عمل النعمة في العهد الجديد
نكمل الموضوع الذي بدأناه من عدة أسابيع وسألنا السؤال الآتي: لماذا جاء يسوع؟
واجبنا بالنقط التالية وهي جاء يسوع ليلغي خطية آدم ويلغي خطايانا إذا تبنا عنها. وجاء يسوع ليعطينا استجابة الصلاة عندما نصلي إلى الآب باسمه القدوس وأيضا جاء ليعطينا الروح القدس وتكلمنا عن هذا الموضوع بنوع من التفصيل في العدد الماضي.
في هذا العدد سنتكلم عن فائدة النعمة الغنية التي أعطاها يسوع لنا في مجيئه على الأرض وصليبه " ومن ملئه نحن جميعا أخذنا.ونعمة فوق نعمة. لان الناموس بموسى أعطى. أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا." {يو1: 16و17 }
وفي هذا العدد سوف نتأمل في ما هو معنى النعمة .
إن كلمة نعمة في اللغة العبرية التي كتب بها العهد القديم تعني: نعمة, لطيف,جميل,حسن وثمين ولكن كلمة نعمة في اللغة اليونانية التي كتب بها العهد الجديد فهي تعني كل المذكور سابقا مع
حقيقة مهمة جدا وهي إن النعمة هي (هذا التفسير مأخوذ من strong concordance)
the merciful kindness by which God, exerting his holy influence upon souls, turns them to Christ, keeps, strengthens, increases them in Christian faith, knowledge, affection, and kindles them to the exercise of the Christian virtues
ببساطة هي التأثير الإلهي على قلوبنا لكي نستطيع أن نتغلب على إغراء الخطية ونعيش حياة مسيحية صحيحة.
إن هذا هو هدف النعمة وهي أن نتغلب على الخطية ويكون لنا نصرة أكيدة على الخطية
ولهذا السبب لخص القديس بولس هذه الحقيقة المعزية جدا وهي أن "الخطية لن تسودكم لأنكم لستم تحت الناموس بل تحت النعمة"{رو14:6 } نعم عندما تعذبك خطية الجأ إلى النعمة وهي ستعطيك القدرة الإلهية لكي تتغلب على الخطية.
"لأنكم لستم تحت الناموس بل تحت النعمة"{ رو 14:6 } هذه حقيقة من أهم الحقائق التي يجب أن يعرفها كل مسيحي يريد أن يعيش في حياة التقوى والطهارة. و يريد أن ينتصر على كل العقبات التي يضعها إبليس أمام أولاد إلهنا الصالح.
لن تنجح في إطاعة الوصية إن لم تلجأ للنعمة
"الجميع ذاغوا وفسدوا معا ليس من يعمل صلاحا" كان هذا هو حال الذين يعيشون تحت الناموس ويجاهدوا لكي يغلبوا الخطية ولكنهم فشلوا. واحكي هذه القصة عن نفسي وهي الآتي: كنت قبل مجيئي وتسليم حياتي بالكامل إلى يسوع اشتم كثير جدا وأقول كلام لا يليق بابنة يسوع المسيح. وذهبت إلى أبونا وحاول أن يساعدني بالصيام وتداريب روحية ولكن كنت لا أزال اشتم وأقول كلام لا يليق. وبعد أن يأست من الصيام والتداريب الروحية وقفت أمام الآب السماوي وصرخت إليه من كل قلبي حتى انه يزيل هذه الخطية من حياتي. ووجدت نفسي أني لا اشتم بعد ذلك.
ماذا حدث حتى أني أصبحت لا اشتم بعد ذلك؟
تذكر أني ذكرت إن النعمة في العهد الجديد معناها الآتي: التأثير الإلهي على قلوبنا لكي نستطيع أن نتغلب على إغراء الخطية. إن هذا هو هدف النعمة وهي أن نتغلب على الخطية ويكون لنا نصرة أكيدة على عصياننا على وصية الإله. الذي حدث إن النعمة الغنية جاءت عندما صرخت إلى إلهنا الصالح وأعانتني بالتأثير الإلهي على قلبي وجعلتني اكره هذه الخطية ولا افعلها مرة أخرى.
وقد تتساءل ما هي الخطية؟
يقول القديس يعقوب في رسالته " فمن يعرف أن يعمل حسنا ولا يعمل فذلك خطية" { يع17:4 } وقد تقول من يستطيع أن لا يخطئ. أقول لك إن ربنا يسوع المسيح هو الذي يعيننا على التغلب على الخطية. هل معنى ذلك إننا لن نخطئ؟ نعم سوف نخطئ ولكننا لن نستمر في هذا الخطأ لأننا إن سألنا إعانة النعمة فالنعمة سوف تؤثر على قلوبنا بتأثيرها الإلهي وسنكره هذه الخطية ولا نفعلها أيضا. اطلب النعمة وهي سوف تعمل في حياتك إن طلبتها.
