رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أطفال فى قوارب الهجرة غير الشرعية
الوطن لم يتوقف «مصطفى حسن إسماعيل»، ابن السبعة عشر عاماً، والذى لم يشتد عوده الأخضر بعد، كثيراً أمام قصص عشرات الرجال، الذين فقدوا حياتهم وغرقوا فى البحر وهم فى طريقهم إلى إيطاليا، وعقد الفتى العزم على السفر، إلى «أرض الحلم»، بعد أن شاهد الأموال تجرى فى يد قرنائه من أبناء قريته «تطون» مركز إطسا، بمحافظة الفيوم، الذين سبقوه إليها، وما إن اتفق والده على ترتيبات السفر مع «المهربين»، ووعدهم بدفع 25 ألف جنيه لهم بعد وصول ابنه لإيطاليا، حتى خرج الشاب فى «الرحلة إلى المجهول»، لكن الرحلة انتهت قبل الوصول لـ«قارب الموت»، بعد أن قبض عناصر حرس الحدود فى دمياط، عليه وعلى 104 مهاجرين آخرين، بينهم 27 طفلاً، أصغرهم عمره عامان فقط. أمين شرطة برفقة الطفل محمود هشام وبحسب التحريات وتحقيقات النيابة، فقد جمعت رحلة «مصطفى» مهاجرين غير شرعيين من مصر وسوريا وفلسطين ولبنان والسودان والأردن، (40%) منهم من الأطفال والسيدات والفتيات، اتفق أهلهم مع المهربين على تسفيرهم للخارج، مقابل مبالغ مالية ضخمة، بعد أن وعدهم السماسرة بتوفير فرص عمل ودراسة لهم بمساعدة «الصليب الأحمر». وأمام غرفة تحقيقات النيابة العامة، بمجمع محاكم «شطا» بدمياط، افترش مصطفى الأرض، مسترجعاً شريط ذكرياته، بداية من أول يوم قرر فيه السفر للخارج، وحتى أُلقى القبض عليه وعلى رفاقه، من قبل قوات حرس الحدود بدمياط. التحريات: 105 مهاجرين غير شرعيين ضُبطوا فى دمياط قبل التحرك لإيطاليا.. وأصغرهم عمره عامان وروى مصطفى تفاصيل ما حدث معه، قائلاً: «أخذت قرارى بالسفر بعدما شاهدت أصدقائى من أبناء قريتى يسافرون، ويجنون أموالاً كثيرة، فقررت اللحاق بهم، خاصة أن لدىّ خمسة أشقاء، وظروفنا الاقتصادية سيئة»، وتابع: اتفق والدى مع المهربين عبر وسيط، وعلمت بعد ذلك أن الاتفاق كان أن يدفع أبى 25 ألف جنيه، للمهربين بمجرد وصولى إلى إيطاليا. وأضاف الصبى: «كانت رحلة سفرنا غريبة، فتحركت من بلدتى إلى الإسكندرية، وقابلت أحد المهربين الذى اصطحبنى و6 آخرين، إلى دمياط، وفى الطريق توقفت السيارة فى منطقة بها «مزارع كثيفة»، وأنزلنا من السيارة، وقام هو وأشخاص آخرون، بإخفائنا فى منزل، لمدة 11 يوماً، تحت حراسة مسلحين، كانوا لا يسمحون لنا بالدخول أو الخروج». وتابع: بعدها ركبتُ ومعى نحو 79 شخصا آخرين، سيارة جامبو مغطاة بمشمع، حتى لا نرى أو يرانا أحد، واستمرت الرحلة حتى وصلنا إلى محافظة دمياط، وهناك استقللنا خمسة لنشات، وظللنا نحو 4 ساعات بالمياه، وقبل ركوبنا المركب، الذى كان من المفترض أن ينقلنا إلى إيطاليا، فوجئنا بقوات حرس الحدود، تحيط بنا، وقبضوا علينا جميعاً، باستثناء لنش واحد، تمكن من الهرب». عبدالرحمن وعلى مقربة من مصطفى، جلس «عبدالرحمن على»، (17 عاماً)، طالب بالصف الأول بإحدى المدارس الفنية الصناعية، ومقيم بمركز أطسا الفيوم، وظل مكتفياً بالصمت حتى اقتربنا منه وتحدثنا معه، فبدأ فى سرد قصته قائلاً: أعمل مبيض محارة، وقررت الهجرة أملاً فى مستقبل ووضع معيشى أفضل، وتحركت