رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أبينا الجليل في القديسين أمفيلوخيوس أسقف أيقونية(+ القرن4م) 23 تشرين الثاني شرقي (6 كانون الأول غربي) هو أحد أبرز الآباء الذين اشتركوا في المجمع المسكوني الثاني في القسطنطينية (381 م). وكان هذا المجمع قد دحض هرطقة مقدونيوس ناكر ألوهية الروح القدس، كما أنجز دستور الإيمان وجعله على الصورة التي نعرفها اليوم. كان أمفيلوخيوس قريباً من المعلمين الكبّادوكيين الكبار: باسيليوس الكبيروغريغوريوس اللاهوتي وغريغوريوس النيصصي. وخير صورة عنه نستقيها من رسائلهم. ولد في بلدة كبّادوكية اسمها قيصرية الثانية بين العامين 340 و345 للميلاد من عائلة أرستقراطية. القديس غريغوريوس اللاهوتي هو ابن عمته ومشيره ورفيق جهاده. تلقى من العلم نصيباً وافراً فدرس على المعلم الوثني المعروف ليبانيوس الأنطاكي وامتهن المحاماة في القسطنطينية ابتداء من العام 364 م. كمحام، امتاز أمفيلوخيوس بحكمته واستقامته، كما بمحبته ودماثته، وكان خطيباً مفوهاً. إحساسه بالظلم كان مرهفاً واندفاعه في طلب العدالة كان حماسياً جامحاً. كل ذلك هيأ له سبل النجاح والشهرة. فكان لا بد، في المقابل، من أن يتحرك الحسد في قلوب زملائه المتضررين، ضعفاء النفوس، فحاولوا الإساءة إليه واستغلال دفاعه عن مجرم متستر محتال لتشويه سمعته. وقد كان للقديس غريغوريوس اللاهوتيدور فاعل في خلاصه من ورطته. وعلى الأثر أصيب أمفيلوخيوس بصدمة وترك المهنة، كما بتدبير من الله، بعدما خبر استحالة إحقاق العدل بين الناس، وتحوّل، بتأثير من ابن عمته أيضاً، صوب العدالة الإلهية. انصرف إلى الإلهيات. كان قد مضى عليه في المحاماة ست سنوات. ومالت نفس أمفيلوخيوس إلى الحياة المسيحية الكاملة، فبدأ يحلم بالحياة النسكية في الصحراء هو وصديق له اسمه هيراكليدوس. ولكن، أثناه عن عزمه، جزئياً، وضع عائلي ضاغط فلازم البيت ليعنى بوالده العجوز المريض لأنه لم يكن ثمة من يهتم به غيره. في تلك الأثناء تعرف أمفيلوخيوس بالقديس باسيليوس الكبير، وكان بعد كاهناً، فأحبه وصار له صديقاً عزيزاً وتلميذاً. وأمفيلوخيوس هو من وجّه إلى القديس باسيليوس أهم رسائله. فكتابه عن الروح القدس مثلاً أهداه إليه. وعندنا منه أربع مجموعات من القوانين الكنسية كتبها لأمفيلوخيوس بشكل رسائل جواباً على أسئلة سبق لأمفيلوخيوس أن وجهها إليه. وحلّ العام 370 للميلاد وفيه صار القديس باسيليوس رئيساً لأساقفة قيصرية الكبّادوك، فبدأ أمفيلوخيوس يقلّل من زياراته لصديقه خشية أن يدعوه للخدمة الرعائية في الكنيسة. ولكن، فرغ في العام 374 للميلاد كرسي إيقونية التي هي مدينة في آسيا الصغرى وعاصمة مقاطعة ليكاونية الجديدة، فأراده القديس باسيليوس عليه فاعترض وحاول الهرب ثم رضخ. يذكر أن القديس باسيليوس، يومها، كان