أنا أقول إن كل الذين دخلوا بكل قلوبهم يتعلمون الصبر
إلي أن يقدروا علي مقاومة العدو.
هؤلاء قبل كل شيء يدعوهم الروح القدس ويسهَّل عليهم كل الأمور حتي يُحَلَّي لهم الدخول في التوبة، ويُظهِر لهم طرقها الحقيقية لكي يتوبوا بأرواحهم وأجسادهم ويرجعوا إلي الله الخالق فيعضدهم بالقوة حتي يُقمِعوا الجسد والروح لكي يطهُرا كلاهما ويصيرا وارثين للحياة الأبدية.
أما الجسد فنتعبه بالصوم الكثير والسهر والجهاد وبقية الخدمات التي بها يُقمع الإنسان جسده. وبهذا (تؤازر)روح التوبة الإنسان وتعزَّيه وتعرَّفه أن لا يرجع إلي ورائه ولا يتعلّق بشيء من أمور العالم. أما الروح فتنفتح عيناها أيضاً (لمعرفة) التوبة الحقيقية لكي تطهُر مع الجسد ويكون كلاهما واحداً في الطهارة، لأن هذه هو تعليم الروح القدس. لأنه يسعي أمامهما (أي يقودهما) ويطهَّرهما ويمحو منها الطبائع (الغريبة) الممتزجة بالجسد، وينقلهما كليهما إلي الخلقة (أي الحالة) الأولي التي كانت لهما من قبل المخالفة. ولا يبقي في الإنسان شيء من أمور العدو. وعند ذلك يصير الجسد تابعاً إرادة العقل الذي يطهَّره في أكله وشربه ورقاده وسائر تصرفاته، ويتعلم دائماً من الروح القدس، كما يقول الرسول: "إني أُقمِع جسدي وأستعبده" (1كو27:9).