رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تلميذان عابسان: الطبيب والدواء ... اقترب إليهما يسوع نفسه وكان يمشي معهما... فقال لهما: ما هذا الكلام الذي تتطارحان به وأنتما ماشيان عابسين؟ ( لو 24: 15 ، 17) ما أعظم نعمته وهو يبحث عن قديسيه المُحبطين التائهين المتخبطين، وإن كانوا مُبتعدين. وما أروعه مشهد يتكرر معنا كل يوم! ففي وقت الأزمات والأحزان، عند البُعد والتيهان، لا بد أن يقترب الحنَّان، وهكذا يظهر في المشهد «يسوع نفسه». وذاك الذي نسمعه يومًا بالنبوة صارخًا «اقترب إلى نفسي فكها» ( مز 69: 18 )، لا يتوانى عن أن يقترب إلى نفوسنا في ضيقها ليعزي ويشجع ويصحح ويعلِّم. وما بين المؤمن و«يسوع نفسه» لا يحتمل وسيطًا يتدخل فيه. ففيما تلميذا عمواس مدفوعان باحتياجهما، منجذبان لنعمته، اندمجا معه في الحديث دون تحفظ، وإن أُمسكت أعينهما عن معرفته. ولقد حاز ثقتهما فاستخرج من شفتيهما تقريرًا بالحالة كلها. ليتنا ندرك أنه الجدير بالثقة وحده! كيف لا، وهو الذي جاز كل الأحزان وغلب ملك الأهوال؟ وهكذا باشر هذا الطبيب الماهر علاجه: «فقال لهما: أيها الغبيان والبطيئا القلوب في الإيمان .... أَمَا كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده؟». إذ نوى أن يبارك، فلا بد من كشف حالة القلب. وإن كان ليس من المُسّر أن نختبر حقيقة ذواتنا، فإنها الطريقة التي يستخدمها الله للبركة، فهي التي تتناسب مع اعتباراته. على أن كشف قلوبنا، وإن كان لازمًا فهو غير كافٍ. وقد كان علاج القلوب البطيئة في الإيمان أن يكلمهما عن آلامه والأمجاد التي بعدها؛ وليس سوى هذين الأمرين معًا يلهب القلب المتبلِّد. ليس أمجاده فقط، كما ظن تلميذا عمواس، ولا الآلام فقط كما فعل الكثيرون اليوم. ليت قلوبنا تمتلئ، ليس فقط بمعرفة المسيح الذي مات، بل بالحري الذي قام والذي هو الآن في المجد. «ثم ابتدأ ... يفسِّر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب» (ع27). لقد كانا يتحدثان عن الأمور المختصة بهما، وها هو يقودهما إلى الأمور المختصة به. وأرادا إدخاله في أمورهما، فأدخلهما هو في أموره، حتى يعرفاه كالمُقام من الأموات. نخسر كثيرًا إذا ما بحثنا في المكتوب عن الأمور المختصة بنا، وعلينا بالأحرى أن نفهم كل المكتوب على أنه الأمور المختصة به، وعندئذٍ سنجده هو بنفسه ـ له كل المجد ـ يفسِّر لنا أمورًا تعجز الحكمة البشرية عن سبر أغوارها إذ هي متعلقة بذلك الشخص غير المحدود. وما أمجد النتيجة! |
|