منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 20 - 02 - 2018, 04:26 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,257,538

اليوم الثاني من الاحد الاول من الصوم الكبير
اليوم الثاني من الاحد الاول  من الصوم الكبير
إنجيل القداس : لوقا 12 : 41 – 50

41 فقال له بطرس يا رب النا تقول هذا المثل ام للجميع ايضا
42 فقال الرب فمن هو الوكيل الامين الحكيم الذي يقيمه سيده على خدمه ليعطيهم العلوفة في حينها
43 طوبى لذلك العبد الذي اذا جاء سيده يجده يفعل هكذا
44 بالحق اقول لكم انه يقيمه على جميع امواله
45 و لكن ان قال ذلك العبد في قلبه سيدي يبطئ قدومه فيبتدئ يضرب الغلمان و الجواري و ياكل و يشرب و يسكر
46 ياتي سيد ذلك العبد في يوم لا ينتظره و في ساعة لا يعرفها فيقطعه و يجعل نصيبه مع الخائنين
47 و اما ذلك العبد الذي يعلم ارادة سيده و لا يستعد و لا يفعل بحسب ارادته فيضرب كثيرا
48 و لكن الذي لا يعلم و يفعل ما يستحق ضربات يضرب قليلا فكل من اعطي كثيرا يطلب منه كثير و من يودعونه كثيرا يطالبونه باكثر
49 جئت لالقي نارا على الارض فماذا اريد لو اضطرمت
50 و لي صبغة اصطبغها و كيف انحصر حتى تكمل

ا
لقطيع الجديد والأمانة علي الوكالة
سحب السيِّد قلب قطيعه إليه ليترقب مجيئه الأخير، فيتمتع القطيع الجديد بملكوت الله. الآن يعلن السيِّد المسيح لقطيعه الإلتزام بالأمانة حتى يكون له نصيب في هذا الملكوت.
"فقال له بطرس: يا رب ألنا تقول هذا المثل أم للجميع أيضًا؟
فقال الرب: فمن هو الوكيل الأمين الحكيم الذي يقيمه سيِّده علي خدمه
ليعطيهم العلوفة في حينها؟" [41-42].
إذ سمع القدِّيس بطرس المثل الخاص بيوم مجيء الرب والذي فيه يعلن السيِّد مجيئه فجأة، سائلاً إياهم السهر واليقظة والترقب لهذا المجيء، سأل القدِّيس بطرس سيِّده أن كان هذا المثل خاص بالتلاميذ وحدهم أم عام للكل؟
لعل القدِّيس بطرس تساءل في أعماق نفسه: ماذا يقصد السيِّد بقوله "أولئك العبيد"؟ ألعله يقصد التلاميذ الذين يؤتمنون علي "بيت الله" كخدام ورعاة حتى يأتي "رب البيت"، أم يقصد بهم كل مؤمن بكونه قد أؤتمن علي حياته كبيت الله كخادم وراعٍ للجسد والنفس والطاقات والمواهب وكل الإمكانيات لتعمل معًا لحساب رب البيت، السيِّد المسيح نفسه؟
جاءت إجابة السيِّد: "فمن هو الوكيل الأمين الحكيم، الذي يقيمه سيِّده علي خدمه، ليعطيهم العلوفة في حينها؟" [42]. وكما يقول القدِّيس يوحنا الذهبي الفم لم يقدَّم ربَّنا هذا السؤال لأنه يجهل من هم مؤمنين ووكلاء حكماء، إنما أراد أن يكشف عن ندرة وجودهم خاصة لكي يؤتمنوا علي خدمة الكنيسة.
+ من يُوجد أمينًا ووكيلاً حكيمًا فليتسلم تدبير بيت الرب ليعطي العلوفة (نصيبهم في الطعام) في حينها، الذي هو كلمة التعليم المغذي لنفوسهم، أو القدرة العملية التي تشكّل حياتهم.
( الأب ثيؤفلاكتيوس )

