رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حضور الله – خبرة وشركة حياة (الجزء 5) تابع (2) أولاً: حضور الله في العهد القديم + ثالثاً : تابوت العهد في رجاء إسرائيل وفي العهد الجديد وفي نظام العهد الجديد لن تكون هُناك شريعة على حجر داخل تابوت مقدس، بل ستنُقش الشريعة بإصبع الله في داخل القلب في هياكل ليست مصنوعة بيد بشر بل بيد الله نفسه أي الإنسان نفسه سيكون هوَّ الهيكل: [ ها أيام تأتي يقول الرب، وأقطع مع بيت إسرائيل ومع بيت يهوذا عهداً جديداً، ليس كالعهد الذي قطعته مع آبائهم يوم أمسكتهم بيدهم لأُخرجهم من أرض مصر حين نقضوا عهدي فرفضتهم يقول الرب، بل هذا هو العهد الذي أقطعه مع بيت إسرائيل بعد تلك الأيام يقول الرب. أجعل شريعتي داخلهم (في باطنهم) وأكتبها على قلوبهم وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لي شعباً ولا يُعلِّمون بعد كل واحد صاحبهُ وكل واحد أخاهُ قائلين: أعرفوا الرب؛ لأنهم كلهم سيعرفونني من صغيرهم إلى كبيرهم يقول الرب. لأني أصفح عن آثامهم ولا أذكر خطيئتهم بعد ] (أرميا 31: 31 – 34) ويُستخدم حزقيال الوصف نفسه للتابوت، فهو مقرّ حضور الله المتنقل، وذلك حتى يُبين أن المجد يهجُر الهيكل المدنس لكي يلحق بالمسبيين، فإن الله سيكون حاضراً من ذلك الوقت وسط البقية الباقية الأمينة له، أي في الجماعة المقدسة [ أنظر حزقيال من الإصحاح 9 إلى الإصحاح 11 ]. وعلى ما يبدو أن اليهود كانوا يرجون عودة ظهور التابوت في نهاية الأيام كحلم يرجوا تحقيقه، وهذا واضح لنا في القصة الأسطورية الشهيرة عند اليهود والمدونة في سفر المكابيين الثاني كالتالي: [ وجاء في هذه الكتابة أن النبي بمقتضى وحي صار إليه أُمر أن يذهب معه بالمسكن والتابوت حتى يصل إلى الجبل الذي صعد إليه موسى ورأى ميراث الله، ولما وصل أرميا وجد كهفاً فأدخل إليه المسكن والتابوت ومذبح البخور، ثم سد الباب فاقبل بعض من كانوا معهُ ليسموا الطريق فلم يستطيعوا أن يجدوه، فلما أُعلم بذلك أرميا قال: أن هذا الموضوع سيبقى مجهولاً إلى أن يجمع الله شمل الشعب ويحمهم، وحينئذٍ يُبرز الرب هذه الأشياء ويبدو مجد الرب والغمام، كما ظهر في أيام موسى، وحين سأل سُليمان أن يُقدس الموضع تقديساً بهياً إذ أشتهر وأبدى حكمته بتقديم الذبيحة لتدشين الهيكل وتتميمه ] (2مكابيين 2: 4 – 9) وطبعاً أرميا النبي من أكبر الشخصيات التي اعترف بها الدين اليهودي (2مكابيين 15: 13 – 15)، وقد ذكرت كتب كثير غير معترف بها هذه التفاصيل التي ذكرناها في المكابيين. وهذه التفاصيل لا توافق التاريخ في الواقع بالطبع، لأن الخيمة قد زالت منذ أن بنى سُليمان الهيكل، واختفى تابوت العهد تماماً، وأرميا التاريخي والنبي المعروف لا يأسى على اختفاؤه كما رأينا في (أرميا 3: 16)، ولكن الغرض من هذه الرواية التي كُتبت من أجله هو تأكيد استمرار العبادة الشرعية، وإن فُقدت الخيمة والتابوت [2مكابيين 1: 18]، وربط هذا التدشين بتدشين الهيكل الأول على يد سُليمان وتدشين الخيمة على يد موسى النبي. عموما ما