منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 05 - 06 - 2013, 07:55 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,630

أيوب والحوار غير المنظور
أيوب والحوار غير المنظور

إن النقطة التى يبدأ بها سفر أيوب ، وينتهى ، هى الحوار غير المنظور ، بين اللّه والشيطان ابتداء ، وبين اللّه وأيوب انتهاء ، ... ومن اللازم أن نشير إلى أن أهم ما فى الوجود ، ومن فى الوجود ، هو غير المنظور ، وأن مصائر الحياة ، تتعلق بغير المنظور دون أدنى شبهة أو شك ، ... وإن أقل ما فى الوجود هو المنظور ، ... وإن أقل ما يجرى بين الناس هو المنظور ، وأنه كان من الطبيعى إذا أردنا لقصة أيوب أن تتصور على حقيقتها ، أن نبدأ بغير المنظور ، أو أن نبدأ بالمنظر العلوى غير المكشوف للعين البشرية ، الذى يمثل فيه الشيطان فى حضرة اللّه ، ... والسؤال : كيف يمثل ، وهل يمثل برغبته ، أم يمثل بأمر أو سماح من اللّه ؟؟ إنها أسئلة عويصة ، ليس من السهل الإجابة عليها ، وإن كنا نعلم أنها حقيقة واقعة ، وأن ما يحدث على الأرض فى حياة الناس أو البيوت أو المجتمعات أو الممالك ، يحدث فى العادة لأن غير المنظور تحكم فى المنظور ، ... وأن الناس لا تعرف فى العادة من الحقيقة : إلا أقلها وأبسطها ، .. فهذا الشيطان الذى مثل أمام اللّه يطلب أيوب ، هو نفسه الذى مثل أمام السيد لنفس الشئ تلاميذ المسيح . وكما ادعى الشيطان أن أيوب لا يعبد اللّه مجاناً ، وأنه لو سلم فى يده لأثبت هذا ، هو نفسه الذى أراد أن يفتك بتلاميذ المسيح ، وهو يصورهم على استعداد أن يتركوا المسيح عند أقل بادرة : " هوذا الشيطان طلبكم لكى يغربلكم كالحنطة " .. ( لو 22 : 31 ) .. وهو الذى يشتكى على المؤمنين ليلا ونهاراً أمام اللّه ، " رؤ 12 : 10 " ..
ولو أننا تأملنا هذا الحوار المثير لأدركنا أنه تحد للّه ، أكثر من تحد لأيوب ، وكأنما الشيطان يريد أن يقول للّه إن نعمته ليست كافية قط لأن تحفظ الإنسان ، فى شتى التجارب والآلام ، وأن العلاقة بين الإنسان واللّه ، ليست هى نوعاً من الحب بين الإنسان واللّه ، الحب العميق المجرد الخالص ، بل هى نوع من المتاجرة ، يجزل اللّه العطاء ليكسب ولاء الإنسان وتعبده وصلاته ، ... وهذا الاتهام التعس الرخيص ، إذا كان يصيب الإنسان فى الصميم ، فإنه يجرح مشاعر اللّه ولا شك ، واللّه الآب السماوى لا يقبل أن تكون علاقته بابنه المؤمن ، مجرد علاقة وصولية نفعية ، يعطى فيه الابن مقابل ما يأخذ ، أو يقدم على أساس الانتفاع والمصلحة ، ... وقد أخذت قصة أيوب قوتها أمام الأجيال والتاريخ ، فى أن اللّه يريد أن يكشف الحقيقة الثابتة لديه ، والغائبة عن العالم والشيطان والتاريخ : إن نعمة اللّه الحافظة قوية منتصرة على طول الخط ، وأن علاقة المؤمن باللّه تضرب جذورها العميقة فى المحبة الإلهية - محبة المسيح لنا وليست محبتنا للمسيح - والتى جعلت بولس يتحدى الشيطان فى قوله العظيم: " من سيشتكى على مختارى اللّه ؟ اللّه هو الذى يبرر . من هو الذى يدين . المسيح هو الذى مات بل بالحرى قام أيضاً الذى هو أيضاً عن يمين اللّه الذى أيضاً يشفع فينا . من سيفصلنا عن محبة المسيح ؟ أشده أم ضيق أم اضطهاد أم جوع أم عرى أم خطر أم سيف ؟ كما هو مكتوب اننا من أجلك نمات كل النهار قد حسبنا مثل غنم للذبح . ولكننا فى هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذى أحبنا . فإنى متيقن أنه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة ولا علو عمق ولا خليقة أخرى تقدر أن تفصلنا عن محبة اللّه التى فى المسيح يسوع ربنا " " رو : 33 - 39"..