+ لقد سام المخلِّص الرسل كوكلاء علي خدمه، أي على أولئك الذين رُبحوا بالإيمان لمعرفة مجده - أناس أمناء وذو فهم عظيم، مثقفون حسنًا بالتعليم المقدَّس.
لقد سامهم، آمرًا إياهم أن يقدَّموا الطعام المسموح به، ليس بدون تمييز، وإنما في حينه. أقصد الطعام الروحي الذي يقدَّم بما يليق بكل فرد وما يشبعه. فإنه لا يليق تقديم التعليمات في كل النقاط بطريقة واحدة لكل الذين يؤمنون بالمسيح، إذ كُتب: "معرفة اعرف نفوس غنمك" (أم 27: 23). فعندما نقدَّم طرق الحق لإنسان صار تلميذًا حديثًا نستخدم معه التعليم البسيط الذي لا يحمل أمرًا يصعب فهمه أو إدراكه... الأمر الذي يختلف تمامًا عن الطريق الذي نستخدمه في تهذيب الذين ثبتوا بالأكثر في الفكر والقادرون علي إدراك العلو والعمق والطول والعرض لمفاهيم اللاهوت السامي، وكما سبق فقلنا: "الطعام القوي فللبالغين" (عب 5: 14).
( القدِّيس كيرلس الكبير )

مجىء السيِّد يفرز الوكلاء الأمناء والحكماء من الوكلاء المتهاونين العنفاء والعاملين لحساب بطولتهم لا لحساب موكلهم، إذ يقول:
"طوبى لذلك العبد الذي إذا جاء سيِّده يفعل هكذا.
بالحق أقول لكم أنه يقيمه علي جميع أمواله.
ولكن أن قال ذلك العبد في قلبه سيدي يبطىء قدومه،
فيبتدىء يضرب الغلمان والجواري ويأكل ويشرب ويسكر.
يأتي سيد ذلك العبد في يوم لا ينتظره،
وفي ساعة لا يعرفها، فيقطعه ويجعل نصيبه مع الخائنين" [43-46].
+ من يعطي الخدم رفقاءه نصيبهم من الطعام بحكمة في حينه حسب احتياجهم يكون مطوّبًا جدّا كقول المخلِّص، إذ يُحسب أهلاٍ لأمور أعظم، ويتقبل مكافأة تليق بأمانته... هذا ما علمنا إيَّاه المخلِّص في موضع آخر حين مدح العبد العامل والأمين، قائلاً: "نعمًا أيها العبد الصالح والأمين، كنت أمينًا في القليل فأقيمك علي الكثير، أدخل إلي فرح سيدك" (مت 25: 21).
أما أن أهمل واجبه فلم يكن مجتهدًا ولا أمينًا، مستخفًا بالسهر علي هذه الأمور كأنها تافهة، يترك ذهنه يرتبك بالاهتمامات الأرضية، ويفسده بأمور غير لائقة، فيستخدم العنف والقسوة مع الخاضعين تحته، ولا يقدَّم لهم نصيبهم، فسيكون في بؤس مطبق. فإن هذا هو معنى أنه "يقطعه"، كما أظن، "ويجعل نصيبه مع الخائنين". فإن من يسيء إلي مجد المسيح أو يتجاسر فيستهين بالقطيع الموكل إليه لا يختلف عن الذين لا يعرفون المسيح، ويُحسب هؤلاء مع الذين لا يحبُّونه. فإن المسيح قال للطوباوي بطرس: "يا سمعان بن يونا أتحبني؟ ارع خرافي، ارع غنم" (يو 21: 15-16). فمن يرعى غنمه إنما يحبها، ومن يهملها ويترك رعاية الخراف الموكل بها إليه يبغضها. وإن كان يبغضها فسيُعاقب ويحسب مع غير المؤمنين.

( القدِّيس كيرلس الكبير )

+ "يقيمه علي جميع أمواله" [44]، ليس فقط علي بيته، وإنما علي الأمور الأرضية كما السماويَّة فتطيعه. وذلك كما حدث مع يشوع بن نون وإيليا، واحد أمر الشمس، والآخر أمر السحب؛ وكل القدِّيسين كأصدقاء لله استخدموا ما لله. من يعبر حياته بطريقة فاضلة ويخضع خدمه بطريقة لائقة مثل الغضب والشهوة، ويمدهم بالطعام في حينه؛ فبالنسبة للغضب يستخدمه ضد مبغضي الله (لتوبتهم)، وبالنسبة للشهوة يمارسها في حدود الضرورة اللازمة للجسد، مخضعًا إيَّاها لله؛ مثل هذا أقول يقيمه الله علي جميع أمواله إذ يُحسب أهلاً أن يتمتع بنظر كل الأمور (الإلهيَّة) خلال نور التأمَّل.

