منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 03 - 02 - 2014, 04:34 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,800

كتاب الرجوع إلى الله لقداسة البابا شنودة الثالث

كتاب الرجوع إلى الله لقداسة البابا شنودة الثالث
الجزء الأول من هذا الكتاب يشمل موضوعين:
أ‌-الخطية هي إنفصال عن الله.. وقد ألقينا في هذا الموضوع محاضرتين في الكاتدرائية الكبري يومي الجمعة 15/10/76، 27/7/1979.
ب‌-الرجوع إلي الله.. وقد ألقينا في هذا الموضوع ثلاث محاضرات في الكاتدرائية الكبري أيام الجمع: يوم 19/8/1977 بعنوان "إرجعوا إلي أرجع إليكم"، يوم 6/6/1980 بعنوان "الرجوع إلي الله"، يوم 17/7/1981 بعنوان "العودة إلي الله"، أما الجزء الثاني وهو (الصلح مع الله).
فقد ألقينا فيه محاضرتين في الكاتدرائية الكبري في يومي الجمعة 21/3/75، 12/11/1976 مع محاضرتين عن (كيف أصطلح مع الله) بتاريخ 27/11/70، 4/12/1970. أضيفت إليهما محاضرة أخري عنوانها (الخطية خيانة) ألقيت في الكاتدرائية يوم 13/4/73 خلال أسبوع الآلام. ومن ثمرة هذه العشر محاضرات، اصدرنا هذا الكتاب..
رد مع اقتباس
قديم 03 - 02 - 2014, 04:38 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,800

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الرجوع إلى الله لقداسة البابا شنودة الثالث

الخطية انفصال عن الله
كتاب الرجوع إلى الله لقداسة البابا شنودة الثالث

ما هي الحياة الروحية؟ أليست هي الإلتصاق بالله، كما يقول المرتل في المزمور:
" أما أنا فخير لي الإلتصاق بالرب" (مز 73: 28).
بل هي أكثر من هذا الإلتصاق أيضًا. إنها الثبات في الرب، حسبما قال لنا "إثبتوا في وأنا فيكم" (يو 15: 4).
إنها حياة إنسان ثابت في الرب، يتمتع بعشرته، ويتمتع بمحبته. يحتفظ بالله في قلبه، ويعيش هو في قلب الله.
كتاب الرجوع إلى الله لقداسة البابا شنودة الثالث
فهل الخاطئ إنسان ثابت في الله، وثابت في محبته؟
كلا، فالخاطئ له طريق اَخر، غير طريق الله.
إنه قد إنفصل عن الله في التصرف، وفي الأسلوب، وفي المشيئة. فأصبحت له مشيئة غير مشيئة الله. وصار يريد ما لا يريده الله. إنه إنسان يتحدي الله بلا خوف، ويكسر وصاياه. وفي كسره لوصايا الله، يكون قد إنفصل عن محبته أيضًا. لأن الرب يقول: "إن كنتم تحبونني، فإحفظوا وصاياي" (يو 15: 15) "الذي عنده وصاياي ويحفظها، فهو الذي يحبني" (يو 15: 21).

كتاب الرجوع إلى الله لقداسة البابا شنودة الثالث
الخطية إذن هي إنفصال عن محبة الله، وعن وصاياه.
هي حياة إنسان قد أعلن أستقلاله عن الله وعن ملكوته، وصار يسلك حسب هواه، دون أن يضع الله أمامه.
إنه إنسان قد إنفصل عن الله، وتمسك بأن تكون له شخصية قائمة بذاتها، بعيدة عن توجيه الله وقيادته، تفعل ما يحلو لها.. كما حدث حينما طلب بنو إسرائيل لهم ملكًا يحكمهم بدلًا من حكم الله لهم، فقال الله لصموئيل النبي:
"هم لم يرفضوك أنت، إنما إباي قد رفضوا" (1 صم 8: 7). "رفضوا أن أملك عليهم".. رفضوا حياة التسليم التي يحياها أولاد الله، في طاعة وخضوع لمشيئته.. والملك الذي صار لهم، شاول، سلك هو أيضًا حسب هواه، مستقلًا عن الله، لا يريد أن الله يدبر له أموره، أو يدير له أموره، بل كان يدير كل شيء بفكره الخاص، دون أن يسأل عن مشيئة الله أين هي!
كتاب الرجوع إلى الله لقداسة البابا شنودة الثالث
فالخطاة ينفصلون عن إرادة الله، وينفصلون أيضًا عن إرادة الله.. وقد عبر الله عن هذا الإنفصال بقوله: "رفضوني "و" تركوني".
فقال "تركوني أنا ينبوع الحياة الحية، وحفروا لأنفسهم اَبارًا، اَبارًا مشققة لا تضبط ماء" (أر 2:13). وقال أيضًا "رفضوني أنا الحبيب مثل الميت المرذول" (مز 37: 21).
نعم، إن الخطية هي إنفصال عن الله، ترك له، ورفض له. الخاطئ لا يشعر بحب نحو الله، ولا بدالة معه.
إنه إنفصل عن الله، ليس فقط في سلوكه وفي تصرفه، وإنما أيضًا في قلبه وفي حبه ومشاعره.
أصبح القلب يحب أشياء أخري، قد حلت محل الله فيه.ولم يعد الله في إهتمامه، بل صار يهتم بأمور أخري غير الله، هي التي تشغل الآن فكره، وتشغل وقته، وتشغل قلبه..!
ففي حالة الخطية، ينفصل القلب عن الله، علي قدر ما يحب العالم الحاضر. فإن صارت محبته للعالم كاملة، يكون إنفصاله عن الله كاملًا، لأن "محبة العالم عداوة لله" (يع 4: 4)، "إن أحب أحد العالم، فليست فيه محبة الآب" (يو 2: 15).
كتاب الرجوع إلى الله لقداسة البابا شنودة الثالث
لا يمكن إطلاقًا أن يجمع أحد بين ضدين: محبة الله، ومحبة الخطية. وعليه أن يختار: إما هذه، وإما تلك..
إن عشت مع الله، لا بد أن تنفصل عن الخطية، وإن عشت في الخطية، تكون بالضرورة منفصلًا عن الله.
تنفصل عنه، وعن ملكوته، وعن مشيئته، وعن وصاياه، وعن محبته، وعن عمله، وعن الشركة معه.. وكما قال الرسول: "الله نور، ليست فيه ظلمة البتة. إن قلنا إن لنا شركة معه، وسلكنا في الظلمة، نكذب ولسنا نعمل الحق" (1 يو 1: 5، 6).
الله نور، والخطية ظلمة. وقد قال الكتاب:
"أية شركة للنور مع الظلمة؟!" (2 كو 6: 14).
الذي يعيش في الظلمة، يكون بلا شك قد إنفصل عن النور، أي عن الله. والناس الذين إنفصلوا عن السيد المسيح ورفضوه، قيل عنهم إنهم "أحبوا الظلمة أكثر من النور، لأن أعمالهم كانت شريرة" (يو 3: 19).
إذن فأنت بالخطية ترفض الشركة مع الله. وأية شركة؟
الحياة الروحية هي شركة مع الروح القدس، كما نسمع في البركة في اَخر كل إجتماع (2 كو 13: 14). وبهذه الشركة نصير "شركاء الطبيعة الإلهية" (2 بط 1: 4)، لا نصير شركاء في شركاء في الجوهر أو في اللاهوت، حاشا.. إنما نصير شركاء في العمل. روح الله يشترك معنا في العمل، يعمل فينا، ويعمل معنا، ويعمل بنا.. فهل أثناء الخطية، يكون روح الله مشتركًا معك؟!
أم أنت تكون قد فضضت هذه الشركة، وإنفصلت عن عمل الروح، وقلت للرب: لك طرقك، ولي طريق..؟!
وأصبحت بهذا الإنفصال عن روح الله، تخالف التحذير الذي قال فيه الرسول "لا تطفئوا الروح" (1 تس 5: 19) "لا تحزنوا روح الله القدوس الذي به ختمتم" (أف 4: 30).
إن الخاطئ لا ينفصل عن شركة الروح فقط، بل أنه بالأكثر يقاوم الروح، كما في التوبيخ الصادر من القديس إسطفانوس (أع 7: 51).
الخطية هي إنفقال عن الروح القدس، وعن الإبن أيضًا..
الإبن الذي هو "حكمة الله" (1 كو 1: 23). لا بد أن تكون منفصلة عنه النفوس التي لقبت بالجاهلات، كما في مثل العذاري الجاهلات (مت 25: 2). فالتصرفات التي تصدر عن الخطاة، هي تصرفات جاهلة، منفصلة عن الحكمة الإلهية، نقول عنها للرب في القداس "جهالات شعبك". وهكذا قيل في سفر الجامعة إن "الجاهل يسلك في الظلام" (جا 2: 14).
الخطية هي إنفصال عن المسيح إذن، أقنوم الحكمة.
المسيح الذي قال لنا "أنتم في، وأنا فيكم" (يو 14: 20).. كيف يمكن أن يكون فينا أثناء إرتكابنا للخطية؟! كيف يمكن أن نكون فيه، ونحن في الخطية في نفس الوقت. واضح أنه إن كانت الخطية فينا، نكون وقتذاك في حالة إنفصال عن المسيح.
وكيف نكون أثناء الخطية هيكلًا للروح القدس؟!
كيف يكون روح الله القدوس ساكنًا فينًا (1 كو 3: 16). ونحن نرتكب الخطية، بينما هيكل الله مقدس هو (1 كو 3: 17).
  رد مع اقتباس
قديم 03 - 02 - 2014, 04:40 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,800

