رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إرميا صلة الوصل بين أشعيا وحزقيال إر 23: 1- 8؛ 33: 14- 26 إستناداً إلى دلائل كثيرة موجودة في نبوءتَي حزقيال وارميا، نلاحظ أن إحداهما عرفت الأخرى. بالفعل، إن صورة "الرقيب" (حز 33: 1- 9؛ إر 6: 13)، وانتقاد الأنبياء المعاصرين لحزقيال وإرميا (حز 15: 5 ي؛ إر 11: 14)؛ وصورة الامرأتين اللتين تمثّلان إسرائيل ويهوذا (إر 36: 13؛ حز 23) حاضرة كلّها عند الاثنين. وبالإضافة إلى ذلك، فإرميا (627- 587) وحزقيال (593- 571)، يمكن أن يكونا قد عايشا الأحداث ذاتها، خاصة مرحلتَي السبي إلى بابل. من هنا أمية القول إن النبيّين تحدّثا عن المسيحانيّة إنطلاقاً من الخيبات ذاتها: المنفى ورحيل يواكيم، وقيام صدقيا وتآمره مع المصريّين ضد ملك بابل، وأخيراً مرحلة النفي الثاني. في إر 23: 1- 8 وفي حز 34، يستعمل النبيَّان الصور ذاتها: النعاج الضالّة، البقية إلخ... والأفعال ذاتها "جمع" و"أعاد". وذلك من أجل إدخال الموضوع المسيحاني. في ف 34، يتوسّع حزقيال فوق ذلك في دور يهوه الذي يتدخّل ليحكم بين النعاج ويعتني بكل منها. ولكن إرميا يتقن التحدّث عن المسيحانية بصورة أقوى، بالرجوع إلى طريقة أشعيا في كلامه على العمانوئيل. سمّى أشعيا المولود الجديد "عمانوئيل"، وسمّاه إرميا "الرب- بِرُّنا" (إر 23: 5- 6). ويصف إرميا الملك ويَصِله بسلالة داود: إنه ذكي، وعاقل، ويحكم باستقامة وعدل. إن الزمن المسيحانيّ، عند حزقيال وإرميا، يجب أن يكون زمن خلاص للمملكتين (آ 6). و"سيتم إنقاذ يهوذا، ويسكن أرض إسرائيل بأمان". وبما أن هناك ملكاً واحداً بحسب النبوءة (إر 23: 1- 8)، فيهوذا وإسرائيل ستتوحّدان كما في حز 37: 15- 27. والعودة إلى البلاد، في إر 23: 7- 8 تبشّر بخروج جديد وتعلن يهوه سيداً للموقف. وفي ما عدا ذلك يتضمّن إر 33: 14- 26 إلحاحاً على أن يهوه سيحفظ سلالة داود على عرش الملك. في الواقع، تشير سلالة داود إلى وعد قُطع في الماضي، وعهد قد أُبرم. والعهد والوعد يخصّان بيت إسرائيل وبيت يهوذا في الوقت ذاته (آ 14). بخلاف حزقيال، يذكر إرميا بوضوح الفرق بين وظيفة الملك ووظيفة الكهنة. إن الطابع التيوقراطي مسيطر عند حزقيال. ففي حز 34، يستبدل يهوه الكلّ براعيه الوحيد "داود خادمي" (حز 34: 23 ي؛ 37: 24 ي). ويستعمل إرميا التعبير ذاته: "داود خادمي" (33: 21 ي)، ليُضفي عليه مهمّة كهنوتيّة. كما يعود ويؤكد في 30: 9: "يخدمون الربّ إلههم وداود ملكهم الذي أُقيمه لهم". "إن التأكيد على استطاعة الملك التقرّب من يهوه، يشكل جزءاً من سلسلة الشهادات التي تشير إلى العلاقات الحميمة التي تجمع "مَن مُسِح ملكاً" بيهوه، ومشاركة "الممسوح في التدبير الإلهي". لكن إرميا يهتم بالخلاص الأرضيّ. فالله سيتدخّل، ويُعيد المسبيّين، ويحفظ سلالة داود، ويتذكّر عهده، ويُنشىء حياة جديدة لصالح المنفيّين ويجعلهم يعيشون بأمان، ويتكاثرون وتخصب أرضهم. وبعكس ذلك، يذهب حزقيال إلى أبعد من إرميا فيذكر إستمراريّة الحدث والزمن المسيحانيّ. أما إرميا فيذكِّر بالعهد، ويرجع إلى إبراهيم واسحق ويعقوب (33: 26)، بينما يذكر حزقيال يعقوب ويتحدّث عن ميثاق سلام يكون أبدياً بين يهوه وشعبه الموحَّد (37: 27 ي). وأخيراً، فإن الزمن المسيحانيّ، عند حزقيال، يتعلّق بصلة الشعب بإلهه، أكثر من تعلّقه بسلالة داود وموقعها الأساسي على رأس القطيع. ينتج عن ذلك أن تاريخ الخلاص، كما قرأه حزقيال، يُظهر بوضوح هذا الرباط الحميم بين يهوه وشعبه الذي سيعرفه وسيتقدّس بحضور الله في وسطه. |
|