رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وُجه للسيد المسيح اتهامان هما: "نحن سمعناه يقول إني أنقض هذا الهيكل المصنوع بالأيادي وفي ثلاثة أيام أبني آخر غير مصنوع بأيادٍ" [58]. هذا الاتهام في حقيقته يحمل شهادة زور، فإنه لم يقل "إني انقض هذا الهيكل"، بل قال "انقضوا"، كما لم يقل: "هذا الهيكل مصنوع بالأيادي" بل "هذا الهيكل" إذ كان يتحدث عن هيكل جسده. لقد فهموا الكلمات بغير معناها الحقيقي، لكن هذه الشهادة على أي الأحوال بالرغم من بطلانها أكدت حديثه عن موته وقيامته في اليوم الثالث، فصارت ركيزة حيَّة للكرازة بعد قيامته. الاتهام الثاني: حين أجاب السيد على رئيس الكهنة الذي سأله: "أأنت المسيح ابن المبارك؟" [61]، "قال يسوع: أنا هو، وسوف تبصرون ابن الإنسان جالسًا عن يمين القوة، وآتيًا في سحاب"، لم يحتمل رئيس الكهنة الإجابة فمزق ثيابه، وقال: "ما حاجتنا بعد إلى شهود؟ قد سمعتم بالتجاديف" [63-64]. كان الاتهام الأول معتمدًا على شهادة زور، أما الاتهام الثاني فاعتمد على جهل مطبق وعدم إدراك لكلمات السيد المسيح نفسه. تعثر المجمع بالشهادة الأولى الخاصة بهدم هيكل جسده وقيامته، ولم يحتمل أن يسمع عن مجد ابن الله في السماء ومجيئه الأخير، وحسبوا هذا تجديفًا يستوجب الموت. لعلهم بالاتهام الأول حسبوه محطمًا للناموس، إذ يريد نقض الهيكل، مقللًا من شأنه، بقوله أنه مصنوع بالأيادي، وبالاتهام الثاني حسبوه مجدفًا. يقول الإنجيلي: "أما هو فكان ساكتًا، ولم يجب بشيء" [61]. ويقول القديس أغسطينوس إنه كان صامتًا أثناء محاكمته في أكثر من موقف، تارة أمام رئيس الكهنة، وأخرى أمام بيلاطس، وثالثة أمام هيرودس. ففيه يتحقق القول: "لم يفتح فاه، كشاه تُساق إلى الذبح" (إش 53: 7)، كما يقول: شُبّه بالحمل حتى يُحسب في صمته بارًا غير مذنب. لذلك إذ اجتاز المحاكمة لم يفتح فاه، وقد فعل هذا كحمل، بمعنى أنه لم يكن شخصيًا ذي ضمير شرير ارتكب خطايا، بل في وداعته قُدم ذبيحته عن خطايا الآخرين. لقد ثار رئيس الكهنة وغضب بسبب صمت السيد، قائلًا: "أما تجيب بشيء؟ ماذا يشهد به هؤلاء عليك؟ [60]، غير أن السيد لم يهدف بصمته أن يُثير أحدًا، إنما صمت لأنه يعرف أنهم لا ينتفعون بكلماته، بل يطلبون فيها فرصة يمسكونها عليه، فصمت لعلهم يراجعون أنفسهم فيما يفعلون. في صمته صمت من أجل الحب، وحينما تحدث تكلم بكلمات قليلة معلنًا حقيقة شخصه حتى لا يكون لهم عذر فيما يصنعونه. بمعنى آخر إن صمت أو تكلم يفعل ذلك بدافع الحب لا المقاومة أو الانتقام. |
|