رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يأتى عيد النيروز فى كل عام فى موعده مرتبطاً بطبيعة هذه الأرض الطيبة فى هذا الفصل من النماء والحصاد، ففيه يأتى النيل، وتنضج ثمار النخيل وزهور الحقول ... ويأتى هذا التوافق العجيب بين بدء العام القبطى وأزدهار الموسم ... علامة رضاء من السماء أو هى تحية لأرواح الشهداء. إن الإستشهاد هو التضحية بالنفس من أجل المبادئ السامية، فكم وكم تكون قيمة الإستشهاد إن كان من أجل العقيدة الإيمانية، ولم تكن هذه التضحية أمراً هيناً على النفس البشرية، ولكن شهداء القبط بذلوها طواعية وبنفس راضية ومحبة كاملة ورجاء ثابت لا يخزي، فلم يكن إيمانهم فى لحظة من اللحظات مبنياً على رياء لكنه كان بيقين كامل. .......................................... التقويم القبطى امتداد للسنة المصرية القديمة رأس السنة القبطية أمتداد لرأس السنة المصرية القديمة التى عرفها المصريون منذ أكثر من 7000 سنة، إذ جعلها العلاّمة الفلكى «توت» متفقة مع بدء فيضان النيل، ويُعتقد أن «توت» ينتمى إلى مدينة الأشمونين بصعيد مصر بالقرب من ملوي، وقد أطلق المصريون اسمه على الشهر الأول، وهو «شهر توت» وما زالت هذه الشهور القبطية أو المصرية القديمة هى التى يعتمد عليها الزارع فى وادى النيل فى مواعيد الزرع والحصاد. لقد وضع العلاّمة «توت» نظام التوقيت على أساس اليوم الذى تظهر فيه الشمس مقارنة لنجم يبدو صغيراً وهو يوم «أقتران الشمس بنجم الشعرى اليمانية»، ويقول هيرودوت (484 – 406 ق.م.) – أب التاريخ – إن المصريين أول من وضعوا حساب السنة فقسموها إلى أثنى عشر شهراً حسب ما كان لهم من معرفة ونبوغ بعلوم الفلك وتحركات النجوم، فكانوا بذلك أصدق من الأغريق وأغزر علماً فى الأمور الفلكية. قصة النيروز قصة النيروز تبدأ بالشجاعة النادرة، والوطنية الصادقة، والبطولة المذهلة، حينما واجه القبط عاصفة الأضطهاد التى شنها عليهم الرومان الوثنيون فى القرون الميلادية الأولي، بعد أنتشار الديانة المسيحية فى مصر على يد القديس مرقس الذى حضر إلى مدينة الإسكندرية فى عام 64م وأخذ يجول فى شوارعها حتى أستشهد فى 8 مايو 68م ومن هنا كانت كرامة مدينة الإسكندرية والتى على أثرها أصبح أسقف الإسكندرية الذى يتم أختياره من الرهبان يأخذ لقب «بابا وبطريرك». بلغ الأضطهاد شدته فى عهد الأمبراطور «دقلديانوس» الذى حكم فى الفترة (284 – 305م) وكان عدد القبط فى عهده لا يقل عن 20 مليوناً، أستشهد منهم نحو المليون!! ولعنف الأضطهاد، وكثرة عدد الشهداء، أقام الأقباط نصباً تذكارياً ليخلد ذكرى الإستشهاد فأطلقوا على عصر الأمبراطور دقلديانوس «عصر الشهداء» وبدأوا تقويمهم القبطى بالسنة الأولى التى تولى فيها الحكم وهى سنة 284م، وأطلقوا على كنيستهم اسم «كنيسة الشهداء»، فتغنى شباب وأطفال الكنيسة القبطية بقولهم: (أم الشهداء جميلة ... أم الشرفاء نبيلة ... عبرت بحر الآلامات ... حفظت بدماها الحق قويم) ومازال هذا النشيد الكنسى يردده الأطفال مع الشباب مع الشيوخ أعتزازاً بأمجاد كنيستهم الخالدة، ومن شدة أعجاب المؤرخين الأجانب بصلابة الشعب القبطى وقوة ايمانه بعقيدته، قالت المؤرخة