رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ما هي المذاهب التي فيها ينكر ناسوت المسيح ؟ إن الغنوسيين أنكروا بطرق متنوعة ناسوت المسيح كما أنكر الأبيونيون لاهوته وساقهم إلي ذلك آرائهم في أصل الشر. فقالوا إن الله هو مصدر الخير فقط وإن الشر موجود فلابد من أن يكون أًصله خارجاً بل مستقلاً عنه تعالي وأنه سبحانه مصدر جميع الكائنات الروحية لأن جميعها صدرت من جوهره وإن منها صدرت كائنات أخري ومن تلك صدر غيرها وهلم جرا وكل صادر كان دون ما صدر منه فكانت درجة انحطاط الكائنات بالنسبة إلي بعدها عن المصدر الأصلي. وقالوا أيضاً أن الشر يصدر من المادة وأن خالق العالم ليس الله بل روح دون الله يسمي الديميورغوس قال بعض طوائف الغنوسيين أنه إله اليهود. وإن الإنسان مكون من روح صادرة من الله متحدة بجسد مادي ونفس حيوانية وأن تلك الروح تدنست واستعبدت يسبب هذا الاتحاد. وأن فداءها يتم بتحريرها من الجسد لأنه يمكنها من الرجوع إلي دائرة الأرواح الطاهرة أو الغياب في الله ولأجل إتمام هذا الفداء أتي المسيح إلي هذا العالم وهو من أسمي الكائنات الصادرة من الله. وكان ينبغي له أن يظهر في هيئة إنسان ولكنه كان مستحيلاً أن يصير إنساناً بدون الخضوع للفساد والعبودية اللذين أتي لينقذ البشر منهما. ولإزالة هذه الصعوبة نشأت آراء متنوعة. فذهب البعض وهم الدوسيتيون إلي أن المسيح لم يكن له جسد حقيقي ولا نفس بشرية. وإن ظهوره جسدياً علي صورة إنسان إنما كان خيالاً أو طيفاً بدون جوهر ولا حقيقة ولذلك سموا دوستيين (وهي كلمة يونانية مشتقة من فعل معناه يظهر أو يتراءى). فحياة المسيح علي الأرض حسب اعتقاد هذه الفرقة من الغنوسيين كانت وهماً وأنه لم يولد بالحقيقة ولا تألم ولا مات بل كان ذلك حسب الظاهر فقط. وذهب غيرهم إلي أنه كان ذا جسد حقيقي ولكن أنكروا ماديته أي كونه مادياً واعتقدوا أنه كان مصنوعاً من جوهر سماوي أتي به المسيح إلي العالم وأنه وإن ولد من مريم العذراء لم يكن من جوهرها بل كانت إناء وضع فيه ذلك الجوهر السماوي. وذهب غيرهم ومنهم الكورنثيون إلي أن يسوع المسيح شخصان ممتازان أما يسوع فهو ابن يوسف وهو إنسان كسائر الناس وأما المسيح فهو روح أو قوة حل علي يسوع عند معموديته وصار مرشداً وحارساً له ومكنه من صنع العجائب وفي وقت آلامه تركه يكابد الآلام وحده ورجع إلي السماء. وربما أن الكتاب المقدس يعلن لنا بكل بيان أن يسوع المسيح مخلص العالم هو إنسان بالحقيقة اعتبرت الكنيسة جميع تلك الآراء الغنوسية ضلالات ورفضتها. ومن مذاهب الضلال من جهة ناسوت المسيح مذهب الأبوليناريين نسبة إلي أبوليناريوس كان أسقفاً شهيراً في لاودكية وحقيقة مذهبهم هو أن الإنسان علي رأي أفلاطون مؤلف من ثلاثة جواهر وهي الجسد والنفس الحيوانية والروح الناطقة وأن المسيح مؤلف من ثلاثة جواهر وهي الجسد والنفس الحيوانية واللاهوت وبذلك أنكروا أن للمسيح روحاً ناطقة كما لسائر البشر وزعموا أن اللاهوت أخذ في المسيح مكان الروح الناطقة في الإنسان. ومما قادهم إلي هذا القول صعوبة تصور اتحاد طبيعتين كاملتين في شخص واحد. فقالوا إذا كان المسيح الله أو الكلمة الإلهي لابد أن يكون ذا عقل غير محدود وإرادة قادرة علي كل شئ وإذا كان إنساناً كاملاً لابد أن يكون ذا عقل محدود وإرادة بشرية فكيف يمكن أن يكون شخصاً واحداً والحالة هذه. نعم إن ذلك مما لا يدركه العقل البشري ولكن لا مناقضة فيه ولذلك فند التعليم الأبوليناري في مجمع مسكوني عقد في القسطنطينية سنة 381م ورفض ثم تلاشي بعد قليل. |
|