( الأب ثيؤفلاكتيوس )

ليتنا إذن نكون وكلاء أمناء ليس فقط كخدام نقدَّم الطعام الروحي اللائق بكل نفس في حينه، وإنما حتى بالنسبة لنا، فنكون أمناء علي الخدام الذين تحت أيدينا، كالجسد بكل أعضائه وأحاسيسه، والفكر بكل طاقاته، والقلب بكل عواطفه والغرائز. ليكن كل ما هو بين أيدينا أمانة تسلمناها من قبل الرب، يلزمنا أن نخدمها بالروح القدس، فنعطيها شبعًا لا بأمور هذه الحياة الباطلة، وإنما بطعام الروح، كلمة الله التي تُشبع كل كياننا. عندئذ يقيمنا الله علي جميع أمواله، إذ تخضع السماء والأرض لإشتياقاتنا في الرب، ويعمل الكل لبنياننا، ويصير كل منا أشبه بملكٍ صاحب سلطان في الرب، ملك الملوك ورب الأرباب.
إنه لا يليق بنا أن نضرب "الغلمان والجواري"، فإن كانت الغلمان تشير إلى طاقات النفس فإن الجواري تشير إلي طاقات الجسد، لأننا كما سبق في دراساتنا السابقة رأينا أن النفس يُرمز لها بالذكر والجسد بالأنثى، فالغلمان هم أبناء النفس، والجواري هن بنات الجسد؛ ونحن مطالبون ألا نحطم هؤلاء ولا أولئك، بل نقوَّتهم ونربيهم، ليكون الكل مقدَّسًا للرب، عاملاً بروحٍ منسجمٍ لحساب ملكوت الله.
يقدَّم لنا السد مبدأ هامًا في المكافأة أو الجزاء وهو أنه كلما زادت المعرفة صارت المسئولية أعظم وبالتالي تكون المكافأة أو يكون الجزاء أكثر، إذ يقول:
"وأما ذلك العبد الذي يعلم أرادة سيِّده
ولا يستعد ولا يفعل بحسب أرادته فيضرب كثيرًا.
ولكن الذي لا يعلم ويفعل ما يستحق ضربات يُضرب قليلاً،
فكل من أُعطي كثيرًا يطلب منه كثير
ومن يودعونه كثيرًا يطالبونه بأكثر" [47-48].
+ لا يُناقش في جريمة من يعرف إرادة سيِّده ويهملها ولا يعمل ما هو لائق بها كواجب ملتزم به، إذ يُحسب في عار واضح ويستحق ضربات كثيرة. لكن لماذا يتحمل ضربات ولو قليلة من لا يعلم إرادة سيِّده ولا يفعلها؟ لأنه لم يرد أن يعرفها مع أنه في قدرته أن يعرفها...
إنها لدينونة عنيفة يسقط تحتها من يعلمون. هذا ما يظهره تلميذ المسيح القائل: "لا تكونوا معلمين كثيرين يا إخوتي، عالمين أننا نأخذ دينونة أعظم" (يع 3: 1). فإن عطيَّة المواهب الروحيَّة وفيرة للذين هم رؤساء الشعب، إذ يكتب الحكيم بولس إلي الطوباوي تيموثاوس: "فليعطك الرب فهمًا في كل شيء" (2 تى 2: 7)، "لا تهمل أيضًا موهبة الله التي فيك بوضع يديّ" (راجع 2 تى 1: 6). من هذا يظهر أن مخلِّص الكل إذ يعطيهم أكثر يطالبهم أكثر. ما هي الفضائل التي يطالبهم بها؟ الثبات في الإيمان، التعليم الصحيح، التأسيس حسنًا في الرجاء، الصبر بلا زعزعة، القوَّة الروحيَّة التي لا تُغلب، الفرح والشجاعة في كل تقدَّم حسن، بهذا نصير قدوة للآخرين في الحياة الإنجيلية. فإن عشنا هكذا يمنحنا المسيح الإكليل، الذي به ومعه السبح والسلطان للآب والروح القدس إلي أبد الأبد آمين.

