هذا هو سبب قلق الناس في عصرنا الحاضر، ففي قلوب البشر جوع، لن يسده أو يشبعه سوى الله نفسه، وفي نفوسهم فراغ لن يملآه إلا الله وحده، ولعلنا نرى الدلائل التي تنبئ عن شدة قلق الإنسان، وافتقاره إلى عنصر الرضى والاكتفاء، فيما نراه بين سعي متواصل جرياً وراء الأخبار المثيرة العاطفية في الصحف، أو القصص الغرامية المتطرفة، أو الحوادث الإجرامية في دور السينما، أو في أعمدة التلفزيون المرتفعة إلى السماء وغيرها..وقد يكون بعض هذه الأشياء بريئاً في ذاته، لكنّ الخطر هو الإسراف والمبالغة في تقدير أهميتها، عند الملايين من البشر، يقلل من شعور الإنسان بعطشه نحو الله، وبانفصاله عنه تعالى، ولعل القديس أوغسطينوس كان على حق، في كلماته التي بدأ بها اعترافاته، وأكثر من تكرارها بين الفينة والفينة وهي: "لقد خلقتنا لنفسك، وستظل قلوبنا قلقة حتى تستريح في شخصك".
يا له من موقف مفجع ومؤلم للغاية! لأن الإنسان لم يصب الهدف ولم يحقق المصير، الذي خلقه الله لأجله.