رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الانسان مخلوق سماوى منذ خلقه:الانبا يؤانس اسقف الغربيه المتنيح ينفرد الانسان بين سائر الكائنات الاخرى بانه هو الكائن الوحيد القائم باتحاد الروح والجسد معا فبدون الجسد يصيح الانسان روحا خالصا وينتمى تبعا لذلك الى عالم الارواح وهذا هو مصير الذين ينتقلون الى العالم الاخر كما انه بدون روح لا يصير انسانا بل يتحول الىمجرد جسد كالحيوان سواء بسواء ونحن تنعلم ان الجسد اخذ من التراب امال الروح فنفخه من الله وهذا هو السبب فيما نلمسه دائما من ا لتعارض بين عنصرى الانسان : الروح والجسد وما يترتب على ذلك من صراع بين ميوله واهوائه كنتيجة حتميه لهذا الاذدواج فى تركيبه( الجسد يشتهى ضدالروح والروح يشتهى ضد الجسد الروح جوهرسماوى اما الجسد فجوهر ترابى وهذان الجوهران يفترقان بالموت لكنهما يعودان الى ارتباطهما عند القيامه العامة بعد ان يكتسب الجسد خواص جديدة ويظلا كذلك الى الابد ) وهوما ستعرض له فى الموضوع الخامس من دراستنا هذه ان شاء الله ) هذه الحقائق نعرفها من قصة الخلق التى كتبها موسى النبى فى سفر التكوين ( وجعل الرب ادم ترابا من الارض نفخ فى انفه نسمه حياة فصار ادم نفسا حيه وغرس الرب الاله جنه فى عن شرقا ووضع هناك ادم الذى جبله _ واخذ الرب الاله ادم ووضعه فىجنه عدن ليعملها ويحفظه) ( تكوين 2 : 7, 8, 15 ) ومن هذه النصوص يتضح لنا ان الانسان مخلوق سماوى حتى ولو كان فى كوينه جوهرترابى فالسماء بالنسبه للانسان هى الاول والاخر , البداية والنهايةو هى وطنه الاصلى ومستقره فى النهاية و فباية الانسان كانت يوم حلق فى السماء وسوف تكون نهايته حينما يعود اليها ( ما الحلم الذى اعلن ليعقوب من بيت يل والسلم المصوبة على الارض وراسها يمس السماء وملائكة الله صاعدة ونازله عليها والرب واقف عليها ( تكوين28: 10 , 17 ) ماهذا الا تشيد لحقيقة الانسان وصلته بالسماء , هذه الحقيقة التى صارت فى اوضح صورة فى شخص المسيح مخلصنا الذى قال لنثنائيل حين شهد له بانه ابن الله : ( الحق الحق اقول لكم , من الان ترون السماء مفتحه , ملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن الانسان)( يوحنا 1 : 47 , 51 ) _ لقد اغلقت السماء فى وجه الانسان بعد المعصية الاولى . لكنها تعود وتفتح امام الانسان مرة ثانية بعمل المسيح الخلاصى بموته الذى به صالح الانسان مع الله .... 2 _ فى غربته : الانسان موجودعلى الارض فى فترة غربة والارض ليست وطننا لكننا غرباء فيها و هذا الشعور العميق بالغربة متاصل فى البشر منذ البداية .. ليعقوب اب الاباء حينما مثل امام فرعون مصر ساله : ( كم هى ايام سنى حياتك؟ ) اجاب يعقوب مستدركا : ( ايام سنى غربتى مائة وثلاثون سنه قليله وردية... ولم تبلغ الى ايام سنى حياة ابائى فى ايام غربتهم ) ( تكوين : 47 : 8 , 9 ) وداود العملاق فى الروح طالما نسمعه يتذلل بانسحاق فى خوف وفى حب امام الله ويقول : ( غريب انا فى الارض , فلا تخف عنى وصاياك )( مزمور 119: 19 ), ويقول ايضا : اسمع صلاتى يارب واصغى الى صراخى , لا تسكت عن دموعى لانى انا غريب عندك , تزيل مثل جميع ابائى ( مزمور 39 :12 )هذا ما عبر عنه رجال الله فى العهد القديم . فاذا ما انتقلنا الى العهد الجديد نجد بولس الرسول يؤكد موضوع غربة الانسان فى العالم فى اكثر من موضع فى رسالته ففى رسالته الى العبرانين بعد ان عدد اسماء بعض ابرار العهد القديم يقول فى الايمان مات هؤلاء اجمعون وهم لم ينالوا المواعيد بل من يعيد نظروها وصدقوها وحيوها و واقروا بانهم غرباء ونزلاء على الارض ) ( عبرانين 11: 13 ) ويكتب الى الكورنثيين : ( فاذا نحن واثقون كل حين وعالمون اننا ونحن مستوطنون فى الجسد فنحن متغربون عن الرب .... فنثق ونسر بالاولى ان نتغرب عن الجسد ونستوطن عند الرب )( كولرنثوس الثانيه 5 :6 , 8 ) والقديس بطرٍس الرسول انفذ رسالته الاولى الى ( المتغربين من شتات بنتس وغلاطيه وكيدوكية واسيا وبيثينية ) وينصحهم قائلا لهم :ايها الاحياء اطلب اليكم كغرباء ونزلاء ان متنعوا عن الشهوات الجسدية التى تحارب النفس ( بطرس الاولى 1: 1 ,2 ,11 ), ولقد جاهد اباؤنا القديسون فى تعميقالشعور بالغربة الامر الذى اعطهم دفعات قوية فى حياتهم الروحية فقد عاشوا بالجسد على الارض وكانهم بلا جسد كارواح فى السماء ..... اضف الى هذا ان الاحساس القوى العميق بالغربة يقود الانسان الى اختيار الاحساس بالموت عن العالم والى حياة التجرد والمسكنة ويباعد بينه وبين سقطات ادانة الاخرين , يوضح الامر للتعبير العامى الذى يصف به البعض الانسان المتدين و فقول عنه بانه شخص : خين نيفاوى وربما يقال هذا الوصف فى صورة مزاح او سخرية ,,,, لكن هذه الكلمة فى اللغة القبطية "خين نيفيؤوى "ومعناها (من السماء ) اى (سماوى )فيا ليتنا جميعا نكون ( خين نيفاوى ) اى من السماء انه تعبير جامع اطلق على ابائنا القديسين . 3 _ فى مظاهر اتصاله بالسماء : ولكون الانسان مخلوق سماوى فهو دائم الاتصال بالسماء ومبعث ذلك بلا شك ان رجاءه فى السماء الامر الذى لاجله يقول القديس بولس نشكر الله وابا ربنا يسوع المسيح كل حين مصلين لا جلكم اذ سمعنا ايمانكم بالمسيح يسوع ومحبتكم لجميع القديسين من أجل الرجاء الموضوع لكم فى السموات) (كولوسى1 :3_5 ) ,ونستطيع أن نتبين دوام هذا الاتصال فى ألاربع نقاط : الاشواق , الصلوات , التقدمات , التشفع بالملائكة والقديسين ورفع الصلوات لاجل البشر المنتلين . ا_ الاشواق : ان السماء كفكرة ليست غريبة عن الانسان حتى لو لم يعبر عنها لسانه اذهى منغرسة فى أعماقه وتشده دائما اليها وهذا ما حث بالقديس بولس الى القول : بان سيرتنا نحن فى السموات التى منها ايضا ننتظر مخلصا هو الرب يسوع المسيح ( فيلبى 3 :20) ويحث المؤمنين فى موضع اخر قائلا ( اطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله اهتموا بما فوق لا بما على الارض ) (كولوسى 3 :1 ,2 )وداودالنبى رجل البرارة والصلاة يبث الله أشواقه ويقول :" كما يشتاق الابل الى جداول المياه هكذا تشتاق نفسى اليك يالله عطشت نفسى الى الله الاله الحى متى أجىء وأتراءى قدام الله " (مزمور42 :1 , 2 ) ماهذه الروعه فى التعبير عن الشوق (متى أجىء و اتراءى قدام الله ) متى أراك يارب والتقى بك وامثل فى حضرتك ؟! فالانسان بفطرته اشواقه كلها