|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الخدمة الملومة «أختي قد تركتني أخدم وحدي» (لو10: 40) «فبقيت أنا وحدي» (1مل19: 10) ما أخطر أن تتحول عينا الخادم عمن يخدمه، ويجد نفسه مع الوقت، بدلاً من أن يخدم سيده يخدم ذاته، وتكون الخدمة في حد ذاتها غرضًا وليس الرب. حينئذ لا نتعجب عندما نسمع من فم المؤمن كلمات ما كنا نتوقع في يوم من الأيام أن نسمعها، أو حين نجده في موقف الشكاية والأنين ضد مَنْ يخدمهم، أو في ارتباك وتشتّت في مجالات الخدمة، مهملاً الجلسة عند قدمي السيد، وهذا ما ظهر خلال موقفين في خدمة كل من إيليا ومرثا وسنشير إلى بعض الأفكار في الحادثين: فمرثا نرى في خدمتها: 1- الارتباك: الذات التي فينا يهمها حجم العمل، بغضِّ النظر عن الدوافع التي من وراء هذا العمل؛ لأنه من خلال العمل الكبير نشير إلى ذواتنا أكثر، وتتعظم ذواتنا في أعيننا مقارنة بالمتقاعسين – بحسب ظننا – عن العمل. وهذا ما ظهر في مرثا التي ارتبكت في خدمة كثيرة، ولم يكن لها علم بفكر الرب أن «الحاجةَ إلى واحدٍ». لقد حَملّت نفسها فوق طاقتها، وقادها تشتتها الكثير هذا إلى الارتباك، وإلى إهمال النصيب الصالح الذي تمتعت به أختها. لقد اضطربت لأجل أمور كثيرة في الوقت الذي كان يجب عليها أن تكون جالسة، مع أختها، عند قدمي الرب تسمع كلامه. حقًا لقد كانت مرثا تحتاج أن ترتب أولوياتها، فعندما تعمل المهم يجب أن لا تترك الأهم. 2- الانتقاد: الذات هي الدافع من وراء كل انتقاد، فمن وراء كل تقليل للآخرين تريد أن تقول ”أنا الأفضل“. وهذا ما عملته مرثا، ربما دون أن تشعر، عندما لمّحت أن ما فعلته أختها أدنى مما فعلته هي، فأشارت للرب عن تقصير أختها: «أختي قد تركتني أخدم وحدي» (لو10: 40)، وقادها هذا إلى الخدمة بروح الأنين والتذمر. 3- الأسلوب غير اللائق: عندما تكون الذات عاملة لا يكون هناك مراعاة لآداب الحديث ولا السن، وفي كلماتنا نتخطى الحدود ولا نعمل أية مراعاة للمشاعر التي تُجرَح. وكمثال لهذا، الكلمة التي قالتها مرثا للرب دون مراعاة وقعها على مسامعه: «أما تبالي؟». ولا يخفى علينا ما تتضمنه هذه الكلمة من معانٍ قاسية على مشاعر الرب. 4- توجيه الأوامر: إن الذات تريد أن تُخدَم لا أن تَخدِم، تُقدم الأوامر والنواهي ويغيب عنها أن الخدمة للرب هى مجال للتدريب على الطاعة «يا رب ماذا تريد أن أفعل؟» (أع 9: 6). كان يمكنها أن تدعو أختها لتطلب منها المساعدة، لكن في ارتباكها لامت الرب ووجَّهته لفعل ما تراه هي أنه صواب «قل لها أن تعينني». أما عن إيليا: فبعد الانتصار العظيم على جبل الكرمل كان يتوقع أن يُحمل على الأكتاف، وإذ به يفاجأ برسالة من إيزابل تهدده فيها بالقتل، فهرب لأجل نفسه. فالذات التي تبغي الكرامة والمدح هي نفسها التي تنسحب وتنزوي هربًا من التجريح والإهانة التي قد تلحق بها في طريق خدمة الرب. وعندما عاتبه الرب بالقول: «مالك ههنا يا إيليا؟»، كان رده يُعبِّر عن حالة الضعف التي وصل إليها «غِرتُ غيرةً للرب إله الجنود، لأن بني إسرائيل قد تركُوا عهدك، ونقضُوا مذابحك، وقتلوا أنبياءك بالسيف، فبقيت أنا وحدي، وهم يطلبون نفسي ليأخذُوها» (1مل19: 10). ومن خلال كلماته نرى كيف أن الذات كانت عاملة: 1- أشار لإنجازاته: في قوله «غِرت غيرة للرب»؛ أراد أن يُوضِّح للرب ماذا عمل، مع أن الرب يعلم الكل، ومكان المكافأة أمام كرسيه، وهناك لن ينسى حتى كأس ماء بارد قُدِّمت باسمه. لكن كم من المرات نشابه إيليا في الحديث عما فعله الرب بنا في الخدمة. 2- الشكاية والأنين: بدلاً من أن يتشفع لأجل الشعب مثلما فعل موسى (خر32 : 21)، نراه يتوسل ضد إسرائيل (رو11: 2). اتهم الشعب شاكيًا أنهم قتلوا الأنبياء. فانخفاض محبته للشعب جعله يشتكيه ولا يرى فيه سوى العيوب. وهكذا لا يمكن أن تكون كلمات الشكاية على أفواهنا وفي الوقت ذاته ندّعى أنه توجد محبة في قلوبنا. ولا يمكن لشخص أن يشتكي الشعب ويخدمه في آن واحد فكان أمر الرب له «اذهب... وأمسح أليشع نبيًا عوضًا عنك» (1مل19: 15- 16). 3- إحساسه بأنه الوحيد الأمين: «فبقيت أنا وحدي»، مع أنه يوجد الكثيرون قال عنهم الرب «سبعة آلاف كل الركب التي لم تجثُ لبعل». والمشغولية بالذات تقودنا إلى أن نرى أنفسنا وخدمتنا فقط، ولا نرى ما يقوم به الآخرون، مع أنهم قد يكونون في عيني الرب أكثر أمانة منا. وأمام كرسيه ستُمتدح الأمانة التي ظهرت في حياة قديسيه «نعمًا أيها العبد الصالح والأمين كنت أمينًا في القليل فأقيمك على الكثير». ليت هذه الدروس التحذيرية يكون لها صدى في حياتنا وخدمتنا، فنحرص على إرضاء الرب لا إرضاء ذواتنا.. |
|