رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"القدّيس افروسينوس شفيع الطباخين والطهاة." عاش، في أحد الأديار، راهبٌ شاب اسمه إفروسينوس كان يَقوم بمهمّة طبّاخ بكلّ تفانٍ . ولأنّه كان يَقضي مُعظم يَومه في المطبخِ والفرن، لم يكترث به أحد. وهكذا أستطاع أنْ يخفي فضيلته العظيمة، بينما كان الرُهبان الكَسالى يَسْخَرون مِنه ويستهزئون به وهم يَرونه أَسْوَد الوجه مِنَ الدُّخان. أمّا هو، فبالإضافة إلى صبرهِ وقبوله لِمَصاعب خِدْمَتِه المُضْنِيَة إلى صَبْرِهِ، كان يحتمل كل شيء ببسالة، فلا يتذمرّ ولا يَشْتَكي ولا يَلُوم أحدا ً. كان رئيس الدير إنساناً فاضِلا ً، ولديه جرأة أمام الله ، فطلبَ في صلاتهِ أنْ يُظْهِرَ لهُ مَنْ مِنْ تلاميذه هو الأسمى والمُرْضِي لدى الله. في إحدى الليالي، غلبه النوم ورأى نفسه في حديقةٍ تَفوح عطرا ً.فيها أشجار جميلة جدا ً، تحمل ثمارا ً بديعة الشكل والرائحة. فحاول أن يقطف بعضها، لكنه لم يُفلح. فقد كانت الأغصان والثمَّار ترتفع بمجرّد اقترابه منها! وبعد عدّة مُحاولات فاشلة، رأى، فجأة ً، الراهب إفروسينوس يَتَمَشَّى ويَتَذَوَّقُ كُلُّ ما كانت تَحْوِيهِ تلك الحديقة بِوِفْرَةٍ. وكانت الأغصانُ تَنْحَنِي أمامه مُقَدِّمَة ثِمارها. دُهِشَ الرئيس وناداه : - يا ولدي، مَنْ أحضركَ إلى هذا المكان وسمح لكَ بالبقاء فيه؟ فاجابه ذاك بوجه مُسْتَبْشِرٍ قائلا ً : - إنَّ الله المُحِبْ البشر قدْ أوكل لي العناية بهذه الحديقة، وسَمَحَ لي بالإستمتاع بها. - وهل تستطيع أنْ تُعْطِينِي ثَمرة ً منِها ؟ - خُذْ ما تشاء. - لا أستطيع، يا ولدي، فقد حاولت كثيرا ً ولمْ أنْجَحْ في قَطْفِ واحدة. عندئذٍ ، دنا القدّيس مِنْ شجرةِ تُفّاحٍ ، وقطفَ بكلِّ بَساطٍة ثلاث تُفَّاحاتٍ رائعة، وأعْطاها لِشَيْخِهِ. أخذَ الشيخ التُفَّاحات بِيَدِهِ، وللحال إستفاق مِنْ غَفْوَتِه . وكانت بانتظاره مُفاجأة ثانية، إذ اكتشف أنَّه ما زال مُمْسِكا ً بالتُفَّاحات الثلاث بيديه . للحال أمرَ بقرع ِ الناقوس وطلبَ استدعاء الأخ إفروسينوس. هرعَ البعض إلى المطبخ وأحضروه أمام الباب المُلوكي في الكنيسة. كانَ وجهه ويداه وثيابه مُغَطّاة بالدُخان الأسود مِنْ جَرّاء عمله أمام النار . سأله الرئيس : - أيْنَ كُنْتَ هذه الليلة، يا ولدي؟ - أطرق إفروسينوس برأسه، ولمْ يَتَكَلَّم أبداً . لكنّه عندما رأى إصرار شيخه على سؤاله، أجاب بتواضع : - ألا تعلم، يا أبتِ، أينَ كُنّا نحن الإثنين؟ عندئذٍ، أظهر الرئيس التُفَّاحات الثلاث، وهو يَرْتَجِفُ مِنَ التأثُّرِ: - هل تعرف هذه ؟ - نعم، يا أبتِ لقد أَمَرْتَنِي فأعطيتك إياها. - يا ولدي إفروسينوس، مَغْبوط ٌ أنْتَ لأنَّكَ استأهَلْتَ أَنْ تَتَمَتَّعَ بِمِثْلِ هذه الخيرات. صَلِّ مِنْ أجلي أنا الشقي ومِنْ أجلِ إخوتك الرُهبان. للحال قصَّ الرئيس رؤياه على الجميع. ثمَّ سقط َ عندَ قدمي تلميذه، الذي كان يَبكي مِنْ شِدَّةِ الخجل. بعد ذلك، قسَّمَ التُفَّاحات إلى قطعٍ صغيرةٍ ووَزَّعَها على الإخوة. أمَّا القدِّيس إفرونيموس، الذي كان حتى ذلك الحين يَحْتَمِلُ الإزدراء والسُخْرِيَة بطيب خاطر، لمْ يَستطعْ أنْ يَتَحَمَّلْ تكريم الجميع. فغادر الدير ولمْ يَرَه أحدٌ بعد ذلك. "من التقاليد للمسيحيِّين الأرثوذكس أن يكون لديهم في مطابخهم أيقونة القديس افروسينوس." صلاة قبل الطبخ: (المجد لك أيها الإله الأزلي المبدع الكل بمحبته وصلاحه. يا من ينعم علينا بهذه الخيرات السماوية والأرضية المتنوعة ويرزق الكل من فيض بركاته. أهّلني وأصلح بالماء والملح والنار ما وهبتنا من مآكل، بانسجام وتوافق واعتدال لكي تكون تشديداً وقوة لنفوسنا وأجسادنا، فنسبّحك بنشاط وشكر وسرور، يوماً بعد يوم، وأعطنا بالأحرى أن نهيئ لنفوسنا مسكناً لروحك القدوس. فنشبَع تبريكك وتسبيحك كما من شحم ودسم صانعين مشيئتك في كل حين. بشفاعات والدة الإله وجميع قدبسيك وقدّيسك افروسينوس اللهم ارحمنا وخّلصنا آمين.) تُعَيِّد له الكنيسة اليوم (١١ أيلول) يا قديس الله أفروسينوس، تَشَفَّع إلى المسيح الإله أنْ يُخلِّص نفوسنا. |
|