رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
البابا الأنبا ديسقوروس مقالة للمتنيح العلامة الأنبا أغريغوريوس البابا ديسقوروس عن مقالة للمتنيح العلامة الأنبا أغريغوريوس أسقف الدراسات العليا نشرت فى جريدة وطنى بتاريخ 18 / 9 / 2005 م - ونورد هنا هذه المقالة كرأى للكنيسة القبطية ورأى شخصى للعلامة القبطى الأنبا أغريغوريوس وسنسجل فيما بعد الحقائق التاريخية التى ساهمت فى إنقسام الطائفة الأرثوذكسية والأراء الللاهوتية الأخرى حتى يتكامل الموضوع بصورة محايدة . البابا الأنبا ديسقوروس بقلم المتنيح الأنبا غريغوريوس- عن مقاله له بجريدة وطنى في اليوم السابع من شهر توت,نذكر انتقال القديس الأنبا ديوسقوروس بابا الإسكندرية الخامس والعشرين,إلي الأخدار السمائية,في عام 454 لميلاد المسيح,بعد جهاد رسولي عظيم,وكفاح ونضال بطولي ضد قوات الشر والظلمة,وضد طغيان ملوك بيزنطة ومن سار في فلكهم من رجال الدين في الغرب. هذا هو القديس,الذي بفضل إيمانه وتقواه كان صلبا في الحق لا يلين...لم يحن ظهره للسلطة الرومانية البيزنطية,ولم يركع ولم يخنع لتهديدها ووعيدها...وإنما صمد كالجبل الأشم,وكالطود الراسخ,فكان بحق ابن اثناسيوس الرسولي,وكيرلس عمود الإيمان...وكان كذلك بطل المقاومة ضد النفوذ الأجنبي,فكان علي غرار آبائه السابقين حاميا للكنيسة والشعب من كل تدخل خارجي. كان موقفه صعبا , وكانت مسئوليته ضخمة,وكان العبء علي كتفيه ثقيلا حمل نير البطريركية بعد سلفه العظيم كيرلس الأول (412-444)م,ولم تكن البطريركية بالنسبة له غير جهاد متواصل,وتعب,ومشقة,وصراع,ونزاع,مع أعداء أشداء أقوياء...ولم يجد راحة,ولم يترك له خصومه فرصة ليلتقط أنفاسه...تألبوا عليه وتآمروا ضده,وكانت بيدهم كل الإمكانات والإمكانيات ليسلبوه راحته,ولكي يعذبوه,وأخيرا لينفوه إلي جزيرة نائية تسمي (غاغرا)...GANGRA in PAPHLAGONIA فيها قضي البقية الباقية من حياته معزولا عن شعبه الوفي الأمين في مصر,حتي مات,مظلوما كسيده الذي قيل فيه ظلم.أما هو فتذلل (أشعياء53:5). إن من يقرأ سيرة هذا البطل القبطي,وماعاناه في حياته من كراهية وحسد وغيرة وانتقام,في سبيل استمساكه بالحق,والدفاع عن الإيمان بصلابة وجرأة وشجاعة وصبر,لا يسعه إلا أن يزهد في المناصب الكنسية الكبري,هاربا من تبعاتها ومسئولياتها,فإن نيرها ثقيل ومتاعبها كثيرة... قالوا عن ديوسقوروس إنه فرعوني عنيد,ولكننا نقول:إن هناك فارقا واسعا بين عناد وعناد.فثمت عناد في الحق,فهو عناد مقدس لأنه من أجل الله,ومن أجل الفضيلة,ولذلك فهو عناد فضيلة مقدسة... لكن ثمت عنادا آخر من أجل الذات...إن صاحبه يصر علي أقواله,ويدافع عن تصرفاته علي الرغم من أنه يعلم أنه علي ضلال,يبصره الناس بالحق,فلا يتراجع ولا ينثني...إن صاحب هذا النوع من العناد شرير متكبر...وكبرياؤه واضحة في أنه لا يشاء أن يتعرف بخطئه علي الرغم من اقتناعه الباطني بضلاله وفساد رأيه...وقد يبرر لنفسه هذا العناد الشرير بأنه ذو مركز أو منصب أو مكانة اجتماعية لا تسمح له بأن يتراجع أو يتنازل عن مقاله أو موقفه...