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الرجوع إلى الله لقداسة البابا شنودة الثالث

الانفصال عن الله بالخطية
كتاب الرجوع إلى الله لقداسة البابا شنودة الثالث

لا شك أن الخطية إنفصال عن الله وعن شركته.
إنها إنفصال عن القداسة التي بدونها لا يعاين أحد الرب.. لأنه لا يعاين الله إلا أنقياء القلب (مت 5: 8). فالذي يفقد نقاوته بالخطية، لا يمكن أن تري عينه الله. بل يكون قد إنفصل عنه هكذا وقفت الخطية طوال تاريخها كحاجز بين الله والإنسان..
كتاب الرجوع إلى الله لقداسة البابا شنودة الثالث
وصار يمثل ذلك الحاجز المتوسط في خيمة الإجتماع.
هذا الحاجز - أو الحجاب - الذي كان يفصل الشعب عن قدس الأقداس، فلا يستطيعون الدخول إليه (خر 26: 33)، رمزًا إلي إنفصالهم عن الله بالخطية.. هذا الحاجز الذي هدمه المسيح بصليبه، ونحن في كل يوم - بخطايانا - نحاول أن نبنيه مرة أخري!!
الكتاب يقول عن العذارى الجاهلات إنه قد "أغلق الباب"، ووقفت هؤلاء الجاهلات خارجًا (مت 25: 11)، بينهن وبين الرب هذا الفاصل، هذا الباب المغلق. يتضرعن قائلات: "يا ربنا يا ربنا، أفتح لنا"، فلا يفتح لهن. بل يقول لهن: "إني لا أعرفكن"..
كتاب الرجوع إلى الله لقداسة البابا شنودة الثالث
لقد إنفصلن عنه تمامًا، وعن ملكوته وعن عرسه، وإنفصلن أيضًا عن العذراي الأخريات الحكيمات..
وفي قصة الغني ولعازر، نقرأ عن نفس الإنفصال. لعازر في حضن أبينا إبراهيم، والغني ينظر "من بعيد". وقد قد قال له أبونا إبراهيم "بيننا وبينكم هوة عظيمة قد أثبتت.." (لو 16: 26).

كتاب الرجوع إلى الله لقداسة البابا شنودة الثالث
الأبرار في الآخر، يكونون في أورشليم السمائية، مسكن الله مع الناس.. وهذه لا يدخلها شيء دنس، ولا ما يصنع رجسًا.. إلا المكتوبين في سفر الحياة (رؤ 21: 27). ينفصل الأبرار عن الخطاة إلي الأبد.
يفصل الله الأبرار عن الخطاة، والقمح عن الزوان، والخراف عن الجداء.. ويطرح الأشرار في الظلمة الخارجية..
الظلمة تعني إنفصالهم عن النور، أي عن الله. وتعني إنفصالهم عن المدينة المنيرة، أورشليم السمائية. وعبارة الخارجية تعني أنهم خارج جماعة المفديين الغالبين الأبرار، بعيدًا عن القديسين، الذين كانت حياتهم بعيدة عن حياتهم ومنفصلة عنها.
إذن الخاطئ سينفصل في السماء عن جميع أحبائه علي الأرض.
هنا علي الأرض الكل معًا: القديس مع الخاطئ. ولكنهم في السماء سينفصلون. فإن كان أحد علي الأرض يحب إنسانًا بارًا، فإنه لن يراه في المساء، إلا إذا تاب ههنا، وصار باراص مثله، وإستحق بهذا أن يوجد في الموضع الذي سيوجد فيه ذلك البار.
أما إن ظل خاطئًا، فقد إنقطعت صلته بذلك الحبيب إلي الأبد، مهما كان إبنًا، أو أخًا، أو أبًا، أو صديقًا..
كتاب الرجوع إلى الله لقداسة البابا شنودة الثالث
لا بد أن يكون مثله، ليتمتع بعشرته في الأبدية..
فإن كان الإثنان اللذان يحبان بعضهما البعض خاطئين معًا، فماذا يحدث؟ أقول إن العذاب الذي يلاقيه كل منهما في الأبدية، لا يعطيه فرصة أن يفكر في غيره، بل عذاب غيره يكون عذابًا اَخر مضافًا إليه، وليس متعة لعشرته.
الحل الوحيد إذن، الذي يجمع المحبين، ليتمتعوا بالعشرة معًا هي أن يحيوا ههنا في بر، ويجتمعوا معًا في السماء.
الخطية إذن تفصل الإنسان عن الله وعن القديسين وعن أحبائه وتفصله عن الملائكة أيضًا..
فالكتاب يقول إن ملائكة الله "حالة حول خائفيه وتنجيهم"فإن كنت من خائفي الرب تتمتع بعشرة الملائكة هنا وفي السماء أيضًا.. أما الخطاة فإنهم يفصلون أنفسهم عن طغمة الملائكة، التي لا تحتمل أن تري أعمالهم الردية.. بينما في وقت خطيتهم يحيط بهم الشياطين، يشجعونهم علي ما هم فيه!
فالخطية إذن، ليست هي إنفصالًا عن الله وحده، بل أيضًا عن ملائكته وقديسيه وسمائه وملكوته، في الأرض وفي السماء..
واضح في قصة الإبن الضال أنه إنفصل عن أبيه.
إنفصل عن الآب. طلب ذلك ونفذه فعلًا، وذهب إلي كورة بعيدة (لو 15: 13). وفي نفس الوقت الذي إنفصل فيه عن الآب، إنفصل عن بيته الذي يرمز إلي الكنيسة بيت الله، وإنفصل عن أعضاء أسرته الذين يرمزون إلي جماعة المؤمنين.
وهكذا حدث للخروف الضال: إنفصل عن الراعي، وعن الحظيرة، وعن باقي الخراف.. في نفس الوضع حدث للدرهم المفقود (لو 15).
الخطية إنفصال عن الله، وإنفصال عن البر والخير، بطبيعتها..
إنها إنفصال عن الخطية الإلهية التي رسمها الله لخلاصك، وإنفصال عن الخط الإلهي الذي يريدك الله أن تسير فيه. هي إنفصال عن الحق، وسير في الباطل، والحق هو الله (يو 14: 6)..
بدأ الإنفصال عن الله من أول خطية اَدم..
إنفصل اَدم عن المحبة والدالة والعشرة التي كانت بينه وبين الله، فأصبح يخاف منه، ويختبئ من وجهه، وإن سمع صوته يهرب من لقائه، لا يستطيع أن يراه! أو بأي وجه يراه؟!
هذا من ناحية. ومن ناحية أخري، إنفصل اَدم عن شجرة الحياة، وعن الجنة، مكان لقائه مع الله (تك 3: 22، 23).
وماذا أيضًا؟.. إنفصل كذلك عن الصورة الإلهية التي كانت له. فلم يعد بعد الخطية علي شبه الله ومثاله.
كانت نتيجة خطيته هي الإنفصال عن الله، ونفس الخطية ذاتها كانت إنفصالًا عن الله. فكيف ذلك؟
كان الله يدبر أمور اَدم في الجنة، ويرسم له الخط الذي يسير فيه. ولكن اَدم في خطيئته بدأ يستقل عن الله، ويري ما هو الصالح لنفسه، وما هو المستقبل الذي يشتهيه حين يصير هو وحواء "مثل الله، عارفين الخير والشر" (تك 3: 5). وبدأ الإنسان الأول يختار له أصدقاءه ومشير يه الذين يسمع لهم أكثر من الله. ويتصرف كشخصية مستقلة قائمة بذاتها.. وهكذا إنفصل عن الله في ذات الخطية وخالف الله.
وقايين لما أخطأ، إنفصل أيضًا عن الله..
وصار تائهًا وهاربًا في الأرض، خائفًا ومرتعبًا. لأنه في إنفصاله عن الله، إنفصل عن المعونة والسلام، وليس عن البر فقط. وهكذا قال للرب عبارته المملوءة مرارة وحسرة "إنك قد طردتني اليوم.. ومن وجهك أختفي" (تك 4: 14).
لعله نفس الخوف الذي خافه داود النبي حينما قال "لا تطرحني من قدام وجهك، وروحك القدوس لا تنزعه مني" (مز 50).
إن عبارة "حتي متي تحجب وجهك عني" (مز 12) أخف بكثير من طرد الإنسان من أمام وجه الله، كما حدث لقايين.
وعقوبة شاول كانت أصعب، إذ "فارق روح الرب شاول" (1 صم 16: 14). ولذلك قيل بعدها مباشرة "وبغته روح ردئ من قبل الرب". لقد إنفصل عن الله، فأصبح للشياطين سلطان عليه..
صار كمدينة غير محصنة، وكبيت بلا حماية، تعبث به الشياطين.
ما أصعب التدرج في الإنفصال عن الله..
عصيان لله، خصومة مع الله، إنفصال عن الله، حجب وجه الله عن الإنسان، مفارقة روح الرب للإنسان، طرحه من قدام وجه الله، لتبغته الأرواح الرديئة..
بل هناك وضع أصعب في الإنفصال، وهو ما قيل عن الغصن الذي لا يصنع ثمرًا، إنه "يقطع ويلقي في النار" (يو 15: 6) (مت 3: 11).. نهاية مؤلمة حقًا، لغصن كان في يوم من الأيام، من أغصان الكرمة. ولكنه الآن إنفصل عنها وعن باقي الأغصان.
إذن فالخطية كذلك هي إنفصال عن الكنيسة..
  رد مع اقتباس
قديم 03 - 02 - 2014, 04:41 PM   رقم المشاركة : ( 4 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,800

