ربنا باعتلك رسالة ليك أنت
الرسالة دى تحطها فى قلبك طول سنة 2025
يالا اختار رسالتك من الهدايا الموجودة وشوف ربنا هايقولك ايه
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قداسة البابا شودة الثالث الآخر.. مَنْ هو الآخر؟ ما علاقتك بالاخر؟ الآخر هو كل إنسان غيرك. فما هي علاقتك إذن بالآخر؟ حينما خلق الله أبانا آدم، خلق له كائنا آخر هو أمنا حواء. وكانت علاقة كل منهما بالآخر علاقة حب وتعاون, نضعها كمثال طيب أمامنا. فلم يحدث في يوم من الأيام أن اختلف أحدهما مع الآخر. إنما عاشا متزاملين ومتلازمين، يقطعان غربة العمر معا. يقطفان الورد معا، وقد يجرحان من الشوك معا... ثم كانت أول مأساة مع الآخر، فيما قاساه ابنهما هابيل من أخيه الذي قام عليه وقتله. فكان المثال الذي علينا أن نتحاشاه. وبمرور الوقت اتسعت دائرة الآخر في الحياة: من العلاقة بين فرد وفرد، إلى العلاقة في محيط الأسرة، ثم القبيلة. وتطورت إلى العلاقات في البلد الواحد، إلى الوطن الواحد. وأخيرا إلى العالم كله، الذي نشأ من أسرة واحدة. فكيف يكون إذن التعامل مع هؤلاء؟ ولنبدأ بالتعامل مع الفرد، فنقول: هل أنت تحترم الآخر أيا كان، كإنسان؟ هل نتعاون معه؟ هل تساعد الآخر؟ هل تجده؟ هل أنت على استعداد أن تبذل نفسك لأجل الآخر، وتضحي من أجله بكل شيء؟ اعلم أنه حسب نوعية التعامل مع الآخر، يكون مقياس حضارة الإنسان، فالإنسان المتحضر يكون سهل التفاهم مع الآخر، يأخذ ويعطى معه في مودة ويسر، ولا يسرع إلى الخلاف... ما أجمل ما قاله احد الحكماء "ما عاش من عاش لنفسه فقط". إنها الأنانية أو الانغلاقية، حيث يتمركز الشخص حول نفسه، ولا يخرج منها ويندمج مع الآخر. وهذا الاندماج هو البذرة التي يتكون بها المجتمع. وعلى العكس هناك من يرون أنهم لا يستطيعون أن يعيشوا بدون الآخر.. بل كل نشاطهم هو من أجل الآخر، وكل مواهبهم هي من اجل الآخر. وفي هذا يقول الشاعر إيليا أبو ماضي: يا صديقي أنا لولا أنت ما غنيت لحن كنت في قلبي لما كنت وحدي أتغنى وإن كانت هذه هي كلمات شاعر، وخواطره ومشاعره وألحانه، فإنها أيضًا هي علاقة الكاتب مع الآخر، أعني مع القارئ.. وكأن الكاتب يقول للقارئ. بلغة إيليا أبو ماضي: أنا لولا أنت ما كنت أكتب! إذ أنني من أجلك اكتب ، حيث يختلط فكرى بفكرك، ويصير لنا فكر واحد، وليس آخر. فأنت هدفي، وأنا وسيلتك. وأنت أذني، وأنا فمك. وكلانا واحد. وحقًا ماذا تكون جدوى كلماتي من غيرك؟! إنها لا شيء! نفس الأمر مع كل من يعمل عملًا، هو لغيره، أو نتيجته لغيره.. فالبائع لا شيء، إن لم يوجد المشترى. والمتكلم لا جدوى لكلامه، إن لم يكن هناك الذي يسمع. والراعي لا صفة له، إن لم تكن هناك رعية. والمعلم ما هدفه، إن لم يكن هناك من يتلقى عليه العلم. وهكذا دواليك. وفى كل هذه الأمثلة تظهر أهمية الآخر.. نقطة أخرى في علاقة الإنسان بالآخر، وهي: إن الإنسان الواسع القلب، لا يزاحم الآخر في طريق الحياة.. بل هو في سيره، يفسح طريقًا لغيره. يفسح له الطريق ليعبر، أو لكي يسير معه في نفس الطريق. إنه لا يتعالى على الآخر، ولا يتفاخر، وهدفه أن يلتقيًا ولا يتباعدًا. وأتذكر أنني كتبت عن ذلك في إحدى قصائدي منذ زمن بعيد. قل لمن يجرى ويعلو شامخ يا صديقي قف قليلًا وانتظرني نحن صنوان يسيران مع إنا في حضنك مل أيضًا لحضني قل لمن يعتز بالألقاب إن صاح في فخره: من أعظم منى؟! أنت في الأصل تراب"تافه" هل سينسى أصله من قال "إني"..؟! يا أخي اعرف جيدًا في صراحة كاملة: انه كلما ازدادت (الأنا) عندك، حينئذ يختفي الآخر في مقاييسك حيث تقول: من الذي يعيش ويظهر، وينمو وينتشر: أنا أم الآخر؟ وحيث يقول البعض: إذا مت عطشان، فلا نزل المطر!! أو تقول : فلأكن أنا المنتصر على الدوام، وغيري المهزوم..! الدنيا هي دنياي أنا، خلقها الله لي، لكي أعيش!! وتنسى أن الله تبارك اسمه، قد خلق الدنيا للكل، والكل رعاياه وموضع اهتمامه.. لماذا تطلب أن يختفي الآخر لكي تظهر أنت؟ ألا يمكن لكما أن تعيشا معا؟ حقًا إن عمق الاهتمام بالآخر يكمن في إنكار الذات (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات)، وإيثار الغير على النفس. بينما إهمالك للآخر لون من الأنانية.. يا أخي، لماذا يكون قلبك ضيقًا، فلا يتسع للآخر؟! ولماذا. إذا ما اتسع قلبك. فإنما ينفتح لنوعية خاصة من الناس ، بينما ينغلق أمام الآخرين؟! لماذا تخسر الآخر؟! ليتك تستمع إلى سليمان الحكيم حينما قال "رابح النفوس حكيم".. على أن أسمعك وأنت تهمس قائلًا: "ولكن فلانًا لست اتفق معه، طبعي لا يتفق مع طبعه، وفكري لا يتمشى مع فكرة". هنا وأراني مضطرًا أن أردد عبارة جميلة قالها القديس يوحنا ذهبي الفم، وهي: "من لم توافقك صداقته، لا تتخذه لك عدوًا". لذلك نصيحتي لك، لا توسع دائرة أعدائك. فليس هذا من الصالح لك ولا لغيرك.. وهنا أسأل : إذا اختلف معك الآخر في الرأي، هل تحول ذلك إلى خلاف في القلب أيضًا؟! وهل حينئذ تهاجم الآخر، وتعاديه، وتحقره، وتشهر به؟!ً أم تحاول أن تلتقي به وتتفاهم؟ وإن التقيت معه في حوار، أيكون حوارًا هادئًا، أم ساخنًا، أم ملتهبًا؟ أم حوارًا يسوده الاحترام والمودة؟ وهل يكون هدفك من الحوار أن تنتصر على الآخر، وترغمه على قبول رأيك؟ وهل حوارك ليس للتفاهم، إنما لإثبات شخصيتك، وتثبيت فكرك؟ وهل يؤول حواركما حينئذ إلى مزيد من التباعد في الرأي والقلب؟! يا صديقي، هل تؤمن بحرية الرأي؟ وبالتنوع والتعدد في الأفكار؟ وهل يظهر ذلك في تعاملاتك؟ أم انك تعمل على إلغاء شخصية الآخر!! فإما أن يوافقك، أو تطرحه بعيدا عنك. ويتحول التنوع إلى خلاف، ويتحول الخلاف إلى قتال ويؤول القتال إلى عداوة، تحتد وتشتد!! في الزواج مثلا: لماذا يحدث الطلاق أحيانًا؟ أليس السبب هو نفس الإشكال؟ أنا أم الآخر؟! بينما الحكمة في الزواج، أن يصير الزوجان واحدًا، لا أن يكونا واحدًا وآخر..! وهكذا عن باقي أفراد الأسرة والأقارب، حيث يقول الواحد منهم عن قريبه: إنه لحم من لحمى، وعظم من عظامي. إنه دمى، وليس آخر... وبالحب، يتسع نطاق أسرتك، حتى يشمل المجتمع كله. ولا تقول عن فرد منه إنه آخر. بل هذا المجتمع هو ذاتك الكبرى، وليس آخر..! عندئذ يتحول العالم كله إلى أسرة كبيرة متحابة، يتحدثون فيها عن التعاون الدولي، والمؤسسات الدولية، وما إلى ذلك. لهذا كله، ينبغي على كل منا أن يتدرب على محبة الآخر. فالعلاقة مع الآخر كلما ازدادت قربًا تتحول إلى وحدة. وأتذكر أنني سئلت مرة عن الوحدة الوطنية فقلت: يا أخي المواطن: حينما أنظر إلى نفسي فأراك، وأنظر إليك فأراني، وكأنني أنظر في مرآة، وكأننا زوج واحد في جسدين، عندئذ تكون هذه هي الوحدة الوطنية... |
|