فى السماءاننا نحتاج ان نفهم مسيحيتنا بالروح وليس بعقولنا فأرواحنا تستطيع أن تتعانق وتتلامس مع الله بل تستطيع حتى ان تحتضنه وتقبله ( ليقبلنى بقبلات فمه ) ( نشيد 1: 2 ). هذه الاشواق متاصله فى قلب الانسان وهذا ما يفسر عشق القديسين وحبهم العظيم لربنا ومخلصنا يسوع المسيح, نحن نسمع من وقت لاخر عن انسان ترك العالم وذهب الى احد الاديرة وتوحد فى مغارة مثلا وهنا يترض بعض المتشككين البعيدين عن الايمان السليم مسفهين هذا التصرف محاولين التهكم بقولهم ان كثرة الصلاة تورث الجنون لكن امثال هؤلاء الناس مساكين لانهم لم يلمسوا بقلوبهم اعماق المحبة الحقيقية نحو ربنا والاشواق الداخلية نحوه ومن ثم فهم لا يستطيعون ان يدركوا عمق الدوافع الروحية التى حملت أوليك الذين أحبوا الله اكثر من ذواتهم الى ترك العالم وكل ما فيه . وبالتالى لا يستطيعون ان يجدوا سببا او تفسيرا لكثير من مظاهر حياتهم الكنيسية. تصوروا اشواق الام الى ابنها او ابنتها المسافرة . تصوروا اشواق الاب الى اولاده البعيدين عنه , انه مع الام يرددان دائما عبارات اشوق والحنين لأولادهما . فاذا كان هذا هو مظهر الحب البشرى فى اطهر صوره , فلماذا نتشكك فى اسمى حب وهو حب القديسين لله واشواقهم نحوه ؟! ب - الصلوات : هى تعبير عن حب الانسان واشواقه الى الله . بيها نتجه الى الله الحى فى السماء نبثه شكوانا وهمومنا ومتاعبنا ونقر امامه بضعفاتنا نقدم له حبنا نعبر له عن لوعتنا ونكشف عن شجوننا واشواقنا . والكتاب المقدس يقدم لنا الصلاة: دعامه كبرى فى حياة الانسان المتغرب فى الارض. وما اكثر ماقاله السيد المسيح ورجال الله القديسون عنها ... كل القديسين اتجهوا الى السماء بالصلاة (اليك رفعت عينى ياساكن السماء ...) . ما اروع التشبيه الذى قدمه المسيح عن المجد الابدى الذىانتظر المؤمنين . انهم مدعوون الى عرس مثل العشر عذارى ( متى 25 ) .والرسول بولس يقول للمؤمنين خطبتكم لرجل واحد لأقدم عذراء عفيفة للمسيح )(كرونثوس الثانيه 11: 2)... اين هو هذا الخطيب الواحد الذى خطبت له نفوسنا ؟ هو فى السماء ... !! ج - الصدقات والتقديمات : والصدقات والتقديمات فى المسيحية لها مفهوم يؤكد كون الانسان مخلوق سماوى . قال المسيح له المجد لاتكنزوا لكم كنوزا على الارض حيث يفسد السوس والصدأ وحيث ينقب السارقون ويسرقون بل اكنزوا لكم كنوزا فى السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدأ وحيث لا ينقب السارقون ولا يسرقون ... )( متى 6 : 19 .20 ) . معنا هذا ان صندوق التوفير الخاص بنا فى السماء حيث يوجد اعظم واكبر البنوك التى تحفظ ودائعنا وتجزل لنا الفوائد والارباح . وبنك السماء هو بنك مضمون لان المسيح هو ضامن البنك فعلينا ان نضع كنوزنا فى بنك السماء وهكذا بكلامه حقيقه كون الانسان مخلوق سماوى يقف على الارض ,ويديه تدركان السماء .وبهذا يستطيع ان يدخر مدخراته فى صندوق التوفير الذى فى السماء .هذا الصندوق له مفتاح فى يد كل عميل فى هذا البنك. ولذا وهو يحثنا على مساعده الاخوه المحتاجين يقول فى مثل وكيل الظلم : ( وانا اقول لكم اصنعوا لكم اصدقاء من مال الظلم حتى اذا فينيتوا يقبلونكم فى المظال الابدية )(لوقا 16 : 9 ) . كل هذا يؤكد الرابطة العجيبة بين الانسان وبين السماء .