مثل لقوة النعمة في حياة المسيحي
جاءني شاب وقع في خطية جنسية وصارحني وقال لي انه لا يريد أن يفعل مثل هذه الخطية. كان الأمر سهل لأنه لا يريد أن يقع في مثل هذه الزلة. عندما لا يريد الإنسان الوقوع في زلة ما يصير الأمر سهلا لأنه إلهنا الصالح سوف يساعده بالتأكيد. صليت معه من اجل أن يعطيه الله قوة على سقطاته وفي نفس الوقت شرحت له ما معنى النعمة كما ذكرت في مقدمة هذه المقالة وقلت له كل مرة تجد نفسك تريد أن تمارس هذه الخطية صلي إلى نعمة المسيح الغنية لكي تمحي من ذاكرتك هذا الإلحاح في انك تريد ممارسة الخطية الجنسية. وفعلا سمع لنصيحتي وكل مرة يريد أن يمارس الخطية الجنسية يطلب مساعدة النعمة الغنية ودائما كان يتغلب على هذه الخطية.
إن يسوع المسيح لم يدفع ثمن خطايانا على عود الصليب فقط بل أعطانا الوسائل التي تجعلنا نعيش في هذه الحياة منتصرين, إننا سوف ننتصر على قوة الخطية بواسطة النعمة
لن نكون عبيدا للخطية فيما بعد. إن عشنا تحت الناموس بدون النعمة فسوف نكون عبيدا للخطية دائما. لم يستطع إنسان في العهد القديم أن يكرم الناموس بالتمام. موسى النبي أُعطي الناموس. الناموس هو الحق, الله نفسه هو كاتب الناموس ومصدره. ولكن يسوع المسيح ، إلهنا الصالح، أعطى الحق والنعمة. لان الناموس بموسى أعطى أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا.
إن النعمة إحدى عطايا الصليب. لذلك إن عشنا تحت النعمة فالنعمة سوف تعطينا القدرة على إكرام الوصية وإطاعتها بسهولة و بدون فشل.
وبدون استثناء أن أكرمت الوصية فصاحب الوصية سوف يكرمك.
يا أحبائي نحن لا نجاهد ضد الخطية بمجهودنا الشخصي وقدراتنا المحدودة فقط بل نجاهد ضد الخطية بمعونة إلهية وهي النعمة.
إن الناموس هو الحق فقط. ولكن عهد يسوع المسيح هو عهد الحق ومعه النعمة. يقول ربنا يسوع المسيح أن الجسد يشتهي ضد الروح والروح ضد الجسد. إن الإنسان الطبيعي من الصعب عليه أن يطيع إلهنا الصالح بدون عمل النعمة التي هي إحدى عطايا الصليب.
منذ أن سقط الإنسان وطرد من جنة عدن أصبحت طبيعة الإنسان الساقطة في حالة صراع شديد بين إدراك الإنسان انه يجب عليه إطاعة الإله وبين عدم مقدرته أن يطيع الإله. ومنذ سقوط آدم إلى مجيء المسيح كان كل إنسان من اعظم القديسين في العهد القديم إلى مجيء المسيح يقول في داخله " ويحي أنا الإنسان الشقي من ينقذني من جسد هذا الموت ".
ولـلأسف الشديد إن العديد من الناس يكررون هذه الآية ويقفون عند هذه الكلمات ولا يكملوا باقي الآيات. إن كمالة الآيات تقول "اشكر الله بيسوع المسيح ربنا. إذا أنا نفسي بذهني اخدم ناموس الله ولكن بالجسد ناموس الخطية.إذا لا شئ من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع السالكين ليس حسب االجسد بل حسب الروح" { رو25:7 و1:8 }.
إذا كنت تعيش بروح التقوى وبحسب إرشاد الروح القدس فسوف تمتلئ حياتك بالنعمة الغنية. إن ربنا يسوع المسيح أعطانا ملئ نعمته " ومن ملئه نحن جميعا أخذنا نعمة فوق نعمة"{يو16:1}
هذه حقيقة مهمة جدا آيها الأحباء. إن إله كل غنى سوف يعطينا من نعمته الغنية اكثر جدا مما نطلب أو نفتكر. سوف تأخذ من ملئ المسيح الغير محدود. فـإن نعمته سوف تسندك وتؤيدك طالما أنت تصلي من اجل هذه النعمة. اطلب في صلاتك لكي تسندك النعمة الغنية في كل خطوات حياتك.
