|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ثقة المرتل في الله المخلص أَمَّا أَنْتَ يَا رَبُّ، فَتَضْحَكُ بِهِمْ. تَسْتَهْزِئُ بِجَمِيعِ الأُمَمِ [ع8]. مهما بلغ عدد المقاومين، حتى إن اِتفقت جميع الأمم على الله، فيقاومون أولاده، فإن الله يضحك بهم. لهذا يحول المرتل عينيه عن التطلع إلى الأشرار وإلى اِجتماعاتهم وتدابيرهم الشريرة وإمكانياتهم، كما إلى الله الذي لا تقف قوة أمامه! إذ يحسب المرتل داود مقاوميه الأشرار أممًا وثنية، فإنه يهزأ بهم، ويجعل من تحركاتهم وخططهم سخرية واستخفافًا. هكذا كان داود النبي واثقًا أن الله يتابع خطواتهم، ويسمع همساتهم، ويجعل كل أعمالهم ضده باطلة، منقذًا إياه من كل مكيدة. * قال النبي سابقًا (59: 5): انتبه لتفتقد كافة الأمم، والآن يقول: ترذل كافة الأمم، فهل في هذا القول تناقض للقول السابق؟ كلاَّ، لأن الذهبي الفم يقول: بالكلام السابق يعني جماعة الأمم وشعوبها، الذين آمنوا بالمسيح، وأما هنا فيتحدث عن الأمم من جماعة الأبالسة، وعن صانعي أعمال الأمم الشنيعة، وعن الذين يضطهدون إيمان المسيح. الأب أنثيموس الأورشليمي * كل الأمم يصيرون مسيحيين، وأنت تقول: كم يسمع؟ ما هو الذي يسخر منهم؟ إنك تحسب كل الأمم كلا شيء. سيكونوا كلهم كلا شيء، فإن الأمر سهل للغاية أن تؤمن كل الأمم بك. القديس أغسطينوس مِنْ قُوَّتِهِ إِلَيْكَ أَلْتَجِئُ، لأَنَّ اللهَ مَلْجَأي [ع9]. وإن كان كل ما يفعله العدو يستخف به الله، لكن داود لا ينكر قوة العدو، إنما يثق في الله مخلصه، فيقف منتظرًا خلاصه، لأنه هو ملجأه الذي يحتمي فيه. يصرخ داود من قوة شاول الخطيرة، التي هي فوق كل إمكانياته؛ لا يقدر أن يقاومها. فليس له ملجأ سوى الله القدير؛ يتطلع إليه منتظرًا عمله الإلهي. الله هو ملجأ داود، المكان الآمن الذي فيه يختبئ، والموضع السامي العالي، فيه يرتفع فلا تقدر الشباك أن تصطاده، إذ جاءت الكلمة بترجمتها الحرفية "مكان مرتفع". يرى البعض أن كلمة "التجئ" جاءت هنا لتعني حرفيًا: "أراقبك"؛ فإن كان شاول قد أرسل من يراقب تحركات داود ليقتله، فإن داود بدوره يراقب تحركات الله القدير ليبدد خطة شاول. إن كان شاول قويًا، فالله قدير. لهذا لن يتوقف المرتل عن القول عن الله: "قوتي". جاءت كلمة "قوته" في الترجمة السبعينية: "من قوتي". بحسب النص العبري: "من قوة شاول أو قوة العدو كان المرتل يتطلع إليه لكي يحميه". وبحسب الترجمة السبعينية: يقول المرتل إنني أحفظ قوتي لك، لتستخدمها أنت يكونك ملجأي والعامل فيَّ وبي. يلجأ المرتل إلى الله من كل قوة الأشرار لأن الله نفسه هو قوة المرتل، وفي الالتجاء إلى الله ملجأه، يجده كفيلًا بحمايته. أحبك يا رب يا قوتي (مز 18: 1). أما أنت يا رب فلا تبعد يا قوتي، أسرع إلى نصرتي (مز 22: 19). يا قوتي لك أرنم، لأن الله ملجأي، إله رحمتي (مز 59: 17). على الله خلاصي