فكل من يعطى صدقه الى محتاج هو انسان يمسك السماء بيدة وهو على الارض !! د- التشفع بالملائكة والقديسين,وأقامة الصلاة لأجل المنتقلين: لا نود فى هذا المقام أن نعرض للأثباتات الكتابية والعقائدية التى تثبت هذة الشفاعة وفاعليتها...سوف لا نبحث الموضوع من هذة الزاوية ... نحن نرى ونسمع كل يوم المعجزات التى تحدث أكراما للشهداء والقديسين . ولا عجب فهناك شركة عامة بين الحياة علىالأرض والمنتقلين فى السماء وعلى رأسهم القديسين والشهداء .شركة كاملة . فنحن نتشفع بهم ونتصل بهم- بطرق ووسائل شتى - ونتلقى على أثر ذلك معونتهم لنا . زار أديرة وادى النطرون منذ بضع سنوات أستاذ للفلسفة بأحدى جامعات بأمريكا . وهو فى نفس الوقت رائد لجماعة دينية كبيرة هناك . وقد كنت أرافقة فى زيارتة و أبدى اعجابة بحياة السكون التى يحياها رهبان الصحراء ... وفجاة سألنى هل يوجد لديكم تليفون بالدير . فقلت لة ( نعم , لدينا تليفون لكنة يتصل فقط مباشرة بالسماء ). فسر جدا بهذة الاجابة , وبعد عودتة الى أمريكا أرسل لى خطابا سجل فية أعجابة بحياة الوحدة فى البرية ,ولم ينسى أن يدون ذكرياتة عن هذا التليفون الرائع العجيب الذى يتصل مباشرة بالسماء !! ان الأتصال بالسماء ومن فيها سهل وميسور . وما عليك الا أن تنادى القديس : يا ست ياعذا , يا أم النور , يا ملاك ميخائيل , يا مارجرجس, يا الخ.وفى التو واللحظة يصل نداؤنا الى أسماعهم ويهبون لنجدتنا . ولو كنا نحتمل رؤية مناظرهم السمائية البهية دون خوف لرأيناهم بعيوننا المادية , ولكنها هى رأفة ألهنا أنة يحجب مناظرهم عنا لأنة يعرف ضعفنا وعدم أستطاعتنا رؤية السماويات . ولو كان فى مقدورنا أن نرى الملائكة السمائيين مثلا دون خوف أو فزع أو أثار عكسية لسمح اللة لنا برؤيتهم ... وكنيستنا الأرثوذكسية تتشفع بالقديسين وتؤمن بفاعلية هذة الشفاعة . وهذا واضح فى صلواتها المختلفة , على وجة الخصوص فى تسابيحها . ففى ذكصولوجية باكر ( التى تتلى قبل رفع بخور باكر ) نهدى السلام للقديسين كل واحد بأسمة وكأننا نقول لهم صباح الخير ) (صباح الخير يا أم النور ...صباح الخير يا ملاك ميخائيل ... صباح الخير يا أنبا سلام ونعمة من ربنا يسوع المسيح ى ... ألخ) وهكذا نحن نعيش دائما مع سكان السماء نناديهم ونتصل دائما بهم . روى لى المتنيح المعلم ميخائل جرجس كبير مرتلى الكنيسة المرقسية القصة التالية , قال ( فى أحدى الأيام كنت أصلى فى الكنيسة المرقصية بشارع كلود بك بالقاهرة , وكنت لا أذال صغبرا فى السن . بينما كنت أسبح التسبحة بمفردى شعرت انه يوجد معى اناس يرابعون معى التسبحة فتنبهت وسألت من حولى عمن يرابع معى التسبحة فقالو لا يوجد أحد يا معلم . فأحسست ان القديسين يشتركون معى فى التسبحة ). وحدث أن مرتل اخر فى كنيسة على أسم الشهيد مارجرجس بأحدى قرى الوجة البحرى - وكان مبصرا - فى مكان يتلو التسبحة بمفردة . ولا أحد سواه فى الكنيسة - أنه كان يرى مارجرجس يرقص بحصانة فى قلب الكنيسة على أنغام الناقوس ... أنها شركة حية بيننا وبين سكان السماء . ولذا تعبر الكنيسة عن هذا المفهوم فى صلاة المجمع فى كل قداس فتقول لأن هذا يارب هو امر أبنك الوحيد أن نشترك فى تذكار قديسيك تفضل يارب أن تذكر جميع القديسين اللذين أرضوك منذ البدء ...) اما فى القداس الكيرلسى ففيه احساس عجيب وحلو بهذه الصلة المشتركة , ففى تواضع جم يقول الكاهن عقب مجمع القديسين : " وليس اننا نحن أيها السيد نستحق أن نشفع فى طوباوية اوليك و بل هم قيام امام منبر ابنك الوحيد . ليكونوا هم عوضا يشفعون عن مسكنتنا وضعفنا .كن غافرا لأثامنا لأجل طلباتهم المقدسة ولأجل اسمك المبارك الذى دعى علينا ".فالكنيسة تصلى دائما من اجل سكان السماء القديسين عرفانا ببذلهم وما ادوه للكنيسة والايمان المسيحى واعلانا وتاكيدا للعلاقة القائمة بين من هم على الارض وبين من رحلوا الى السماء..... 4 – لكونه له سلطان على السماء : ولكون الانسان مخلوق سماوى فانه له سلطان على السماء وهذا السلطان هو غير سلطان الكهنوت ... تصوروا معى أيها الاخوه ان الانسان – وهو على الارض – له سلطان على السماء . وهذا السلطان هو لكل مؤمن حقيقى ...! فيشوع بن نون تلميذ وخليفة موسى النبى فى قيادة الشعب استطاع بطلبه ان يوقف الشمس فى السماء , فلم تغرب نحو يوم كامل ( يشوع 10: 12 _ 13) .وايليا النبى استطاع ان يغلق السماء فلم تمطرثلاث سنين ونصف ثم عاد وفتحها بصلاته (ملوك لاول17 :1, يعقوب 5 : 17 , 18 ). هذا الطان انما هو ابات قاطع على أن الانسان مخلوق سماوى , والأما كان له سلطان على السماء أما الكهنه فانهم ينفردون بوضع خاص حينما اعطاهم المسيح_ فى شخص رسله القديسين وبحكم رسالتهم وخدمتهم _ سلطان الحل والربط فى السماءوعلى الارض " الحق أقول لكم كل ما تطلبونه على الارض محلولا فى السماء " ( متى 18 :18). وبعد أن اعترف بطرس بأن المسيح هو ابن الله الحى قال له : وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات...."( متى 16 :19) وبديهى أن هذا الامر لا ينفرد به بطرس وحده ولكنه للرسل جميعا ... ومهما يكن من أمر فالرسل هم أيضا بشر . فاذا كان سلام ونعمة من ربنا يسوع المسيحقد أعطاهم " مفاتيح ملكوت السموات " مزودا أياهم بسلطان , فهذابرهان أكيد على كون الانسان مخلوق سماوى . 5 – بيوت الله على الارض : دعونا نتامل هذا السر العظيم وهو كيف ان الله ساكن السماء اختارلذاته مسكنا على الارض !! الله ساكن السماء يسكن معنا فى بيت على الارض !! كانت البداية حينما قال الله لموسى النبى : " فيصنون (بنو اسرائيل ) لى مقدسا لاسكن فى وسطهم , (خروج 25:8). فخيمة الاجتماع ثم الهيكل كانا المانين اللذين سكن الله فيهما وسط بنى اسرائيل. وقد أكد هذا المعنى عندما أخرج الباعة من الهيكل وهو يقول: " بيتى بيت الصلاه يدعى"( مرقس 11: 17). وبولس الرسول يؤكد نفس المعنى حينما قال لتلميذه تيموثاوس : "هذا اكتبه اليك راجيا أن اتى اليك عن قريب ولكن ان كنت ابطىء فلكى تعلم كيف يجب أن تتصرف فى بيت الله الذى هو كنيسة الله الحى " ( تيموثاوس الاولى 3: 14) فالكنيسة هى بيت الله . وكما أن الله يسكن فى السماء من فوق فكذلك يسكن هنا على الارض فى الكنيسة حيث يلتقى به الانسان . 