الأنجليزية «بوتشر» كلمتها المأثورة: (لو تزحزح الهرم الأكبر عن مكانه، لن يتخلى القبطى عن إيمانه). ومن هنا فإنه فى كل عام يحتفل القبط بعيد النيروز برأس سنتهم القبطية فى 11 سبتمبر (أو 12 سبتمبر فى السنة الكبيسة) أنما يعيدوا ذكرى شهدائهم الأمجاد، والذكرى تنفع المؤمنين. ويشهد التاريخ أن الأقباط على مر العصور كان رؤسائهم يتسابقون إلى الإستشهاد ويهربون من الكرامة والكراسى الرئاسية، فسجلوا تاريخاً مشرفاً لكنيستهم المجيدة. فالأسقف الذى يشتهى كرامة الرئاسة لا يقبل الإستشهاد، والكاهن المُحب للمال لا يقبل الإستشهاد، والشاب المرتبط بأمور العالم وشهواته لا يقبل الإستشهاد. الإستشهاد يقبله من وضع فى نفسه حكم الموت الأرادى اليومي. ليت التاريخ يعود!! كلمة «نيروز» يقول البعض أن كلمة «نيروز» كلمة فارسية معناها أول العام، أو السنة الجديدة، وأنها استُعملت فى مصر بعد دخول العرب. بينما يرى البعض أن أصلها كلمة قبطية يرجع إلى كلمة «نيارؤ» بمعنى نهر المرتبطة بكلمة «إزمو» أى يبارك. فهى مشتقة من دعاء رددته المعابد المصرية منذ الأزمنة القديمة والمسيحية، أن يبارك الله نهر النيل ويجعل من مياهه خيراً ونعمة. ولازالت الكنيسة القبطية الوطنية تصلى بطلبة خاصة بنهر النيل فى القداسات التى تقيمها يومياً بجميع الأديرة والكنائس. وواضح أن المعنى القبطى هو الأصل ويبدو أنه أنتقل إلى الفُرس ثم عاد من جديد ليدخل فى صميم التقاليد المصرية فى العصر المسيحي. لماذا أضطهد الرومان المسيحيين المصريين؟ لقد وجد المصريون المسيحيون فى الديانة الجديدة مجالاً يتنفسون فيه عما نزل بهم من ضيق وظلم، وإرهاق وتعسف تحت الحكم الروماني. فقد نظر الرومان إلى مصر على أنها المزرعة التى يجب أن تغذى روما وترسل لها أحتياجاتها من القمح، فحرموا المصريين من قوتهم الضروري، وفرضوا عليهم الضرائب الكثيرة، وأجبروهم على العمل كأجراء دون مكافأة. وبينما الأمور تسير على هذه الحال إذ بالقديس مرقس يصل إلى الإسكندرية حاملاً معه البشارة المفرحة أى «الأنجيل» داعياً للمحبة والسلام. وسارع المصريون إلى الأيمان بالدعوة الجديدة وخاصة بعد أن وجدوا أن هناك نقط التقاء كثيرة بينها وبين عقائدهم المصرية القديمة التى آمن بها المصرى القديم وعاش عليها طوال حياته بأمانة كاملة وأهمها الروحانية السامية، وأنكار الذات، والهروب من الكرامة، والتسامى عن الدنيويات، وتهيئة كل نواحى السلوك للأستعداد للحياة الأخري، بالأضافة إلى المسح بالماء المقدس، والتكريس بالزيت المقدس، واستخدام علامة الصليب التى شابهت علامة «عنخ» وبالقبطية «أونخ» رمز الحياة عند المصريين القدماء. وهكذا أستطاع أقباط مصر الحكماء أن يحولو ذكرى الأستشهاد إلى ذكرى طيبة لمواصلة الحياة على الأرض بكل طهارة ونقاء وبر. مراحل اضطهاد الرومان للمسيحية بدأ اضطهاد المسيحية يأخذ شكله العنيف على عهد الامبراطور تراجان (98 – 117م) حيث أمر بمنع اجتماعات المسيحيين حتى أُطلق على هذه الفترة اسم «مسيحية تحت الأرض» إذ كان المسيحيون يقيمون كنائسهم فى كهوف الأرض ليقيموا صلواتهم سراً فقد كان من يُقبض عليه يُلقى للوحوش. وفى هذه الفترة نشأت الرموز المسيحية ومن