رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المقابلة بين عمالقة الروحانيات فى البرية كتب الأنبا انطونيوس أب الرهبان فقال أنه : " فى سن السبعين خالجنى فكر من العجرفة والكبرياء فقلت فى نفسى أظن أنه لا يوجد ورائى أحد فى البرية أقام فى الفيافى سالكاً سبيل النسك والفضيلة مثلى وفى الليلة التى كنت أتأمل فيها فى هذه الأمور أوحى ألى من قبل الرب أنه يوجد خلفى رجل أفضل منى ودفعنى على أن أسعى لأن أراه , فلما اتى الصباح أخذت جريدة النخل التى كنت أتكئ عليها وأخذت أتمشى فى البرية كما كان يهدينى عقلى لأنى لم أعرف الطريق , ولبثت سائراً إلى الظهر وكان الحر شديداً فشرعت أحدث نفسى قائلاً : أنى أتكل على الرب الذى لا يتخلى عنى أن يرينى عبده الذى أوحى إلى عنه " .. ولم يتم قوله حتى رأى وحشاً كان نصفه شكل انسان ونصفه الآخر شبه حصان وهو ما يسميه الشعراء بالقنطورس , فرسم القديس على جبهته علامة الصليب وقال له : " أين هو عبد الرب فأراه الوحش المكان مشيراً بأصبعه راكضاً إلى الغاب , فأستمر القديس فى سفره باحثاً عن الطريق , وإذ هو يتعجب من هذا الأمر مر من أمامه هذا الحيوان كأنه ذاهب إلى ميدان فسيح وما هذا إلا الشيطان أتخذ تلك الصورة ليزعج القديس فإستغرب مشابهته الشكل الذى رآه فى الحيوان , وبعد أن ابتعد قليلاً رأى وحشاً كأنسان قصير القامة له ساقان وقرنان كقرنى تيس فسأله : " من أنت " فأجابه : " أننى أحد سكان البرارى الذى يعبدهم الوثنيين كأنهم آلهة , وقد أرسلتنى طائفتى لأطلب منك نيابة عنهم أن تتضرع لأجلنا إلى المسيح إلهنا الذى عرفنا أنه أتى لأجل خلاص العالم , وبعد أن تكلم الحيوان هذا الكلام جدد الكهل أنطونيوس المسير وسالت دموعه على الأرض لكنه سر بمجد المسيح ولأبادة الشيطان وضرب بعكازه على الأرض وقال ويل للأسكندرية ويل لمدينة الوثنيين التى أجتمع فيها جميع شياطين الخليقة " وكان قد توغل فى البرية ومر عليه وقت لم ير فيه أنساناً أو حيواناً فصرف يومين وبليليتين فى الصلاة راجياً من الرب أن لا يهمله , وفى اليوم التالى لاحظ ذئباً صاعداً إلى الجبل فأقتفى أثره ولما صعد إلى الجبل وقع نظرة على مغارة كانت هناك وشاهد الذئب يدخل إليها ولكنه لم يميز شيئاً لشدة الظلام وقد حاول الخوف أن يدخل قلبه , ولكن المحبة الكاملة تطرح الخوف إلى خارج فدنا من المغارة فلاح له فيها ضوء سراج فأسرع فى سيرة لفرط سرورة فعثرت رجله بحجر غير ان القديس بولا حال سماعه بوقع أقدامه دحرج الحجر وأغلق باب المغارة . لقاء الأنبا أنطونيوس والأنبا بولا فأرتمى القديس أنطونيوس أمام باب المغارة على وجهه وتوسل إلى القديس بولا ليفتح له الباب قائلاً : " انا وحدى " .. فأجاب القديس بولا : " لم أتيت ".. فقال أنطونيوس : " أنى لواثق بأنك تعلم من أنا ؟ ومن أين اتيت ؟ ولماذا أتيت ؟ وبما انك تقبل وحوش البرية فلم تكره بنى البشر؟ لقد طلبتك ووجدتك وقرعت الباب بثقة فأفتحه لى وإلا فسأموت هنا , وإذا ما رأيت جثتى فإدفنها ؟ وسمع القديس بولا صوت بكائه فأجابه قائلاً : " ما من أحد يطلب أحساناً بإنتهار ولا يفتر باكياً متنهداً فإن كنت أتيت إلى لكى تموت فلماذا تتعجب من أنى لا أقبلك ؟ .. قال هذا وفتح الباب فإلتقيا وتعانقا وقبلا بعضهما بعضاً بالقبلات المقدسة وسلم الواحد على الاخر بإسمه كأنهما كانا يعرفان بعضهما قبلاً ثم شكر الرب على أحسانه إليهما وجلسا للمخاطبة . فقال القديس بولا - لم احتملت كل هذا الضيق ومشقة البحث عن شيخ ومن جسمه وهزل وسترى بعد قليل أنه يصير تراباً , غير ان المحبة تحتمل كل شئ فجعلتك تتعب كثيراً فى الأستقصاء عنى , فأخبرونى الآن ما حال اعالم ومن يديره , وهل يوجد بعد من يسجد للأصنام ويعبدها , وهل بنى البشر مستمرون فى بناء البيوت فى المدن القديمة , ولا يزال يوجد ملوك وحكام فى العالم؟ فأجابه القديس أنطونيوس عن أجوبته ثم أخذ يسأل القديس بولا عن السبب الذى من أجله أتى إلى البرية وكم عاماً أتى عليه فيها وكم سنة حياته وماذا أكل ؟ وكيف عاش ؟ طعاماً من السماء وبينما هما يتخاطبان إلتفت كلاهما فنظراً غراباً على غصن شجرة وللوقت وقف بكل هدوء على الفرع , وكان فى منقاره رغيف من الخبز فأتى وألقاه فيما بينهما وطار وهما ينظران ويتعجبان .. فقال القديس بولا لضيفه : " مبارك الرب الذى أرسل لنا مأكلاً فأعلم يا أخى أنطونيوس أنه منذ اتيت هنا وهذا الغراب يأتينى كل يوم بنصف رغيف واليوم من أجلك أتى برغيف كامل " .. وبعد أن شكرا الرب جلسا للأكل وتنازعا فى من منهما يجب أن يكسر الخبز فأتفقا أخيراً على أن يكسراه معاً بأسم الرب وبعد أن أكلاه وقفا يصليان طول ليلهما |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أعداد الفقاريات البرية آخذة في الإنخفاض داخل الحياة البرية |
عمالقة السماء |
شبح موت عمالقة الفن |
عمالقة الفيزياء |
عمالقة فى الايمان |