النعمة تعمل في حياة كل من يطلبها
من خلال خدمتي لألهنا الصالح قابلت عددا كثيرا جدا من الناس. ومن اصعب المشاكل التي تقابل كثيرين هو سلطان الخطية على حياتهم , على الأقل في نظرهم فهم يتخيلون أن الخطية لها سلطان لا يستطيعون الفرار منه. هذه المشاكل هي في نظري كخادمة للمسيح من اسهل المشاكل, وهي نصرتنا على الخطية.
أعطي مثل آخر
تقابلت مع سيدة مسيحية و كانت شخصية ظريفة ولطيفة. وعندما جلسنا معا في جلسة إرشاد روحي ابتدأت ترتعش وكانت في منتهى الاضطراب. حاولت أن أهدئها ولكنها قالت أنا أشعر بمنتهى الغضب بطريقة تجعلني أخاف على الذين حولي من بشاعة غضبي. وبكت وقالت حاولت كثيرا جدا أن أتخلص من هذه الخطية بدون فائدة. قلت لها إن الحل بسيط جدا جدا تعالي الآن نطلب النعمة الغنية. تعالي نطلب معونة النعمة لان كلمة الله واضحة وصريحة : الخطية لن تسودكم لأنكم لستم تحت الناموس بل تحت النعمة. صلي من اجل النعمة الغنية تسندك كل يوم. ابدئي صلاتك بطلب النعمة وسوف تجدين نعمة وقدرة على هذه الخطية أو أي خطية أخرى. وبالفعل ابتدأت تصلي من اجل هذه النعمة. في البداية كانت تجد نصرة على الخطية أحيانا وأحيانا تفشل. وعندما فشلت لأول مرة كانت في منتهى اليأس. قلت لها : هل تعتقدي إن إبليس سوف يتركك في حالك؟. إبليس لن يتركك في حالك. سوف يحاربك لكي تيئسي. تعالي مرة أخرى واطلبي النعمة. وكانت كل ما تفشل تطلبني وتقول لي أني فشلت وكان ردي لا يتغير وهو الآتي : وآيه يعني، تعالي اطلبي النعمة مرة ثانية وهكذا فعلت مرارا كثيرا وكانت النتيجة إنها قويت على خطية الغضب بمعونة النعمة الغنية
الخطية لن تسودكم لأنكم لستم تحت الناموس بل تحت النعمة.
النعمة هي أيضا التي تخلصنا
" ليظهر في الدهور الآتية غنى نعمته الفائق باللطف علينا في المسيح يسوع. لأنكم بالنعمة مخلّصون بالإيمان وذلك ليس منكم.هو عطية الله. ليس من أعمال كي لا يفتخر أحد" {أف2: 7-9} من الآيات السابقة يظهر لنا إننا خلصنا بواسطة النعمة لان الخلاص هو عطية الله.
في المرة القادمة سنتكلم عن مفهوم الخلاص في الإنجيل وعن مفهوم الخلاص في رأي آباء الكنيسة الأولى. وهل هما يتعارضا مع بعض أم يتوافقا؟ وهل رأي الإنجيل وآباء الكنيسة الأولى يتعارضا مع الرأي الحالي. ...............الرجاء المتابعة معنا من اجل خلاص كل أحد.....
هل توجد خطية في حياتك تعذبك؟ تعالى الآن إلى من سفك دمه على الصليب لكي يعطيك غفرانه ونصرته أيضا من خلال النعمة. يقول القديس بولس في رسالته إلى أفسس في الإصحاح الثالث " وتعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة لكي تمتلئوا إلى كل ملء الله. والقادر أن يفعل فوق كل شئ اكثر جدا مما نطلب أو نفتكر بحسب القوة التي تعمل فينا" {اف 3: 19و20}
يا أحبائي اصلي إلى ألهنا الصالح:
أن تؤمن إن ألهنا صادق في كل المكتوب في كتابه المقدس.
نعم توجد قوة تعمل فينا.
قوة محررة, قوة مجددة, قوة تنصرنا فوق كل ضعف وهي قوة النعمة الغنية.
لكي نمتلئ إلى كل ملء الله.
لنا لقاء في العدد القادم إن شاء الرب وعشنا لنكمل موضوع لماذا جاء يسوع