( الأقانيم والتثليث ) علاقة الأقانيم بعضها ببعض
الســـؤال
تدَّعون أن الأب والابن والروح القدس ثلاثة أقانيم متحدة ، فهل تعتمد هذه الأقانيم على بعضها البعض؟ وهل لكل منهم وظيفة لا يستطيع الآخر أن يقوم بها؟ فإن كانوا يعتمدون على بعضهم فليس أي منهم إله، لأن الإله لا يعتمد على غيره. وإن كانوا لا يعتمدون على بعضهم، فيكونون حينئذٍ ثلاثة آلهه وليس إلهاً واحداً. وبالمثل إن كان لكل منهم وظيفة لا يستطيع الآخر القيام بها ، لا يكون أى منهم إله ، لأن الله كامل ، وعلى كل شيء قدير. وإن كان لكل منهم وظيفة محددة ، يكون كل منهم إله ناقص ، ولا يُقرُّ دينكم هذا.
الإجـــابة
يا عزيزي ... لماذا تشغل نفسك بهذه الأمور الغريبة؟ ... إن الكتاب المقدس يعلن في كل سطر من سطوره ان الله واحد، ولأنه استخدم تعبير الآب والابن والروح القدس عن ذلك الإله الواحد فاستخدم المسيحيون نفس التعبيرات ... وكلها تطلق على الله الواحد
الله واحد قادر على كل شيء يصفه السيد المسيح إنه "روح"، قول في حواره مع المرأة السامرية "اَللهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا" ( يوحنا 4: 24) ولكن الله في قدرته العظيمة ظهر لنا في الجسد بغرض محدد ولفترة محدودة، فرأينا صورة أخرى من صور الله وهو الإله المتجسد ... فاستخدمنا نفس التعبير الذي استخدمه الكتاب المقدس وهو"الابن"، وأثناء وجود الابن على الأرض قال إنه "فَأَنَا مَاضٍ إِلَى الَّذِي أَرْسَلَنِي، ... إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ، لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي، وَلكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ." (راجع يوحنا 16) ليمكث معنا إلى الأبد في نفوس تابعيه. وعندما وعد الابن أنه سيمكث معنا بروحه القدوس استعملنا نفس التعبير الذي استعمله المسيح وهو الروح القدس.
الابن قال: أنا والآب واحد ... وقال إن الله روح وأن الروح سيمكث مع المؤمنين، وقال إنه لن يترك المؤمنين ولكنه باق معهم ... تعبيرات متواصلة تدل على أن نفس الشخص هو الذي يتحدث معنا وهو الإله الواحد ... فلماذا هذه الفلسفة الغريبة ... نحن عندما نتكلم عن أي من الآب أو الابن أو الروح القدس نقصد شخصا واحدا هو شخص الله.
دعني أسألك سؤالاً عن نفسك ... هل أنت جسد فقط؟ تأكل وتشرب وتتزاوج ثم تموت؟ أم هناك في داخلك ما يسمى بالنفس الإنسانية؟ ... تتألم وتغضب وتحزن وتفرح؟ ... وهل لديك هذه النفس فقط؟ أم لديك الضمير الذي يوجهك لصنع الصواب ... ليس ذلك فقط ولكن أعتقد أن لديك روحاً تسعى إلى الله تحاول أن ترضيه ... كلها جوانب داخلية فيك ولكننا لا نرى الا ما يظهر منك، وهو الجسد، وأحيانا نتحسس ونرى من خلال عرض مشاعرك جوانب خارجية من نفسك، ولكننا عند نقطة معينة لا نستطيع أن ندخل الى أعماق أعماق نفسك الانسانية، بل هناك جوانب أنت نفسك لا تعرفها عن نفسك بسبب عمقها، فلا يعرف تلك المناطق إلا الله الخالق الذي يعرف كل شيء عنك ...
فإذا كنت أنت الإنسان مكوناً من جسد ونفس وروح، هل تستطيع أن تفصل بين الثلاثة فتصير ثلاث شخصيات؟ ... هل يعتمد كل جانب من شخصيتك على الآخر مثلما تفضلت وحاولت أن تسأل وتجزئ الله؟
إذا كنت لا تستطيع أن تفعل مع نفسك أنت ذلك، فلماذا تسأل تلك الأسئلة العجيبة عن الله ... الله واحد، رأيناه في إعلانه عن نفسه للبشر بثلاث صور ونحن أسمينا تلك الصور أقانيم، وذلك للتقريب ولكننا نعرف أنه مجرد تعبير وربما لا يعبر بصورة حقيقية عن الله، ولكنه الأقرب، وأقول أيضا بكل ثقة أننا يمكن ان نستغنى عنه لأنه غير كتابي ... ولكن نحن نرى الله الواحد آباً ونراه ابناً ونراه روحاً، فعبرنا عما رأيناه دون أن ننسى أنه واحد .