رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأمثال في الكتاب المقدس
ونحن إذ نبدأ اليوم بنشر الأمثال نتمنى أن يتأمل فيها شبابنا وشاباتنا وتكون غايتها مزيداً من التقرب إلى الكتاب المقدس والتعرف أكثر على تعاليم المخلص فتنعكس على حياتهم اليومية بكافة نشاطاتها. كلمة موجزة على الأَمثال الواردة في الإنجيل المقدَّس " وكانَ يسوعُ يكلِّمُ الجموعَ بالأمثال ".(متّى 13/3) فالأمثالُ قِصصٌ قصيرة, مشوِّقة, بسيطة, ورفيعة المستوى الخُلُقي, وذاتُ معانٍ دينيَّة سامية, سردَها يسوع على الذين كانوا يستمعون إليه. وقد اقتبس مواضيعها من عادات الناس ومن تصرُّف ملوكهم, أو من أعراسهم وحفلاتهم ومِهَنهم, أو من مظاهر فضائلهم وخطاياهم, أو من الطبيعة الزراعيَّة المحيطة بهم. إن هذه الأمثال تتحدَّث عن ملكوت الله على الأرض, وهي على ثلاثة أنواع: تعليميَّة وخُلُقيَّة ونَبَويَّة. وإليكم كلمة على كلٍ منها: الأمثال التعليميَّة تطلعنا الأمثال التعليميَّة على ما علَّمه يسوع وما عمِله في سبيل نشر ملكوت الله على الأرض. فقد زرع كلام الله في قلوب الناس, وقاوم عمل الشيطان, وفدى البشريَّة, وهدى الخطأة إلى التوبة, وأسَّس الكنيسة ووصف عملها ونموَّها. كانت الكنيسة في بدء وجودها صغيرةً تكاد لا تُرى , ثم أخذت تُتابع عمل يسوع, وتَعمل في قلوب الناس عملاً خفيَّاً, فكانت كالخميرة في العجين. وانضمَّت إليها مجموعةٌ كبيرة من المؤمنين فامتدَّت في الأرض ونَمَت كالشجرة العظيمة. ولكنَّ الشيطان الذي لا يُريد لها أن تنعم بالوحدة وصفاء الإيمان زرع بين أبنائها الصالحين جماعةً من الأشرار وأصحاب البِدَع كما زرع العدوُّ الزؤانَ بين القمح الجيّد. ومع ذلك, فإن الكنيسة تواصل نموَّها إلى أن ينقضي الدهر. ومتى حلَّ انقضاء الدهر فُصل الأبرارُ عن الأشرار, فتمتَّع الأبرار بالسعادة الأبديَّة وألُقي الأشرارُ في هوَّة الهلاك الأبدي, كما يُلقى السمك الرديء في قاع البحر. وقد سُمِّيَت هذه الأمثال " تعليميَّة " بالمعنى الواسع لأنها تحمل السامعين على التأمُّل والتفكير واكتشاف ما فيها من تعاليم يسوع وأعماله, فترسخ هذه التعاليم وهذه الأعمال في نفوسهم. الأمثال الخُلُقيَّة إنَّ الأمثال الخلُقُيَّة تحثُّ المسيحيّين على التسامي الخُلُقي وعلى ممارسة الفضائل المسيحيَّة الكبرى, فتلحُّ على القيام بأعمال المحبَّة, وتصف جمالَها الرائع , وتصوِّر المصيرَ البائس الذي يلقاه مَنْ لا يمارسها, وتذكُرُ مساوئ الخطيئة وواجب التوبة, وتأمُر بالتسامح الأخوي, وتظهر الفائدةَ الروحيَّة من الصلاة المتواضعة الواثقة بالله، وتشجِّع المسيحيّين على الإلحاح في طلب نعمة البرارة، وتمدح التصرُّف بحكمة روحيَّة وتدعوهم إلى الاقتداء بحكمة أبناء هذا الدهر, لا في سبيل الحصول على الخيرات الأرضيَّة, بل في سبيل بلوغ الخلاص الأبدي، وتنادي باستثمار المواهب التي منحهم الله إيَّاها, وتبيِّن المنفعة الروحيَّة لِمَنْ يُحافظ على الأمانة لله بإخلاص. وقد سُمِّيَت هذه الأمثال " خُلُقيَّة " لأنها تصِف الأخلاق الرفيعة وتدعو إلى اكتسابها, وتبرز جمال الفضيلة, ولاسيَّما جمال فضيلة المحبَّة, وتفسح لها المجال لأنْ تؤثِّر في قلوب المؤمنين فيمارسونها, وتظهر لهم قباحة الرذيلة فينفرون منها. الأمثال النَبَويَّة أمَّا الأمثال النَبَويَّة فتصف عِناد رؤساء اليهود المتكبِّرين المرائين وتمسُّكهم بالحجج الواهية لرفض الإيمان بالمسيح ابن الله, وتُبيِّن خيانتهم لعهده تعالى, وقد دفعتهم هذه الخيانة إلى أن يعتدوا على ابن الله ويقتلوه, فكان نصيبهم الموت واللَّعنة الأبديّة. فاستبدلهم الله بالرُسُل الأُمناء الذين رعوا شعب الله رعاية فائقة العناية . وقد سُمِّيَت هذه الأمثال " نَبَويَّة " لأنها توخَّت أن تحمل الناس, ولاسيَّما رؤساء الشعب من الكتبة والفرِّيسيين وعلماء الشريعة, على الإيمان بالمسيح الموعود, وعلى التوبة والقيام بالأعمال الصالحة, كما فعل ذلك الأنبياء في زمن العهد القديم. هذا وقد كانت لهذه الأمثال جاذبيَّة خاصَّة استأثرت بانتباه السامعين, وقرَّبت إليهم فَهْمَ الأمور الدينيَّة, ودفعتهم إلى الإيمان بيسوع المخلِّص. وإليكم شرح هذه الأمثال واحِداً فواحِداً. |
|