صوم الرسل من الأصوام المهمة لأن السيد المسيح قال لهم عندما سألوا لماذا تلاميذك لا يصومون قال لا يستطيع بنو العرس أن يصوموا مادام العريس معهم فإبتذأ التلاميذ يصومون بعد صعود السيد المسيح، صحيح ليس هو أقدس صيام لأن أقدس صيام هو الصوم الكبير الأربعين المقدسة واسبوع الآلام والأربعاء والجمعة، لكن من ناحية التاريخ والزمن كان أقدم صيام هو صوم الرسل والرسل، اختارهم السيد المسيح بنفسه وقال لهم لستم أنتم اخترتموني بل أنا اخترتكم وارسلتكم لكي تأتوا بثمر ويدوم ثمركم
فئات آباءنا الرسل : اختارهم من كل نوع وشكل منهم الشيخ مثل بطرس الرسول، والفتى مثل يوحنا الحبيب، والعشار مثل متى، والشكاك مثل توما، اختار ال 12 ثم ال 70 ثم بولس الرسول، مرقس ولوقا الرسول لم يكونا من الإثنى عشر مع انهم من كتبه الأناجيل.. ولا برنابا، ربما كانوا من السبعين، واختار معهم بعض النساء للخدمة وليس للرسولية مثل مريم المجدلية التي بشرت الرسل بالقيامة، ففيهم المتعلم وفيهم الجاهل.
إعداد السيد المسيح للآباء الرسل : هؤلاء الرسل أعدهم الرب إعداداً جيد جداً فلم يسمح لهم ببدء الخدمة الا بعد فترة إعداد طويلة استمرت أكثر من 3 سنوات.. ومن يعلمهم هو أكبر معلم عرفته البشرية كلها وهو السيد يسوع المسيح له المجد علمهم بتعليمه وقدوته الصالح وبآيات ومعجزات أمامهم وبمعاملاته مع الآخرين، أعطاهم مثال للخادم الصالح .. ومع كل هذا قال لهم لا تبرحوا اورشليم حتى تلبسوا قوة من الأعالي متى حل الروح القدس من الأعالي حينئذ تنالون قوة وتكونون لي شهوداً
إطلاق الرسل للخدمة ودرساً في إعداد الخدام : ودربهم أيضاً بفترة تدريبية في البداية .. أطلقهم للخدمة واوصاهم ألا يأخذوا معهم ذهب ولا فضة ولا كيساً في مناطققم وأي بيت دخلتموه قولو سلام لهذا البيت فإن كان ابن السلام يحل سلامكم عليه، وقال لهم الي السامريين لا تمضوا ومدينة للأمم لا تدخلوا .. لماذا؟؟ لأنهم في بداية خدمتهم لم يكونوا يحتملوا طبيعة الخدمة بين السامريين والأمم .. في مرة المسيح نفسه كان متجه إلى اورشليم ومدينة من السامرة أغلقت أبوابها في وجهه فتلميذين من تلاميذه قالوا له هل تشاء يا رب ان تنزل نار من السماء فتحرق هذه المدينة كما فعل ايليا؟ قال لهم لستما تعلمان من اي روح انتما ابن الإنسان لم يأت ليهلك العالم بل ليخلص العالم، لهذا قال لهم ابتعدوا عن السامريين والأمم لأنهم لم يكونوا حمل هذه الخدمة وقتها، لكن بعد ذلك عند حلول الروح القدس عليكم ستكونون لي شهوداً في اورشليم وجميع اليهودية وفي السامرة والى اقصى الأرض، وقال لهم ايضاً اذهبوا اكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها.
السيد المسيح دربهم هذه المدة الطويلة فأعطانا درساً قوياً في اعداد الخدام .. لأنه هناك كهنة يسمحون للبعض بالخدمة دون اعداد ودون تدقيق ان كان الشخص يصلح للخدمة أو لا يصلح، وهكذا أمناء الخدمة.. إما الكاهن غير مبالي أو أنه لا يعرف أو يحب أن يتسامح حتى في العقيدة وهذا غير صحيح.
استلام الآباء الرسل للطقوس والعقائد : السيد المسيح لم يكتف بأنه أعد الرسل مدة أكثر من 3 سنوات ولكن أيضاً أربعين يوم بعد القيامة قضاها معهم ليزيل الشكوك منهم ويحدثهم عن الأمور المختصة بملكوت الله، وفي هذا الفترة سلمهم جميع عقائد الكنيسة وطقوسها، مثلاً من جهة التناول، قال لهم أولاً إصنعوا هذا لذكري لكن كيف يصنعون هذا لذكره؟؟ ماهي الصلوات التي يجب أن تتم ؟؟ هذا قاله لهم بعد ذلك، كيفية رسم القسوس الشمامسة والأساقفة... وهكذا، الكتاب المقدس ليس هو كتاب طقوس ولكن كتاب خلاص ولكن الطقوس اللازمة علمها الرب يسوع للتلاميذ خلال الأربعين يوماً وسلمها التلاميذ إلى الشعب عن طريق التقليد فثبتت في حياة الكنيسة وتسلمتها الأجيال جيلاً بعد جيل.
