المبدع الأول
"فى البدء خلق الله السموات والأرض، وكانت الأرض خربة وخالية، وعلى وجه الغمر ظلمة، وروح الله يرف على وجه المياه. وقال الله: ليكن نور، فكان نور" (تك 1:1-3).
كانت هذه بداية الإبداع الإلهى، فبينما يعيش إلهنا العظيم فى أزليته، ليس فى حاجة إلى شئ، وفى تيار الحب المتدفق من الآب إلى الإبن فى الروح القدس، خلق الله الزمن "كان مساء وكان صباح.." (تك 4:1)، كما خلق الكون المادى: النور، ثم الجلد، ثم اليابسة، ثم النبات، ثم الشمس والقمر والنجوم، ثم الزحافات والطيور، ثم الحيوان، فالإنسان.. (تك 1) الذى أبدعه الله على صورته ومثاله: فى القداسة والبر، إذ كان متشحاً بنقاوة الله. وفى الحكمة والنطق آخذاً ذلك من "اللوغوس".وفى الحياة والخلود، إذ كان يأكل من شجرة الحياة. وفى الروح العاملة الحرة، التى ترفعه إلى الإلهياتوقبل أن يبدع الرب الإنسان: المملكة الشاسعة فى الداخل، الروح والعقل والنفس والجسد، الأعضاء والأنسجة والخلايا المتنوعة،التفاعلات الحية داخل كل خلية، الوظائف المحددة لكل عضو، مع تناغم مذهل.. خلق الرب للإنسان الخليقة المادية، بما تتميز به من جمال أخاذ، وحياة لا يهبها إلا الله الحىّ، ورعاية حتى لأصغر فيروس، وطبيعة رائعة ذات ألوان، ومنافع ودورات حياة.. ملايين الأنواع من الكائنات التى تحار العلوم الإنسانية فى سبر أغوارها: سواء فى عالم النبات أو الحيوان أو البحار.. وبالأكثر فى عالم الأفلاك والنجوم، حيث المجرات الشاسعة بالملايين، وكل مجرة تحوى شموساً بلا عدد، ونجوماً..