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الرجوع إلى الله لقداسة البابا شنودة الثالث

الخطية انفصال عن جماعة القديسين

الكنيسة هي جماعة من القديسين يعيشون في طاعة الله. وفي قانون الإيمان نقول "نؤمن بكنيسة واحدة مقدسة".
وحتي الكنيسة - كمكان - هي موضع مقدس للرب، نقول عنه في المزمور "ببيتك تليق القداسة يا رب" (مز 96). ويقول الله لشعبه "لتكن محلتك مقدسة" (تث 23: 14).
لذلك فإن الخاطئ - بخطاياه أو بهرطقته - يفصل نفسه - سلوكيًا أو فكريًا - عن جماعة المؤمنين المقدسة. أو تفصله هي..
إن مجرد أعمال الخاطئ تفرزه عن جماعة المؤمنين: حياته غير حياتهم، ومبادئه غير مبادئهم، وسلوكه، وشكله، طرقه وأساليبه.. كل ذلك يجعله منفصلًا عنهم، روحًا وفكرًا ومنهجًا.. بل حتى لغته وألفاظه تختلف عن لغة القديسين وألفاظهم. وكما قيل "لغتك تظهرك" (مت 26: 73).
لذلك فإن هذا الإنفصال واضح. يقول فيه يوحنا الرسول:
"بهذا أولاد الله ظاهرون، وأولاد إبليس (ظاهرون)" (1 يو 3: 10).