( القدِّيس كيرلس الكبير )

+ انظر كيف يكشف بوضوح أنه لأمر خطير أن يخطئ إنسان بمعرفةٍ عن أن يخطئ بجهلٍ. ومع هذا فليس لنا أن نحتمي تحت ظلال الجهل، لأنه يوجد فارق بين أن تكون جاهلاً، وأن تكون غير راغب في المعرفةٍ. فالإنسان الذي قيل عنه أنه "كف عن التعقل عن عمل الخير" (مز 36: 3) إرادته مخطئة وليس له حق الاعتذار بالجهل. ومع هذا فالجهل لا يبرر أحدًا أو يعفيه عن عقاب النار الأبديَّة... وإنما ربَّما يخفف عن العقوبة، إذ لم يقل عبثًا... "معطيًا نقمة للذين لا يعرفون الله" (2 تس 1: 8).

( القدِّيس أغسطينوس )

+ أي عذر لنا الذين دخلنا القصر وحُسبنا أهلاً أن ندخل الهيكل، وصرنا شركاء في التمتع بالأسرار غافرة الخطايا ومع هذا نسلك أشر من اليونانيين (الأمم) الذين لم يشتركوا في شيء من هذا القبيل؟
(
القدِّيس يوحنا الذهبي الفم )

القطيع الجديد ونار الروح
إذ طالبنا السيِّد أن نحيا كوكلاء أمناء وحكماء، فمن أين نقتني الأمانة والحكمة؟ أنهما عطيَّة الروح القدس الناري، الذي بعثه السيِّد المسيح لكنيسته لكي يحول أعضاءها إلى أشبه "بعرش شاروبيمي ملتهب نارًا"، فنتأهل ليملك الرب علينا، جالسًا في داخلنا كما علي عرشه. هذه النار الإلهيَّة هي عطيَّة الرب لنا، إذ يقول: "جئت لألقي نارًا علي الأرض، فماذا أريد لو اضطرمت؟" [49].
+ أراد بهذا أن يقدَّم لنا تلميذا مملوءًا حرارة ونارًا، مستعدًا لاحتمال كل خطر.

( القدِّيس يوحنا الذهبي الفم )

+ لهذا السبب ظهر الروح في نار، لكننا نحن نزداد برودة أكثر من الرماد، وعدم حيويَّة أكثر من الموتى، بينما نرى بولس يحلق في أعلى السماوات وسماء السماوات، أكثر غيرة من اللهيب، يغلب كل شاء، ويتخطى كل الأمور: السفلية والعلويَّة، الحاضرة والمستقبلية، والكائنة غير الكائنة...
لنترك بولس ونذكر المؤمنين الأولين الذين تركوا كل ممتلكاتهم ومكاسبهم وكل الاهتمامات الأرضية والراحة الزمنيَّة، مكرسين أنفسهم لله بالكلية، معطين كل اهتمامهم لتعليم الكلمة ليلاً ونهارًا. هذا هو نار الروح الذي لا يسمح لنا أن تكون فينا شهوة لأمرٍ من أمور هذه الحياة، بل ينقلنا إلي حب آخر.
+ قال هذا ليعلن عن التهاب الحب وحرارته الذي يطلبه فينا. فكما أحبَّنا كثيرًا جدّا هكذا يريدنا أن نحبه نحن أيضًا.

( القدِّيس يوحنا الذهبي الفم )

+ إله الكل هو "الصانع ملائكته رياحًا وخدامه نارًا ملتهبة" (مز 104: 4)... عندما رغب بولس الطوباوي ألا تبرد نعمة الروح المعطاة لنا، حذرنا قائلاً: "لا تطفئوا الروح" (1 تس 5: 19)، حتى نبقى شركاء مع المسيح، ذلك أن تمسكنا حتى النهاية بالروح الذي أخذناه، إذ قال: "لاتطفئوا" ليس لأن الروح موضوع تحت سلطان الإنسان أو أنه يحتمل آلامًا منه، بل لأن الإنسان غير الشاكر يرغب في إطفاء الروح علانية، ويصير كالأشرار الذين يضايقون الروح بأعمال غير مقدَّسة...
لقد أمسكت نار كهذه بإرميا النبي عندما كانت الكلمة فيه كنارٍ، إذ قال أنه لا يمكن أن يحتمل هذه النار (إر 20: 9)... وقد جاء سيدنا يسوع المسيح المحب للإنسان لكي يلقي بهذه النار علي الأرض، قائلاً ماذا أريد لو اضطرمت؟"