في مواجهة قاسية والفريق الآريوسي يدعمه الإمبراطور والنس الهرطوقي، وكان بحاجة ماسة إلى أساقفة مستقيمي الرأي يثق بهم. هذا وقد تبين، فيما بعد، أن اختيار باسيليوس لأمفيلوخيوس كان في محله. فلقد أثبت قديسنا أنه جدير بالمهمة الصعبة الموكلة إليه إذ أعاد النظام إلى أبرشيته وضبط أمورها. ولما كان ثابت الإيمان طاهر السيرة جريئاً مقداماً وصاحب مواهب خطابية وكتابية مميزة فإنه تصدى للهرطقة الآريوسية وسواها من الهرطقات الشائعة، آنذاك، بكل قوة وفعالية وتصميم. ولم يكف أمفيلوخيوس، يوماً، عن اعتبار باسيليوس معلماً له ومرشداً، وكان يعود إليه في دقائق العقيدة كمثل تلميذ يتسقّط من معلمه الجواب الأكيد. واستمر قديسنا في خط سيره هذا بعد وفاة القديس باسيليوس (+379) ليحارب بدعة مقدونيوس وأفنوميوس (أشدّ الآريوسيين تطرفاً) والمسّاليانيين الذين قالوا بأن من مفاعيل خطيئة آدم أن في كل إنسان شيطاناً لا يخرج بالمعمودية بل بالصلاة المركّزة المستمرة. وقد حضر أمفيلوخيوس المجمع المسكوني الثاني جنباًَ إلى جنب والقديسين غريغوريوس اللاهوتي وغريغوريوس النيصصي، كما ساهم في إعلان ألوهية الروح المقدس ووحدة جوهره مع الآب والابن. والمجامع المسكونية منذ المجمع المسكوني الثالث في أفسس (431) تتعاطى وكتاباته باعتباره سلطة آبائية مرموقة. وللدلالة على غيرة أمفيلوخيوس في وجه الآريوسية، يروي ثيودرويتوس أسقف قارة (393-466م)، في تاريخه، أنه طلب من الإمبراطور ثيودوسيوس الكبير أن يتشدّد في ملاحقة الآريوسيين الذين ما فتئوا يبثون سمومهم في المدن والقرى رغم قرارات المجمع بشأنهم. ولكن تبين أن الإمبراطور لم يكن متحمساً لذلك ما فيه الكفاية. لذا دخل أمفيلوخيوس عليه مرة ثانية وكان بجانبه ابنه أركاديوس بعدما ما جرى إعلانه إمبراطوراً بالمعيّة فدنا الأسقف من الإمبراطور ثيودوسيوس وحيّاه التحية المألوفة، أما أركاديوس فتجاهله كأنه غير موجود. فلما رأى ثيودوسيوس ذلك غضب واعتبر الأمر مهيناً له ولابنه. فقال له أمفيلوخيوس: "أترى يا جلالة الإمبراطور، وأنت ملك الأرض، كيف أنك لا تحتمل أن يحتقر أحد ابنك فتغضب وتعتبر الإساءة إليك، فكم بالأحرى يرذل الله، وهو الملك والأب، أولئك الذين يجدفون على ابنه ويقولون أنه دونه منزلة!" فتنبّه ثيودوسيوس للأمر وعمل منذ ذلك الحين على منع الآريوسيين من الاجتماع وبدّد شملهم. وعاش القديس أمفيلوخيوس حتى أواخر القرن الرابع للميلاد. آخر ذكر له ورد في مناسبة المجمع الذي انعقد في مدينة القسطنطينية سنة 394م وعرض لشؤون أبرشية بصرى في بلاد حوران. رقد بسلام في الرب بعدما وطّد استقامة الرأي وحب الفضيلة في شعبه مخلفاً مواعظ وشعراً وكتابات قيمة لم يبق إلا قليلها. التعديل الأخير تم بواسطة Mary Naeem ; 10 - 01 - 2017 الساعة 01:47 PM |
|