الآباء الرسل قلوب متفتحة ومطيعة : الآباء الرسل الذين اختارهم السيد المسيح كانوا قلوباً متفتحة مطيعة، تصوروا اثنين راكبين سفينة يصطادوا مثل سمعان بطرس وأندراوس أو مثل يوحنا ويعقوب أخوه، يقول لهم هلما ورائي فأجعلكما صيادي الناس، فيتركوا سفينتهم وشباكهم وأهلهم وكل شىء ويسيروا وراءه لمجرد كلمة.. أو متى الملقب لاوي والذي كان يعمل بمكان الجباية، يعني يعمل عمل اقتصادي مسؤل أمام الدولة، يقول له اتبعني، بهذه الكلمة يترك كل شىء ويتبعه، قلوب متفتحة ومطيعة للدعوة، عندما قال لهم اتبعوني لم يكونوا يعلموا الى أين يتبعوه، حيث لم يكن له مكان معين، لم يكن له أين يسند رأسه، تبعوه الى المجهول، غير الخدام حالياً عند دعوتهم يتسائلوا الى أين؟؟ كنيسة كبيرة أم صغيرة؟؟ في المدينة أم القرية؟؟ المرتب كبير يكفي أم لا يكفي؟؟ وحدي ولا معي أحد؟؟؟ شروووط كثيرة. طبعاً مش كل الكهنة، ولكن البعض يفكر هكذا، الرسل لم يفكروا الي أين ولا ما سيفعلون، حيث انهم طول فترة تبعيتهم للمسيح لم يفعلوا شيئاً، كان المسيح يعمل كل شىء وهم فقط ينظرونه ويصمتون.
الآباء الرسل أشخاص عاطفيين : وأيضاً كانوا أشخاصاً عاطفيين، قلبهم يتحرك بسهوله ليس فقط يوحنا الحبيب الذي كان يتكئ على صدره، وحتى توما الشكاك، عندما سمع عن موت لعازر قال: لو مات نذهب ونموت معه وهذا دليل العاطفة، وأيضاً بطرس الرسول عندما رأى عبد رئيس الكهنة استل سيفه وقطع اذنه وهذا أيضاً تصرف عاطفي، وهذه العاطفة شىء جميل.
قوة الآباء الرسل : هذا كان في البداية، لكن عندما نالوا قوة، كانت قوة عجيبة، قوة في الكلمة وفي تأثيرها، لدرجة أن عظة من بطرس الرسول يوم الخمسين أتت بثلاثة آلاف واحد للإيمان نالوا المعمودية في هذا اليوم.. قوة تأثير، وبعد شفاء الأعرج الذي عند باب الجميل أصبحوا خمسة آلاف، ثم دخل الإيمان جماهير من الرجال والنساء وكان الرب كل يوم يضم الى الكنيسة الذين يؤمنون، جبروت، هكذا كانت الكنيسة في أيام آبائنا الرسل.
وكانت لديهم قوة أيضاً في المعجزات، فهم كانوا يتكلمون ويعظون وربنا يتابعم بالآيات والمعجزات، لدرجة أن بطرس الرسول كانوا يضعون المرضى في طريقه لئلا يقع ظله على أحدهم فيشفى.
وبولس الرسول كانوا يأخذوا المناديل من على قروحه يضعونها على المرضى فيشفوا وتخرج منهم الأرواح الشريرة، ربنا أعطاهم قوة كلمة وقوة إقناع وتأثير، وقوة آيات ومعجزات، وأعطاهم أيضاً قوة إحتمال على السجون بسبب التبشير، وحين جلدوا كانوا يخرجون فرحين أنهم حسبوا مستأهلين أن يهانوا من اجل اسمه.. قوة احتمال عجيبة.
هذا ما استطاعوه به أن يكملوا عملهم.. فكانت القوة هي سمة الكنيسة الأولى في عصر الرسل، قوة من كافة النواحي، على الرغم من العوائق الكثيرة ودسائس اليهود وعلى الرغم من سيطرة الرومان والفلسفات والوثنية، شقوا طريقهم بكل قوة ورغم كل الصعوبات.
فضل الآباء الرسل علينا : هؤلاء الآباء الرسل لهم فضل كبير علينا، للأسف ليس عندنا العديد من الكنائس على اسمائهم، فقط مارمرقس كاروزنا له بعض كنائس على اسمه، والكنيسة البطرسية على اسم بطرس وبولس، وبعض الكنائس الأخرى في أطفيح وأخميم وأبو قرقاص وبنى مزار، فنحن لا نعطي الرسل نصيبهم من الإكرام من هذه الناحية حيث أنهم كنائس قليلة، ولكن باقي القديسين لهم عشرات الكنائس في كل مكان.
لكن هؤلاء الذين لا نكرمهم كما ينبغي هم أكرمونا ولهم فضل علينا، سلمونا الإيمان والتقاليد وسلموا لنا القوانين الكنسية، أعطونا الدسقولية والتي فيها 38 باب عن أعمال الرعاية، وقوانين الرسل أيضاً 127 قانون في كتابين أصدرتهما دائرة معارف الآباء الشرقيين، وهم الذين وضعوا أساس الإيمان لدرجة أن القديس أغسطينوس في تفسيرة مزمور أساساته في الجبال المقدسة.. قال ان هذه الجبال المقدسة هم الآباء الرسل الذين وضعوا اساس الإيمان، كما قال بولس الرسول: أنا وضعت أساساً وغيري بنى عليه.
وهم أيضاً أول من بنوا كنائس، في العصر الرسولي كانت الكنائس في البيوت أولاً، كان أول بيت تحول إلى كنيسة هو بيت مارمرقس كما ورد في سفر أعمال الرسل اصحاح 12، ومثل بيت أكيلا وبريسكلا أيضاً، وبيت ليديا بائعة الأرجوان وغيرها الكثير، وكانوا يصلوا أحياناً في المقابر، ثم بنوا بيوت وكنائس في (سفر الأعمال 9 : 31) وأما الكنائس في جميع اليهودية والجليل والسامرة فكان لها سلام وكانت تبنى وتسير في خوف الرب وبتعزية الروح القدس كانت تتكاثر.
في صوم الآباء الرسل ليتنا نتذكر الآباء ونأخذ تأملات في حياة كل منهم. لربنا المجد الدائم إلى الأبد .. أمين