( القدِّيس البابا أثناسيوس )

+ ليعيننا الفهم الصالح ملهبًا أذهاننا ومنقيها، ذاك الذي جاء ليرسل نارًا علي الأرض لتبدد العادات الشرِّيرة مسرعًا بإشعالها.

( القدِّيس غريغوريوس النزينزي )

+ عندما حلّ الروح القدس قيل: "وظهرت ألسنة منقسمة كأنها من نار واستقرت علي كل واحد منهم" (أع 2: 3)... من ثم يقول الرسول أيضًا: "حارين في الروح" (رو 12: 11)، لأن منه تأتي غيرة الحب: "لأن محبَّة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المُعطى لنا" (رو 5: 5). وعلى نقيض هذه الغيرة ما قاله الرب: "تبرد محبَّة الكثيرين" (مت 24: 14)، لأن الحب الكامل هو عطيَّة الروح القدس الكاملة.

( القدِّيس أغسطينوس )

+ هذه هي النار التي اضطرمت في قلوب التلاميذ، فألزمتهم بالقول: "ألم يكن قلبنا ملتهبًا فينا إذ كان يكلمنا في الطريق ويوضح لنا الكتب؟" (لو 24: 32).

( القدِّيس جيروم )

+ لا يقصد النار المحرقة للخير، وإنما النار التي تحث علي الأعمال الصالحة، التي تجعل الأواني الذهبية التي في بيت الرب في حالٍ أفضل، بحرق العشب والقش (1 كو 3: 12) وحرق كل مخبأ زمني تكدست فيه الملذّات الجسديَّة الزمنيَّة التي مصيرها الفناء.
هذه النار الإلهيَّة أشعلت عظام الأنبياء، كما قال إرميا: "كان في قلبي كنار محرقة محصورة في عظامي فمللت من الإمساك ولم أستطع" (إر 20: 9).
توجد نار للرب قيل عنها: "النار تحرق قدامه" (مز 96: 3).
الرب نفسه نار، إذ يقول عن نفسه أنه نار آكلة (مز 3: 2؛ 24: 17؛ تث 42:4؛ عب 12: 29).
نار الرب هي النور الأبدي، بهذه النار تُشعل السرج التي سبق فقيل عنها: "لتكن أحقاءكم ممنطقة وسرجكم موقدة". يشهد كليوباس وزميله أن الرب وضع فيهما هذه النار بقولهما: "ألم يكن قلبنا ملتهبًا فينا؟" (لو 24: 32)، معلنين عن عمل هذه النار التي تنير أعماق القلب. ربَّما لأجل هذا سيأتي الرب في نار (إش 46: 15-16) ليحرق كل الرذائل في القيامة ويملأ بوجوده إشتياقات كل أحد (من مؤمنيه) ويشرق بنوره علي الأعمال والسرائر.

( القدِّيس أمبروسيوس )