وقد لا يكون لهذا الإنسان مكانة كما يتوهم,لكنه تحت شعوره بقيمة ذاته,وبسبب غروره,يضحي بالحق والحقيقة وبحكم الله وبرأي الناس في سبيل توكيد ذاته...فلا يتراجع ولا ينثني...وهذا شر مستطير فقد قالوا بالصواب إن الرجوع إلي الحق فضيلة) وقال الوحي الإلهي:إن الطاعة خير من الذبيحة,والإصغاء أفضل من شحم الكباش.لأن التمرد كخطيئة العرافة,والعناد كالوثن والترافيم (.1صموئيل15:23,22).وقال الرب عن بني إسرائيل:فلم يسمعوا,ولم يميلوا مسامعهم بل سلكوا كل واحد في عناد قلبه الشرير... (أرميا11:8),(7:24),(9:14),(16:12),(18:12),(23:17 ),(3:17). أما القديس ديوسقوروس,فقد كان عناده لا من أجل نفسه,بل من أجل الحق...من أجل العقيدة...لقد كان من الأنسب لراحة جسده أن يميل مع الريح,وأن لا يقاوم,أو علي الأقل أن لا يعارض...فيجنب نفسه المتاعب...ولكنه كان يجد في أعماقه نداء...صوتا قويا يكلمه في هيبة وجلال...أن يشهد للحق,وأن لا يتنازل عن مقالة الحق,وأن يكون صوت الصارخ في البرية:أعدوا طريق الرب,مهدوا سبله. إن اسم (ديوسقوروس) معناه (رب الجنود).وقد كان البابا ديوسقوروس يخاف الله (رب الجنود)...وقد عاش طوال حياته جنديا أمينا مخلصا لسيده (رب الجنود).فلم يكن يعنيه رأي الناس فيه...لأنه لم يكن يطلب زعامة,ولا كان ينشد كرامة,وإنما كان يفهم ذاته جيدا,إنه (خادم) لسيده...وسيده هو (رب الجنود)...وديوسقوروس مجرد (جندي) في جيش سيده (رب الجنود)...إنه لا يعنيه أن يلتف الجند من حوله,فيكبر في نظرهم وفي نظر الناس...إن نظره شاخص في سيده وحده...وحيث يكون سيده يكون هو في خدمة سيده...من يخدمني فليتبعني,وحيث أكون أنا,فهناك يكون خادمي (يوحنا12:26). قد كان ديوسقوروس يصرخ في مجمع خلقيدونيا أمام أعضاء المجمع ورؤسائه الدينيين والمدنيين...في حضرة الملك مرقيانوس والملكة الشريرة بوليخاريا,وأمام الأساقفة جميعا الذين اجتمعوا كأمر الملكة لمحاكمته...(إني لا أجدد في الإيمان...إني أردد ما قاله الآباء)...أنا لا أقبل أن يقسم المسيح إلي اثنين,أو إلي طبيعتين...إن المسيح إله متأنس...كان ولم يزل إلها...إنه الله وقد اتخذ له في الزمان جسدا,ظهر فيه كإنسان عظيم هو سر التقوي,الله ظهر في الجسد (.1تيموثيئوس3:16) فهو الله في صورة إنسان.وبهذا المعني هو (ابن الله) لكنه أيضا وقد اتخذ من العذراء مريم جسدا,فهو من هذه الجهة هو (ابن مريم).أو (ابن الإنسان).لكن ليس هو ابنين وليس هو شخصين...لكنه واحد,هو بعينه الله,وهو بعينه إنسان...ولاهوته حق,وإنسانيته حق.فجسده الذي ظهر فيه واتحد به هو جسد حقيقي لا خيالي...إن جسده من طبيعة جسدنا...وهو لذلك مطابع لنا في الجسد,وليس كما كان يقول يوطاخي الذي زعم أن المسيح أخذ جسدا خياليا,مر به من مريم كما يمر الطيف...فالمسيح هو الله متأنسا...هو الله الغير المنظور,وقد صار منظورا في الجسد...وبهذا المعني هو (ابن الله) علي أن الله لا يلد ولا يولد كما يلد الإنسان,معاذ الله!...