ومجدي صخرة قوتي، محتماي في الله (مز 62: 7). قوتي وترنمي الرب، وقد صار لي خلاصًا (مز 118: 14)، * إن داود مسحه صموئيل النبي ملكًا من قبل الله، وهو أيضًا بروح النبوة كان عارفًا أنه سيخلف الملك شاول، لكنه لم يرد هلاك شاول، لئلاَّ يكون قد أخذ المُلك اغتصابًا وقهرًا، بل احتمل اضطهاداته، منتظرًا الفرج من قبل الله. فيقول: أنا أحفظ عزي لديك، أي ادخرت المُلك عنك إلى حين تتحقق إرادتك. ونحن المؤمنين أيضًا نستودع حياتنا ومُلكنا لدى المسيح إلهنا. الأب أنثيموس الأورشليمي * فإن هؤلاء الأقوياء يسقطون للسبب التالي: لأنهم لا يحفظون قوتهم لك. بمعنى أنهم يقومون عليّ ويهجمون، متكلين على ذواتهم. أما أنا فأحفظ قوتي لك، لأنني إن انسحبت (عنك) أفشل. إن اقتربت إليك أصير أكثر قوة. انظروا يا إخوة، ماذا في النفس البشرية. ليس فيها نور من ذاتها، ليس فيها قوات؛ بل وليست حكيمة بذاتها، ولا قوية بنفسها، ولا هي نور من ذاتها، ولا هي فضيلة بذاتها... اقتربوا إليه فتصيروا نورًا. فإنه بالانسحاب عنه تصيرون ظلمة. لهذا فإن "قوتي أحفظها لك"، فلا أنسحب منك، ولا أعتمد على ذاتي. أين كنت أنا، والآن أين أنا؟ إلى أين أنت رفعتني؟ أية آثام لي قد غفرتها؟ القديس أغسطينوس إِلَهِي رَحْمَتُهُ تَتَقَدَّمُنِي. اللهُ يُرِينِي بِأَعْدَائِي [ع10]. كثيرًا ما يطلب المرتل من الله أن يتقدمه، إذ يقول: "تقدمت فرأيت الرب أمامي في كل حين". الآن يطلب منه أن تتقدمه الرحمة الإلهية، فهو في عينيه ليس بلا خطية، إنما محتاج إلى مراحم الله لتغفر له خطاياه. وبهذا لا يكون للعدو سلطان عليه. يقدم لنا السيد المسيح نفسه الراعي الصالح الذي يتقدم قطيعه، والخراف تتبعه (يو 10: 4)، فلا تقدر الذئاب أن تقترب إليها، كما يُمكن للخراف أن تسلك طريق الحق بلا انحراف. جاء في بعض الترجمات "إله رحمتي يتقدمني"، إذ يتطلع المرتل إلى الله بكونه إلهه، يهبه الرحمة ويتقدم خطواته، يفيض عليه بالرأفات، ويسدد كل احتياجاته، يعينه في كل أموره. "الله يريني بأعدائي"؛ يُظهر لي إياهم في ارتباك، وقد أُحبطت خططهم. هذا القول يعادل: "الله يهبني النصرة عليهم"، أو "لن يسمح لهم بالانتصار عليّ". بقوله "يريني بأعدائي" تعني::يريني كيف أتعامل هو معهم. * "إلهي رحمته تتقدمني". انظروا ما هذا، "قوتي، لك أحفظ"، بكل الطرق لن أتكل على قوتي. فإنه أي صلاح أنا قد جلبته، حتى تجلب رحمتك عليّ وتبررني؟ ماذا وجدت فيَّ سوى خطاياي وحدها؟ منك لا توجد سوى الطبيعة التي خلقتها، أما بقية الأمور التي لي فهي شرور أنت تمحوها. القديس أغسطينوس |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مزمور 119 | يستدر المرتل مراحم الله |
مزمور 119 |المرتل لا يفصل بين الله ووصيته |
مزمور 115| يقارن المرتل بين شعب الله |
مزمور 92 | يتأمل المرتل في معاملات الله |
مزمور 63 | عطش نفس المرتل إلى الله |