|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وَبِرُّكَ إِلَى الْعَلْيَاءِ يَا اللهُ الَّذِي صَنَعْتَ الْعَظَائِمَ. يَا اللهُ مَنْ مِثْلُكَ! [19]. يحوي برّ الله هنا الشعور بأمانة الله في تحقيق وعوده الإلهية، خاصة نزول عمانوئيل إلينا، يحمل ما لنا، لنحمل ما له! جاء يقدم لنا نفسه لكي نقتنيه، فننعم بواهب الخيرات الروحية من غنى حقيقي وسلامٍ مع السماء، ومصالحة معها، وحبٍ لإخوتنا. نلبسه، فيستر عُرينا الداخلي. نقتنيه، فيُحول جفافنا إلى الإثمار، ومرارتنا إلى عذوبة. نزل إلينا كمعلمٍ سماويٍ، ليلهب قلبنا بالسماويات، ويحررنا من محبة الزمنيات. من أجلنا غطس كسبّاح في أعماق الجحيم، ليحطمه، ويطلقنا من هذا السجن المظلم إلى ملكوته المنير. قبل الموت بالصليب، ليقتل بموته الموت. * ليتني أخبر كل جيلٍ مقبلٍ: أنتم تأتون من السبي، وتنتمون إلى آدم (الجديد واهب الحرية). لأخبر كل جيلٍ مقبلٍ أنه ليس لي قوة من عندي، ولا برّ من عندي، وإنما "قوتك وبرَّك إلى العلياء يا الله الذي صنعت العظائم" . "قوتك وبرَّك"، إلى أي مدى؟ هل حتى إلى الجسد والدم؟ لا، بل "إلى العلياء يا الله الذي صنعت العظائم". فإن العلياء هي السماوات، وفي الأعالي الملائكة والعروش والسلاطين والرئاسات والقوات. إنهم مدينون لك بما هم عليه. إنهم مدينون لك بالحياة التي لهم. إنهم مدينون لك أنهم يحيون بالبِرّ. مدينون لك بالبركات التي يعيشونها... لا تظنوا أن الإنسان وحده ينتمي إلى نعمة الله، ماذا كان الملاك قبل أن يُخلق؟ ماذا يكون الملاك إن تركه ذاك الذي خلقه؟ القديس أغسطينوس * أرسلك أبوك لتعظم البشر، وتقيمهم من دمار المزبلة. خلطتك المراحم بالبشر الذين كانوا هالكين، وباختلاطك بهم وجدتهم لكي تردهم. صرت منا، وها أنت معنا بجوارنا. أنت عمانوئيل الذي جاء يحرر عبيد أبيه، يا أيها الابن الحبيب. ها أنت معنا، وأنت إلهنا. بالنبوة كُتب عنك أنك عمانوئيل. * صار فقيرًا لأجلنا، وجعلنا أغنياء بمراحمه. صار ابن الإنسان، وجعلنا أولاد الله. أصعدنا من انحطاط العبيد، وأقامنا في درجة الأبناء الأعزاء (2 كو 8: 9؛ يو 15: 15). صار ميتًا بإرادته، وسلمنا للحياة التي لا تموت، لئلا يتسلط الموت بعد علينا. أضاء المسكونة التي كانت مظلمة، ومهَّد طريق الحياة للبشر، ليذهبوا عند أبيه المجيد . القديس مار يعقوب السروجي "يا الله من مثلك؟"جاءت غواية إبليس لآدم وحواء على لسان الحية أنهما يصيران كالله. أما المرتل وهو يتطلع إلى نعمة الله سواء بالنسبة للإنسان أو الطغمات السمائية فيقول: "يا الله من مثلك؟"بالعصيان فقد أبوانا الأولان ما فيهما من شبه لله، وبالنعمة يعود الإنسان ليتمتع بصورة الله ومثاله، كما كان عليه آدم قبل السقوط. * يتشامخ الإنسان لكي ينتسب إلى السبي الأول، ويسمع الحية تقترح: ذق، فتكونان كآلهة (راجع تك 3: 5). هل البشر يصيرون كآلهة؟ "يا الله من مثلك؟" ليس أحد في الحفرة، ليس أحد في الجحيم، ليس أحد في السماء، لأن هؤلاء جميعًا أنت خلقتهم. لماذا يصارع المخلوق مع خالقه؟ "يا الله من مثلك؟" أما بالنسبة لي يقول آدم البائس، آدم الذي في كل إنسان، بينما بإرادة منحرفة أردت أن أكون مثلك، انظر ما قد صرت عليه. فمن السبي أصرخ إليك: أنا الذي كنت في حالٍ حسنٍ كملكٍ صالحٍ، صرت مسبيًا لدى مخادعي. أصرخ إليك، لأنني سقطت من عندك. متى سقطت من عندك؟ عندما طلبت بفسادٍ أن أكون مثلك... بالضلال الشرير، وتشامخه الشرير، حُكم عليه بالموت بانسحابه من طريق البرّ. انظروا لقد كسر الوصية، لقد نزع عن رقبته نير ضبط النفس، انتفخ بروح متعجرف وكسر لجام القيادة إربًا إربًا. أين هو الآن؛ إنه بالحق أسير، يصرخ: "يا رب من هو مثلك؟" في انحراف أردت أن أكون مثلك، فصرت مثل بهيمة! بالحقيقة كنت مثلك حينما كنت تحت سلطانك وتحت وصيتك. لكن "الإنسان في كرامةٍ لا يبيت، يشبه البهائم التي تُباد" (مز 49: 12). الآن إذ هو في شبه بهيمة، يصرخ مؤخرًا ويقول: "يا الله، من هو مثلك؟" القديس أغسطينوس * هو السبيل التي يسير عليها المرء ليرى أباه، وهو باب الحياة، ومن يدخلون فيه ينتصرون على الموت (يو 14: 6، يو 10: 9). هو الطبيب ومنه تجري كل المعونات، وهو الينبوع الذي يتدفق حياة لمن هم حواليه. به يُطرد الأبالسة والشياطين من الإنسانية، وتُشفي أمراض وقروح المرضى. وبه تتنقى حياة النفس ومنه تستنير، وبه تُذبح خطايا العالم التي كانت كثيرة. هو يبرر العشارين بقوة كرازته، وبالغفران يجعل الخطاة كاملين. هو طرد إبليس الكنعانية التي طلبت منه، وهو يطفيء هوى نفسك إن كنت تنظر إليه. هو الذي يحمل ثقل العالم بجبروته، وعليه تستند كل الخلائق، وبه توجد. هو شمس البرّ والنور العظيم، وهو الطبيب والشافي لجميع المرضى (مل 2: 4). هو الغنى، وابن الغني، ومثري الكل، وهو قوة كل الضعفاء، وبه يتقوون (2 كو 8: 9؛ أف 2: 4). هو الذي يضمد الأوجاع والأمراض ويطرد الأبالسة، مبارك من نزل وافتقد العالم وشفى أمراضه . القديس مار يعقوب السروجي |
|