أهمها «السمكة» التى ترمز للمسيحية. مع نهاية القرن الثانى جاء أضطهاد الأمبراطور ماركوس أوريليوس (161 – 182م) الذى أهتم بالقبض على رؤساء الكنيسة لتشتيتهم إذ كانت المسيحية قد أنتشرت بشكل ظاهر، وفى مصر بصفة خاصة كانت قد وصلت إلى الصعيد وبدأت تنفذ إلى كل مدينة وقرية. ثم شن سبتيموس سيفيروس (أو ساويرس) (193 – 211م) الذى حضر بنفسه إلى الإسكندرية اضطهاد عنيفاً إذ أمر بهدم الكنائس، وأقام معبداً ضخماً لأصنامه، ورغم ذلك فقد كان من شهداء هذه الفترة الحاكم الرومانى فيليب الذى أعتنق المسيحية هو وأسرته ولاقى الموت مستشهداً فى سبيلها. فى منتصف القرن الثالث وبالتحديد عام 249م أمر الأمبراطور ديكيوس (249 – 251م) أوامره لمحو المسيحية فوضع مرسوماً يمنح بمقتضاه شهادة لكل من يقدم قرابين وذبائح للأوثان، أما من يرفض الأمر فيتم تسليمه للتعذيب. وفى شجاعة معهودة واجه كثيرون من المسيحيين يتقدمهم الأساقفة الأتقياء الشجعان الذين كانوا فى ذلك الوقت قدوة طيبة لشعبهم، واحتملوا العذاب والألم فى ثبات عجيب، فكان على رأسهم البابا ديونيسيوس البطريرك 14 الذى تم إبعاده إلى تابوزيرس الواقعة غرب الإسكندرية والمعروف بدير الزجاج. فأنتهز هذا البطريرك المبارك هذه الفرصة وكتب مؤلفه المعروف عن « الإستشهاد» إذ لم يكن الإستشهاد عند هؤلاء الآباء الأتقياء مجرد عظات بل كان حياة يعيشونها ويمارسونها يومياً. بعد ذلك تم نفيه إلى ليبيا فأخذ يبشر هناك بالمسيحية. هذا البطريرك العظيم أطلق عليه البابا أثناسيوس الرسولى البطريرك 20 لقب «معلم الكنيسة الأرثوذكسية». كذلك أستشهد الأسقف «فابيان» أسقف روما، ولعنف الاضطهاد كان قبول وظيفة الأسقفية معناه التقدم للموت. قام المصريون بالمطالبة بحريتهم الدينية وضحوا بكل شئ من أجل المحافظة على إيمانهم، وأستشهد منهم الألوف، وقد سالت دماء معظم هؤلاء الشهداء على أرض الإسكندرية ومدينة أنطينوى (حالياً الشيخ عبادة) بجوار ملوي. ونظراً لجفاف الأرض فى الوجه القبلي، فإن قطع النسيج القبطى الشهيرة فى متاحف العالم أُخذت من أكفان الشهداء فى تلك المنطقة. بفضل هذه الأضطهادات أضاءت كنيسة الإسكندرية فى التاريخ بمجد لا يبارى حتى أنها أخذت اسماً متميزاً بين كنائس العالم وهو «كنيسة الشهداء». أضطهاد دقلديانوس وبدء التقويم القبطي مع نهاية القرن الثالث الميلادى تولى دقلديانوس (284 – 305م) الحكم فوجه اضطهاده إلى حرق كتب الكنيسة، وطرد الموظفين المسيحيين من وظائفهم، والقبض على الأساقفة، والزج بهم فى السجون، وأستشهد فى هذا الأضطهاد ما يقرب من المليون من المسيحيين المصريين. لقد عانى القبط من الأضطهاد الشئ الكثير ما يزيد عن 200 سنة، فأطلقوا على عصر دقلديانوس عصر الشهداء، وجعلوا من تاريخ بدء حكمه بداية التقويم القبطى أو تقويم الشهداء الذى يبدأ بشهر «توت». كان من بطاركة عصر دقلديانوس البابا بطرس البطريرك 17 المعروف باسم «خاتم الشهداء»، فكان يطوف بنفسه بلاد كرازته مثبتاً شعبه فى الأيمان، حاثاً إياهم على مواجهة الموت بقوة وبأس. بالحقيقة كانوا يدركون معنى ومغزى الأسقفية، فلم تكن جاهاً ولا سلطة ولا عنف فى المعاملة بل قدوة حسنة من أجل الحياة