من بلدتى مع اثنين من أصدقائى، وتوجهنا إلى الإسكندرية، ومنها لسواحل دمياط، على أمل العبور لإيطاليا، لكن جاءت الرياح بما لا تشتهى السفن، وأُلقى القبض علينا. وتابع بنظرة نادمة: «لو فكرت فى السفر مرة أخرى، فلن أكرر تلك التجربة، ولن أهاجر بشكل غير شرعى»، وتوقف الصبى قليلاً قبل أن يضيف: «مصر أولى بينا». وعلى عكس عبدالرحمن، ارتسمت ابتسامة صغيرة على وجه عادل محمد فاضل، 16 عاماً، وقال فى حديثه لنا: «أنا مبيض محارة، ولم يدفعنى إلى السفر للخارج، سوى الظروف الاقتصادية للبلد، وحاجتى للعمل لتكوين نفسى، وتأمين مستقبلى، فاتفقت مع صديق لى، على السفر، مقابل أن يدفع كل منا 25 ألف جنيه، لوسيط يدعى، محمد رجب، التقينا به بالفيوم، ووعدنا بتوفير فرص عمل لنا فى إيطاليا، مع رعاية كاملة لنا من الأمم المتحدة، ولكن فى مدينة عزبة البرج، فوجئنا بقيام من يستقلون اللنشات معنا، بتسليمنا لقوات الأمن». واختفت ابتسامة «فاضل» للحظات، وتحولت لنظرة يائسة، قبل أن يضيف: «بعد ما شاهدته من إهانة وذل على يد المهربين، لن أفكر فى السفر بطريقة غير شرعية مرة أخرى». عبدالرحمن (17 عاماً): أعمل مبيض محارة وقررت الهجرة مع أصدقائى ومحمد (16 عاماً): شفنا الذل على أيدى المهربين وقال بكر توفيق السيد، (18 عاماً)، ومقيم بأجا بمحافظة الدقهلية، طالب بالفرقة الأولى بكلية التربية قسم لغة عربية: «قررت السفر للخارج، بعد عجز عائلتى عن تدبير نفقات تعليمى، وكنت أحاول تدبير نفقاتى، بالعمل أثناء الدراسة، «نجاراً» كوالدى، ولكن مع تدهور الظروف الاقتصادية، لم أعد أستطيع تدبير مصروفاتى الدراسية»، وتابع: اتفق والدى مع أحد الوسطاء، على دفع مبلغ 25 ألف جنيه، مقابل سفرى، وبالفعل سافرت من أجا، حتى رشيد، مستقلا سيارة مغطاة مع 40 شخصاً، تتراص أجسادنا فوق بعضها البعض، ولم يكن مسموحاً لنا بالحديث أو الصياح، خاصة أن نحو 6 أشخاص مسلحين، كانوا يومّنون السيارة. وأضاف: بمجرد وصولنا إلى دمياط، استقللنا مع آخرين، كانوا بانتظارنا، 5 لنشات بحرية، وسرعان ما داهمتنا قوات حرس الحدود، قبل وصولنا للمركب المعدة لتسفيرنا إلى الخارج، وتمكن أحد اللنشات من الهرب. والتقط محمود هشام السيد، 14 عاماً، من زفتى بالغربية، خيط الحديث، قائلاً: «الوسيط ضحك على خالى، ووعدنا بأن الصليب الأحمر، سيوفر فرص عمل للمصريين، وسيساعد الطلاب منهم، على استكمال دراستهم، وعلى هذا الأساس سافرت، خاصة أننى كنت طالباً بالصف الأول الثانوى المهنى». وحول قصته مع الهجرة للمجهول، يقول أحمد إبراهيم العشماوى، (17 عاماً)، طالب، ويعمل فى مجال تركيب الألوميتال، ومقيم بسمنود بمحافظة الغربية: «قررت السفر للخارج لاستكمال دراستى، والعمل فى ذات الوقت، والوسطاء نصبوا علينا، وأوهموا ابن خالتى، أن الصليب الأحمر سيوفر لى فرصة للعمل واستكمال تعليمى، فى إيطاليا، وسيتكفل بالمال اللازم لإقامتى ومعيشتى هناك». مصطفى وعلى مقربة من الشباب والأطفال المصريين، جلس العشرات من السوريين والسودانيين المحبطين بعد أن فقدوا حلمهم فى الهجرة، وافترشوا جميعاً الأرض، فى مجموعات فى انتظار التحقيقات التى أجرتها معهم