رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يصرف الوالدون الكثير من ميزانية الأسرة على تعليم الأبناء؛ ليضمنوا لهم مستقبلاً مستقراً ومشرقاً. فإن كان هذا اهتمام الآباء بمستقبل أبنائهم المهني - فماذا عن مستقبلهم الأخلاقي والروحي؟! إلَى مَن نوكل هذه المهمة الحسّاسة والخطيرة.. تكوين أخلاق أولادنا وخلاصهم؟!! هل هذه المهمة الحسّاسة يمكن أن نوكلها لآخرين موثوق فيهم، أو نطالب الكنيسة والتربية الكنسية أن تقوم بها؟ إن كانت مسئولية الكنيسة تعليم الكبار. فإن تعليم الصغار؛ وبخاصة التعليم الروحي، مسئولية الآباء. وقد كلّف الله الآباء بها "وقُصّها على أولادك وتكلّم بها حين تجلس في بيتك وحين تمشي في الطريق وحين تنام وحين تقوم" (التثنية 7:6). إنك حينما تعلم أبناءك، فإنك لا تنقل لهم تعاليماً نظرية، ولكن تنقل لهم تعليماً روحياً ممزوجاً بخبرتك العملية واختباراتك الروحية. وهذه لها تأثير روحي أقوى على أولادك، وهذا ما يطلبه الله من الآباء "إنما احترز واحفظ نفسك جداً لئلا تنسى الأمور التي أبصرت عيناك ولئلا تزول من قلبك كل أيام حياتك وعلمها أولادك وأولاد أولادك" (التثنية 9:4). هكذا تنتقل روح الإيمان من الآباء للأبناء. وهذا ما حرصت عليه جدة تيموثاوس وأمه "إذ أتذكر الإيمان العديم الرياء الذي فيك الذي سكن أولاً في جدتك لوئيس وأمك أفنيكي.. (تيموثاوس الثانية 5:1) وماذا نتج من تعبهم في تعليم تيموثاوس الروحي؟ يشهد بولس لإيمانه بقوله: "وأنك منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة أن تحكّمك للخلاص بالإيمان الذي في المسيح يسوع. كل الكتاب هو موحى به من الله ونافعٌ للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البرّ (تيموثاوس الثانية 15:3-16). كملة الله النافعة للتعليم والتقويم والتهذيب. إنها أغلى ما يمكن أن نوّرثه لأبنائنا. التعليم الروحي للأبناء هي مهمة مقدسة، ولا ينبغي أن تترك في أيدي الآخرين بل هي مهمة الآباء. ويمكن للكنيسة أن تساعد وتعضد الوالدين في هذا المجال- ولكنها ليست أبداً بديلاً للوالدين. احتضن أولادك: "ألعلي حبلت بجميع هذا الشعب أو لعلي ولدته حتى تقول لي احمله في حضنك كما يحمل المربي الرضيع إلى الأرض التي حلفت لآبائه (العدد 12:11). ما أجمل هذا التوجيه الإلهي لموسى في رعايته لشعبه "أحمله في حضنك"، فمن الأحضان تبدأ التربية والرعاية. من أهم واجبات الآباء أن يحتضنوا أبناءهم. وهذا ما نفعله معهم وهم صغار، ولكنهم وهم كبار يحتاجون الأحضان أيضاً. يحتاج الرضيع لحضن أمه ليشعر بالدفء والأمان، وكذلك الكبار من الأبناء يحتاجون، برغم من تمردهم على والديهم، إلى الشعور بأن هناك في انتظارهم أحضان يرتمون فيها عند قلقهم وتوترهم الذين يصادفهم من وقتٍ إلى آخرٍ.. الابن أبن لمن يحتضنه. فإذا لم يكن أبنك في حضنك فهو غريب عنك، وأنت لم تعد أبوه إلا بالاسم واللقب فقط. سر ابنك وابنتك لمن احتضنهم، وليس لمن يتسلط عليهم. ولاء ابنك