كتاب الرجوع إلى الله لقداسة البابا شنودة الثالث
إنه إنفصال في النوعية، في السلوك، في محبة الله.. تمايز واضح بين صفات الخراف وصفات الجداء.
من المفروض أن تكون الكنيسة واحدة في الفكر والإيمان والروح. ومن يشذ عن هذا الوضع، إنما يعبر عن إنفصاله الشخصي عن هذه الروح الواحدة. فإن صار بهذا خطرًا علي الجماعة المقدسة فإنها تفصله من عضويتها، بعد أن فصل نفسه عمليًا. وفي هذا يقول الكتاب:
"إعزلوا الخبيث من بينكم" (1 كو 2: 7 - 11).
إنها عملية فصل تقوم بها الكنيسة، لتبقي عضويتها مقدسة.
ومن جهة المنحرفين في الإيمان، نري القديس يوحنا الرسول، الذي تكلم عن المحبة أكثر من جميع الرسل، يقول من جهة هؤلاء المنحرفين: "إن كان أحد يأتيكم، ولا يجئ بهذا التعليم، فلا تقبلوه في البيت، ولا تقولوا له سلام. لأن من يسلم عليه، يشترك في أعماله الشريرة" (2 يو 10، 11).
ومن هنا، كانت المجامع المقدسة تفصل الخارجين عن الإيمان. وينطبق هنا مبدأ "خارج المحلة" المعروف في العهد القديم.
تحدث عملية فصل. وما يختص بالخطية وبكل ما هو دنس، يكون خارج المحلة.مثلما حدث مع مريم أخت موسى وهرون، لما تقولت علي موسى نبي الله، وضربها الله بالبرص عقابًا لها "حجزت مريم خارج سبعة أيام" (عدد 12:15). وبسبب هذا أيضًا كانت الذبائح التي عن خطايا الشعب، والتي يدخل بدمها إلي الأقداس "تحرق أجسامها خارج المحلة" (عب 13: 11).. وتبقي المحلة مقدسة..
شعوب الأرض في العهد القديم، كانت تفصلهم خطاياهم عن الشعب المقدس. وكان الفلك أيضًا مثالًا لهذا الفصل..
نوح وأولاده ونساؤهم، كانوا في الفلك ويمثلون الذين نالوا الخلاص، وصاروا وساروا تحت قيادة الله مباشرة.
أما الخطاة غير المؤمنين، فكانوا خارجًا، تحت حكم الموت، تجرفهم المياه، فتبيدهم وتبيد خطاياهم معهم. إنهم رفضوا أن يدخلوا مع نوح إلي الحياة، لأن كل أعمالهم كانت غير أعماله.
لقد فصلوا أنفسهم عن الله، الذي خلقهم للحياة.
وعن أمثال هؤلاء يقول القديس يوحنا الحبيب:
"منا خرجوا. ولكنهم لم يكونوا منا. لأنهم لو كانوا منا، لبقوا معنا" (يو 2: 19).
لقد فصلوا أنفسهم عنا، ولم يعودوا منا. وعبارة "لم يكونوا منا" تشبه عبارة السيد "إني لا أعرفكم قط" (مت 7: 23).
أنظروا إلي يهوذا: كان واحدًا من الإثني عشر. ولكنه لعله كانت تنطبق عليه عبارة "لم يكونوا منا" التي قالها القديس يوحنا الحبيب.. كان منا من جهة العدد، وأمام الناس. ولكنه لم يكن منا حسب قلبه ونيته. ولذلك فهو قد جلس إلي العشاء مع باقي التلاميذ، بغير إستحقاق. ولما أخذ اللقمة دخله الشيطان. ويقول الكتاب "ذاك لما أخذ اللقمة خرج للوقت" (يو 13: 30).
وبخروجه فصل نفسه عن التلاميذ، إلي الأبد..
وديماس، تلميذ بولس الرسول، سار في طريق يشبه يهوذا.
كان منا، واحدًا من الكارزين الكبار، من مساعدي القديس بولس الرسول. ذكره القديس في رسالته إلي أهل كولوسي إلي جوار إسم القديس لوقا الطبيب (كو 4: 14). وذكره في رسالته إلي فليمون مع مرقس وأرسترخس، وقبل لوقا (فل 24).. ولكنه يبدو أنه لم يكن منا، لأنه لما أحب العالم الحاضر فصل نفسه عن الرسل وهكذا يقول القديس بولس في خاتمة مأساة هذا الإنسان:
"ديماس تركني، لأنه أحب العالم الحاضر" (2 تي 4: 10).
إنفصل ديماس عن القديس بولس. محبته للعالم فصلته عن الخدمة كلها. ولم يعد إسمه يذكر في الكتاب، ولا في جماعة المؤمنين والتاريخ يذكر له نهاية مفجعة..
إنه لم يحتمل صليب المسيح في الخدمة. ففصل نفسه.
والخطية غالبًا ما تكون إنفصالًا عن صليب المسيح..
إنها إنفصال عن الباب الضيق الذي أمرنا الرب بالدخول منه (مت 7: 13). وإنفصال عن الضيقات التي قال عنها الرسول "إنه بضيقات كثيرة ينبغي أن ندخل ملكوت الله" (أع 14: 22).
الخطية هي محبة العالم، والباب الواسع، والطريق الرحب. وكل هذا لا يتفق مع صليب المسيح الذي قال عنه الرسول "صلبت للعالم وصلب العالم لي" (غل 2: 20). فمن يفصل نفسه عن الصليب، يفصل نفسه عن الله وعن جماعات المؤمنين.
ما أسهل إن عرف إنسان الخطية، أن ينفصل عن الكنيسة.
ينفصل عن خلطة القديسين، ويبحث له عن مجموعة أخري توافقه في اسلوبه، ولا تبكته علي خطاياه.. وينفصل أيضًا عن الكنيسة وعن الاجتماعات الروحية، وعن التناول والاعتراف.. يختط لنفسه خطة جديدة، بحيث يمارس خطاياه دون أن يتبكت من أحد.. بل حتى الكتاب المقدس، والكتب الروحية ينفصل عنها أيضًا، لأنه لا يستطيع أن ينفذ ما تأمر به من روحيات..
هذا لم تفصله الكنيسة، لكنها فصل نفسه بنفسه.
هو قد إنفصل من الداخل، في داخل قلبه وشعوره، في أسلوب فكره وإتجاهات حياته. أحب شهوة الجسد وشهوة العين أو تعظم المعيشة (1 يو 2: 16). أو أحب المال مثل الشاب الغني الذي إنفصل عن المسيح، ومضي حزينًا، لأنه كان ذا أموال كثيرة (مت 19: 22).
  رد مع اقتباس
قديم 03 - 02 - 2014, 04:43 PM   رقم المشاركة : ( 5 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,800

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الرجوع إلى الله لقداسة البابا شنودة الثالث

خطورة الانفصال وإمكانية الرجوع

أما أنت يا اخي، فلا تسمح للشيطان أن يفصلك عن الله، ويقتادك خطوة خطوة بعيدًا عنه، حتى يفصلك تمامًا، ويقطع كل الروابط الروحية التي تربطك بمحبة الرب..
إنما إستيقظ بسرعة إلي نفسك، والتفت إلي خلاصك..
تأكد أنك أنت الخاسر، بإنفصالك عن الله..
إنك بهذا الإنفصال تخسر نقاوة قلبك، وتخسر سمعتك، وتخسر أبديتك. تخسر الحياة الحقيقية التي هي المتعة مع الله، وتخسر نفسك، إذ تخسر الأبدية السعيدة وعشرة القديسين. وفي مقابل ذلك لا تحصل علي شيء ههنا. وكما قال السيد المسيح له المجد:
"ماذا يستفيد الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه" (مت 16: 26).
ماذا تستفيد إن فصلت نفسك عن الله وملائكته وقديسيه، وأصبح مصيرك هو الظلمة الخارجية في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت (رؤ 20: 15) ويصدر عليك الحكم الإلهي الذي لا إستناف له..
ولكن الآن ما تزال أمامك فرصة للرجوع إلي الله..

كتاب الرجوع إلى الله لقداسة البابا شنودة الثالث
يقينًا إنك لا تستطيع أن تستمر في هذا الإنفصال عن الله. في قلبك صوت ثائر عليك، يدعوك أنت تصطلح مع الله. وهو نفسه يريد لك هذا الرجوع. لأن إنفصالك عن الله، ليس هو الوضع الأصيل، ولا هو القصد الإلهي من خلقك.
أنا أعرف أنك لا بد سترجع..
لن تجد راحتك في هذا العالم المتعب. وحينئذ سترجع إلي الله. ولعله ستنطبق عليك تلك العبارة الجميلة التي وردت في قصة الفلك إن الحمامة إذ لم تجد موضعًا لرجليها، رجعت مرة أخري إلي الفلك (تك 8: 9).
والفلك هو سفينة النجاة، التي يدعوك الله إليها.. حيث تكون في أمان من طوفان العالم الحاضر.
لا تنتظر حتى يرسل إليك ضيقة ترجعك، بل أرجع من نفسك حبًا لله، وحبًا للخير، وحبًا للملكوت الأبدي..
أعرف أن الخطية قد فصلتك عن كل ما هو خير، ولم تقدم لك عوضًا عن ذلك، فقد خسرت الله بلا مقابل. هوذا بولس الرسول يدعو كل مشتهيات العالم نفاية. ويقول في معرفته للرب "خسرت كل الأشياء، وأنا أحسبها نفاية، لكي أربح المسيح وأوجد فيه" (في 3: 8) بل يقول أيضًا "أني أحسب كل شيء أيضًا خسارة، من أجل معرفة المسيح ربي".
جاهد إذن بكل قوتك، لتضع نهاية لهذا الانفصال.
وإن لم تستطع، أصرخ إلي الله، وقل له:
أنا يا رب لا استطيع أن أبعد عنك لحظة واحدة. ولا طرفة عين. أنت بالنسبة إلي هو الحياة ذاتها..لي الحياة هي المسيح. أنا إن فصلت عنك أصير ضائعًا بلا هدف، وتصبح حياتي بلا وزن. وكأني ميت، أولا وجود لي. وجودي الحقيقي هو فيك (في 3: 9).
لا يمكن أبدًا أن أنفصل عنك. وإن انفصلت في وقت ما ثق تمامًا أنه وضع مؤقت، وغير طبيعي، وأنا لا أريده..
لذلك أرجعني إليك بأية وسيلة.. رد نفسي.. لأنه بدونك لا أعيش. فبك أحيا وأوجد وأتحرك.. (أع 17: 28).
إذا إنفصلت عنك، إنفصل عن القوة والنعمة، وأصبح لا شيء. أعود ترابًا كما كنت، بل عصافة تذريها الريح (مز 1).
لذلك لا تسمح يا رب أن أنفصل عنك..
رد نفسي، وأهدني إلي سبل البر، لأجل إسمك (مز 23).
لك المجد من الآن، وإلي الأبد اَمين.
  رد مع اقتباس
قديم 03 - 02 - 2014, 04:45 PM   رقم المشاركة : ( 6 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,800

