هل لا يقدر الله أن يتجسد؟
ج : إن قلنا أن الله لا يقدر أن يتجسد فمعنى هذا إننا ننسب له العجز، فيصبح الله غير قادر على كل شيء، أو إنه قادر على كل شيء ماعدا التجسد، وهذا ضد الاعتقاد الصحيح بأن الله كلي القدرة " هل يستحيل على الرب شيء" (تك 18: 14) لذلك فمن اللائق أن نؤمن بقدرته على التجسد.
وإن كانت أرواح الملائكة والقديسين قد يسمح الله لها أحيانًا بالظهور في شكل مرئي ومحسوس أفلا يقدر هو أن يتجسد؟! ألم تظهر الملائكة مرارًا وتكرارًا لرجال الله يحدثونهم بلغتهم البشرية حتى أصبح للملاك شكلًا معروفًا لدينا؟ ألم تتجلى أم النور مريم على قباب كنيستها في الزيتون وفي كنيسة الشهيدة دميانة في شبرا وشاهدها الملايين عيانًا؟!.. فهل يُعقَل أن الملائكة يظهرون في أشكال ظاهرة للعيان، ورب الملائكة لا يقدر؟! بل هل يعقل أن الشياطين يظهرون بأشكال مجسَّمة حتى إن الشيطان يستطيع أن يظهر في شكل ملاك نور، والله يعجز عن الإتحاد بجسد الإنسان؟!.. ألاَّ تستمد الأرواح هذه القدرة على الظهور من الله، فهل يُعقَل أن رب القدرة يفتقد هذه الإمكانية التي يهبها للآخرين؟! وإن كان الإنسان يقدر أن يجسد أفكاره في صورة كلمات مسموعة أو مقروءة، وإن كانت الكهرباء تتجسد في الأسلاك وتظهر فاعليتها في الإنارة والحركة والطاقة، وإن كانت المغناطيسية تتجسد في الحديد وتظهر فاعليتها في الجاذبية، وإن كان أعظم إنسان في العالم قادر على زيارة أشقى إنسان في العالم بالطريقة التي يراها، وبالمظهر الذي يريده أفلا يقدر واهب هذه الإمكانات أن يتجسد؟!.. يقول القديس غريغوريوس النيسي "كشفت الطبيعة الإلهية الفائقة عن قدرتها العظيمة بالتنازل والتواضع إلى مستوى الناس، وإن هذا التنازل لدليل على إمكانيات الله الفائقة أكثر مما تدل المعجزات الفائقة للطبيعة" (1).