رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القديس كيرلس الأورشليمي كنيسة واحدة مقدسة جامعة رسولية "كانت على يد الرب فأخرجني بروح الرب وأنزلني في وسط البقعة وهي ملآنة عظامًا" (حزقيال 37). الرجاء في القيامة أصل كل عمل صالح 1. رجاء القيامة أصل كل عملٍ صالحٍ، فانتظار المكافأة يقوي النفس للأعمال الصالحة. فكل عاملٍ مستعد أن يتحمل الآلام إذا رأى أن مكافأته قريبة. لكن إن أجهد الناس أنفسهم للاشيء، تخور قلبهم كأجسادهم أيضًا. فالجندي الذي ينتظر غنيمة مستعد للحرب، لكن لا يقدم أحد نفسه للموت من أجل ملكٍ لا يبالي بالذين يخدمونه، ولا يمنح كدهم أيّة كرامة. هكذا كل نفس تؤمن بالقيامة تحرص بطبيعة الحال على نفسها. لكن في عدم إيمانها بالقيامة تترك نفسها للدمار. فمن يؤمن أن جسده سيبقى ليقوم ثانية يكون حريصًا على ثوبه، لا يدنسه بالزنا، لكن من لا يؤمن بذلك يسلم نفسه للزنا، ويسيء استعمال جسده، كأنه لا يخصه. فالإيمان بقيامة الأموات وصية عظيمة والتعليم بـ" الكنيسة المقدسة الجامعة" تعليم عظيم وضروري، ولو ناقضه كثيرون. فهو مع ذلك بالتأكيد أمر حق! يعارضه اليونانيون، ولا يؤمن به السامريّون، ويقاومه الهراطقة، فالنفاق بينهم مختلف، لكن الحق واحد! مجادلات الهراطقة 2. يجادل اليونانيون والسامريون قائلين: الميت سقط، وتحول إلى ديدان، والديدان ماتت أيضًا، هكذا يصيب الجسد التلف والهلاك، فكيف يقوم ثانية؟! السفينة الغارقة يلتهم السمك من في داخلها ويبيدهم، والسمك أيضًا يُباد! من يقاتلون الحيوانات المتوحشة تُسحق عظامهم ذاتها، ويستهلكها الأسود والدببة! النسور والغربان تتغذى بجثث الأموات الذين لم يدفنوا، ثم يطيرون مشتّتين، فمن أين إذن يُجمع الجسم ثانية؟ الدجاج الذي التهمه، بعض منها في الهند والبعض في بلاد فارس والبعض الآخر في جاسان! أيضًا أناس آخرون تلتهمهم النيران ورمادهم ينثره المطر والرياح، فمن أين إذن يُجمع الإنسان؟ العالم كله في يده 3. أيها الرجال المساكين والضعفاء، تتراءى لكم الهند بعيدة عن أرض جاسان، لكن الله الذي يمسك العالم كله في قبضة يده، كل الأشياء قريبة لديه. لا تُعزِي إذن الضعف إلى الله بسبب ضعفك أنت، لكن الأفضل أن تتكل على قوته. أليست الشمس وهي عمل صغير من أعمال الله بومضة صغيرة من شعاعها تعطي الدفء للعالم كله؟! أليس الجو الذي عمله الله يكتنف كل شيء في العالم؟ فهل الله خالق الاثنين "الشمس والجو" بعيد عن الاثنين؟ تصور خليطًا من بذور النباتات المختلفة في قبضة يدك، فهل يصعب عليك وأنت إنسان أن تعزل هذه البذور التي في يدك عن بعضها البعض وتجمعها حسب أنواعها؟ أفأنت تقدر على عزل الأشياء التي في يدك، ولا يقدر الله على عزل الأشياء التي تحتويها يده؟ ويرجعها إلى وضعها الأصلي؟ لتقدِّر ما أقول، وإن كان إنكارها كفرًا! الله عادل 4. أرجوك أيضًا أن تصغي إلى "مبدأ العدل" وترجع إلى نفسك. تصور أن لك خدمًا كثيرين بعضهم طيب والآخر شرير. إنك تكرم الطيب، وتضرب الرديء، وإن كنت قاضيًا فإنك تكافئ البار بمدحه وتعاقب المخطئ. إذن... فهل توجد فيك العدالة أيها الإنسان الفاني، والله ملك الكل الذي لا يتغير، أليس عنده عدالة لمجازيه؟ لا! فإنكارها كفر! فكِّر فيما أقول. إن قتلة كثيرين ماتوا في أسرتهم غير معاقبين، أين إذن عدل الله؟ فإن لم تكن هناك عدالة ومجازاة بعد هذه الدنيا فأنت تتهم الله بالإثم! لا تستغرب لتأخير العدالة، فإنه لا يُكافأ مصارع أو يُهان حتى تنتهي المباراة، ولا يُكلل قائد المباراة الرجال أثناء كفاحهم، بل ينتظر حتى تنتهي كل المباراة، فيوزع عليهم الجوائز أو أكاليل الزهور. هكذا الله أيضًا: مادام النزاع باقيًا في هذا العالم يسعف العادلين ولو جزئيا، لكن بعدئذ يرجع لهم مكافأتهم كاملة. لماذا يُعاقب منتهكي المقابر؟! 5. لكن إن كان بحسب تفكيرك لا تُوجد قيامة للأموات، فلماذا يُحاكم لصوص المقابر؟ لأنه إذا كان الجسم يهلك ولا تكون قيامة. تأمل فيها، فلماذا يُعاقب منتهكو المقابر؟ فأنت ترى ولو أنكرت بشفتيك أنه فيك غريزة بأنه لا غنى عن القيامة! البذور لا تعيش إن لم تمت! 6. هل تزهر الشجرة بعد قطعها؟ وهل يزهر الإنسان بعد قطعه أيضًا؟ وهل سيبقى القمح في جرن الدرّاس بعد بذارة وحصده؟ (دون أن تُعاد زراعته). هل سيبقى الإنسان بعد حصده من هذا العالم للدرّاس؟ هل ترجع أعضاء الكرمة الصغيرة بعد قطعها وشتلها في الحياة، وتعطي ثمارًا؟! وهل الإنسان الذي لأجله تعيش كل هذه (مرة أخرى) يقع في الأرض ولا يقوم ثانية؟ أيهما أصعب، صبّ تمثال لم يوجد من قبل، أم إعادة صوغ الذي سقط بنفس شكله؟ إذن هل الله الذي خلقنا من العدم غير قادر أن يقيم هؤلاء الذين عاشوا وسقطوا؟ لكنك وأنت يوناني لا تصدق الأشياء التي كُتبت عن القيامة. إذن تأمل من الطبيعة ذاتها في هذه الأمور وافهمها مما تراه اليوم. فمثلا يُبذر القمح أو أي نوع آخر من البذور، وإذ تسقط البذرة تموت وتتعفن وحينئذ لا تكون صالحة للأكل، لكن ما تعفّن يطلع في اخضرار، ولو كان صغيرًا عند نبتته لكنه يخرج أكثر جمالًا. لكن القمح وجد من أجلنا، لأن القمح وجميع الحبوب لم تُخلق لنفسها بل لفائدتنا. إذن هل تدب الحياة في الأشياء التي عُملت من أجلنا عند موتها ونحن الذين صُنِعت من أجلنا لا نقوم ثانية بعد موتنا؟! أمثلة من عالم النبات وعالم الحيوان 7. في فصل شتاء كما ترى، تقف الأشجار كأنها مائتة. أين أوراق شجرة التين؟! أين عناقيد الكرمة؟! هذه تموت في الشتاء، لكنها تخضر في الربيع! وعندما يأتي إليها الأوان يرجع إليها دبيب الحياة كأنه من حالة موت. فإذ يعلم الله عدم إيمانك يصنع قيامة سنة وراء أخرى في هذه الأشياء المنظورة، فإذ تلاحظ الأشياء غير الحيّة ولا العاقلة تؤمن بما يختص بالخليقة الحيّة العاقلة... أنواع أخرى من الفيران الحيّة النوامة. بعد بقائها بدون حركة أثناء الشتاء ترجع في الصيف... هل الذي يهب المخلوقات الدنيئة غير العاقلة حياة خارقة للطبيعة، أما يقدر أن يمنحنا إيّاها ذاك الذي صنعها لأجلنا؟! القيامة والعنقاء عند اليونانيين! 8. لكن اليونانيين يطلبون قيامة أموات ظاهرة -ويقولون حتى لو قامت هذه المخلوقات فهي لم تتحلل تمامًا- ويطلبون رؤية أي مخلوق يقوم ثانية بعد اضمحلال كامل. لقد علم الله جحود الناس، فهيأ لهذا الغرض طائرًا يدعى العنقاء، وهذا الطائر كما يكتب إكليمنضس وكما يروي كثيرون غيره... أنه يصل إلى أرض المصريين في دورة كل خمسمائة سنة، ممثلًا القيامة لا في الأماكن المهجورة لئلا يبقى حدوث السرّ غير معروفٍ، لكن خلافًا لذلك يظهر في مدينة شهيرة حتى يلمس الناس ما هو غير مُصّدق. فإنه يعمل لنفسه كفنًا من اللبان والمرّ والتوابل الأخرى، ويدخل في هذه بعد نهاية عمره ويموت تمامًا ويضمحلّ. ثم من لحم الطائر الفاسد تولد دودة، وبعد أن تكبر هذه الدودة تتحول إلى طائر. لا تُكَذِّب هذا، لأنك ترى ميلاد النحل أيضًا على هذا الأسلوب يتولد من الديدان ومن البيضات التي هي عبارة عن سائل. أرأيت الأجنحة والعظام وقوة نشأة الطيور. بعد ذلك تطير العنقاء المذكورة محلقة عاليًا في الهواء بعد أن تكون قد أصبحت طائرًا كبيرًا كامل النمو كالعنقاء السابقة. إذن أتعطى قيامة من الموت لهذا المخلوق غير العاقل الذي لا يعرف صانعه، ونحن الذين نمجد الله ونحفظ وصاياه لا توهب لنا قيامة؟ لننظر إلى خلقتنا ذاتها 9. حيث أن العنقاء بعيدة وغير حقيقية، ويُكذب الناس قيامتنا، فإنني أقدم لك دليلًا على القيامة مما تراه كل يوم. منذ مائة سنة (كلنا نحن المتكلمون والسامعون) أين كنا؟! ألا نعلم أساس مادة أجسادنا؟ ألا نعرف كيف وُلدنا من عناصر ضعيفة لا شكل لها، وبسيطة، وكيف كُوّن الإنسان الحي من شيء ضعيف وبسيط؟! وكيف أن هذا العنصر الضعيف وقد صنع جسدًا تغيّر إلى ذي بأس قوي، وعيون لامعة وآذان سامعة، وأنف حساس، ولسان متكلم، وقلب نابض، وأيادٍ عاملة، وأقدامٍ سريعة، وأعضاءٍ من كل نوع؟! كيف أن هذا العنصر الذي كان ضعيفًا في وقتٍ ما يصير صانع سفن، وبناء، ومهندسًا معماريًا، وصاحب حرف وفنون مختلفة، وجنديًا، وحاكمًا، وشارع قوانين، وملكًا؟! ألا يقدر الله إذن -الذي صنعنا من مواد ناقصة- أن يقيمنا بعد أن سقطنا في الاضمحلال؟! فالذي يشكل الجسد من شيء حقير ألا يقدر أن يقيم الجسم الساقط أيضًا ثانية؟! والذي يُشكل ما لا يشكل ألا يقيم الكائن الذي سقط؟!... الرد على السامريين 11. لننتقل إلى السامريين الذين قبلوا الشريعة فقط ولا يميزون الأنبياء. فالفصل الذي قُرِئ من حزقيال يبدو لهم بلا قوة، لأنهم كما قلت لا يعترفون بالأنبياء. كيف إذن نقنع السامريين أيضًا؟ لنذهب إلى كلمات الشريعة! يقول الله لموسى: "أنا إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب"، فهو إذن إله من لا وجود لهم. ومتى يقول ملك: أنا ملك جنود غير موجودين؟! أو من يتظاهر بثروة لا يملكها؟! لذلك إبراهيم وإسحق ويعقوب لابد أنهم عائشون حتى أن الله يكون إله من لهم وجود. لأنه لم يقل: "كنت إلههم" بل "أنا إلههم". إنه توجد دينونة، ويظهر ذلك إبراهيم في قوله للرب: "أديّان الأرض كلها لا يصنع عدلًا؟" (تك 18: 25) أمثلة من أسفار الناموس 12. لكن يعترض السامريون على هذا أيضًا ويقولون إن نفوس إبراهيم وإسحق ويعقوب مُمكن بقاؤها لكن أجسادهم لا يمكن قيامتها ثانية. فهل كان ممكنًا أن تتحول عصا موسى التقي إلى حيَّة، وغير ممكن أن تحيا أجساد الأتقياء وتقوم ثانيةً؟ وهل عمل هذا خلافًا للطبيعة، وهل لا يعودون هم ثانية بحسب الطبيعة؟! كذلك عصا هرون ولو أنها قُطفت، لكنها ازدهرت بدون رائحة الماء (أي 14: 9). ولو أنها تحت سقف أزهرت أزهارًا كما لو كانت في الحقول، ولو أنها وضعت في مواضع جافة وحملت في ليلة الزهور وأثمر النبات الذي يُسقى سنينًا عديدة، فهل قامت عصا هرون من الموت، وهرون نفسه لا يقوم؟! هل يعمل الله معجزات في الخشب ليضمن له الكهنوت، ولا يتعطف بقيامة هرون نفسه؟ تحوّلت امرأة إلى ملح على خلاف الطبيعة، وتحول جسدها إلى ملح، أفلا يرجع اللحم إلى لحم؟! هل تحولت امرأة لوط إلى عمود ملح وامرأة إبراهيم ألا تقوم ثانية؟! بأية قوة تغيرت يد موسى النبي التي في ساعة صارت كالثلج وعادت ثانية بأمر الله؟! فهل كان أمره يحمل قوة والآن بلا قوة؟! الخلق أم القيامة 13. أيها السامريون المجاهدون، في البدء خرج الإنسان إلى الوجود. ارجعوا إلى أول سفر في الكتاب المقدس الذي تسلمتموه. "وخلق الله الإنسان من تراب الأرض". هل يتحول إلى تراب ولا يرجع إلى لحم ثانية؟! يلزمك أن تسال أيضًا: متى وُجدت السماء والأرض والبحر والشمس والقمر والنجوم؟ وكيف صُنعت الخليقة التي تطير وتسبح في الماء؟! وكيف خرج من التراب كل ما هو حي؟! هل خرجت من العدم إلى الوجود ونحن البشر الذين على صورة الله ومثاله لا نقوم؟! حقًا هذا الحديث مملوء كفرًا ويدين عديمي الإيمان. لقد صاحب إبراهيم الرب كديان الأرض كلها بينما متعلمو الشريعة لا يصدقون! إن الإنسان وُجد من التراب، والقارئون لا يصدقون! لا يقوم الأشرار في يوم الدين 14. هذه الأسئلة موجهة إليهم، أما كلمات الأنبياء فهي لنا نحن المؤمنون. لكن مادام البعض الذين يعلمون بالأنبياء ولا يؤمنون بما هو مكتوب ويجادلون ضدنا، مسيئين فهم ما كُتب بحق: "لذلك لا يقوم الأشرار في الدين" (مز 1: 5). حسنًا يليق بنا أن نقابلهم بطريقة سطحية بقدر الإمكان، لأنه إذ قيل إن "الأشرار لا يقومون في يوم الدين". فهذا يظهر أنهم سيقومون في يوم الدين، لأن الله لا يحتاج إلى إمعان نظر طويل إليهم، بل بعد قيام الأشرار في الحال يذهبون إلى عقابهم. إذا قيل "ليس الأموات يسبحونك يا رب" (مز 115: 17). فهذا يُظهر أن هذه الحياة فقط هي الوقت المعين للندم والمغفرة. "والذي يهبط إلى الهاوية ولا يصعد" (أي 7: 9). الذين يُسرون بهذه الحياة هم الذين سيُسبحون الله. أما الذين ماتوا في الخطايا فلا يبقى لهم وقت أن يسبحوا بعد الموت كالمتمتعين بالبركات. إنما ينوحون على أنفسهم، لأن التسبيح لمن يشكر، والنحيب لمن هو تحت العقاب. لذلك يقوم الأتقياء بالتسبيح، أما الذين ماتوا في الخطايا، فليس لهم وقت للاعتراف (الحمد) بعد ذلك. أيوب والأنبياء يشهدون للقيامة 15. وبخصوص العبارة: "هكذا الذي ينزل إلى الجحيم ولا يصعد". لاحظ ما جاء بعد ذلك. "لا يرجع بعد إلى بيته" (أي 7: 10). ولما كان العالم كله سينتهي، وكل بيت سيخرب، كيف يرجع ثانية إلى بيته عندما تكون أرضًا جديدة مغايرة؟ لكن كان يجب أن يسمعوا أيوب يقول: "لأن للشجرة رجاء، إن قطعت تُخلِف أيضًا ولا تعدم خراعيبها -ولو قدم في الأرض أصلها ومات في التراب جذعها، فمن رائحة الماء تفرخ، وتنبت فروعًا كالغرس- أما الرجل فيموت ويبلى، الإنسان يسلم الروح فأين هو؟" (أي 14: 7-10 LXX). إنه يتكلم بعتاب ولوم! يقول: إذا كانت الشجرة تقع ثم تحيا ثانية، ألا يحيا الإنسان مرة ثانية الذي من أجله وُجد الشجر كله؟ ولكي لا تتصور أنه أقحم الكلمات، اقرأ ما يتبع ذلك. يقول: "إن مات رجل فيحيا" (أي 14: 14)، وحالًا يضيف: "سأنتظر إلى أن أقوم". وفي موضع آخر: "بعد أن يفنى جلدي هذا وبدون جسدي أرى الله" (أي 19: 26). وفي إشعياء: "تحيا أمواتك، تقوم الجثث" (إش 26: 19). وفي حزقيال: "ها أنذا افتح قبوركم، وأصعدكم من قبوركم" (حز 37: 12). وفي دانيال: "وكثيرون من الراقدين في تراب الأرض يستيقظون، هؤلاء إلى الحياة الأبدية وهؤلاء إلى العار والازدراء الأبدي" (دا 12: 2). أمثلة عملية على قيامة الأموات في العهدين 16. أناجيل كثيرة تشهد بقيامة الأموات، إذ توجد شهادات كثيرة في هذا الأمر. لكن الآن لمجرد التذكر نقدم تنويهًا عابرًا عن قيامة لعازر في اليوم الرابع، ونلمح فقط لضيق الوقت عن قيامة ابن الأرملة.- ولكي أُذكركم فقط، دعوني أذكر ابنة رئيس المجمع، وتشقق الصخور وقيام كثير من أجساد القديسين الذين رقدوا (مت 27: 52) فقد "فُتحت قبورهم". لكن بالأحرى كونوا ذاكرين "أن المسيح قام من الأموات" (1 كو 15: 20). أتكلم عن إيليا وعن ابن الأرملة الذي أقامه، وعن أليشع الذي أقام ميتًا مرتين: مرة في حياته وأخرى بعد موته. لأنه في حياته أتم القيامة بنفسه his soul (2 مل 4: 34). لكن لكي تُكرم ليس فقط نفوس الأتقياء، بل ولكي يُصدق أنه في أجساد الأتقياء تكمن قوة، فالجثة التي ألقيت في قبر أليشع عندما لمست جسد النبي قامت(2 مل 13: 21). فصنع جسد النبي الميت فعل النفس. الذي مات ودُفن أعاد الحياة للميت، ولو أن الذي أعطى حياة استمر وسط الأموات. لماذا؟ لئلا إن قام أليشع مرة أخرى فالعمل يُعزى لـ "نفسه" فقط، وإنما ليظهر أنه حتى في غياب "النفس" تسكن فضيلة في أجساد القديسين بسبب النفس التقية التي سكنت به عدة سنين واستعملتها لخدمتها. فلا تدعونا نكذب بجهل كأن هذه الأشياء لم تحدث. لأنه إن كانت المناديل والعصائب التي من الخارج تلمس أجساد المرضى فيشفون، فما بالك بجسد النبي نفسه يقيم الموتى؟ شهادة الكتاب المقدس عن القيامة 17. يمكننا أن نقول الكثير عن هذه الأمثال، موضحين الظروف الفائقة للطبيعة لكل حادثة، لكن لما كنتم مُتعبين من صوم (الاستعداد) المفروض، وبالسهر، فنعتبر ما قيل عنهم كافيًا. هذه الكلمات بُذرت بضعف حتى أنكم كأرض جيدة قبلت البذور. فيمكن تقديم البذور وإكثارها، ولكن اذكروا أن التلاميذ أيضًا أقاموا موتى. فبطرس أقام طابيثا في يافا، وبولس أقام أفتيخس في ترواس (أع 20: 9)، وهكذا فعل كل التلاميذ الآخرين، ولو أن المعجزات التي صنعها كل واحدٍ لم تكتب جميعها. بعد ذلك تذكروا كل الأقوال في رسالة معلمنا بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس التي كتبها ضدهم، فقال: "كيف يقام الأموات؟ وبأي جسم يأتون؟" (1 كو 15: 35) "لأنه إذا كان الموتى لا يقومون، فالمسيح إذن لم يقم" (1 كو 15: 16)، وكيف أن الذين لم يؤمنوا دعاهم أغبياء، تذكروا كل تعليمه هناك، وما يتعلق بقيامة الأموات، وكيف كتب إلى أهل تسالونيكي (تس 16: 4-13). "ثم لا أريد أن تجهلوا أيها الإخوة من جهة الراقدين لكي لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم"، لكن الأهم هو من جهة "الراقدين في المسيح سيقومون أولًا". سمات الجسد المُقام 18. لقد دّون هذا خصيصًا، كيف يقول بولس بصراحة: "لأن هذا الفاسد لابد أن يلبس عدم فساد، وهذا المائت يلبس عدم موت" (1 كو 15: 53)، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى. إذن هذا الجسد سيقوم ويلبس عدم الفساد وبشكلٍ جديدٍ. وكما يمتزج الحديد بالنار ويصبح نارًا، أو الأفضل كما يعرف الرب الذي يقيمنا: هذا الجسد سيقوم، لكنه لن يمكث كما هو الآن. إنه جسم أبدي. لا يحتاج تغذية لحياته كما هو عليه الآن، ولا إلى درجات لصعوده، لأنه سيكون روحيًا. إنه لأمر عجيب لسنا جديرين بالكلام عنه، إذ قيل في إنجيل القديس متى البشير: "حينئذ يضيء الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم" (مت 13: 43). "وكالقمر، وكضياء الجلد" (دا 12: 3). فالله العالم بعدم إيمان الناس، أعطى الديدان الصغيرة أن تُخرج من جسمها أشعة من نور حتى أنه مما نرى نصدق ما نتوقعه. لأن الله الذي يعطى الجزء قادر أن يعطى الكل أيضًا. والذي جعل الدودة متألقة بالنور، يجعل بالأحرى الإنسان النقي يضيء. يشترك الجسد في العمل كما في المكافأة 19. سنقوم إذ ذاك كلنا بأجسادنا الأبدية، لكن ليس الكل بأجسادٍ متشابه، فالإنسان التقي يأخذ جسدًا سماويًا، حتى يتأهل للتحدث مع الملائكة، وأمّا الشرير فيأخذ جسدًا أبديًا مناسبًا يتحمل عقوبة الذنوب، فيحترق إلى الأبد في النار ولا يبيد. بحق يسمح الله بهذا النصيب للطرفين، لأننا لا نعمل شيئًا بدون الجسد. فنحن نجدف بالفم، وبالفم نصلي. بالجسد نرتكب الزنى، وبه نحفظ العفة. باليد نسرق وباليد نمنح صداقات، وهكذا.الجسد الذي كان خادمًا لنا في كل شيءٍ سيشاركنا في المستقبل ثمار الماضي. لنعتنِ بأجسادنا إذ هو يخصنا 20. لذلك أيها الإخوة لنعتنِ بأجسادنا، فلا نسيء استعمالها كأنها ليست لنا. فلا نقول كالهراطقة إن هذا الثوب من الجسد لا يخصنا. لكن لنعتني به إذ هو يخصنا. يجب أن نقدم حسابًا لله عن كل الأشياء التي يصنعها الجسد. لا تقل لا يراني أحد. لا تفكر أنه يوجد شاهد على الفعل، وغالبًا لا يكون هناك شاهد بشري، لكن الله الذي خلقنا شاهد لا يخطئ "والشاهد في السماء أمين" (مز 89: 37)، يراقب ما نعمله. دنس الخطية يبقى في الجسد، وآثار جروحه تبقى في الكل، ولا تُزال إلا من الذين قبلوا حميم العماد. الجروح السابقة للنفس والجسد يشفيها الله بالعماد. لنحترس لأنفسنا من الخطايا المستقبلة حتى نحفظ الجسد طاهرًا. فليس من أجل الزنى والانهماك في الشهوات الجنسية الأخرى لوقتٍ قصيرٍ نضيع خلاص السماوات، لكن نُوهب ميراث ملكوت الله الأبدي، الذي نطلب من الله أن يحسبكم جميعًا مستحقين إياه بنعمته. حفظ قانون الإيمان 21. وهكذا توجد براهين كثيرة على قيامة الأموات. والآن دعوني أتلو عليكم قانون الإيمان، وأنتم تنطقونه بكل اجتهاد بينما أتكلم... كنيسة جامعة 22. قانون الإيمان الذي نردده يقول: "وبمعمودية واحدة للتوبة لمغفرة الخطايا، وبكنيسة واحدة مقدسة جامعة. وبقيامة الأموات وحياة الدهر الآتي". تكلمت عن العماد والتوبة في المقالات السابقة وفي المقالة الحاضرة تحدثت عن قيامة الجسد، والآن أُكمل ما قد تبقى "وبكنيسة واحدة مقدسة جامعة" سنتكلم عنها باختصار، ولو أنه يمكن أن تقال أشياء كثيرة عنها. جامعة 23. لأنها تمتد في كل العالم... من أقاصي الأرض إلى أقاصيها، ولأنها تعلم تعليمًا شاملًا كاملًا فتقدم كل التعاليم التي يجب أن يعرفها الإنسان بخصوص الأمور المنظورة وغير المنظورة، السماوية والأرضية. ويخضع لها كل جنس الرعاة والرعية، المتعلمون وغير المتعلمين، ولأنها عمومًا تعالج وتشفي كل أنواع الخطايا التي اُرتكبت بالروح أو