رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سيرة حياة إيليا ورسالته النبويّة إن إسمه يعني "الله هو إلهي" أو "إلهي يهوه" (إلهي هو "الذي هو")... وهو من مواليد "تشبة"، الواقعة على مرتفعات جلعاد شرقيّ الأردن، في القرن التاسع ق.م. أمضى أعواماً عديدة يعيش في البريّة، وكان يلبس رداءً من الوبر وزناراً من الجلد (وسوف نرى نمط العيش هذا يتكرّر مع النبيّ السابق يوحنا المعمدان). ظهرت دعوته النبويّة في مملكة إسرائيل الشماليّة، على عهد الملك آحاب، الذي تخلّى عن عبادة الله الحيّ بتحريض من زوجته الملكة إيزابيل الفينيقيّة (الوثنيّة). ودعا الزوجان الشعب إلى عبادة آلهة "البعل" و"عشتاروت"، فكان أن وقف إيليّا بوجههما بدافع "الغيرة للربّ إله الصبؤوت" (لذلك لُقِّبَ بالغيور). فقام بأمر ربّاني بالدعاء من أجل حبس الأمطار لمدّة ثلاث سنوات ونصف، وهكذا كان، حتى عمّ الجفاف البلاد بأسرها. عندها، توجّه إيليا إلى ضفاف نهر كريت مقابل الأردن، حيث أمره الربّ، وكانت الغربان تأتيه بالطعام، إلى أن جفّ النهر (1مل 17: 1-7). فإنتقل إلى صرفت صيدا، حيث حلّ ضيفاً على إمرأة أرملة وإبنها الوحيد. وأجرى الربّ على يديه آيتين، الأولى هي عدم نفاذ الدقيق والزيت من منزل المرأة طوال فترة الجفاف، والثانية بأن أعاد إبنها إلى الحياة بعد صلاة إيليّا الحارّة (1مل 17: 8-24). عند إقتراب نهاية فترة الجفاف (في السنة الثالثة)، واجه إيليّا الملك آحاب مؤنّباً إياه على عدم أمانته لإله "إسرائيل"، كما واجه الشعب طالباً إليه العودة إلى عبادة الإله الحيّ، إله آبائه، وليس الآلهة الوثنيّة. وفي هذا الإطار، تحدّى الملك وكهنة "البعل" (الاربع مئة والخمسين)، بأن يأتوا بثورَين على جبل الكرمل، واحد يُقدّمه كهنة "البعل" إلى المُحرقة دون إشعال النار، والآخر يقدّمه هو إلى المُحرقة دون إشعال النار أيضاً. فبدأ كهنة "البعل" يُصلّون من أجل إستنزال النار على ذبيحتهم، وأطالوا في الصلاة... دون جدوى. مما جعل إيليّا يسخر منهم ومن آلهتهم. ولما جاء دوره في الصلاة، صلّى بحرارة إلى الربّ الإله، فنزلت النار من السماء، ملتهمةً الذبيحة وحجارة المُحرقة. فذُهل الشعب الحاضر، وطفق يصرخ "الربّ هو الله، الربّ هو الله". فأنزل إيليّا العقاب بكهنة "البعل"، بمؤازرة من الشعب (1مل 18: 17-40). وبعد ذلك، صلّى إيليّا على جبل الكرمل، فهطلت الأمطار بغزارة وأخرجت الأرض الثمار. حنقت عليه الملكة إيزابيل بسبب قتله كهنة "البعل"، وصمّمت على قتله. فتوجّه جنوباً إلى بئر السبع، يائساً وبائساً، فأرسل الله له ملاكاً يشدّده ويُقيته. وبدأ مسيرة أربعين يوماً (وهو صائم) أوصلته إلى جبل حوريب (جبل سيناء)، وهي إحدى الإشارات المُسبقة إلى الصوم الأربعينيّ. هناك هبّت ريح عاتية، ولم يكن الربّ الإله فيها. ثم حدثت زلزلة عظيمة، ولم يكن الربّ الإله فيها. بعدها، شبّت نار قويّة، ولم يكن الربّ الإله فيها أيضاً. أخيراً، مرّت نسمة عليلة، من خلالها كلّم الربّ الإله إيليّا، موكلاً إليه أن يمسح ياهو ملكاً على إسرائيل وليمحو شرّ بيت آحاب وعبّاد "البعل"، ويمسح حزائيل ملكاً على آرام، ويمسح أليشع نبياً لخلافته (1مل 19: 1-18). ولكي لا نغوص في تفاصيل سيرته اللاحقة، نقول إنه تنبأ بموت آحاب وإيزابيل بسبب الشرور التي فعلاها بميتة شنيعة. وبعد آحاب، كانت له مع أحزيا (إبن آحاب) صولات وجولات، من خلال الفصائل العسكريّة التي كان يُرسلها الأخير إليه لجلبه، إلى أن واجه الملك وأنبأه بموته الوشيك عقاباً له، وهكذا كان. في غروب حياته، ذهب برفقة تلميذه أليشع إلى نهر الأردن، فضرب النهر بردائه شاقاً إياه، وعبراه على أرض يابسة (ما يُذكّرنا بموسى وعبور البحر الأحمر). وفيما هما يسيران ويتكلّمان، إذا بمركبة من نار وخيل من نار فصلت بينهما، فصعد إيليّا في العاصفة إلى السماء. وكان أليشع يرى ويصرخ "يا أبي، يا أبي، مركبة إسرائيل وفرسانها". ولم يعد يراه بعد ذلك (2مل 2: 1-15). وبقي بين يديه رداء إيليّا الذي سقط عنه، فإستخدمه لشقّ النهر، وهو ما أشاع القول بأن "روح إيليّا قد إستقرّت على أليشع" (وهذا القول سيعود على لسان الملاك حين البشارة بولادة يوحنا المعمدان). وهنا، لا بدّ من كلمة بالنسبة لموضوع شائك يتكرّر طرحه كثيراً عند المؤمنين، ألا وهو "صعود إيليّا حيّاً إلى السماء"، واللقب الملازم له "مار الياس الحيّ". الجواب واضح وبسيط، فالكتاب المقدّس ليس كتاب تاريخ، وبالتالي هدف الكاتب المُلهَم هو نقل فكرة لاهوتيّة معيّنة أو تعليماً لاهوتيّاً معيّناً، من خلال الأحداث التاريخيّة. وهذا ينطبق على كتب العهدَين، القديم والجديد. في ما خصّ النبيّ إيليّا، إن رواية "صعوده حيّاً إلى السماء" ليست سوى صورة لإستمرار "روح الغيرة والجرأة" اللتين ميّزتا شخصيّته ودعوته النبويّة، هذه الروح المشتعلة التي "ورثها" تلميذه أليشع، وسوف تظهر فيما بعد في شخص يوحنا المعمدان. أي أن غيرته وجرأته هما مُستمرّتان عبر الزمن. إن إيليّا كان رجلاً بارّاً، لذلك فإن "البارّ بإيمانه يحيا" (حب 2: 4)، وأيضاً في (رو 1: 17) و(غل 3: 11) و(عب 10: 38). والحقيقة أن الموت الجسديّ هو واقع، على كل إنسان أن يواجهه يوماً. خاصة أنه "لم يصعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء..." (من حديث الربّ يسوع لنيقوديموس في يو 3: 13). ------------------------------------------------ |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
إيليا ورسالته الخطيرة |
كتاب سيرة النبي إيليا |
معجزات فى سيرة إيليا |
سيرة إيليا النبيّ |
سيرة القديس إيليا المتوحد |