الصالحة النقية والأستعداد لقبول الأستشهاد بفرح ورضى وسرور. مظاهر أحتفال المصريين برأس السنة المصرية من مظاهر الأحتفال برأس السنة (أو أكليل السنة) كما يُسمى فى اللغة المصرية أو المعروف حالياً بعيد النيروز – أن الملك أو من ينوب عنه كان يتصدر هذه الأحتفالات، ليس فقط لأنه كان عيداً قومياً أصيلاً يشترك فيه الجميع، ولكن أيضاً لأن كهنة مصر القديمة قد ألبسوه حُلة دينية بتأليههم «توت»، ثم بتأليه النيل الذى يفيض على مصر بالخيرات والوجود بالأضافة إلى أنه هيأ للمدنية أن تظهر لأول مرة على وجه الأرض. لذلك شيدوا معابد خاصة لهذا الأحتفال، ومن أشهر هذه المعابد التى مازالت باقية حتى الآن كوثيقة تاريخية تشهد بروعة هذا الأحتفال معبد «دندرة» الذى شرع فى إقامته بطليموس الثالث عشر (47 – 43 ق.م.) ليتقرب إلى المصريين، وتم بناؤه فى عهد طيباريوس قيصر (14 – 37م)، ويحتوى بداخله على 12 عموداً ضخماً يمثل كل عمود فيها شهراً من أشهر السنة. وفى عام 1822م نُقل من هذا المعبد إلى باريس الحجر الشهير الفريد المنقوش عليه الأبراج الفلكية والذى تم إيداعه وقتها بالمكتبة الأهلية هناك. الشهور القبطية والفصول الزراعية السنة القبطية تحوى أثنا عشر شهراً، والشهر مكون من ثلاثين يوماً. أما الشهر الثالث عشر فمكون من خمسة أو ستة أيام ويُطلق عليه الشهر الصغير أو «النسئ». والشهور الأثنا عشر وُزعت على ثلاثة فصول خص كل فصل منها أربعة أشهر وهي: فصل الفيضان (آخت): توت – بابه – هاتور – كيهك، فصل الزراعة أو بذر الحَب (برت) وكلمة «برت» تعنى حرفياً الظهور أو الأنبعاث وهذا أشارة إلى ظهور الأرض الزراعية بعد أنخفاض مياه النيل: طوبه – أمشير – برمهات – برموده، فصل الحصاد (شمو): بشنس – بؤونه – أبيب – مسري. النيروز فكرة ومعني النيروز إذاً فكرة ومعني، قيمة ورمز، تتداخل فيه مجموعة من فضائل المسيحية البارزة كان مجال التعبير عنها ساحة الأستشهاد حين كان الأجداد ومعهم كل أفراد أسرهم من أمهات وآباء وشباب وأطفال يُطرحون تارة للوحوش المفترسة فى مسرح روما الذى لا يزال موجوداً حتى الآن شاهداً على هذه الحقبة التاريخية، وتارة أخرى كانت رؤوسهم يُطاح بها بحد السيف، وأحياناً يُلقى بهم فى النيران، أو يُسلمون للصلب بين الأشجار، أو يُسحلون فى الشوارع كما حدث مع القديس مرقس عام 68م فى شوارع الإسكندرية هذه قصة النيروز، قصة شعب تمسك بقوميته وعقيدته أمام الطغاة فحافظ على كنيسته بكل أمانة، وحافظ على الهوية المصرية. أم الشهداء جميلة. وبعد ففى هذه الذكري، ذكرى الشهداء بدء العام القبطى الجديد 1737 شهداء، عيد النيروز، يحق لنا أن نحنى الرأس إكراماً وإجلالاً لذكرى كل الشهداء على مدى التاريخ المصرى العريق، الذين أستشهدوا فى ميدان الشرف دفاعاً عن الحرية والحق والعدل والسلام والعقيدة والأرض فكتبوا بدمائهم صفحة مجيدة فى تاريخ مصر والإنسانية. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
قصــة ميلاد يسوع |
قصــة حقيقية رااائعه |
عيد النيروز..أقدم عيد لأقدم أمّة-بركة عيد النيروز والشهداء فلتكن معنا آمين |
قصــة قصيرة ولــكن مؤلمــة |
حكمــــة كبيـــرة فـــي قصــة صغيــرة اوي |