إن المسيح ابن الله,لأنه الصورة المنظورة لله للغير المنظور (كولوسي1:16) وقد قال المسيح له المجد:الله لم يره أحد قط,الابن الوحيد الذي في حضن الآب (أي في ذات الآب) هو الذي أخبر عنه (يوحنا1:18). المسيح إذن واحد,هو (ابن الله),وهو (ابن مريم)...لم ينقسم إلي ابنين ولا إلي شخصين,ولا إلي طبيعتين... والاتحاد الذي تم بين اللاهوت والناسوت في المسيح اتحاد حقيقي وكامل وجوهري...ولذلك فمادام كذلك فقد صارت الطبيعتان الإلهية والإنسانية طبيعة (واحدة) من غير اختلاط بين اللاهوت والناسوت,ومن غير امتزاج بين اللاهوت والناسوت,ومن دون أن يتغير اللاهوت إلي ناسوت أو الناسوت إلي اللاهوت...إن المسيح (طبيعة واحدة) هي طبيعة الله المتأنس المتجسد...طبيعة واحدة لكنها ليست هي طبيعة اللاهوت فقط,كما زعم يوطاخي,وليست هي طبيعة الناسوت فقط,...هي طبيعة واحدة لكنها طبيعة جامعة لخصائص الطبيعتين الإلهية والإنسانية,بيد أن هذا الجمع ليس جمعا من غير اتحاد...إنه جمع باتحاد الطبيعتين في طبيعة واحدة لها خصائص الطبيعتين.ومع ذلك ليس هناك افتراق بين اللاهوت والناسوت...لأنه اتحاد...وبالاتحاد يصير الاثنان واحدا,ولكن من غير امتزاج أو اختلاط أو تغيير... مثال ذلك الإنسان نفسه:فيه روح وفيه جسد.أما (الروح) فمن الله تهبط في بطن الأم,لتتحد ببذرة الحياة المتكونة من الأب والأم...هما طبيعتان لكنهما تتحدان فتصيران (طبيعة واحدة) هي ما نسميه بـ(الطبيعة البشرية),وهي تجمع بين خصائص الروح وخصائص الجسد معا,فالإنسان الذي يتأمل ويصلي هو بعينه الذي يأكل ويشرب,طبيعة واحدة جامعة لخصائص الطبيعتين معا,باتحاد حقيقي بين الروح والجسد. كذلك الحديد المحمي بالنار...أو الفحم المتوهج بالنار يصيران بالاتحاد بين الطبيعتين,طبيعة واحدة لها خصائص الطبيعتين...فقضيب الحديد الساخن المتوهج...أو الفحم المتوهج بالنار...له خصائص الإضاءة والإحراق وهي من طبيعة النار...وله أيضا خصائص المادة من حيث هو كتلة لها حجم ووزن وشكل. بهذا المنطق الإنجيلي والآبائي معا دافع معلمنا ديوسقوروس عن الإيمان الأرثوذكسي,ثابتا راسخا...وشكرا لله فإن اللاهوتيين جميعا شرقا وغربا يعترفون اليوم بأرثوذكسية ديوسقوروس,وأن إيمانه هو إيمان الكنيسة المسيحية الجامعة الرسولية,وهو إيمان المعتبرين في الكنيسة أعمدة الإيمان...هو إيمان القديس أثناسيوس الرسولي,الذي قاد أكبر حركة تصحيح دينية في العالم...وهو بعينه إيمان القديس كيرلس الكبير المسمي بكيرلس عمود الدين,وعمود الإيمان...وإيمان جميع المسيحيين...إن جميع المؤمنين بالمسيح شرقا وغربا يؤمنون بالمسيح أنه (ابن الله),أي الصورة المنظورة لله الغير المنظور,وأنه لذلك هو (الله متجسدا)...وفي الوقت نفسه هو (ابن الإنسان),أي أنه واحد لا اثنان...هو الذي شفي المرضي وأقام الموتي واجترح المعجزات بسلطان لاهوته إذ كان في صورة الله (فيلبي2:6),وهو بذاته الذي ولد وجاع وأكل ونام وتألم وصلب ومات من حيث هو إنسان ظهر في الهيئة كإنسان...آخذا صورة عبد صائرا في شبه الناس (فيلبي8:7,2). |
|