رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"ماذا وجد فيَّ آباؤكم من جور حتى ابتعدوا عني؟! وساروا وراء الباطل وصاروا باطلًا، ولم يقولوا أين هو الرب الذي أصعدنا من أرض مصر، الذي سار بنا في البرية، في أرض قفرٍ وُحفرٍ، في أرض يبوسة وظل الموت، في أرض لم يعبرها رجل ولم يسكنها إنسان، وأتيت بكم إلى أرض بساتين لتأكلوا ثمرها وخيرها" [5-7]. تحدث هنا على عن ثلاث فئات على الأقل: أ. الكهنة: كان اليهود يظنون أن عملهم الرئيسي هو تقديم الذبائح، ولم يدركوا أن رسالتهم الأولى هي المصالحة مع الله مخلص البشر. كانوا يمارسون طقوس الذبائح بكل دقة، لكنهم لم يرفعوا قلوبهم ولا قلوب الشعب نحو الله مخلصهم، لهذا يعاتبهم: "الكهنة لم يقولوا أين هو الرب". كان عليهم أيضًا أن يسلموا الشريعة جيلًا بعد جيل، وأن يكشفوا عن معرفة الله وإرادته وخطته! لكنهم لم يستطيعوا لأنهم هم أنفسهم لم يعرفوا الرب في حياتهم وأعمالهم! ب. الرعاة: أو الحكام أو الملوك: يُنظر إليهم كممثلي الرب، يهتمون بكل الشعب، خاصة الفقراء والمحتاجين كما جاء في المزمور 72، فيتمموا مشورته، لكنهم عصوه لأنهم أنانيون. ج. الأنبياء الكذبة: لم يشهدوا للرب بل تنبأوا لحساب البعل. هكذا تجاهل الكهنة الرب الذي كان يجب أن يعلنوا عنه وأن يشفعوا لديه، وانطمست أعين أهل الشريعة عن المعرفة، وتحول الرعاة إلى العصيان عوض قيادة الشعب إلى الطاعة، وتنبأ الأنبياء ببعل عوض توبيخ الشعب على انحرافهم! لقد انحرفت كل القيادات الروحية عن عملها وأخذت الاتجاه المضاد لرسالتها. هكذا تدخل الخطية إلى حياة الإنسان فتفقده توازن كل قيادات نفسه الداخلية. فالكهنة هنا يشيرون إلى طاقات الحب التي تسحب الإنسان إلى الله ليطلبه بكل القلب، لكن الشر يفسد الحب فيجعله شهوات شريرة، فيطلب القلب الأرضيات عوض السمويات، ومحبة الجسد عوض محبة الله. ويشير أهل الشريعة إلى العقل الذي يلزم أن يستنير بالروح القدس ليتعرف على أسرار الله، لكن الشر يفسد العقل فيتحول من نور المعرفة إلى ظلمة الجهل ليصير أعمى يقود أعمى ويسقط كلاهما في حفرة (مت 15: 14). ويشير الرعاة إلى الحواس التي ترعى الإنسان في مراعي الله الخلاصية، فيتلمس الحياة الجديدة ويتذوقها ويشتم رائحتها، لكنها إذ تنحرف تصير الحواس ثقلًا على النفس، تسحبها إلى الأرض والجسد! أما الأنبياء فيشيرون إلى الرؤية الداخلية حيث يليق بالقلب في نقاوة أن يعاين الله ويلتمس الأبديات. إذ يفقد القلب نقاوته يُصاب بالعمى، ويصير الله بالنسبة له خيالًا أو مجرد فكرة. هكذا إذ يرفض الإنسان رعاية الله يسلم كل طاقاته الداخلية ومراكز القوى، فلا تطلب ما ينفع بل ما هو مفسد لها! |
|