رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
صلّوا لهم فهم بأمس الحاجة إليها
طوبى للأموات الذين يموتون في رضا الرب، فليستريحوا من المتاعب، لأن أعمالهم تصحبهم. وإن الذي أقام يسوع المسيح من بين الأموات، يحيي أيضاً أجسادنا الفانية بروحه الحال فينا. أنشأ تذكار جميع الموتى المؤمنين الراقدين القديس أوديلون عام 998، وقد رسم هذا التذكار وتذكار جميع القديسين البابا بونيفاسيوس، وذلك لأن المؤمنين الراقدين بالرب، وعليهم بعد قصاصات عن الخطايا المغفورة بالحل السري، أو خطايا عرضية، لم يوفوا عنها في هذه الحياة، فهم ملتزمون ان يكفروا عنها في المطهر لفترة زمنية ولذلك تقيم الكنيسة الصلوات والقرابين لأجل راحة النفوس المطهرية، فكما أقامت الكنيسة المجاهدة تذكاراً لشقيقتها المنتصرة في السماء؛ تقيم تذكاراً آخر لشقيقتها المتألّمة في المطهر. وهو أشهى تذكار على قلبها. إن الكنيسة الكاثوليكية تعتقد وتؤمن بوجود حالة وليس مكان غير السماء وجهنم تسمى المطهر، تتعذب فيه النفوس البارة بعد انفصالها من أجسادها وفاء عن العقوبات الزمنية التي تستوجبها عن الخطايا التي نالت عنها الغفران بتوبة صادقة، أو عن الخطايا العرضية التي لم تكفر عنها وهي على قيد الحياة. كما تقول الكنيسة في كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية رقم 1030 عن المطهر ما يلي: “الذين يموتون في نعمة الله وصداقته ولم يتطهروا بعد تطهيراً كاملاً وان كانوا على ثقة من خلاصهم الأبدي، يخضعون من بعد موتهم لتطهير يحصلون به على القداسة الضرورية لدخول فرح السماء”، كما أن الأدلة على وجود المطهر تستند إلى ما يلي: في العهد القديم وفي سفر المكابيين الثاني نجد يهوذا المكابي النبيل، كيف يجمع ألفي درهم من الفضة ويرسلها إلى أورشليم لتقدم بها ذبيحة عن خطايا الذين سقطوا في القتال، وكان ذلك من أحسن الصنع واتقاه، لاعتقاده قيامة الموتى، “لأنه لو لم يكن مترجياً قيامة الذين سقطوا، لكانت صلاته من اجل الموتى باطلاً وعبثاً”، ولاعتباره أن الذين رقدوا بالتقوى، قد ادخر لهم ثواب جميل، وهو رأي مقدس تقوي، ولهذا قدم الكفارة عن الموتى، ليحلوا من الخطيئة. وفي العهد الجديد يخاطب يسوع الفريسيين قائلاً: “ومن قال كلمة على ابن الإنسان يغفر له، أما من قال على الروح القدس، فلن يغفر له لا في هذه الدنيا ولا في الآخرة” (متى 12: 32). نفهم من هذه الآية أن بعض الخطايا تغفر في العالم الآتي. ونحن نعلم ما من غفران في جهنم البتة. فيكون كلام المخلص عن الخطايا العرضية أو العقوبات الزمنية التي تغفر في المطهر. لأنه لو لم تكن بعض الخطايا أو عقوبات الخطايا تغفر بعد الموت في المطهر كما تعلم الكنيسة، لكان عبثاً قوله: “لا في هذه الدنيا ولا في الآخرة”. فإذن هذه الآية تثبت وجود المطهر كما أثبته القديسون أوغسطينوس، غريغوريوس، إيسيدوروس وغيرهم… ويقول احد القديسين في مقالته عن القرابين والصدقات التي تقرب من أجل الموتى: إن الله كنز المراحم أعطى ورتب وكثر فرصاً وأسباباً ليمكن للميت أن يتبرر بواسطة الأحياء. قد أعطى لك أن تستطيع أن تخلص حبيبك بعد موته بصدقاتك وصلواتك، قد سمح لك أن تكون تاجراً لعزيزك الميت المدفون وتريح حياته بأعمالك. إن البر يفتح باب الميت المدفون فيمكن أن يتبرر بالصدقات التي تصنع بعد موته. أطلقوا العبيد وحرروهم من أجل الأموات فيتبرروا. إن الرب يفرح يا أخوتي عندما تذخرون الرجاء لأمواتكم والصدقات لمدفونيكم. كرموا الفقراء وادفنوهم، وأريحوا نفوس أمواتكم. فإن الحي يستطيع أن يبرر الميت. يعرف الشيطان أنه يمكن أن ينجو الموتى بواسطة الأحياء، ولذلك يكثر لنا البكاء والدموع. لا تمنع القربان والصدقة عن الموتى، فإن كل رجاء الأموات في القربان الذي يعمله الأحياء. إن المحبة تحرضني أن أتكلم عن الموتى هل إنهم يستفيدون من القرابين التي يقربها عنهم الأحياء. إن القربان يطلب المحبة والإيمان والسهر والصوم والصلاة والمبخرة الطاهرة. أو حالما يرى الرب محبتك وإيمانك يصنع رجاء للموتى الذين رقدوا في التراب. وهناك برهان منطقي على عقيدة المطهر فإذا مات الإنسان وعليه خطايا عرضية خفيفة أو عقوبات زمنية فأين يذهب؟ إلى السماء كلا لان الله هو القداسة بالذات لا تمثيل أمامه إلا من كان نقيا وكاملا وأهلا لمثل هذا المثول أي لأطهار القلوب، وهل يذهب هذا المؤمن الى جهنم بسبب خطيئته العرضية؟ فهذا يتنافى مع عدل الله ولن يكون الناس اعدل من الله يميزون بين ذنب كبير وذنب صغير، اذن لا بد من وجود المطهر لتطهر فيه النفوس من خطاياها الخفيفة قبل ان تدخل السماء. ان مدة البقاء في المطهر مؤقته وليست دائمة حسب الخطايا الخفيفة والعقوبات الزمنية وبعد ذلك تدخل كل النفوس المطهرية الى السماء في اخر الامر، هذا وان عقيدة المطهر قد حددتها الكنيسة في مجمع فلورنسا ومجمع التريدنتين، كما ان عذاب المطهر عذاب للنفس حيث يحرم من فيه من رؤية الله مدة محددة قبل الدخول للسماء ونستطيع ان نقول ان المطهر عذاب مؤقت للنفس بينما جهنم عذاب مؤبد. ان بعض المسيحيين يشككون لا بل يطعنون بالصلاة من اجل الموتى ويقولون انها لا تفيدهم، ونحن نقول انه لا يحق لاي انسان ان يطفئ الايمان في قلوب اناس متالمين هم احوج الناس الى مثل هذا الايمان في شدتهم، لا سيما وان الصلاة تعزي المؤمن في ساعة الشدة وتذكره بمصير موتاه الابرار الا وهو القيامة مع المسيح حتى لا يحزن ولا ييأس عند موت عزيز عليه كما يفعل الوثنيون، كما انهم لا يرون جدوى من الصلاة من اجل الميت ويشبهون ذلك بالشمعة المضاءة خلف الانسان لا يستفيد منها، ونحن نقول ان الصلاة التي يرفعها الانسان من اجل موتاه في اي وقت هي حاضرة امام الله ساعة الموت فينظر اليها بعين الاعتبار وما هو مستحيل بنظرنا هو ليس بمستحيل عند الله الذي اقام اليعازر بعد ان امضى اربعة ايام في القبر حيث نرى ان مرتا قد فقدت الامل مثل هؤلاء الناس حيث قالت ليسوع يا رب لقد انتن فهذا يومه الرابع وكانها بذلك تريد ان تقول ليسوع قد تأخرت وفات الاوان ولكن يسوع اقام اخاها. فعلينا نحن قياماً بواجب الرحمة وعرفان الجميل والعدل أيضاً أن نرفع الصلوات ونقدّم القداديس ونصنع الحسنات من أجل مساعدة النفوس المطهرية، لأنّهم أخوتنا بالمسيح، ولا سيما إذا كانوا من اقربائنا والمحسنين إلينا. فإنّهم من اعماق مطهرهم يصرخون نحونا: “ارحمونا ارحمونا” انتم يا أخلاءَنا فانّ يد الله قد مستنا” و “طوبى للرحماء فإنّهم يُرحمون”، فلينفذ صوت صراخهم هذا آذاننا وأعماق قلوبنا لنُسرع إلى نجدتهم. اخذين بالاعتبار ان الرب حنان رحيم ودود ومحب وحليم، ولم يعاملنا بحسب خطايانا، ولم يجازنا بقدر اثامنا، لنصلي ونذكر موتانا وجميع احبائنا الذين رحلوا عن هذا العالم وفي قلوبهم رجاء لكي يكتب لهم الرب برجائهم الحياة وبصلاتنا النجاة رحمة لذواتهم وخاتمة لعذاباتهم، كما ان الكنيسة المنتصرة في السماء والقديسين وعلى راسهم سيدتنا مريم العذراء يستطيعون مساعدة تلك النفوس. ليشرق عليهم يا رب نورك الأزلي، مع القديسين إلى الأبد فإنك أنت الرؤوف. الراحة الدائمة أعطهم، يا رب، والنّور الدائم فليضئ له، وليكن ايماننا إن موت الأبرار هو دخول في السلام وفي الراحة الأبدية وفي النور. وان نرى في الموت ربحاً ما دام المسيح حياتنا، واننا نرغب في أن ننطلق لنكون مع المسيح، الذي بموته وقيامته تغيرت المفاهيم عن الموت، فالمسيح المنتصر يضيء من الآن فصاعداً الشعب الجالس في ظلال الموت، فقد حررنا من شريعة الخطيئة والموت، التي كنا مستعبدين لها حتى ذلك الزمان، فبعد أن كان الموت مصيراً مقلقاً، أضحى الموت موضوع تطويب: “طوبى للأموات الذين يموتون في رضا الرب”، فليستريحوا منذ اليوم الأول من المتاعب، ولننتظر مجيء المخلص يسوع المسيح الذي يبدل جسدنا الحقير فيجعله على صورة جسده المجيد فننتصر بذلك على الموت وندخل مجد السماء وندرك التمتع بالخالق الفادي، آمين. |
|