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الرجوع إلى الله لقداسة البابا شنودة الثالث

قصة الانفصال عن الله

"ارجعوا إلي بكل قلوبكم" (يوئيل 2: 12). "ارجعوا إلي أرجع إليكم" (ملاخي 3:7). "توبوا وارجعوا فتمحي خطاياكم" (أعمال 3: 19).
علاقة الإنسان بالله بدأت طيبة جدًا، كلها محبة..
الله هو الذي بدأ هذه العلاقة.. بأن خلق الإنسان، ونفخ فيه نسمة حياة، وجعله علي صورته ومثاله، ووضعه في الجنة، ومنحه سلطانًا علي كل ما فيها من كائنات..
وكون علاقة معه. وكان يظهر له بين الحين والآخر ويتحدث معه. وكان الإنسان صديقًا لله، يتمتع برؤياه في الجنة، ويأخذ المعرفة منه مباشرة. فكان الله هو المرشد الروحي للإنسان في كل شيء. وهو الذي أعطاه الإرشاد الأول، بالوصية..
إذن كيف حدثت الخطية؟ كيف تمت؟ وما كنهها؟
الخطية - في كلمة واحدة - هي إنفصال عن الله..
هي إستقلال الإنسان عنه، لكي يعمل ما يريد..
ونتيجة لهذا الإنفصال، حدثت باقي الاشكالات، وباقي الخطايا..

كتاب الرجوع إلى الله لقداسة البابا شنودة الثالث
كيف إذن حدث هذا الإنفصال؟ وكيف تطور؟ وما نتائجه؟
1- إنفصل عن عشرة الله:
إنفصل الإنسان عن عشرة الله، وبدأ يكون له علاقة مع كائن عاقل غيره. وللأسف كانت هذه العلاقة الجديدة مع الله، مع الشيطان، الحية القديمة (رؤ12: 9).
2- وإنفصل عن الله في المعرفة:
فبعد أن كان يأخذ معرفته من الله وحده، بدأ يأخذ المعرفة طريق اَخر. من الحية ونصائحها وشكوكها. وأيضًا توقع أن يأخذ المعرفة من شجرة المعرفة التي نهاه الله عنها. وبهذا وقع في إنفصال اَخر.
3- إنفصل عن وصية الله وكلمته المقدسة..
4- إنفصل عن الله، في شهوات قلبه..
فصار يشتهي الشجرة، ويشتهي الثمر، وجدها "شهية للنظر جيدة للأكل" (تك 3: 6). وهكذا وقع في شهوة الأكل أيضًا، وفي شهوة المادة. وشهوة الأكل من الشجرة كان سببها شهوة أن يصير مثل الله كما أغرته الحية (تك 3: 5).
5- وبإنفصاله عن الله، إنفصل عن الحق..
لأن الله هو الحق.و إذ إنفصل الإنسان عنه، إنفصل عن الحق، واتبع الباطل. والمعروف أن الحق ثابت، والباطل كثير التغير. فلما إنفصل الإنسان عن الحق، ودخل في الباطل، دخل في تغيرات لا تنتهي. وأصبح كل يوم في حال، وكل يوم في شعور.. صار مخلوقًا متغيرًا، غير ثابت علي وضع.
6- وبإنفصاله عن الله، إنفصل عن الحياة..
لأن الله هو الحق والحياة (يو 14: 6). وإذ إنفصل الإنسان عن الحياة الحقيقية، التي هي الثبات في الله، اصبح من الناحية الروحية ميتًا، حسبما قال الآب عن إبنه الضال "إبني هذا كان ميتًا.." (لو 15: 24). وصار ينطبق علي الإنسان قول الرب "لك إسم أنك حي وأنت ميت" (رؤ 3: 1).
7-و بإنفصال الإنسان عن الله، إنفصل عن القوة..
مصدر قوته كان هو الله. وبلإنفصاله عن الله، إنفصل عن القوة، فصار ضعيفًا: ينتصر عليه الشيطان، وتوي عليه حتى الحيوانات، وينتصر عليه أخوه الإنسان. وتنتصر عليه ذاته كذلك.. أصبح مخلوقًا ضعيفًا لا يستطيع أن يقوم بذاته، أو يقيم ذاته.
8- وبإنفصاله عن الله، إنفصل عن سلطته..
إنفصل عن السلطان الذي أعطي له من الله علي باقي الكائنات الحية. فلم يعد له سلطان علي وحوش الأرض كما كان من قبل.
9- وإنفصل أيضًا عن وقاره وهيبته..
فارقت الهيبة التي كانت له كصورة الله ومثاله، وقد فقد هذه الصورة الإلهية بسقوطه في الخطية.
وفي فقده لوقاره، طرد من الجنة، ووقف أمام الله كمذنب مستحق للعقوبة.
والشيطان، إذ رأي الإنسان مطرودًا من الله ومذنبًا ومعاقبًا، وجدها فرصة فسيطر عليه.. وأقام الشيطان نفسه رئيسًا لهذا العالم. وأصبح هكذا لقبه "رئيس هذا العالم" (يو 14: 30).
10- وبإنفصال الإنسان عن الله، بدأ ينهار، ودخله الخوف..
بدأ يخاف من الله، بدلًا من الدالة والحب.
ثم صار يخاف من أخيه الإنسان، كما خاف قايين وقال "يكون كل من وجدني يقتلني" (تك 4: 14). وصار أيضًا يخاف من الوحوش، ودخله القلق والإضطراب والهم.
11- وبإنفصاله عن الله، إنفصل عن حياة الروح..
وهكذا سيطرت عليه المادة، وسيطر عليه الجسد. ووقع في خطايا الجسد. واصبحت خطايا الجسد تجارب حتى الأنبياء ورجال الله، فوقع فيها شمشون، وداود، وسليمان، وغيرهم. وقيل إنها "طرحت كثيرين جرحي، وكل قلاها أقوياء" (أم 7: 26).
12- وبإنفصال الإنسان عن الله، تمادي في الخطية..
شيئًا فشيئًا بدأت خطاياه تزيد، وأخذ الإنسان يتهاوي شيئًا فشيئًا، ويتمادي في أعمال الشر والنجاسة، ويخترع فيها فنونًا وحيلًا، إلي أن اصبحت خطاياه أكثر من شعر رأسه.
****
هذا هو تاريخ الخطية علي الأرض، وإنفصال الإنسان عن الله..
تاريخ يسجل مأساة إنسان..
نفهم منه أن الخطية لا تستريح حتى تكمل..
الشيطان إذا أوقع إنسانًا في خطية، لا يكتفي بها. بل يظل يتدرج معه حتى يهلكه، ويصير بلا مقاومة..
فما هو الحل إذن؟
الحل الوحيد هو الرجوع إلي الله، وتكوين علاقة معه..
إن كانت الخطية هي الإنفصال عن الله، فالعلاج الوحيد هو الإنفصال عن الخطية، والرجوع إلي الله. ولا علاج غير هذا..
إنفصل عن الخطية بكل قلبك، ليس فقط من أجل أنها أتعبتك، أو من أجل الدينونة والعقاب، إنما لأن هذه الخطية أبعدتك عن الله، وفصلتك عن العشرة الحلوة معه.
  رد مع اقتباس
قديم 03 - 02 - 2014, 04:51 PM   رقم المشاركة : ( 7 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,800

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الرجوع إلى الله لقداسة البابا شنودة الثالث

ما معني الرجوع إلي الله؟


كتاب الرجوع إلى الله لقداسة البابا شنودة الثالث
معناه بإختصار: تكوين علاقة حقيقية قلبية معه..

