رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هل حياتي تُرضي الله مع إني أفعل بعض الخطايا
ولا أستطيع ان أكف عنها
التوبة التي لا تُبنى على المحبة التي أسسها خوف الله واحترامه وتقديره ومهابته كأب وسيد (أي التقوى) فهي توبة مريضة لا يظهر فيها ثمار تليق بها، لأن الرب نفسه قال: + فاصنعوا اثماراً تليق بالتوبة ولا تبتدئوا تقولون في أنفسكم لنا إبراهيم أباً لأني أقول لكم أن الله قادر أن يُقيم من هذه الحجارة أولاداً لإبراهيم (لوقا 3: 8)
فكلام الوعظ الذي يتكلم عن أن الله فداني وخلصني مع تبرير الضعف أو الخطية وعدم وجود أعمال تدل على فعل قوة التوبة في حياتي الشخصية، فهو وعظ مخادع لأن التوبة في عمقها هي تغيير الإنسان على صورة الله في البرّ والقداسة في النور، مع العلم أن هذا التغيير لا يعتمد على قدرات الإنسان وأعماله، لأن الإنسان لا يقدر أن يُغير نفسه إلى صورة الله بقدرة إبطاله للخطية كفعل في حياته، لأن الحياة حسب الخطية يطردها الروح القدس حينما يستقر في القلب حينما يعتمد عليه الإنسان مؤمناً به، لأن الروح القدس هو الذي يأخذ من المسيح الرب ويعطينا، يأخذ من قداسته وبره الخاص الذي أظهره في حياته بالجسد ويعطينا، لكن لو لم نأخذ من المسيح الرب بره ونمتلئ منه، فأن كل أعمالنا تصير كلا شيء ولن تنفعنا لأن أساسها برنا الذاتي.
مع العلم أن التوبة بالطبع ليس مجرد الكف عن الخطية، كما يظن البعض وعلى الأخص من يتكلمون عن قوة الإرادة وقدرة الإنسان في العمل والفعل، والذين يجردون التوبة من عمل النعمة وتجديد القلب بالروح ويقصروها على عمل الإنسان وقدراته في الصوم وغيرها من الفضائل التي يعملها الإنسان من الخارج وبحسب قدرته ناسيين انه مكتوب: [ وإن كان البار بالجهد يخلص فالفاجر والخاطئ أين يظهران ] (1بطرس 4: 18)، فالتعليم عن التوبة بهذا الشكل لا مكانة فيها للخطاة والضعيف الإرادة والمغلوبين من سلطان الشرّ الذي يعمل في داخل القلب الميت بالروح ويُفسد حياة الإنسان!!!
+ لا بأعمال في برّ عملناها نحن بل بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس (تيطس 3: 5) + لا تُشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم لتختبروا ما هي إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة (رومية 12: 2) + ونحن جميعاً ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح (2كورنثوس 3: 18)
وهنا علينا أولاً أن نتحقق من فعل ولادتنا الجديدة من الله في حياتنا ونفحص إيماننا، وكلنا وُلدنا من الله بالمعمودية بالإيمان الواعي المُدرك لعمل الله الظاهر في الصليب والقيامة، ومن هنا صارت لنا مخافة الله كأب لنا راسخة في أعماق قلوبنا، فأن كانت مخافة الله تسكن القلب ونقويها فينا بالتدقيق وفحص النفس على نور كلمة الله في الصلاة التي تتولد منها المحبة وتترسخ في النفس، والخطية في هذه الحالة تصبح مرفوضة طبيعياً ومطرودة ومكروهة بحسب الإنسان الجديد الذي نعيش به في المسيح.
إذأ الموضع عن جد خطير ومهم للغاية جداً، لأن حينما نجد أن الخطية تملك فينا وتحركنا ونقبل التعايش معها أو حتى نتعامل معها بسهولة وأضع الحجج واتفلسف واستند على كلمة أنا ضعيف، نعلم فوراً أن المحبة في قلوبنا يا أما مجرد انفعال نفسي نعتقد أنه محبة، أو أن محبتنا ضعيفة جداً وهزيلة أو مريضة لأنها لم تُبنى على مخافة الله ومهابته كأب لي وسيد لحياتي الشخصية، لأني صرت له ابناً في الابن الوحيد، والمولود من الله لا يُخطئ، وليس معنى ذلك أنه يستحيل أن يُخطئ قط أو يضعف لأننا كلنا في الجسد وتحت ضعف، بل المعنى هُنا أنه لا يتعامل مع الخطية أو يرتاح لوجودها ويتفق معها إطلاقاً: "بل البسوا الرب يسوع المسيح ولا تصنعوا تدبيرا للجسد لأجل الشهوات" (رومية 13: 14)، لأن الإنسان الجديد الذي في داخلي الشرير لا يمسه ولا يمكن ان يُخطئ، بل انا باخطئ حينما يكون هناك ميل لحياتي القديمة أي الإنسان العتيق، أو بكوني لم أتب توبة صحيحة سليمة قائمة على إيمان حي عامل بالمحبة التي أساس قعدتها التقوى.
فلنا أن نرجع - بكل جدية - لأصول الحياة مع الله بالنعمة، ونقوم وننهض بروح الحب ومخافة الله ونرفع القلب بإصرار أن نحقق بنوتنا لله في الابن الوحيد حسب العطية التي نلناها منه بتجسده، طالبين منه قوة النعمة المتدفقة - بكل إصرار وعزيمة لا تفتر - ليُغيرنا إليه، ونصبر له حتى يُغيرنا فعلاً، مستمرين في اعترافنا الدائم أمامه عن كل هفوة صغيرة وكبيرة في حياتنا طالبين قوة التجديد كأولاد له بالصدق والحق، فلا نسكت ولا ندعه يسكت إلى ان ننال ما طلبناه، لأن عند تعبنا وضيقنا ومرض الجسد نظل نطلب صلاة الجميع طالبين ان يشفينا أو يشفي أحباءنا، فكيف لا نطلب قوته بالأولى لكي نُشفى من مرض الخطية المُميت للنفس ومُدمر قواها الروحية، مجداً لمن أحبنا وأعطانا ذاته لكي به نحيا ونتحرك ونوجد آمين. |
|