النيابة، مساء ليلة أمس السبت. وبدا محمد طاهر آدم، 34 عاماً، يعمل فى مجال الأعمال الحرة، ويقيم بالعاصمة السودانية «الخرطوم»، غير عابئ أثناء انتظاره دوره فى التحقيق، الذى اعتبره مجرد مناقشة بسيطة سيجريها معه «شقيقه المصرى» كما وصف وكيل النيابة، خاصة أنه ليس متهماً، حسب قوله. وأضاف آدم: تعرضت لعملية نصب من قبل أحد السماسرة المصريين، يدعى أبوأحمد، من الإسكندرية، أوهمنى بأنه سيوفر لى فرصة عمل لائقة، عبر «الصليب الأحمر» بإيطاليا، وأخذ منى 3000 دولار. وتابع: «عندما حضرت لمصر، وبدأت الرحلة، فوجئت بمن يطالبنى باستقلال سيارة مغطاة تماماً، مع آخرين، وتحركت بنا من رشيد حتى دمياط، ولم يخبرنا أحد إلى أين سنتوجه، بل إنهم رفضوا الإجابة عن جميع استفساراتنا وأسئلتنا وأجبرونا على الصمت طوال الرحلة». وقال معتصم محمد آدم، 33 عاماً، أعمال حرة، مقيم بدارفور بالسودان: «أوهمنى أحد السماسرة السودانيين، بأنه يمكننى أن أغيث نفسى وأسرتى، من حالة الجوع والفقر والذل، التى نتعرض لها بالمخيمات بدارفور، عن طريق السفر إلى بريطانيا، عبر الأراضى الإيطالية، وأن أحد معارفه بمصر، سيساعدنى فى السفر، مقابل دفع مبلغ 3000 دولار، وبالفعل التقيت بهذا الشخص فى محافظة الإسكندرية، وأوهمنى، بأن الرحلة مؤَمّنة تماماً، وأن فرصة العمل الملائمة بانتظارى». مصطفى (17 عاماً): والدى اتفق مع الوسيط.. والمهربون احتجزونى 11 يوماً تحت تهديد السلاح وقال «م. د»، شاب سورى، من مواليد دمشق، 25 عاماً: قدمت إلى مصر، بعد نصيحة من صديق، قال لى إن إحدى الرحلات ستنطلق من مصر إلى إيطاليا، وترك لى رقم هاتف شخص مصرى التقيناه بالإسكندرية، وأوهمنا أن الأمم المتحدة توفر فرص عمل وإقامة للاجئين السوريين، ودفعت له 1800 دولار، بعد أن قال لنا إننا سنسافر بأوراق رسمية وصحيحة، ثم تبين لنا بعد إلقاء القبض علينا، أننا تعرضنا لعملية نصب. وأضاف «ط. د».، (25 عاماً)، طبيب، من مواليد دمشق بسوريا: «أعيش فى مصر منذ عام وتسعة أشهر، بمدينة 6 أكتوبر، حتى أخبرنى سمسار سورى، بأنه يمكننى السفر إلى إيطاليا، ومنها لألمانيا، لاستكمال دراسة الماجستير، مقابل 2000 دولار، فحزمت حقائبى، ولكن تبين لنا أن كل تلك الأقاويل مجرد سراب وأوهام». وبحسب تحريات المخابرات الحربية وقوات حرس الحدود بمدينة عزبة البرج، والتى حصلت «الوطن»، على نسخة منها، ووفقاً للمحضر رقم 18/2014 مخابرات حربية وأمن حرس الحدود بدمياط، فإن عملية التهريب أعدت عبر إحدى العائمات بقطاع المسئولية، وتمكنت دورية مشتركة بين مكتب مخابرات وأمن حرس الحدود بدمياط، من ضبطها قبل تحركها وعلى متنها 105 مهاجرين غير شرعيين، هم 51 مصرياً بينهم 15 طفلاً، و10 سودانيين وأردنى و13 فلسطينياً من أصل سورى، بينهم 4 أطفال، و29 سورياً بينهم 8 أطفال، أصغرهم يبلغ من العمر عامين. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الهجرة الشرعية وغير الشرعية |
بريطانيا تساعد مصر فى مكافحة الهجرة غير الشرعية |
السيسي يضع حلولا لظاهرة الهجرة غير الشرعية |
ننشر أهم 15 مادة بقانون الهجرة غير الشرعية |
مآسي الهجرة غير الشرعية |