إن الحقيقة المثيرة التى ينبغى أن ننبه الناس إليها ، فى قصة أيوب ، والتى تقلبها رأساً على عقب ، هى أن أيوب صمد فى المعركة لسبب واحد لا أكثر ولا أقل ، وقد ذكره السيد المسيح فى قوله : " وأنا أعطيها حياة أبدية ولن تهلك إلى الأبد ولا يخطفها أحد من يدى ، أبى الذى أعطانى إياها هو أعظم من الكل ولا يقدر أحد أن يخطف من يد أبى " .. " يو 10 : 28 و 29 " عندما هدد الكاردينال " كاجيتان " لوثر وهو يقول له : " إن خنصر البابا أغلظ من ألمانيا التى أنت متكل عليها ، وأين تكون أنت عند ئذاك ؟!! ... وأجاب لوثر : أكون حيث أنا الآن فى قبضة يمين القادر على كل شئ !! .. قال أحدهم : إن الشيطان رغم معرفته بحقائق كثيرة ، لكن هناك حقيقة يجهلها أو لا يستطيع أن يصل إلى عمقها ، وهى قدرة نعمة اللّه الفعالة فى حفظ الناس!! .. وهذه الحقيقة ليست مجرد خيال أو تصور ، أو من باب التخمين أو الاستنتاج ، بل إنها واضحة من القصة نفسها ، لقد استنفد شيطان تجاربه بالقضاء على ثروة أيوب وأولاده ، بسماح من اللّه ، ثم عاد مرة أخرى يطلب مواصلة الامتحان فى جسده ، وأعطى له كل شئ بحدود ، فهو ليس مطلق التصرف ، وعندما طلب التلاميذ ليغربلهم كالحنطة . .. كان هناك طلب آخر ، مضاد ومعاكس لطلب الشيطان ، وهو طلب المسيح " طلبت من أجلك لكى لا يفنى إيمانك . وأنت متى رجعت فثبت إخوتك " . " لو 22 : 32 ".. لقد ذهب يهوذا لأنه كان ابن الهلاك ، وبقى بطرس لا لقوة فيه ، بل للحارس الضامن بأعجوبة النعمة الإلهية الفعالة فى حياة المؤمنين !! ... أما ما هى البواعث العميقة فى قلب اللّه للمنح أو للترك ؟؟؟ ... فهذا سؤال أعمق من أن يصل إليه الإنسان فى العالم الحاضر ، وربما يشاء اللّه فى جلاله الأبدى أن يبقيه ، إلى أن يكشف حكمته العظيمة الكلية ، فيما وراء عالمنا المنظور وفى مجده الفائق فى السماء ، ... ومن الثابت على أية حال أن صراعنا الأكبر فى الأرض ، ليس الصراع مع المنظور ، بل مع غير المنظور ، أو كما يقول الرسول بولس : " البسوا سلاح اللّه الكامل لكى تقدروا أن تثبتوا ضد مكايد ابليس ، فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء مع السلاطين ، مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر مع أجناد الشر الروحية فى السماويات " " أف 6 : 11 و 12 " إن الناس ، كبروا أو صغروا ، ما هم إلا دمى فى يد الشيطان يلعب بهم ويستخدمهم فى حربه مع المؤمنين !! .. ومن أول التاريخ البشرى حتى نهايته ، من اللحظة التى اختبأ فيها الشيطان فى الحية ، والتى ظهر فيها فى الصليب من وراء قيافا وبيلاطس واليهود والرومان ، ... والتى فيها ارتكب يهوذا جريمته الكبرى بعد أن دخله الشيطان ، ... وإلى آخر القصة البشرية ، لا ينبغى أن نحول النظر عنه ، لأنه دائم الجولان والتمشى فى الأرض ، " ولأن ابليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمساً من يبتلعه هو " ... " 1 بط 5 : 8 " هل يستطيع البشر كتابة التاريخ من هذه الزاوية ؟ ، .. إنهم إن عجزوا ، فإن الأبدية سترويه وستقصه من هذه النقطة المثيرة التى لا يتعمق الناس فى دراستها ، وهم يناقشون مسرحية الإنسان ولعبته الكبرى فى الأرض !! .
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
إذ ينحل العالم المنظور المادي يُعلن العالم الجديد غير المنظور السماوي
الأسقف والمشاركة والحوار
من صور “الاحتواء” الحب والحوار
نرفض أن نقول عن المسيح: "بسبب ذلك الذي ألبس أعبد اللابس، وبسبب غير المنظور أعبد المنظور"
أيوب والحوار المنظور مع أصحابه


الساعة الآن 11:30 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024