منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 16 - 01 - 2023, 02:25 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

القديس غريغوريوس اللاهوتي | ما هو الشفــاء





القديس غريغوريوس اللاهوتي

ما هو الشفــاء

ينبغي علينا قبل أن نتناول عمل الكاهن أن نتقصى ما هو بالضبط معني الشفاء بحسب تعليم القديس غريغوريوس اللاهوتي.

إننا عندما نتحدث عن الشفاء لا نعني مجرد الشفاء البدني أو الشفاء السطحي الذي لا يتعدى أكثر من مجرد تغييرات قليلة خارجية. إننا نعني قبل كل شيء الشفاء الذي يعمل في أعماق قلب الإنسان. ليس هذا مجرد أمراً أخلاقياً، لكنه شفاء داخلي.

إذ يقارن القديس غريغوريوس اللاهوتي بين الشفاء البدني المقدَم من قِبَل الأطباء والشفاء الروحي المقدَم من الكهنة، فإنه يقول أن الشفاء الروحي يتطلب مجهوداً أكثر. يعتني الطب البدني فقط بالأعراض القابلة للملاحظة ولا يري سوي القليل مما يحدث في أعماق القلب. إنه يهتم بصورة رئيسية بما هو واضح، ويستطيع أن يفهم ويشفي القليل من الأمور التي تسبب أغلب الأمراض البدنية. علي العكس من ذلك، يتعامل الطب الروحي مع أعماق القلب. يقول القديس غريغوريوس: "يعتني كل علاجنا وكل مجهودنا بإنسان القلب الخفي، وتتجه حربنا ضد هذا الخصم والعدو الموجود داخلنا، الذي يستعملنا كأسلحة ضد ذواتنا، والأكثر رعباً من كل ذلك أنه يسلمنا إلي موت الخطيئة". يوجه العلاج نحو إنسان القلب الخفي.

يختلف العلاج الذي تمارسه الكنيسة اختلافاً كبيراً عن الطب البدني. يوضح القديس غريغوريوس اللاهوتي الغرض من منهج الكنيسة العلاجي. إنه لا يهدف إلي جعل الإنسان متزناً، لطيفاً، صالحاً، ولكن إلي اتحاده بالله. غرض الطب البدني هو جعل الجسم صحيحاً، علي حين أن هدف الطب الروحي هو "منح النفس أجنحة، وإنقاذها من العالم والإتيان بها إلي الله، والاهتمام بكونها علي صورته، والأخذ بيدها لو كانت في خطر الضياع، وجعل المسيح يسكن في القلب بالروح القدس، وفوق كل شيء جعلها تتحد بالله، ومنحها السعادة السماوية، تلك النفس التي تنتمي لرتب السماء". من الواضح هنا أن للشفاء هدف قوي جداً. يحاول الكاهن بنعمة المسيح أن يحافظ علي صورة الله في الشخص، وأن يجعله يتحد بالله، لكي يجعله مسكناً لله الثالوث القدوس، بل وفي الواقع جعله إلهاً بالنعمة.

يتضح هذا الفرق بين الشفاء الروحي والبدني أيضاً من الفرق بين الجسد والنفس. الجسد موضوع للفساد لكن النفس غير قابلة للفساد وغير قابلة للموت بالنعمة. يعتني الطب البدني بالجسد "وبالأمور الزائلة الباطلة، علي حين أن الطب الروحي، كما تمارسه الكنيسة، يعتني بالنفس "التي تأتي من الله، والتي هي إلهية، والتي لها نصيب في المجد السماوي". ليست النفس مفهوماً مجرداً. إنها ليست مجرد خاصية للجسد لكنها صورة الله. لا يؤثر الشفاء علي النفس فقط لكنه يمتد ليشمل الجسد نفسه. الغرض من العلاج الروحي هو شفاء النفس أولاً، بحيث أن النفس المتعافية "تعود لنفسها وتُصعِد المتدني (الجسد) إلي السماء، بتحريره تدريجياً من كثافته". بالتالي، تصبح النفس بالنسبة للجسد ما هو الله بالنسبة للنفس. ينطبق الشفاء علي كل من النفس والجسد. تُشفي النفس أولاً، ثم بعد ذلك يُشفي الجسد الذي هو مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالنفس.

إننا نستطيع أن نستدل من ذلك علي أنه عندما تكون النفس مريضة فإنها تجعل الجسد مريضاً أيضاً. لكي يكون العلاج فعالاً، يحتاج الطبيب الروحاني أن يعالج "العادات، والأهواء، والحياة، والإرادات، وأي أمر آخر موجود داخلنا". بمجرد أن يقضي علي كل شيء وحشي وعنيف يتعين عليه أن يُدخل ما هو "لطيف ومحبب إلي الله"، بحيث يتم الوصول لنقطة توجه فيها النفس الجسد. يختص الشفاء بكيان الإنسان كله. إنه يقتضي إخضاع الجسد للنفس بشكل عملي، وإتحاد نفس الإنسان وجسده بالله.

يعرف أيضاً القديس غريغوريوس اللاهوتي مدي صعوبة هذا الشفاء. إنه يُعلَّم أنه ليس كل أحد يريد الشفاء وأن البعض يحاولون البقاء في المرض. إنه يذكر ثلاث فئات من الناس الذين لا يريدون العلاج. المجموعة الأولي هي أولئك الذين يخفون خطيئتهم في عمق النفس، كما لو كانوا يستطيعون تجنب عقاب الله ويخفون أنفسهم من الآخرين. حاول الموجودون في الفئة الثانية أن يصموا آذانهم بحيث لا يسمعون صوت أولئك الذين يحاولون "إعطائهم أدوية الحكمة التي تشفي مرض النفس". إنهم لا يقومون فقط بإخفاء الأهواء الموجودة في قلبهم وأمراض نفوسهم، لكنهم أيضاً يتجنبون السماع عن الطرق التي يستطيعون من خلالها الحصول علي الشفاء. يبتعد مثل هؤلاء الناس عن أولئك الذين يستطيعون العلاج. تتكون الفئة الثالثة من أولئك الذين يكون موقفهم من الخطيئة أكثر جرأة ووقاحة، الذين "يفتخرون بالخطيئة بوقاحة أمام أولئك الذين يستطيعون علاجها، ويتقدمون نحو كل نوع من التعدي بشكل سافر".

أولئك الذين لديهم أهواء عديدة، لكنهم لا يريدون رؤيتها ينتمون إلي الفئة الأولي. تغطي الفئة الثانية أولئك الذين يعترفون بأن هناك خطأ ما داخلهم لكنهم يتجنبون سماع كلمات الشفاء. أما الموجودون في الفئة الثالثة فيكونون وقحين عديمي الحياء ويستمتعون بارتكاب الخطيئة. لا يريد أي من أولئك الحصول علي الشفاء، مما يجعل عمل المعالج صعباً وشاقاً.

المقصود بالشفاء هو تحويل الأهواء، أي تطهير الناس واتحادهم بالله، بكل من المعني السلبي والإيجابي. إنه ليس نوعاً من العلاج السطحي الذي يهدف إلي مجرد تحسين حياة الشخص الأخلاقية والروحية أو تحقيق الاتزان النفسي. إن هدفه هو شفاء "إنسان القلب الخفي".



رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
القديس غريغوريوس اللاهوتي
شهادة القديس غريغوريوس اللاهوتي في القديس باسيليوس الكبير
صورة القديس غريغوريوس اللاهوتي
صورة القديس غريغوريوس اللاهوتي
صورة القديس غريغوريوس اللاهوتي


الساعة الآن 12:24 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024