منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 23 - 05 - 2023, 12:51 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,630

حُضور يسوع لتلاميذه من خلال حفظ وصاياه




حُضور يسوع لتلاميذه من خلال حفظ وصاياه



يدعونا يوحنّا الإنجيلي، في بشارته، إلى استقبال كلام المسيح من كل قلوبنا. وباستقبالنا له، نحن في الحقيقة نجعل المسيح نفسَه حاضرًا في حياتنا، كما قال: "مَن تَلَقَّى وَصايايَ وحَفِظَها فذاكَ الَّذي يُحِبُّني والَّذي يُحِبُّني يُحِبُّه أَبي وأَنا أَيضاً أُحِبُّه فأُظهِرُ لَهُ نَفْسي" (يوحنا 14: 21). وينشأ رباط وثيق بين يسوع والتلميذ الأمين لوصاياه، إذ يقوم حوار حميم بينه وبين يسوع، فيسوع يُظهر نفسه كما هو. وحيث أنَّ يسوع لا ينفصل عن الآب، فوجود الواحد لا يُعقل دون وجود الآخر "أَنِّي في الآبِ وأَنَّ الآبَ فيَّ" (يوحنا 14: 10). وهكذا يتمُّ الوعد بمجيء الآب والابن إلى التلميذ "ذا أَحَبَّني أَحَد حَفِظَ كلامي فأحَبَّه أَبي ونأتي إِلَيه فنَجعَلُ لَنا عِندَه مُقاماً" (يوحنا 14: 23). فالمسيحي يكون مُضيفا وهيكلا للأقانيم الثلاثة.



يؤكِّد يسوع المسيح لتلاميذه الضمانة بحُضور الآب والابن والرُّوح القُدُس " مَن تَلَقَّى وَصايايَ وحَفِظَها فذاكَ الَّذي يُحِبُّني والَّذي يُحِبُّني يُحِبُّه أَبي وأَنا أَيضاً أُحِبُّه فأُظهِرُ لَهُ نَفْسي"(يوحنا 14: 21). هذه الآية تُشكّل جواب يسوع لفيليبّس: " يا ربّ، أَرِنا الآبَ وحَسْبُنا" (يوحنا 14: 8)، وتعيدنا إلى العهد القديم، إلى سفر الخروج حيث طلب موسى معاينة مجد الرّب قائلاً: "أَرِني مَجدَكَ " (خروج 33: 18)، فكان جواب الله له : " وَجْهي لا تَستَطيعُ أَن تَراه لأَنَه لا يَراني الإِنْسانُ وَيحْيا" (خروج 33: 20)، فالله الّذي يحيا في النّور لا يمكن الوصول إليه كما يصرِّح بولس الرسول : "الَّذي لَه وَحدَه الخُلود ومَسكِنُه نَورٌ لا يُقتَرَبُ مِنه وهو الَّذي لم يَرَه إِنسان ولا يَستَطيعُ أَن يَراه لَه الإِكرامُ والعِزَّةُ الأَبَدِيَّة. آمين"(1طيموتاوس6: 16)، حُضور يسوع القائم يختلف عن الذي كان التلاميذ يحلمون به (يوحنا 14: 8-22). قال يوحنا الرسول: "لا يَستَطيعُ أَن يُحِبَّ اللهَ وهو لا يَراه" (1يوحنا 4، 12)، لكن لا يمكن أن يُعاين يسوع فقط على ضوء العقل والمعرفة الحسيّة.



كما كان الحال في العهد القديم من خلال علامات حسِّيَّة مُبهرة والتي تُثير حماسهم كان يظهر إلى موسى النبي "غَطَّى الغَمامُ الجَبَل. وحَلَّ مَجدُ الَرَّبِّ على جَبَلِ سيناء" (خروج 24: 15-16)، لكن يسوع أدخل تلاميذه في عالم الإيمان. إنسان يطلب أن يرى ليؤمن، والرّب يطلب الإيمان لإظهار ذاته. فحين يطلب الإنسان المعاينة، لا يضحي للإيمان معنى، لأَنَّ من يعاين لا يعود بحاجة للإيمان. وهذا ما نستشفه من قول يَهوذا، غَيرُ الإِسخَريوطيّ: "يا ربّ، ما الأَمرُ حتَّى إِنَّكَ تُظِهرُ نَفْسَكَ لَنا ولا تُظهِرُها لِلعالَم؟ (يوحنا 14: 22).



نجد الرّب يُعلن للتلاميذ أنّهم قادرون على معاينة الله "فأُظهِرُ لَهُ نَفْسي"، لأَنَّ الرّب ذاته يُظهر لهم نفسه، أي يُعلن الرَّبّ ذاته، ويحل في حياة التلميذ، إذ يجعل من حياته "مقاماً إلهيّاً". وهذه السكنى لا تتم دون توفّر الشَّرطَين: الحبّ وحفظ الوَصايا. فشرط المعاينة هي ليست الرّغبة في المعرفة، في اللّمس والفهم والإدراك، بل هو الدخول في علاقة حُبّ مع الرّب. فقط من يحبّ الله يمكنه أن يُعاين الله، لأَنَّ الله محبّة ومن يحيا المحبّة يشترك بالنِعمة، لا بالطبيعة، في جوهر الله نفسه. محبّة الإنسان لله ليست محبّة نظريّة، بل محبّة عمليّة، هي في أن نحيا وصايا الرَّبّ يسوع في حياتنا.