وابنتك لمن اهتم بهم وليس لمن تغرّب عنهم. حضن الآب هو الذي يحنو؛ فيغفر ويترفق ويشجع ويلاطف ويفرح ويبتهج بأبنائه. حضن الأب هو مثل حضن يسوع، متكأ الحب الدافئ للأبناء "وكان متكئاً في حضن يسوع واحد من تلاميذه كان يسوع يحبه (يوحنا 23:13). حضن الأب هو حضن مستعد ومفتوح في كل وقت لأبنائه. حضن يحنو ويسامح سريعاً عند شعورهم بأخطائهم. مثل الأب الذي ضل أبنه فحينما تاب "فقام وجاء إلى أبيه. وإذ كان لم يزل بعيداً رآه أبوه فتحنن وركض ووقع على عنقه وقبله" (لوقا 20:15). يصف بولس الرسول الأحضان الأبوية، ويقول: "بل كنا مترفقين في وسطكم كما تربي المرضعة أولادها (تسالونيكي الأولى 7:2) "كما تعلمون كيف كنا نعظ كل واحد منكم كالأب لأولاده ونشجعكم" (تسالونيكي الأولى 11:2). كراع يرعى قطيعه بذراعه يجمع الحملان وفي حضنه يحملها.. (إشعياء 11:40). قدّم أولادك لله: ينبغي على الآباء، أن يقرّبون أبناءهم لله ويقربون الله لأبنائهم. هكذا فعل أيوب حينما كان يقرب ذبائح عن أبنائه "وكان لما دارت أيام الوليمة أن أيوب أرسل فقدسّهم وبكّر في الغد وأصعد مُحرقاتٍ على عددهم كلهم. لأن أيوب قال ربما أخطأ بَنيَّ وجدَّفوا على الله في قلوبهم. هكذا كان أيوب يفعل كل الأيام؟" (أيوب 5:1). وكانوا يمنحون البركة لأبنائهم. مثلما فعل إبراهيم مع اسحق، ومثلما فعل اسحق مع يعقوب، ومثلما فعل يعقوب مع أبنائه. الآباء يمنحون أبنائهم بركة الإيمان وبركة معرفة الله ويحضرون بركات الله ونعمه المجانية إلى حياة أبنائهم. كما ينبغي أن تقدم عنهم ذبائح صلواتك وتضرعاتك أمام الله من أجلهم، وتقدم عنهم نذوراً وتقدمات في المناسبات والأعياد. انظروا كيف كان داود يصلي من أجل أبنه سليمان "وأما سليمان ابني فأعطه قلباً كاملاً ليحفظ وصاياك شهاداتك وفرائضك وليعمل الجميع وليبني الهيكل الذي هيّأت له" (1أخ 19:29). أنت مسئول عن إيمان أطفالك وعائلتك، أن تدخلهم في حياة روحية مع الله، مثلما فعل نوح فبنى فلكاً ليس لخلاصه وحده، ولكن لخلاص عائلته وقد أدخل عائلته إلى الفلك "بالإيمان نوح لما أُوحى إليه عن أمورٍ لْم تُر بعد خاف فبنى فلكاً لخلاص بيته (العبرانيين 7:11). .ما أروع الأيام التي كانت تأتي فيها الأمهات حاملات صغارهن إلى الرب يسوع ليضع يديه عليهم ويباركهم "حينئذٍ قُدّم إليه أولادٌ لكي يضع يديه عليهم ويُصلّي. فانتهرهم التلاميذ.. أما يسوع فقال دعوا الأولاد يأتون إليَّ ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السماوات (متى 13:19-14). وما أروع اليوم الذي نرى فيه كل أب وكل أم معها أبنائها وتدخل بهم إلى الكنيسة. احضر أولادك إلى الكنيسة فالمسيح منتظرهم هناك ليباركهم. يا أولادي الّذين أتمخّض بكم أيضاً إلى أن يتصوّر المسيح فيكم (غلاطية 19:4). أدّب أولادك: يقول سفر الأمثال أن من يحب ابنه يؤدبه "من يمنع عصاه يمقت ابنه ومن أحبه يطلب له التأديب" (الأمثال 24:13) التأديب ليس معناه الثورة في وجه الأبناء عند خطئهم ولا عقاب الأبناء أو القسوة عليهم. يطلب الأبناء من الآباء أن يؤدبهم، ولكن ليس في ثورة غضبهم، كما طلب إرميا من الله "أدبني يا رب ولكن بالحق لا بغضبك لئلا تفنيني" (إرميا 24:10). كما أن التأديب لابد أن يكون محكوم بالقواعد الإلهية كما يحددها بولس "ربوهم بتأديب الرب وإنذاره" (أفسس 4:6). ما معنى تأديب الرب وإنذاره؟ إن تأديب الرب لنا، تأديب أبوي حاني وليس تأديب عقابي أو انتقامي.. حينما يطلب الله من الآباء أن يؤدبوا أبناءهم، يطلب أن يكون ذلك بأسلوبه فهو يسحق ويشفي ويجرح ويعصب، وكل ذلك بهدف خلاصنا. تأديب الله كله حب وحنان، ويا للعجب فحينما يحكي عن تأديب الله للإنسان يشبه ذلك بما يفعله الآباء مع أبنائهم!! "فاعلم في قلبك أنه كما يؤدب الإنسان ابنه قد أدبك الرب إلهك (التثنية 5:8). تأديب الرب تأديب بحب "إني كلُ من أحبه أوبخه وأؤدبه.. (الرؤيا 19:3) "لأن الذي يحبه الرب يؤدبه وكأبٍ بابنٍ يُسرُّ به" (الأمثال 12:3) وهدف هذا التأديب التنقية من أجل أن يكون الابن مثمراً في حياته "كل غصن فيّ لا يأتي بثمرٍ ينزعه. وكل ما يأتي بثمرٍ ينقيه ليأتي بثمرٍ أكثر" (يوحنا 2:15). التأديب في الرب أن تجعل ابنك يبحث عن إرشادك ورضاك، وأن يحاول أن يوفق إرادته مع إرادتك، حتى يتعلّم في المستقبل أن يُخضع إرادته مع الإرادة الإلهية. كما يجب على الآباء أن يستعملوا سلطتهم الأبوية في التأديب باعتدال، ومن أجل مجد الله. يحدث التأديب حينما يبدأ الآباء في تدريب وتعليم الأطفال لنمو فهمهم للأمور ولنموهم الأخلاقي. ولتحقيق ذلك قد يستخدم الآباء الأوامر والتعليمات والتوجيهات اللازمة لنمو الفضائل. ومساعدة الكبار منهم على كبح الشهوات وتهذيب الانفعالات والعواطف بالتدريبات الروحية. وقد يستخدم في التأديب التأنيب وعقوبات كالتي يضعها الله على أولاده من أجل أن يكفوا عن شرهم ويهذبوا سلوكهم. أدّب أولادك باستنارتهم، أن يعرفوا الصواب من الخطأ وأن يعرفوا لماذا الصواب صواب! ولماذا الخطأ هو خطأ وشر!. وإلا تمل عن فعل ذلك كما يوصي بولس "اعكف على ذلك في وقتٍ مناسب وغيرِ مناسبٍ. وبّخ انتهر عِظ بكل أناة وتعليم (2تي 2:4). أدّب أبناءك بالضغط المستمر وليس بالكسر. يتم التغيير والتهذيب بالضغط الهادئ المستمر من خلال القواعد والنظام الذي تضعه لأبنائك.ثم تعمل على أن تشجعهم وتحفزهم كي يحيوا حسب هذا النظام. وأن يلتزموا بالخضوع لقواعد الأسرة وتعليمات الأبوين، فواجب الأب أن "يدبّر بيته حسناً له أولاد في الخضوع بكل وقار" (1تي 4:3). التأديب يعني أن يتعلم الأبناء الالتزام بقواعد ونظام "رَبّ الولد في طريقه فمتى شاخ أيضاً لا يحيد عنه" (الأمثال 6:22). لا تغيظ أولادك "أيها الآباءُ لا تُغيظوا أولادكم لئلا يفشلوا" (كو 21:3) يشير بولس إلى خطية أبوية منتشرة، خطية إغاظة الأبناء!! وهي خطأ تربوي خطير. لا تغيظوهم بإثارة الغيرة بينهم أو بمقارنتهم بالآخرين. لا تثيروا أبناءكم بالتوبيخ الانفعالي والتأنيب المسمر والسب وبالتعبيرات الساخرة، أو إطلاق صفات أو نعوت عليهم تثيرهم. يثير الآباء الأبناء إلى درجة الغضب بالحرمان التعسفي أو بالإهمال أو بأوامر غير معقولة. وبعض الآباء يتعامل بقسوة في تربية أبنائه فيؤدب بالضربات الحادة والقاسية، وتعامل وحشي. هل تعرف مدى خطورة ذلك؟ يقول علماء النفس: إن التعبير عن الغيظ قد يكون بشكلٍ صريح أو مستتر. فقد يظهر في تعبيرات الرفس، الصراخ، البكاء، العدوان أو نوبات من الغضب أو التشنجات. أو مستتر في شكل نكوص أو انسحاب أو توتر. كل هذه الانفعالات غير السوية قد توّلد، أعمالاً تخريبية، أعمالاً مشوّشة، انسحاب، تمرد، عصيان، قلقاً نفسياً. يونان في غيظه، طلب الموت لنفسه وانسحب من عمله وقال: "موتي خير من حياتي".. وأحست "راحيل وليئة" بغربة في بيت أبيهم "لبان" وفسدت علاقتهما به "فأجابت راحيل وليئة وقالتا له ألنا أيضاً نصيبٌ وميراثٌ في بيت أبينا. ألم نُحسب منه أجنبيتين. لأنه باعنا وقد أكل أيضاً ثمننا (التكوين 14:31-15). ولننظر في أسلوب "شاول" المستفز والعنيف مع ابنه"يوناثان" برغم أنه كان يفكّر ويخطّط لخيره "فحمى غضبُ شاول على يوناثان وقال له يا ابن المتعوجة المتمردة أما علمت أنك قد اخترت ابن يسّى لخزيك وخزي عورة أمك. لأنه مادام ابنُ يسّى حياً على الأرض لا تُثبت أنتَ ولا مملكتك. والآن أرسل وأتِ به إليّ لأنه ابنُ الموت هو. فأجاب يوناثان شاول أباه وقال له لماذا يُقتل. ماذا عَمِلَ. فصابى شاول الرُّمح نحوه ليطعنه فعلم يوناثان أن أباه قد عَزَم على قتل داود. فقام يوناثان عن المائدة بحُموّ غضبٍ ولم يأكل خبزاً في اليوم الثاني من الشهر لأنه اغتمّ على داود لأن أباه قد أخزاه (1صم 30:20-34). إن إغاظة الأبناء، هو إفسادٌ لنفسيتهم ولشخصيتهم، ولا يساعد أبداً على تقويمهم أو تهذيبهم. إنهم يحتاجون الحزم مع الاحترام، والشدة في بعض الأحيان لا البطش. كل الذين أغاظوا أبناءهم فقدوا أبناءهم، وتشوهت أبوتهم في نظر أبنائهم، وتفككت رابطتهم الأبوية بهم. فتجنّب ذلك، وإنما ربهم في مخافة الرب. |
29 - 06 - 2012, 04:20 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
رد: حياة أبنائك الروحية.. مسئوليتك
ميرسي كتير لموضوعك الجميل ربنا يباركك |
||||
29 - 06 - 2012, 08:43 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: حياة أبنائك الروحية.. مسئوليتك
ميرسى يامرمر على مرورك
|
||||
02 - 08 - 2016, 07:42 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | |||
..::| العضوية الذهبية |::..
|
رد: حياة أبنائك الروحية.. مسئوليتك
موضوع رائع
ربنا يعوض تعب محبتك |
|||
03 - 08 - 2016, 01:42 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة أبنائك الروحية.. مسئوليتك
موضوع مميز شكرا يا مرمر |
||||
31 - 03 - 2019, 10:25 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: حياة أبنائك الروحية.. مسئوليتك
ميرسي ليكم علي مشاركتكم
|
||||
|