6 _ السماء المستقر الأخير للانسان : من أبرز العلامات على أن الانسان مخلوق سماوى حقيقة هامه وهى : اذا كان الانسان قد بدا حياته فى السماء حينما خلق , فسينتى اليها حتما ... هذه الحقيقة اعلنتها وكشفتها العديد من التعبيرات والتصريحات والأقوال الاليهة فى الكتاب المقدس رسالة الله للبشر . والسيد المسيح فى عظته الخالدة على الجبل و فيما يطوب المطرودين المضطهدين لأجله يقول " افرحوا وتهللوا لأن أجركم عظيمه فى السموات "(متى 5:12) فاذا انتقلنا الى شخصيةكبولس الرسول مثلا نجده يبرز هذه النقطة فيقول : " لأننا نعلم أنه ان نقض بيت خيمتنا الارضى فلنا فى السموات بناء من الله بيت غير مصنوع بيد ابدى .فاننا فى هذه أيضا نثن مشتاقين الى أن نلبس فوقها مسكننا الذى فى السماء : ( كورنثوس الثانية5 : 1 , 2 ). وفى رسالته الى العبرنين بعد ان يذكر بعض أبرز العهد القديم , وكيف أنهم تغربوا فى العالم يقول :" ولكن الان يبتغون وطننا افضل أى سماويا " ( عبرانين 11 :16) . وحينما يعالج قضية قيامة الراقدين المنتقلين يقول :وكما لبسنا صورة الترابى سنلبس أيضا صورة السماوى "( كورنثوس الاولى 15 : 49 ).واخيرا . عندما شعر ذلك الرسول العظيم بالموت يدنو منه كتب الى تليمذه تيموثاوس يقول :" وسينقذنى الرب من كل عمل ردىء ويخلصنى لملكوته السماوى "( تيموثاوس الثانية 4 : 8 ) . والكتاب المقدس زاخر بالايات التى توضح أن نهايتنا كلنا فى السماء و الامر الذى يؤكد بما لا يدع مجالأ للشك – ان الانسان مخلوق سماوى . ان كل الشواهد تؤكد أن الانسان مخلوق سماوى , وهذا هو سر أهتمامه بكل ما يتعلق بالسماء , لأنه يعرف يقينا أنها مصيره النهائى , فيرتبط بها فى حياته وبعد مماته . يقول القديس غريغوريوس الثيؤلوغوس ( التزيننزى ) : ( حينما اساهد عظمه السعادة التى يربحها الانسان بالموت , وتفاهه ما يخسره بفقدان الحياة , لا استطيع احتمال شوقى المضطرم الى السماء , فاهتف نحو الله قائلا : متى يالهى تنتشلنى من هذه الحياة وتسكنى وطنى العزيز ) !! السسيد المسيح فى تعليمه عن الانسان والسماء ان التأمل فى الأناجيل المقدسه يجدها زاخرة بتعبيرات كثيرة اوردها رب المجد تبيانا لصلة الانسان الصلية بالسماء , ولا عجب فالسيد المسيح هو اول من ربط الانسان بالله فى صورة قوية واضحة تنم عن الاصالة والحب . لقد دعا سلام ونعمة من ربنا يسوع المسيح ذاته ط ابن البشر وابن الانسان " بينما دعا البشر " أبناء الله " وبعبارة أخرى و لقد جعل الله ابا للبشر , هذه ثمرة مباشرة لسر التجسد الالهى وتعبر كنيسيتنا عن ذلك فى ثيؤطوكية يوم الجمعة فى التسبحة السنوية فتنقول عن المسيح : هو أخذ الذى لنا وأعطانا الذى له أى الجسد و وأعطانا الذى له و أى مشاركتنا علوا ) أخذ الذى لنا أى الجسد , واعطانا الذى له , اى مشاركتنا بطبعته الالهية ( بطرس الثانية : 1 : 4 ) . كان يحلو للمسيح استخدام تعبير " الاب السماوى , أبوكم السماوى و أبوكم الذى فى السموات . بلا شك تعبير عن الرابطة الوثيقة بيننا وبين الله ومن ناحية , وتمييز عن الابوة الجسدية الارضية من ناحية أخرى . ولعل سلام ونعمة من ربنا يسوع المسيح حينما قال : " لا تدعولكم ابا على الارض". انما كان يقصد ارتباطنا بالاب السماوى كعائل لنا . ما اكثر ما قاله المسيح عن تلك الابوة السماوية : " فانه ان غفرتم للناس زلاتهم يعفر لكم أيضا لأبوكم السماوى " ( متى 6 : 14 )....