أقول علاقة، وليس مجرد مظاهر خارجية أو ممارسات..

البعض يظن أن الرجوع إلي الله، معناه برنامج في الصلاة والصوم والتداريب الروحية، والقراءات الروحية والاجتماعات والمطانيات.

كل هذا حسن وجميل، ولكن هل فيه علاقة قلبية مع الله أم لا؟ هل فيه حب لله أم لا؟

بدون هذه العلاقة القلبية، وبدون هذا الحب، لا تكون قد رجعت إلي الله، مهما كانت لك صلاة وأصوام وقراءات ومطانيات.. إنما بالعلاقة مع الله وبالحب، تأخذ كل هذه الوسائط الروحية فاعليتها وقوتها.. فالقلب أولًا، ومنه تصدر هذه الممارسات.

ولهذا يقول الرب في سفر يوئيل النبي (2: 12، 13):

"إرجعوا إلي بكل قلوبكم.." (يوئيل 2: 12).

يقول "إرجعوا إلي بكل قلوبكم، وبالصوم والبكاء والنوح".

"مزقوا قلوبكم لا ثيابكم، وإرجعوا إلي الرب إلهكم".

إذن الرجوع القلبي هو المطلوب. القلب أولًا. ومن هذا القلب الراجع، المنسحق أمام الله، يأخذ الصوم قوة، وكذلك الدموع.

عجيب أن كثيرًا من الناس، يتمسكون بالوسائط وينسون الله.

كإنسان كل همه أن يتلو مجموعة من المزامير. إن لم يتلها يكون حزينًا. وإن أكملها يصير سعيدًا، حتى لو لم تكن له علاقة بالله أثناء تلاوتها!! كلا، ليس الأمر هكذا..

إن المزامير لها قوتها الروحية الجبارة، ولها بركتها وتأثيرها وفاعليتها، بشرط أن تكون صادرة من القلب، بعلاقة مع الله.

أما بغير هذه العلاقة، وبغير مشاعر القلب، فقد تصلي، ومع صلاتك يسري الفتور والسرحان وطياشة الفكر. وقد تصلي بلا عاطفة، وبلا حرارة وبلا إيمان، ودون شعور بالوجود في حضرة الله.. لقد تحول الأمر إلي مجرد ممارسة، بدون علاقة قلبية في الداخل تعطي هذه الممارسة وزنًا وقيمة..

أو كإنسان يصوم، والله ليس في صومه..

كل همه يتركز في فترة الإنقطاع وتطويلها، وفي زهد الطعام ونسكه. ربما لا يأكل شيئًا حلوًا، أو لا يأكل شيئًا مطبوخًا، أو يقتصر علي الماء والخبز والملح. فإن فعل ذلك، يكون راضيًا عن نفسه. شاعرًا إنه ناجح في صومه. أما إستخدام الصوم كوسيلة توصله إلي الله، فربما يكون أمرًا لم يخطر علي باله..!

إن القلب هو الأساس. وبه نميز بين إثنين:

إنسان يصلي المزامير، فيخرج بها الشياطين. واَخر يصلي المزامير وكأنه لم يصل، إذ لا علاقة في قلبه مع الله.

هناك من يصوم، فينال مراحم الرب وغفرانه، كما فعل أهل نينوى. وغيره يصوم فلا يقبل الله صومه، كما حدث للفريسي.

القلب إذن هو الحكم. والرجوع إلي الله، نريده بالقلب.

كذلك الرجوع إلي الله، معناه الرجوع الدائم الثابت.

الرجوع الذي لا نكسة فيه. لأن هناك أناسًا يظنون أنهم قد رجعوا إلي الله، بينما يحيون مترددين، يومًا معه وربما بحرارة شديدة، ويومًا في شهوات العالم ورغباته. كما قيل في قصة الفلك عن الغراب الذي أطلقة نوح، إنه "خرج مترددًا" (تك 8: 7).

لا يكون رجوعك إلي الله إذن، هو رجوع في مناسبات، أو في أصوام، أو في تأثرات معينة، أو فترات تدريبات، رجوعًا موسميًا، تعوده بعده إلي خطاياك السابقة، منفصلًا عن الله مرة أخري..!

خذ درسًا - في الرجوع إلي الله - من قصص القديسين..

القديس موسي الأسود مثلًا، حينما رجع إلي الله، رجع بكل قلبه، ولم يعد إلي خطاياه الولي مرة أخري، بل ظل ينمو وينمو حتى تحول إلي مرشد روحي وقدرة لكثيرين.

ومريم القبطية، وبيلاجيه، وأوغسطينوس، وغيرهم. كل أولئك رجعوا إلي الله، ولم ينفصلوا عنه مرة أخري، إنما تقدموا بإستمرار في النمو الروحي، من حياة التوبة إلي حياة القداسة..

والرجوع إلي الله معناه الرجوع بقلب جديد..

والله نفسه يقول في ذلك.. "أعطيكم قلبًا جديدًا، أجعل روحًا جديدة في داخلكم" (خر 36: 26).

والقديس بولس الرسول يقول "تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم" (رو 12: 2)، أي بفكر جديد، يزن الأمور بميزان غير ميزانه السابق. فكر أصبحت للروحيات عنده قيمتها، وفقدت الخطية تأثيرها عليه..

ويكون الرجوع إلي الله بالصوم والتذلل..

كما رجع إليه أهل نينوى. سمعوا إنذار النبي إنه بعد أربعين يوم تنقلب المدينة (يون 3: 4). ولكنهم لم ييأسوا من مراحم الله، ورجعوا إليه بالصوم والتذلل. فماذا فعلوا؟

"نادوا بصوم. ولبسوا مسوحًا من كبيرهم إلي صغيرهم. وبلغ الأمر ملك نينوى، فقام عن كرسيه وخلع رداءه عنه، وتغطي بمسح، وجلس علي الرماد". وهكذا تغطي جميع الناس بالمسوح، وصرخوا إلي الله بشدة، ورجعوا عن طريقهم الردية.. فرجع الله إليهم.

نفس الصوم والتذلل، نراه في سفر يوئيل (12: 15 - 17).

حيث قال: قدسوا صومًا، نادوا بإعتكاف. إجمعوا الشعب، قدسوا الجماعة.. ليخرج العريس من مخدعه، والعروس من حجلتها. ليبك الكهنة خدام الرب بين الرواق والمذبح.

وفي نفس الوضع نراه في صوم دانيال النبي وتذلله.

يقول: "فوجهت وجهي إلي الله، طالبًا بالصلاة والتضرعات، بالصوم والمسح والرماد. وصليت إلي الرب إلهي واعترفت (دا 9: 3) "كنت نائحًا ثلاثة أسابيع أيام، ولم اَكل طعامًا شهيًا، ولم يدخل في فمي لحم ولا خمر، ولم أدهن" (دا 10: 2، 3).

والرجوع إلي الله، يتميز بالحرص والتدقيق والجدية..

الذي يرجع إلي الله، يكون فرحًا جدًا برجوعه، حريصًا علي هذا الصلح الذي تم بينه وبين الله. لذلك يكون مدققًا جدًا لئلا تصيبه نكسة فيسقط كما كان..

لقد جرب من قبل مشاكل التساهل مع الخطية. وكيف أنه إذا تساهل مع الفكر، يتحول إلي شعور في القلب، ثم إلي شهوة تشتعل داخله، وتبدأ الخطية تسيطر عليه. ويصبح من الصعب أن يفلت منها.

لذلك يدقق مع كل فكر، ومع جميع الحواس..