الجسد، وتملك فيها كل ما يُسمى تكوين للفضيلة والأعمال والأقوال، وكل نوع من المواهب الروحية. "إكليسيّا" أو جماعة 24. بحق دعيت "إكليسيّا" لأنها تدعو كل الناس، وتجمعهم مع بعضهم البعض. كقول الرب في لاويين: "واجمع كل الجماعة إلى باب خيمة الاجتماع" (لا 8: 3). وليكن معلومًا أن كلمة "اجمع" استعملت لأول مرة في الكتاب المقدس هنا في الوقت الذي وُضع هارون في رئاسة الكهنة، وفي سفر التثنية أيضًا قال الرب لموسى: "اجمع لي الشعب، فأُسمعهم كلامي لكي يتعلموا أن يخافوني" (تث 4: 10). ويُذكر اسم الكنيسة عندما يتكلم عن لوحيّ الشريعة، وعليهما كتبت كل الكلمات التي تكلم بها الرب على الجبل. كأنه يقول بأكثر صراحة: "في اليوم الذي دُعيتم فيه من الله واجتمعتم". يقول المرتل داود: "أحمدك في الجماعة الكثيرة. في شعب عظيم أسبحك" (مز 35: 18). رفض اليهود ونشأة الكنيسة 25. ومن القديم يرنم صاحب المزامير: "في الجماعات باركوا الله الرب" (مز 68: 26). لكن بعد أن أُستبعد اليهود من نعمته (بسبب المؤامرات التي فعلوها ضد المسيح) بنى المخلص من الأمم كنيسة ثانية مقدسة، كنيستنا نحن المسيحيين، إذ قال لبطرس: "على هذه الصخرة ابني كنيستي، وأبواب الجحيم لم تقوى عليها" (مت 16: 18). وتنبأ داود عن الاثنين، فقال في صراحة عن الأولى: "أبغضت جماعة الأثمة" (مز 26: 5). وأمّا عن الثانية التي بُنيت فيقول "يا رب أحببت محل مسكنك" (مز 26: 8) وبعدها رأسًا يقول: "في الجماعات أبارك الرب" (مز 26: 12). ولما كانت الكنائس في اليهودية قد نُبذت، زادت كنائس المسيح في العالم كله. وعنها يُقال في سفر ملاخي: "ليست لي مسرة بكم، قال رب الجنود، لأنه من مشارق الشمس إلى مغاربها اسمي عظيم بين الأمم" (مل 1: 10، 11). بخصوص هذه الكنيسة المقدسة يكتب بولس لتيموثاوس في رسالته الأولي "فكيف يجب أن تتصرف في بيت الله الذي هو كنيسة الله الحي، عمود الحق وقاعدته" (1 تي 3: 15). تجنب اجتماعات الهراطقة 26. ولما كانت الكلمة "إكليسيّا" أي الكنيسة قد استعملت بمعانٍ مختلفة (كما كتبت عن الحشد في مسرح الأفسسيين) "ولما قال هذا صرف الجمع" (1 تي 3: 15)، ولئلا يقول أحد بالحق إن هناك كنيسة أشرار، أعني اجتماع الهراطقة المانيين وأتباع مرقيون وغيرهم. لهذا السبب أسلم لك في أمان القول "بكنيسة واحدة مقدسة جامعة" حتى تتجنب اجتماعاتهم التعسة، وتستمر على الدوام مع الكنيسة المقدسة الجامعة التي وُلدت فيها. وإن حللت في مدن لا تسأل ببساطة أين "بيت الرب" (لأن طوائف الملحدين يحاولون أيضًا أن يُسمّوا أوكارهم بيوت الرب)، ولا تسأل فقط "أين الكنيسة"، بل "أين الكنيسة الجامعة". لأن هذا هو الاسم الخاص لهذه الكنيسة المقدسة أمنا جميعًا. عروس السيد المسيح ابن الله الوحيد. لأنه مكتوب: "وكما أَحبّ المسيح الكنيسة وأَسلم نفسه لأجلها" (أف 5: 25). وهي صورة ونسخة من أورشليم السمائية التي هي "أمنا جميعًا، وهي حرة" (غل 4: 26). التي كانت من قبل عاقرًا وأصبح لها أولاد كثيرون الآن. غنى الكنيسة الجامعة 27. لما طُردت الكنيسة الأولى (اليهودية)، ففي الثانية أقام الله بنفسه الكنيسة الجامعة ما قاله بولس "أولًا: رسلًا، ثانيًا: أنبياء، ثالثًا: معلمين ثم قوات، وبعد ذلك مواهب شفاء. أعوانًا، تدابير، وأنواع ألسنة" (1 كو 12: 28). وفيها كل أنواع الفضائل، أعني الحكمة والفهم، والاعتدال والعدل والرحمة والمحبة المترفقة، والصبر الذي لا يُقهر في الاضطهادات. إنها "بسلاح البرّ لليمين ولليسار، بمجدٍ وهوانٍ" (2 كو 8: 6-7). في الأيام السالفة وسط الاضطهادات والمحن توِّج الشهداء القديسون بأكاليل الصبر المزهرة المختلفة. والآن في وقت السلام بنعمة الله قبلت كجسدها الجدير بها من الملوك والذين هم في منصب (1 تي 2: 2)، ومن كل نوع وقرابة من الناس. وبينما انتهى سلطان ملوك الأمم في الكنيسة المقدسة الجامعة وحدها، تمتد قوتها (الروحية) بلا حدود في كل العالم، لأن الله -كما هو مكتوب- جعلها ملجأ سلام. إن أردت أن أتكلم عن كل الأشياء المتعلقة بها احتاج لساعاتٍ طويلة. الحياة الأبدية 28. في هذه الكنيسة المقدسة الجامعة نتقبل التعليم ونسلك بتقوى لننال ملكوت السماوات ونرث الحياة الأبدية، لذلك أيضًا نحتمل كل الأتعاب، حتى نكون شركاء مع الرب. لأن قصدنا ليس بالأمر التافه، إنما نسعى للحياة الأبدية. ففي قانون الإيمان بعد الحديث عن قيامة الأموات (التي تحدثنا عنها) تعلمنا أن نؤمن أيضًا بالحياة الأبدية التي نجاهد لها كمسيحيين. مصدر الحياة الأبدية 29. الآب هو الحياة الحقيقية، الذي يغدق عطاياه السماوية على الكل كأنها من ينبوعٍ خلال الابن في الروح القدس. وفي محبته للبشر وعدنا ببركات الحياة الأبدية بدون فشل من جانبنا. يجب ألاّ نجحد هذه الإمكانية، لكن لنا عين ترى، ليس ضعفنا، بل قوته "لأن كل شيء مستطاع عند الله". ولما كان هذا ممكنًا، ويجب أن ننظر إلى الحياة الأبدية كما يوضح دانيال ذلك: "الذي ردوا كثيرين إلى البرّ كالكواكب إلى أبد الدهور" (دا 12: 3). ويقول بولس: "وهكذا نكون كل حين مع الرب" (1 تس 4: 17)، لأن وجودنا دائمًا مع الرب هو الحياة الأبدية. لكن الأكثر صراحة قول المخلص: "فيمضي هؤلاء إلى عذابٍ أبديٍ، والأبرار إلى حياة أبدية" (مت 25: 46). كيف نربح الحياة الأبدية؟ 30. كثيرة هي البراهين التي تخص الحياة الأبدية. عندما نرغب في أن نربح الحياة الأبدية، يوحي لنا الإنجيل المقدس بطرق ربحها. ولكي لا يطول حديثنا نبسط أمامكم شهادات قليلة، ونترك الباقي لبحث المجتهدين. فبعض النصوص تصرح مرة أنها بالإيمان، إذ مكتوب: "الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية" (يو 3: 36). ويقول أيضًا: "الحق أقول لكم أن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية" (يو 5: 24). مرة أخرى تقول بشارة الإنجيل: "والحاصد يأخذ أجرة، ويجمع ثمرًا للحياة الأبدية" (لو 4: 36)، مرة أخرى بالاستشهاد والاعتراف باسم المسيح "من يكره نفسه في هذا العالم يحفظها لحياة أبدية" (مر 7: 25). وأيضًا بتفضيل المسيح على المال والأقارب "كل من ترك بيوتًا أو إخوة أو أبًا أو أمًا أو امرأة أو أولادًا أو حقولًا من أجل اسمي يأخذ مائة ضعف ويرث الحياة الأبدية" (مت 19: 29). وبالأكثر يكون بحفظ الوصايا "لا تزنِ لا تقتل..." كما أجاب الذي أتى إليه، وقال يا معلم "ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية" (مر 10: 17). وأيضًا بترك الأعمال الشريرة، وهكذا نخدم الله، إذ يقول معلمنا بولس: "الآن إن أُعتقتم من الخطية وصرتم عبيدًا لله فلكم ثمركم للقداسة والنهاية للحياة الأبدية" (رو 6: 22). أبواب كثيرة بها ندخل الحياة الأبدية 31. كثيرة هي طرق الحياة الأبدية، لأن الرب في محبته المترفقة فتح لا بابًا واحدًا ولا اثنين لكن أبوابًا كثيرة بها ندخل الحياة الأبدية، حتى يمكن أن يتمتع بها الكل دون عاتق... التمتع بالأسرار الكنسية 32. والآن أيها الإخوة المحبوبون تعظكم كلمة الإرشاد لتُعد نفوسكم لاستقبال النعم السماوية الخاصة بالإيمان المقدس الرسولي المسلم لكم للاعتراف. فقد تكلمنا بنعمة الرب في مقالات كثيرة على قدر ما أمكن في الأيام الماضية للصوم الكبير، ليس لأن هذا هو ما كان يجب أن نقوله، إذ كثيرة هي النقاط التي حُذفت، والتي في استطاعة معلِّمين ممتازين تقديمها. لكن عيد الفصح المقدس قريب، وأنت يا حبيب المسيح يجب أن تستنير "بحميم الميلاد"، وسنتعلم ثانيًا (إن أراد الرب) ما هو ضروري وبأية عبادة وترتيب عظيم ما يجب أن تفعلوا، عندما تستعدون بقصد إتمام أحد الأسرار المقدسة أي العماد، وبأي احترام وترتيب يجب أن تذهبوا إلى مذبح الله المقدس وتتمتعوا بأسراره الروحية السمائية، حتى إذا استنارت نفوسكم بكلمة التعليم يمكنكم أن تكتشفوا في كل شيء عظمة النعم المغدقة عيكم من الله. الحاجة إلى عظات عن الأسرار 33. وبعد يوم عيد القيامة المقدس الذي للخلاص ستأتون يومًا بالتتابع مبتدئين باستماع مقالات أخرى تتعلمون فيها أسباب كل شيء عُمل، وتأخذون البراهين من العهدين القديم والجديد. أولًا: الأشياء التي تُعمل قبل العماد مباشرة، ثانيًا: كيف تطهرتم من خطاياكم بالرب؟ "بغسيل الماء بالكلمة" (أف 5: 26). وكيف صرتم شركاء في اسم المسيح مثل الكهنة، وكيف أُعطيتم ختم شركة الروح القدس؟ وبخصوص أسرار مذبح العهد الجديد التي ابتدأت من هذا المكان، ما سلّمه لنا الإنجيل المقدس، وما هي قوة هذه الأسرار؟ وكيف يجب الاقتراب منها ؟ وكيف ومتى نتناولها؟ وفي آخر الكل، كيف في الزمن الآتي يجب أن تسلكوا كما يليق بهذه النعمة من جهة الكلمات والأعمال، حتى يمكنكم كلكم أن تتمتعوا بالحياة الأبدية؟ كل هذه الأمور ستقال إن شاءت مسرة الرب. الاستنارة بالعماد 34. أخيرًا يا إخوتي افرحوا في الرب كل حين، وأقول أيضًا افرحوا لأن خلاصكم يقترب، وطغمات الملائكة السماوية تنتظر خلاصكم، والآن صوت صارخ في البرية أعدوا طريق الرب (إش 60: 3). ويصرخ النبي: "أيها العطاش هلموا جميعًا إلى المياه". وبعدها فورًا "استمعوا لي وكلوا الطيب ولتتلذذ بالدسم أنفسكم" (إش 55: 1-2). وفي برهة قصيرة ستستمعون هذا الدرس الممتاز القائل: "قومي استنيري لأنه قد جاء نورك" (إش 60: 1)، وعن أورشليم هذه قال النبي: "بعد ذلك تُدعين مدينة العدل القرية الأمينة صهيون" (إش 1: 26) و"لأنه من صهيون تخرج الشريعة، ومن أورشليم كلمة الرب" (إش 2: 3)، الكلمة التي وزعت بسخاء على العالم أجمع. وما يقوله النبي أيضًا بخصوصكم: "ارفعي عينيك حواليك وانظري. بنوك قد اجتمعوا إليك" (إش 49: 18)، وهي تجيب قائلة: "من هؤلاء الطائرون كالسحاب وكالحمام إلى بيوتها"؟ (إش 60: 8)، سحاب لطبيعتها الروحية، وحمام لطهارتها. وتقول ثانية: "هل تمخض بلاد في يوم واحد، أو تولد أمة دفعة واحدة؟ فقد تمخضت صهيون بل ولدت بنيها" (إش 66: 8). وكل الأشياء تمتلئ بفرح لا ينطق به، لأن الرب قال: "هأنذا خالق أورشليم بهجة وشعبها فرحًا" (إش 65: 18). مبارك هو الله! 35. نرجو أن تُقال هذه الكلمات أيضًا لكم: "ترنمي أيتها السماوات، وابتهجي أيتها الأرض، لأن الرب قد عزى شعبه وعلى بائسيه يترحم" (إش 49: 13). وسيحدث هذا من شفقة الرب المحبة القائل لكم: "قد محوْت كغيم ذنوبك، وكسحابة خطاياك" (إش 44: 22). وأنتم الذين حُسبتم جديرين باسم المؤمنين، الذي عنكم كُتب: "ويسمي عبيدي اسمًا جديدًا يتبارك في الأرض" (إش 65: 15). ستقولون بفرحٍ: "مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذي باركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح" (أف 1: 3). "الذي فيه الفداء لنا بدمه لغفران خطايانا التي أجزلها لنا بكل حكمة وفطنة" (أف 1: 7، 8)... "الله الذي هو غني في الرحمة من أجل محبته الكثيرة التي أحبنا بها. ونحن أموات بالخطايا أحيانًا مع المسيح" (أف 2: 4). وفي مثل هذا تسبحون الرب على كل الأشياء الطيبة، قائلين: "ولكن حين ظهر لطف مخلصنا الله وإحساناته. لا بأعمال في برٍّ عملناها نحن، بل بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس. الذي سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح مخلصنا، حتى إذا تبرّرنا بنعمته نصير ورثة حسب رجاء الحياة الأبدية" (تي 3: 4). ونرجو الله أبا ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح أبو المجد "أن يعطيكم روح الحكمة والإعلان في معرفته، مستنيرة عيونكم وأذهانكم" وأرجو أن يحفظكم في أعمال وأقوال وأفكار مقدسة. الذي له المجد والكرامة والقوة في ربنا يسوع المسيح مع الروح القدس، من الآن وإلى دهر الدهور. آمين. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
اسكتش كنيسة واحدة مقدسة رسولية |
الكنيسة الأرثوذكسية كنيسة جامعة مقدسة رسولية |
كنيسة جامعة _ كيرلس الأورشليمي |
الكنيسة: مقدسة - جامعة - رسولية |
كنيسة جامعة _ كيرلس الأورشليمي |