الإيمان هو عمل حبّ لا عمل معرفة عقليّة، والحُبّ الّذي يدخلنا في المعرفة الإلهيّة يكون السَّبيل إلى المعرفة العقليّة بالقدر الّذي يُمكِّن عقلنا من الوصول إليه. وحفظ الوَصايا هو التطبيق العملي للحُبّ الإلهيّ. يجب أن نؤمن أوّلاً بالرَّبّ، ثمّ أن نستسلم بدون تحفّظ لوصاياه. ونعتمد الإيمان عنوانًا لمحبّتنا. الإيمان يأتي أولاً ثم المحبة كما قالت القديسة تريزا دي كالكوتا " ثمرة الإيمان الحُب"، فمن يؤمن يرى المسيح. ومن يرى المسيح يُحبُّه. ومن يحب المسيح يطيع الوَصايا، والرُّوح القُدُس هو الذي يُعطينا الحُب لنحفظ الوَصايا، كما جاء في تعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية "أن المَحبَّة التي هي ثمرة الرُّوح وكمال الناموس تحفظ وصايا الله ومسيحه" (رقم 1824). فالوصية تأتي دائماً من الخارج، تُعطى لنا من قبل آخر. بينما الحبّ، على العكس يأتي من أعماقنا.



المَحبَّة هي التزام وسلوك أكثر من كونها كلمة لطيفة. المَحبَّة هي التزام بالآخر وليست نزوة...هي مسؤولية تجاه النفس والآخرين وليست أنانية... ويصفه بولس الرسول أعمالها: "هي تَعذِرُ كُلَّ شيَء وتُصَدِّقُ كُلَّ شَيء وتَرْجو كُلَّ شيَء وتَتَحمَّلُ كُلَّ شيَء" (1 قورنتس 13: 7)، وتُصحّح وتغفر، تلتزم بالحَقّ وتدافع عن العدل، تنتبه إلى الفقير وتشفق على الضعيف، لا تبحث عن الغِنى والجَاه والتقدير، بل في كلّ شيء تبتغي خدمة الله وتمجيده وإعلان اسمه القدّوس.



مَن تبع يسوع يُظهر محبته له بطاعة وصاياه. والوَصايا هي ليست مجموعة من الأنظمة والقوانين، والأوامر والنواهي المفروضة من الخارج، بل هي برنامج حياة؛ نحن أحياناً نختار أن نرى الوَصايا بأنها قيود. قد نشعر أحياناً أن قوانين الله تُقيِّد حرية اختيارنا الشخصية، وتسلب منا حريتنا، وتحدُّ من إمكانية نمونا. لكن عند سعينا لفهم أكبر وعند سماحنا لأبينا السماوي بأن يُعلّمنا، سنبدأ برؤية بأن وَصاياه هي إثبات لحُبِّه لنا، وان إطاعة وصاياه هو تعبيرٌ لحُبِّنا له. الوَصايا هي أن يدخل الإنسان مع المسيح في شركة حب وحياة، وذلك أن يكون تلميذًا وشاهدًا ورسولاً. فإن أردنا أن يجعل الرَّبّ له مقامًا عندنا، فيجب علينا أن نحفظ وصاياه، فحفظ وصايا الرَّبّ هي الدليل على محبَّتنا له ورغبتنا باستقباله في حياتنا. فمن يُحبّ الله يمكنه أن يُعاين الله، لأَنَّ الله مَحبّة ومن يحيا المَحبّة يشترك بالنِّعمة في جوهر الله نفسه. والعلامة الحسِّيّة لهذه المَحبّة هي في عيش الوَصايا. وصاياه هي إثبات لحُبِّ الله لنا، وحفظ وصاياه هو تعبير لحُبِّنا له.



وعد المسيح التلميذ الذي يُحبّ ويحفظ الوَصايا بحُضور الآب والابن والرُّوح القُدُس. ولكن هذه الحُضور يتطلب الطاعة والمَحبَّة اللتين كان الله يطلبهما في العهد القديم (تثنية الاشتراع 6: 4-9)، كما يصرّح السيد المسيح "إذا أَحَبَّني أَحَد حَفِظَ كلامي فأحَبَّه أَبي ونأتي إِلَيه فنَجعَلُ لَنا عِندَه مُقاماً" (يوحنا 14: 23). فحُضور المسيح في حياتنا وفي عالمنا يُقلب الموازين. لا يكفي احترام الوَصايا وتطبيقها، لكن الأهم هو أن يقبل كل واحد أن يعيش من حُب الله، الآب والابن والرُّوح القُدُس. وإذا قبلنا أن نعيش من هذا الحُبِّ، تتغيَّر حياتنا. فيصبح المسيح في قلب حياتنا اليومية ونكون شهودًا له في عالم اليوم.



ما قيمة الحُبّ إذا لم يقترن بأعمال ومبادرات فعلية؟ ما قيمة الحُبّ إن لم أحترم الآخر؟ فحفظ التلميذ للكلمة وأمانته لها، يضمنان له حياة صداقة وعلاقة حميمة مع الله الذي كشف عن ذاته في عمق حياته الثالوثية (ثلاثة أقانيم في إله واحد). وعندئذٍ تتحقق نبوءة حزقيال "أَقطَعُ لَهم عَهدَ سَلام. عَهدٌ أَبَدِيّ يَكونُ معَهما، وأَجعَلُ مَقدِسي في وَسطِهم لِلأبد" (حزقيال 37: 26). فالمَحبَّة هي العلامة الأساسية لحُضور الرُّوح فينا، وهي تُضفي على كل عمل مسيحي صفته الشرعية، وأمّا فقدان المحبة فعملنا ناقصًا.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
كيف تحفظ (وصاياه)؟ ليس خلال الذاكرة بل خلال الحياة
حُضور يسوع لتلاميذه من خلال الرُّوح القُدُس
حضور يسوع لتلاميذه من خلال حفظ وصاياه
حضور يسوع لتلاميذه من خلال الروح القدس
تلذذ باللي بتحب تعمله من خلال وصاياه:


الساعة الآن 05:30 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024