رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي، بَعِيدًا عَنْ خَلاَصِي، عَنْ كَلاَمِ زَفِيرِي؟ كلام زفيرى: كلام خارج مع أنفاسى، أي تنهيداتى، فالزفير هو الهواء الخارج عند تنفس الإنسان. هذه الآية تنطبق على المسيح بوضوح؛ لأنه قالها على الصليب، فهي نبوة واضحة عن آلامه، رآها داود بروح النبوة. هذه الكلمات تأكيد لناسوت المسيح الذي تألم بالحقيقة ألمًا شديدًا، ويعبر عنه بصراخه إلى الله، وتأكيده ذلك بقوله إلهي مرتين، أي أن المسيح أخذ جسدًا حقيقيًا مثل باقي البشر. قوله إلهي تظهر دالة البنوة، فهو يكلم الله نائبًا عن البشرية كإنسان، وإن كان يعانى من شدة الألم ويقول تركتنى، ولكن في نفس الوقت يعبر عن الإيمان والدالة التي بينه وبين الآب، أو كما ينبغى أن يسلك كل إنسان روحي بدالة مع الله. هذه الآية تعبير عن نقاوة وقداسة الله التي لا تطيق الخطية، التي حملها الابن على الصليب، فرغم أنه قدوس، لكنه حمل خطايا العالم، بل صار الذي بلا خطية خطية لأجلنا (2 كو5: 21). إن كلام المسيح هنا ليس سؤالًا يطلب إجابة، ولا تذمرًا، ولكنه تعبير عن شدة الآلام التي يعانيها. وهي ليست فقط الآلام الجسدية الفظيعة، والآلام النفسية بقيام الكل عليه، حتى أن أحباءه أيضًا تركوه، ولكن الأصعب من كل هذا الآلام الروحية بحمله، وهو القدوس، كل خطايا العالم. بقول المسيح هذا على الصليب يعطى مساندة لكل متألم يشعر كأنه متروك من الله، فيؤكد له المسيح أنه يشعر به، وأنه غير متروك منه. قال المسيح هذه الآية باللغة الآرامية التي يفهمها اليهود وهي "إيلى إيلى لما شبقتنى"؛ حتى ينبههم إلى أن هذا المزمور الذي يحفظه اليهود ولا يفهمونه يتكلم عن المسيح، لعلهم يؤمنون. إن الخطية هي الحاجز الفاصل بين الإنسان والله، فالمسيح وهو على الصليب حامل خطايا العالم يعبر عن ذلك بقوله "إلهى إلهي لماذا تركتنى". ولكن عندما يتمم الفداء بموته تنال البشرية المصالحة مع الله فيه. قول المسيح إلهي إلهى لماذا تركتنى هو كلام عن البشرية التي أخطأت في حق الله، وهو نائبًا عنها يتحدث أمام الآب، مع أنه بار وقدوس، فهو ابن بشر ولكنه بلا خطية، كما أعلن بوضوح لليهود وقال "من منكم يبكتنى على خطية" (يو8: 46) وبالتالي لا يستحق الآلام والموت، بل يحملها عن غيره، أي البشرية الساقطة حتى يخلصها من خطاياها، فهو إعلان عن قداسته، وأنه غير مستحق الموت وترك الآب له، ولكنه بإرادته يقبل الآلام. وانحجاب وجه الآب عنه تعبيرًا عن ضيق اللاهوت من الخطية، رغم محبته الشديدة للبشرية التي جعلته يتجسد ويتحد بها، ويتألم ويموت عنها. ظهرت بدعة تنادى بتفسير هذه الآية على أن اللاهوت فارق الناسوت، وهذا بالطبع خطأ، فقوله هذا مناجاة بين الابن والآب تعبر عن كل المعانى السابق ذكرها، أي كمال ناسوت المسيح، وضيق اللاهوت من الخطية. فهذه الآية تعبر عن عمل الأقنوم الثاني الابن في التألم من أجل البشرية وحمل خطاياها، وتعبر أيضًا عن عمل الآب الديان العادل في ترك الابن يحمل الآلام حتى الموت. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الخطية هي التي تعطل وتشوه إمكاناتنا التي وهبها لنا الله |
نقاوة القلب من معرفة الخطية |
نقاوة القلب من معرفة الخطية |
نقاوة القلب من معرفة الخطية |
لا السماء تطيق شمين ولا الأرض تطيق سيدين |