ماذا يعني "بالرجاء خلصنا"؟ هذا يعني أننا لا نطلب كل شيءٍ لنا في هذه الحياة، وأن يكون لنا رجاء أيضًا، مؤمنين أن ما وعدنا به الله يُحَقِّقه لنا، بهذا نحن خلصنا؛ فإن فقدنا الرجاء نفقد كل ما نلناه...
يود أن يقول: أتساءل، ألم تكن أنت خاضعًا لخطايا بلا حصرٍ؟ ألم تكن يائسًا؟ ألم تكن تحت الحكم؟... ما الذي خلَّصك إذن؟ الرجاء في الله وحده، وثقتك من جهة مواعيده وعطاياه، فإنه ليس لك شيء آخر تُقَدِّمه له.
إن كان هذا هو الذي خَلَّصك، فلنتمسك به الآن أيضًا. فمن قدَّم لك بركات عظيمة هكذا لا يمكن أن يخدعك في البركات المُقبِلة. لقد وجدك ميتًا ومُحَطَّمًا وسجينًا وعدوًا، فجعلك صديقًا وابنًا وحُرًا وبارًا ووارثًا معه، مُقَدِّمًا لك أمورًا عظيمة هكذا لم يكن يتوقَّعها أحد. هل بعد التمتُّع بمثل هذه العطايا بسخاءٍ وحبٍ يخونك في الأمور المُقبِلة؟...
هذا الطريق (الرجاء) خلصك من البداية؛ إنه العربون الذي أحضرته وحده إلى العريس. فلنتمسك به ولنحتفظ به، فإنك إن طلبت شيئًا في هذا العالم تفقد صلاحك الذي به صرت بهيًا، لهذا يكمل الرسول: قائلًا: "ولكن الرجاء المنظور ليس رجاء، لأن ما ينظره أحد كيف يرجوه أيضا؟"