أبدًا على بال من لم يعرف تعاليم المسيح· إنه لَيبدو غريبًا على مسمع الإنسان الطبيعي، أو حتى المؤمن الجسدي، ما أخبرنا به السيد في هذا الشأن: إن رؤساء الأمم يرون العظمة في السيادة (مرقس10:42)؛ فهم يعتقدون أن العظمة تزداد بمقدار ما ازدادت مساحة سلطتك، وكثُر اتْباعك ومُريديك، ومَن يتودّدون إليك مخبرين إياك أن "أحلام سيادتك أوامر"·
قد وضّح لنا سيدنا أن ليس العظيم هو صاحب النفوذ والقوة، أو صاحب الأموال والأملاك، كما أنه ليس هو التاجر المشهور، أو المرنم المعروف· بل سوف تكون عظيمًا بمقدار ما تكون خادمًا (ليس واعظًا) «من أراد أن يصير فيكم عظيمًا، يكون لكم خادمًا» (مرقس10:43)، فتخدم الجميع تاعبًا لأجلهم، مُطيعًا لقول الكتاب «بالمحبة اخدموا بعضكم بعضًا» (غلاطية5:13)· بل أن تصل في خدمتك للجميع إلى حد أن تصير عبدًا لهم «من أراد أن يصير فيكم أولاً، يكون للجميع عبدًا» (مرقس10:44)· وليس ذلك فحسب بل أن نصل في محبتنا لإخوتنا إلى حد أن نضع نفوسنا لأجلهم إن لزم الأمر (1يوحنا3:16)·