يدقق مع الخطايا التي تبدو صغيرة، مثلما مع الخطايا الواضحة الخطأ. ويقول مع النشيد: "خذوا لنا الثعالب، الثعالب الصغار المفسدة للكروم" (نش 2: 15). ويقول للخطية وهي في أولها "طوبي لمن يمسك أطفالك، ويدفنهم عند الصخرة" (مز 137: 9). وهكذا يكون أمينا في القليل..

بهذا التدقيق تختبر أمانتك في الرجوع..

لأنك إن تساهلت مع الخطية، لا تكون أمينًا في رجوعك إلي الله. ويكون قلبك ضعيفًا من الدخل، يسهل سقوطه.

والرجوع الحقيقي إلي الله، هو رجوع بقوة..

رجوع يمنحك فيه الله قوة تلمسها في كل نواحي حياتك الروحية: قوة في الانتصار علي الخطية، وقوة في النمو الروحي، وفي الارتفاع إلي فوق. وكما قيل عن ذلك في سفر أشعياء النبي "يعطي المعيي قدرة.. يجددون قوة. يرفعون أجنحة كالنسور. يركضون ولا يتعبون. يمشون ولا يعيون" (أش 40: 29: 31).

شمشون الجبار فقد قوته لما أخطأ، لأن نعمة الله فارقته. لكنه لما رجع إلي الله، عادت إليه قوته..

أطلب من الرب إذن أن يعطيك قوة ترجع بها، وأن يعطيك قوة تلازمك في رجوعك إليه، قوة من روحه القدوس.. قوة تحسها في كل عمل تمتد إليه يدك، كما قال في المزمور الأول عن الرجل البار "وكل ما يعمله ينجح فيه" (مز 1: 3).

كإنسان كان مريضًا جدًا، ثم نقلوا إليه دمًا، فتقوي..

بنقل الدم، عاد إليه نشاطه، وعادت إليه حيويته، ودخلت فيه قوة.. هكذا أيضًا التائب الراجع إلي الله، حينما تدخله قوة من عمل روح الله فيه..

ولهذا كلما تجد نفسك ضعيفًا، أرفع نظرك إلي فوق، وقل للرب في صراحة تامة:

لماذا هذا الضعف في؟ هل تخلت عني نعمتك بسبب خطاياي؟.. ارددنا يا الله. أنر بوجهك علينا فنخلص..

ما أجمل هذا المزمور، الذي جعلته الكنيسة لحنًا ترتله لله قائلة له في تضرع:

أيها الرب إله القوات. إرجع واطلع من السماء، أنظر وتعهد هذه الكرمة التي غرستها يمينك (مز 80:14، 15).

فهل يرجع الله ويتعهد هذه الكرمة؟

وهل يريد لنا الله أن نرجع إليه؟
  رد مع اقتباس
قديم 03 - 02 - 2014, 04:52 PM   رقم المشاركة : ( 8 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,800

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الرجوع إلى الله لقداسة البابا شنودة الثالث

الله يريدنا أن نرجع

إنه ينادينا في حب "إرجعوا إلي، فأرجع إليكم" (ملا 3: 7).
وتحمل هذه العبارات كثيرًا من المعاني العاطفية:
1- إنه يذكرنا بأن أصلنا عنده، والخطية دخيلة علينا..
وكأنه يقول لنا: ليس انفصالكم عني هو وضعكم الأصلي. فوضعكم الأصلي هو الثبات في. لأني أنا الكرمة، وأنتم الأغصان (يو 15: 5) وطبيعة الغصن أن يكون ثابتًا في الكرمة. وأنا الرأس، , أنتم الجسد، أنتم الأعضاء (أف 5: 23). فثباتكم في أمر طبيعي.
لذلك لست أناديكم أن تأتوا إلي، بل أن ترجعوا إلي..
ترجعوا إلي الوضع الطبيعي الذي كان لكم منذ البدء..
ترجعوا إلي الصورة الإلهية التي كانت لكم يوم خلقتم..

كتاب الرجوع إلى الله لقداسة البابا شنودة الثالث
انفصالكم هذا، وضع طارئ، مؤقت، لا يصح أن تبقوا فيه. وحياة البر والقداسة ليست جديدة عليكم، بل هي طبيعتكم التي بدأت بها علاقتي معكم، والتي تعيشون بها معي في الأبدية.
2- تحمل عبارة "إرجعوا إلي "دليلًا علي حنو الله..
فمن نحن التراب والرماد، حتى يدعونا الله للرجوع إليه؟!
لكنها محبة الله، التي لا يعبر عنها، التي تذكرنا بترتيلة "يا حبيبي، عد إلي".إنه يريد أن تظل عشرتنا به ثابتة، هذا الذي لذته في بني البشر، الذي يقول لنا "حيث أكون أنا، تكونون أنتم أيضًا" (يو 14: 3) الذي إسمه عمانوئيل، أي الله معنا (مت 1: 23) وقد جعل أورشليم السمائية هي "مسكن الله مع الناس"، "الله وسط شعبه" (رؤ 21: 3).
2- وحسن في هذا الرجوع، أن تأتي المبادرة من الله.
فهو الذي يبدأ، وهو الذي يطلب، وهو الذي يدعونا إليه. بل هو من أجل هذا أرسل إلينا الأنبياء، ووضع لنا سر التوبة. ووعدنا في رجوعنا أن ينسي القديم كله ولا يذكره بعد (أر 31: 34).
ولكن ما معني قوله "إرجعوا إلي، فأرجع إليكم "؟ هل معني هذا أن رجوعنا لا بد أن يسبق رجوعه، أو شرط لرجوعه؟!
كلا، إنما هو يقصد بهذا أن يقول:
3- إن رجوعي إليكم مضمون. المهم أن ترجعوا أنتم..
أنا في أي وقت تطلبونني فيه، تجدونني معكم. بل أنا واقف علي أبواب قلوبكم أقرع لكي تفتحوا لي (رؤ 3: 20). إنما المشكلة تأتي من جهتكم أنتم. "فإن سمع أحد صوتي وفتح الباب، أدخل إليه".. لذلك أقول "إرجعوا إلي "أي أفتحوا أبواب قلوبكم المغلقة دوني.. "فأرجع إليكم "أي أدخل إلي هذه القلوب التي أخرجتموني منها، برفضكم إياي في خطاياكم..
إرجعوا إلي، فأنا موجود معكم. ولكنكم لا تشعرون بوجودي..
حقًا لقد صدق القديس أوغسطينوس حينما قال: [كنت يا رب معي، ولكنني أنا لم أكن معك]..
الله معنا، يعمل لأجلنا، حتى ونحن في عمق خطايانا. يبحث عنا وقد شردنا من حظيرته، وينادينا أرجعوا إلي.
  رد مع اقتباس
قديم 03 - 02 - 2014, 04:54 PM   رقم المشاركة : ( 9 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,800

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الرجوع إلى الله لقداسة البابا شنودة الثالث

معنى رجوعه إلينا إن رجعنا إليه

ما معني إذن رجوعه إلينا، إن رجعنا إليه؟
معني رجوعه إلينا، هو أن نحس نحن بوجوده معنا..