( انظروا الى طيور السماء انها لا تزرع ولا تحصدولا تجمع الى مخازن وابوكم السماوى يقوتها ( متى 6 : 26 ). ويعود ويفسر لنا ضرورة اعتمادنا على الاب السماوى فى جميع احتياجاتنا الجسدية فيقول : لأن أباكم السماوى يعلم أنكم تحتاجون الى هذه كلها "( متى 5 : 32 ) وهكذا يمكننا القول ان الانسان فى المسيحية وبها ينتقل من انسان جسدى الى انسان يعرف فى المسيح حقيقة وضعه وحقيقة ذاته انه مخلوق سماوى . تأموا هذا التغيير الجذرى العجيب الذى احدثته المسيحية 11 فقبل مجىء المسيح كان البشر كلهم فى نظر انفسهم هم مجرد عبيد لله , ولكننا فى المسيح ضرنا أبناء وورثه بل ووراثين مع المسيح ( غلاطية 4 : 7 ), ولاشك انه تغيير جوهرى !! لا تظنوا أن المسيحية هى مجرد رسالة تعليمية وحسب . لقد أحدثت المسيحية تغييرا عميقا لا تقتصرعلى مجرد اللفظ بل يتعداه الى الجوهر . ويكفى برهانا على صحة ذلك ان المسيح علمنا حينما نصلى ان نهتف " أبانا الذى فى السموات"( متى 6 : 9 ) ان هذه البنوة لله ليست مسأله ادبية أو شرفيه فقط , لكنها بنوة على مستوى الواقع , ينالها الانسان بالميلاد الثانى الذى هو المعمودية المقدسة ( يوحنا 3 : 3 _ 13 ) . وكما ان للمسيح ميلادين ثانيهما فىالزمان وأولهما قبل الزمان "المولود من الاب قبل كل الدهور " هكذا الانسان الذى أتى المسيح لخلاصه وبارك طبيعته باتحاد لاهوته بالناسوت الذى اخذه من العذراء اطاهرة مريم صار له هو الاخر ميلادان , ميلاد جسدى بالولادة الطبيعية وميلاد ثان روحى من الله والكنيسة حينما يولد من الماء والروح بالمعمودية المقدسة. لقد أوضح لنا له المجد علاقة الانسان بالسماء فى تلك الامثله الرائعة الخاصة بملكوت السموات والتى ضمنها متى الانجيلى الاصحاح الثالث عشر من بشارته ( أمثله الزارع والحنطة والزوان و وحبه لخردل والخيرة التى خباتها امراة فى ثلاثة اكيال دقيق , والكنزالمخفى فى حقل , والشبكة المطروحة فى البحر ). تلك الامثلة التى توضح علاقة الانسان _ وهو على الارض...بالسماء .. الحياة الحاضرة ليست سوى اعداد للحياة فى السماء واخيرا ايها الاخوة .... لنفهم الحكمة التى لاجلها أتينا الى عالمنا . انها فترة غربه وتدرب على مثال شعب الله الذى ظل يدربهم فى البرية مدة أربعين عاما قبل أن تطأ أقدامهم ارض الميعاد ..... ما اكثر أوجه الشبه بين تلك الفترة وغربة الانسان فى العالم حتى يصل الى أورشليم السمائية أمل كل مؤمن ,التى كانت اورشليم الارضية رمزا ومثالا لها , انها فترة نرسم فيها مستقبلنا الابدى . اننا – ونحن فى الارض_ نبنى مسكننا الذى سوف يكون لنا فى السماء ..... نبنيه بحياتنا وأعمالنا وسلوكنا وجهودنا ..... فماذا ينبغى علينا عمله وما هى نوعية الحياة التى نستأهل بها ذلك المجد العظيم الابدى ..... هذا ما سوف نعالجه فى الموضوعات القادمة . التعديل الأخير تم بواسطة Mary Naeem ; 12 - 02 - 2013 الساعة 06:52 PM |
|