بعد أن سمع الملك شاول هذا الكلام من داود أخذه الحياء، وشعر أنه أخطأ في مطاردته لداود. وبكى وجعل يذكر الخطأ الذي سقط فيه، ونجد في كلام شاول لداود اعتذاراً. قال له: «أَنْتَ أَبَرُّ مِنِّي لأَنَّكَ جَازَيْتَنِي خَيْراً وَأَنَا جَازَيْتُكَ شَرّاً. وَقَدْ أَظْهَرْتَ ٱلْيَوْمَ أَنَّكَ عَمِلْتَ بِي خَيْراً لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ دَفَعَنِي بِيَدِكَ وَلَمْ تَقْتُلْنِي» (١صموئيل ٢٤: ١٧، ١٨). وتعجب الملك شاول من تسامح داود، وتساءل: «فَإِذَا وَجَدَ رَجُلٌ عَدُّوَهُ، فَهَلْ يُطْلِقُهُ فِي طَرِيقِ خَيْرٍ؟» (آية ١٩) والجواب أنه لا يطلقه في طريق خير، بل يقتله. وفي كلامه مع داود اعترف له أن داود سيصبح الملك القادم على بني إسرائيل. قال له: «ٱلآنَ فَإِنِّي عَلِمْتُ أَنَّكَ تَكُونُ مَلِكاً وَتَثْبُتُ بِيَدِكَ مَمْلَكَةُ إِسْرَائِيلَ» (آية ٢٠). كان صموئيل قد ذكر للملك شاول أن الله نفسه يعلم ذلك. لقد رأى شاول بنفسه صلاح داود، وعرف أن داود هو الشخص الصالح الذي سيملك (١صموئيل ١٥: ٢٨، ٢٣: ١٧).
وأخيراً نرى شاول يقطع مع داود عهداً. طلب منه أن يحلف له أنه لا يقطع نسله من بعده، ولا يبيد اسمه من بيت أبيه. وحلف داود لشاول كما قال. ورجع شاول إلى بيته، ورجع داود إلى الحصن فوق الجبال.
ولكن السلام بين داود وشاول لم يستمر، فقد خرج شاول مرة أخرى ليفتش عن داود ليقتله، ونسي الوعد الذي قطعه على نفسه. لا شك أن الملك شاول كان مريضاً، وكان الحقد ينهش قلبه. لعل كلام كوش البنياميني جعل شاول يتغير ويحقد على داود من جديد. ومرة أخرى وقع شاول في يد داود، ولكن داود عاد يعفو عنه من جديد. ورأى داود أن لا فائدة من البقاء في بلاد إسرائيل، فذهب إلى أخيش ملك جت. وفي هذه المرة قبله أخيش لأنه علم أن شاول يطارده ويريد أن يهلكه. وعندما عرف شاول أن داود هرب إلى بلاد الوثنيين لم يعد يفتش عليه.
27 - 03 - 2021, 05:26 PM
العرض العادي