كتاب الرجوع إلى الله لقداسة البابا شنودة الثالث
ليس رجوع الله هو الذي نفتقده. إنما الذي يلزمنا هو إحساسنا بوجوده معنا. فإن رجع إلينا هذا الشعور، نشعر أن الله رجع إلينا..
أحيانًا نظن أن الله قد تركنا، بينما نكون نحن الذين تركناه. لذلك أذكر أنني في إحدي المرات (سنة 1957) تأثرت بمنظر الشمس وقت الغروب، وباتهامنا الباطل لها، فكتبت في مذكرتي:
قلت لنفسي وقت الغروب: لم يحدث أن الشمس حجبت وجهها عن الأرض. إنما هي الأرض التي أدارت ظهرها للشمس.
نعم، فالشمس ثابتة. والأرض هي التي تدور حولها. وما نسميه غروب الشمس، ما هو تعبير عن دوران الأرض.
كذلك في العلاقة بيننا وبين الله: نحس أنه غاب عنا، لأننا نحن الذين درنا، ولم يعد وجهنا متجهًا إليه.
فإن رجعنا إلي الله، نحس وجوده معنا، ونحس نوره يشرق علينا، لأن الله ثابت، ليس عنده تغيير ولا ظل دوران (يع 1: 17).
فأنظر أنت: في أي شيء قد إبتعدت عن الله؟
في اية نقطة من الطريق قد إفترقت عنه؟ أية خطية قد فصلتك عنه وعن محبته. وأعرف يقينًا أن هذا الإنفصال هو منك أنت. "فأذكر من اين سقطت وتب" (رؤ 2: 5).
أما إحساسك ببعد الله عنك، فهو إحساس بعدم وجود الدالة، نتيجة لفتور محبتك أو للخطية التي أبعدتك عنه.
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 02 - 2014, 04:07 PM   رقم المشاركة : ( 10 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,800

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الرجوع إلى الله لقداسة البابا شنودة الثالث

ارجعوا إليَّ واخلصوا

5- عبارة "إرجعوا إلي "تحمل معني عاطفيًا اَخر وهو:
إن الله يريدنا أن نسير معه بكامل إرادتنا، من كل القلب، وبكل الحب، لذلك يقول "إرجعوا إلي".
وكأنه يقول: أنا لا أرغمكم علي محبتي، ولا أضطركم علي تكوين علاقة معي. إنما الأمر متعلق بإرادتكم أنتم. إن أردتم أن أرجع إليكم، فإني أرجع إليكم. وإن لم تريدوا، إسلكوا حسب حريتكم..
ولعل إنسانًا يقول: أريد ولكني ضعيف..
يكفي أن تريد، والله سيكمل معك. وكما قال أحد القديسين: [إن الفضيلة تريدك أن تريدها لا غير]..
إن الله عبر التاريخ، هو الذي بدأ العلاقة مع البشر..
هو الذي بدأ علاقة مع أبينا نوح، وإختاره وأنقذه، وفصله عن الشر والأشرار. وهو الذي بدأ العلاقة مع أبينا إبراهيم، واختاره، وفصله عن الشر والأشرار. وكذلك مع موسى ومع شعبه. وهو الذي بدأ علاقة مع الإثني عشر، وقال لهم "لستم أنتم الذي اخترتموني، بل أنا الذي اخترتكم" (يو 15: 16).

كتاب الرجوع إلى الله لقداسة البابا شنودة الثالث
فاطمئن إذن إلي رغبة الله في رجوعك إليه. ولكن في نفس الوقت ينبغي معه في الرغبة والعمل..
ينبغي أن تؤمن تمامًا بلزوم الله لك في الحياة، وأنك بدونه لا تقدر أن تعمل شيئًا (يو 15: 5). وينبغي أن تدرك من أعماقك حلاوة العشرة مع الله، وسمو وجمال الحياة الروحية، والرجوع إلي صورة الله التي كانت لآدم النقي البسيط..
ينبغي أن تذكر نذورك التي نذرتها لله في المعمودية..
حينما نذرت أن تجحد الشيطان وكل أعماله الردية، وكل شروره وكل حيله.وقتذاك بدأت بداية طيبة، وولدت من الله، ولبست المسيح (غل 3: 27). وخلعت الإنسان العتيق، وعشت في جدة الحياة (رو 6: 4، 6). وصرت نقيًا من كل خطية..
وشيئًا فشيئًا، نسيت نذورك، ونسيت بنوتك لله، وتركت نقاوتك، وانفصلت عن الله. وتود الآن أن ترجع إليه..
ولكي ترجع إلي الله، أذكر أنك ملك له..
أنت لست ملكًا لنفسك، حتى تتصرف فيها كما تشاء. إنما أنت ملك لله الذي خلقك، والذي فداك.وهوذا القديس بولس الرسول يقول لنا".. إنكم لستم لأنفسكم، لأنكم قد اشتريتم بثمن فمجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله" (1 كو 6: 19، 20).
إن الشيطان قد سلبك من الله. ولكن الله - من حبه لك - يتمسك بملكيته لك، ويقول: "إرجعوا إلي".
إرجعوا إلي نقاوتكم، التي كانت لكم وأنتم ثابتون فيَّ.
إرجعوا إلي راحتكم، فلا راحة لكم إلا فيَّ.
كل الذين بعدوا عن الله، أو إنفصلوا عنه، لم يجدوا راحة لأنفسهم، وعاشوا في تعب وإضطراب. ولقد إختبر أوغسطينوس هذا الأمر فقال للرب: [ستظل قلوبنا قلقة، إلي أن تجد راحتها فيك].
والرب الذي يريد لنا الرجوع، يقول لنا، ونحن في تعب العالم وهمومه "تعالوا إلي جميع المتعبين والثقيلي الأحمال، وأنا أريحكم" (مت 11: 28).
إن رجعت إلي الله تنحل كل مشاكلك..
بل تعيش بلا مشكلة لأن المشكلة الوحيدة الحقيقية في حياتك هي الإنفصال عن الله. وكل المشاكل الباقية قد تكون نتيجة لها. فإن رجعت إلي الله، تحيا في سلام.. في سلام مع الله، وسلام مع نفسك وداخل قلبك. "لأنه هكذا قال السيد الرب:
"بالرجوع والسكون تخلصون. بالهدوء والطمأنينة تكون قوتكم" (أش 30: 15).
لذلك إرجع إلي الرب. إرجع إلي النور، فلا تسلك في الظلمة. إرجع إلي الروح، فلا تحيا للمادة، ولا حسب الجسد. إرجع إلي الحياة، فالخطية موت..
وبهذا يتجدد مثل النسر شبابك (مز 103: 5).
وتشعر بالعزاء في حياتك الروحية، وتدب الحرارة في حياتك، ويصير لحياتك طعم، ويصير لها هدف. وتشعر أن الله داخلك، وأنه معك، وتذوق ملكوته، وتختبر حلاوة العشرة معه، وتعرف معني عبارة "الالتصاق بالرب" (مز 73: 28).
إن الله يريدنا أن نرجع إليه. يريد لنا الخلاص، ويريد منا أن نحبه كما أحبنا..
لذلك هو يقول "إرجعوا إلي بكل قلوبكم" (يوئيل 2: 12). ويسجل لنا الوحي الإلهي هذه العبارة الجميلة "هل مسرة أمر بموت الشرير - يقول السيد الرب - إلا برجوعه عن طريقه فيحيا" (خر 18:23).
إن الله يريدنا أن نرجع إليه، لنحيا.. ذلك لأن الخطية حالة موت روحي علي الأرض، ونتيجتها الموت الأبدي..
إذن فالله يريدنا أن نرجع، من أجل صالحنا..
يضاف إلي هذا حنوه ومحبته، لأنه لا يسر بموت الخاطئ. إن موت الخاطئ أمر يحزن قلب الله بلا شك. ولهذا فإنه إذا رجع الخاطئ "يكون فرح في السماء" (لو 15: 7).
ولقد فرح الرسل وبشروا التلاميذ برجوع الأمم (أع 15: 3).. وإستخدم الكتاب عبارة "رجوع "بالنسبة إلي الأمم، ذلك لأن الإيمان هو الوضع الآصلي للبشرية عمومًا، قبل أن ينفصل الأمم عن هذا الإيمان وعن الله. فلما اَمنوا أعتبر هذا رجوعًا إلي الله..
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
كتاب تأملات في الميلاد لقداسة البابا شنودة الثالث
كتاب الكهنوت لقداسة البابا شنودة الثالث
كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
الغضب كتاب لقداسة البابا شنودة الثالث
بدع حديثة كتاب لقداسة البابا شنودة الثالث


الساعة الآن 07:48 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024