+ إننا نؤكد أن هذه النار التي أرسلها المسيح هي لخلاص البشر ونفعهم، الله يهب كل قلوبنا أن تمتلئ بها. فإن النار هنا - كما أقول - هي رسالة الإنجيل الخلاصيَّة وقوَّة وصاياه، فإننا جميعًا نحن الذين علي الأرض باردون وأموات بسبب الخطيَّة وفي جهالة... نلتهب بالحياة التقويَّة ونصير "حارين في الروح" (رو 12: 11) كتعبير الطوباوي بولس. بجانب هذا نصير شركاء في الروح القدس الذي هو مثل نارٍ في داخلنا...
هذه هي عادة الكتاب المقدَّس الإلهي المُوحى به أنه يلقب الكلمات الإلهيَّة المقدَّسة أحيانا باسم "نار"، ليظهر فاعلية الروح القدس وقوَّته، الذي به نصير نحن حارين في الروح.
تحدَّث أحد الأنبياء القدِّيسين في شخص الله عن المسيح مخلِّص الجميع: "يأتي بغتة إلي هيكله السيِّد الذي تطلبونه وملاك العهد الذي تسرون به، هوذا يأتي قال رب الجنود؛ ومن يحتمل يوم مجيئه؟ ومن يثبت عند ظهوره؟ لأنه مثل نار الممحص ومثل اشنان القصّار، فيجلس ممحصًا ومنقيًا للفضة" (ملا 3: 1-3). يقصد بالهيكل الجسد الذي هو مقدَّس بالحق ليس فيه دنس، وُلد من العذراء القدِّيسة بالروح القدس بقوَّة الآب. فقد قيل للعذراء الطوباويَّة: "الروح القدس يحل عليكِ وقوَّة العلي تظللك" (لو 1: 35). وقد حسبه "ملاك (رسول) العهد، إذ جاء يكشف لنا عن إرادة الآب الصالحة ويخدمنا. كما يقول بنفسه: "لأني أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي" (يو 15: 15)... وكما أن الذين يعرفون كيف ينقون الذهب والفضة يستخدمون النار... هكذا يطهّر مخلِّص الكل فكر كل الذين يؤمنون به بتعاليم بقوَّة الروح...
بماذا نفسر الجمرة التي لمست شفتي النبي (إش 6: 6-7) وطهرته من كل خطيَّة؟ إنها رسالة الخلاص، والاعتراف بالإيمان بالمسيح، من يتقبل هذا في فمه يطهر. هذا ما يؤكده لنا بولس: "لأنك إن اعترفت بفمك بالرب يسوع، وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات خلصت" (رو 10: 9).
إذًا نقول أن قوَّة الرسالة الإلهية تشبه جمرة حيَّة ونارًا. يقول إله الكل للنبي إرميا: "هأنذا جاعل كلامي في فمك نارًا وهذا الشعب حطبًا فتأكلهم" (إر 5: 14)، "أليست هكذا كلمتي كنار يقول الرب؟" (إر 23: 29).

( القدِّيس كيرلس الكبير )

القطيع الجديد والألم
إذ يهب الرب قطيعه الجديد روحه القدُّوس الناري، مقدَّما لهم كلماته أيضًا الناريَّة، وواهبًا إياهم الحب الناري، إنما لكي يعيش القطيع على مستوى سماوي ناري لا تستطيع أحداث هذا العالم أن تعوقه عن الانطلاق نحو الأبديات. حقًا إن مجيء السيِّد يلهب القلوب بالحب، لكنه أيضًا يثير غير المؤمنين حتى الأقرباء لمضايقتهم، فيحتمل المؤمنون كل ألم وضيق بقلب متسع كسيِّدهم. يقول السيِّد المسيح:
"ولي صبغة أصطبغها، وكيف أنحصر حتى تُكمل؟
أتظنون إني جئت لأعطي سلامًا على الأرض؟
كلا، أقول لكم، بل انقسامًا.
لأنه يكون من الآن خمسة في بيت واحد منقسمين، ثلاثة على اثنين، واثنان على ثلاثة.
ينقسم الأب على الابن، والابن على الأب،
والأم على البنت، والبنت على الأم،
والحماة على كنتها، والكنة على حماتها" [50-53].
ما هي الصبغة التي اصطبغ بها السيِّد إلا احتماله الألم حتى الموت، باذلاً دمه من أجلنا، لذا يليق بنا أن نحمل سمته، فنقبل من أجله الجهاد الروحي حتى الدم، أي حتى الموت. وكما يقول الرسول: "من أجلك نمات كل النهار" (رو 8: 36).
لقد دُعيت المعموديَّة صبغة، إذ بها نحمل سمات السيِّد المسيح. بدفننا معه لنقوم أيضًا معه، حاملين قوَّة قيامته فينا. هذه الصبغة كما يقول العلامة ترتليان تكون في مياه المعموديَّة أو خلال الاستشهاد، هاتان المعموديتان- في رأيه- أخرجهما من جنبه المطعون، إذ خرج منه دم وماء (يو 19: 34).
v يقصد بمعموديته (صبغته) موته بالجسد، وبانحصاره إذ حزن وتضايق حتى أكملها. ماذا حدث عندما أكملت؟ صارت رسالة الإنجيل الخلاصيَّة معلنة لا في اليهوديَّة وحدها، بل في كل العالم... فقّبل الصليب الثمين وقيامته من الأموات كانت وصاياه ومجد معجزاته الإلهيَّة في اليهوديَّة وحدها، لكن إذ أخطأ إسرائيل في حقه، وقتلوا رئيس الحياة... أعطى الوصيَّة لتلاميذه هكذا: "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به" (مت 28: 19-20). انظروا ها أنتم ترون النار الإلهيَّة المقدَّسة قد انتشرت بواسطة الكارزين القدِّيسين.

( القدِّيس كيرلس الكبير )

الآن إذ يرش الرب دمه كصبغة مقدَّسة نصطبغ بها، خلاله يلتهب قلبنا بنار روحه القدُّوس يلزمنا كما "انحصر" هو حتى أكمل عمل الفداء أن ننحصر نحن خلال الألم حتى نعلن كمال حبنا له، محتملين الضيق حتى ممن هم أقرب الناس إلينا، من أهل بيتنا.
v هل تظن أنه يأمر بتفكك الرباطات بين أبنائه المحبوبين؟ كيف يكون هذا وهو نفسه سلامنا الذي جعل الاثنين واحدًا؟ (أف 2: 14)، والقائل: "سلامًا أترك لكم، سلامي أعطيكم" (يو 14: 27)؟ إن كان قد جاء ليفرق الآباء عن الأبناء والأبناء ضد الآباء فكيف يلعن من لا يكرم أباه (تث 27: 16)؟
يريد أن يكون الله في المرتبة الأولى وبعد هذا تأتي محبَّة الوالدين... ينبغي أن نفضل ما لله عما للبشر، لأنه أن كان للوالدين حقوق، يلزمنا أن نشكر من وهبنا الوالدين... أضف إلى هذا قوله في إنجيل آخر: "من أحب أبًا أو أمًا أكثر مني فلا يستحقني" (مت 10: 37). الله لا يمنعك عن محبَّة والديك، إنما عن تفضيلهما عن الله، فالعلاقة الطبيعيَّة هي من بركات الرب، فلا يليق أن يحب الإنسان العطيَّة أكثر من واهب العطيَّة وحافظها.

( القدِّيس أمبروسيوس )

v عندما تجحد أبًا أرضيًا من أجل تقواك نحو المسيح فستقتني ذاك الذي من السماء أبًا لك، وإن رفضت أخًا لأنه يهين الله ولا يخدمه فسيقبلك المسيح كأخٍ له... اترك أمك التي حسب الجسد واقتن الأم العلويَّة أي أورشليم السماويَّة التي هي "أمنا" (غل 4: 26). وهكذا تجد نسبًا مجيدا وقويًا في عائلة القدِّيسين، معهم تصير وارثًا هبات الله التي لا ُتدرك ولا يمكن للغة أن تعبر عنها.

( القدِّيس كيرلس الكبير )
+ + +
رد مع اقتباس
قديم 20 - 02 - 2018, 07:29 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
walaa farouk Female
..::| الإدارة العامة |::..

الصورة الرمزية walaa farouk

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 122664
تـاريخ التسجيـل : Jun 2015
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 363,774

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

walaa farouk متواجد حالياً

افتراضي رد: اليوم الثاني من الاحد الاول من الصوم الكبير

ميرسى على التامل الجميل مرمر
  رد مع اقتباس
قديم 21 - 02 - 2018, 12:08 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,257,538

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: اليوم الثاني من الاحد الاول من الصوم الكبير


شكرا على المرور
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
اليوم السادس من الاحد الاول من الصوم الكبير
اليوم الخامس من الاحد الاول من الصوم الكبير
اليوم الرابع من الاحد الاول من الصوم الكبير
اليوم الثالث من الاحد الاول من الصوم الكبير
اليوم الاول من الاحد الاول من الصوم الكبير


الساعة الآن 07:27 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024