يهمنا هو ما يوضحه لنا الكتاب المقدس بإعلان وهو استمرارية العبادة لله بصورة أعمق بأكثر وعياً وانفتاحاً على الله، وهي عبادة حقيقية باطنية داخليه بالإيمان والمحبة وليست بتابوت أو خيمة أو شكل خارجي أو رمز، وهذا ما يؤكده سفر الرؤيا: [ وانفتح هيكل الله في السماء وظهر تابوت عهده في هيكله ((ورد في سفر الخروج أن تابوت العهد بُني على مثال السماوي، وما نراه هنا هو هذا النموذج الأول ليكشف كمال العهد))، وحدثت بروق وأصوات رعود وزلزلة وبرد عظيم (كما حدث في الخروج عند استلام الشريعة ولقاء الله والعهد معه) ] (رؤيا 11: 19) ويبُين العهد الجديد – عموماً – أن التابوت قد حقق معناه في المسيح يسوع كلمة الله (اللوغوس) المتجسد الذي يسكن بين البشر متخذاً إنسانيتهم أو جسم بشريتهم ليكون مقراً لهُ، لأن اللوغوس في ملء الزمان اتخذ جسد أي اتحد بجسم بشريتنا ليكون معنا واحد مُحققاً الوعد ومُتمماً قصد التدبير المُعلن في العهد القديم: Καὶ ὁ λόγος σὰρξ ἐγένετο, καὶ ἐσκήνωσεν ἐν ἡμῖν The Logos became incarnate, and had his tabernacle among us The Logos became flesh (human), and pitched his tent among us [ ولكن فيما هو متفكر في هذه الأمور إذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلا يا يوسف ابن داود لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك لأن الذي حُبِلَ به فيها هو من الروح القدس. فستلد ابناً وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم. وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل: هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا ] (متى 1: 20 – 23) [ فقال لها الملاك: :لا تخافي يا مريم لأنك قد وجدت نعمة عند الله. وها أنتِ ستحبلين وتلدين ابناً وتسمينه يسوع. هذا يكون عظيماً وابن العلي يُدعى ويُعطيه الرب الإله كُرسي داود ابيه. ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لمُلكه نهاية". فقالت مريم للملاك: "كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً". فأجاب الملاك وقال لها: "الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك، فلذلك أيضاً القدوس المولودمنك يُدعى ابن الله ] (لوقا 1: 30 – 35) فقد أتانا اللوغوس في ملء الزمان متجسداً من أجل خلاصنا إذ هو بشخصه وذاته طريق النور للحياة: [ ثم كلمهم يسوع أيضاً قائلاً أنا هو نور العالم Ἐγώ εἰμι τὸ φῶς τοῦ κόσμου، من يتبعني the one following me فلا يمشي في الظلمة in no way should walk in the darkness، بل يكون له نور الحياة but shall have the light of the life ] (يوحنا 8: 12) وقد أصبح يشخصه لنا جميعاً الكفارة الحقيقية الدائمة: [ الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله؛ وهو كفارة لخطايانا (مأخوذة هذه اللفظة من مفردات العهد القديم – في خروج 29: 36 إلى 37 – وهي توحي بذبيحة المسيح يسوع الطواعية على الصليب فأنه بصفته ذبيحة تكفير – رؤيا 5: 9 إلى 10 – يشفع فينا الآن عند أبيه) ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضاً ] (رومية 3: 25؛ 1يوحنا 2: 2) [ في هذا هي المحبة ليس أننا أحببنا الله، بل أنه هو أحبنا وأرسل ابنه (ليكون) كفارة لخطايانا ] (1يوحنا 4: 10) + مُعلناً الروح القدس بهذا أن طريق الأقداس لم يظهر بعد ما دام المسكن الأول لهُ إقامة. الذي هو رمز للوقت الحاضر الذي فيه تُقدَّم قرابين وذبائح لا يُمكن من جهة الضمير أن تُكمِّل الذي يخدم. وهي قائمة بأطعمة وأشربة وغسلات مختلفة وفرائض جسدية فقط موضوعة إلى وقت الإصلاح. وأما المسيح وهو قد جاء رئيس كهنة للخيرات العتيدة فبالمسكن الأعظم والأكمل غير المصنوع بيد أي الذي ليس من هذه الخليقة. وليس بدم تيوس وعجول، بل بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فِداءً أبدياً. لأنه أن كان دم ثيران وتيوس ورماد عجلة مرشوش على المنجسين يُقدس إلى طهارة الجسد. فكم بالحري يكون دم المسيح الذي بروح أزلي قدم نفسه لله بلا عيب يُطهر ضمائركم من أعمال ميتة لتخدموا الله الحي. لأن الناموس إذ له ظل الخيرات العتيدة لا نفس صورة الأشياء لا يقدر أبداً بنفس الذبائح كل سنة التي يقدمونها على الدوام أن يُكمِّل الذين يتقدمون. وإلا فما زالت تُقدَّم من أجل أن الخادمين وهم مُطهرون مرة لا يكون لهم أيضاً ضمير خطايا. لكن فيها كل سنة ذكر خطايا. لأنه لا يُمكن (مستحيل) أن دم ثيران وتيوس يرفع خطايا. لذلك عند دخوله إلى العالم يقول: ذبيحة وقُرباناً لم ترد ولكن هيأت لي جسداً. بمحرقات وذبائح للخطية لم تسر. ثم قلت هانذا آجيء في درج الكتاب مكتوب عني لأفعل مشيئتك يا الله. إذ يقول آنفاً أنك ذبيحة وقرباناً ومحرقات وذبائح للخطية لم ترد ولا سُررت بها التي تقدم حسب الناموس. ثم قال هانذا أجئ لأفعل مشيئتك يا الله، يُنزع الأول لكي يُثبت الثاني. فبهذه المشيئة نحن مقدسون بتقديم جسد يسوع المسيح مرة واحدة. وكل كاهن يقوم كل يوم يخدم ويقدم مراراً كثيرة تلك الذبائح عينها التي لا تستطيع البتة أن تنزع الخطية. وأما هذا فبعدما قدم عن الخطايا ذبيحة واحدة جلس إلى الأبد عن يمين الله.. لأنه بقربان واحد قد أكمل إلى الأبد المقدسين. ويشهد لنا الروح القدس أيضاً لأنه بعدما قال سابقاً. هذا هو العهد الذي أعهده معهم بعد تلك الأيام يقول الرب أجعل نواميسي في قلوبهم وأكتبها في أذهانهم. ولن أذكر خطاياهم وتعدياتهم فيما بعد. وإنما حيث تكون مغفرة لهذه لا يكون بعد قربان عن الخطية. (عبرانيين 9: 8 – 14؛ 10: 1 – 18) ويقول القديس يوحنا ذهبي الفم في شرح عبرانيين 10: 2 – 7، العظة السابعة عشر: [ لماذا كانت الحاجة إلى ذبائح كثيرة، طالما أن ذبيحة واحدة كانت كافية؟ لأنه من خلال الذبائح الكثيرة وتقديمها المستمر، يُظهر أن هؤلاء لم يتطهروا أبداً. لأنه تماماً مثل الدواء، عندما يكون قوياً وقادراً على استرداد صحة المريض فأنه يستطيع أن يقضي على المرض كلية ويتمم الشفاء الكامل إذا استُخدم مرة واحدة، وبذلك يكون قد حقق النتيجة المرجوة وأُظهر فاعليته، وبذلك لا يكون هُناك حاجة لتناوله مرة أخرى. أما إذ استُخدم باستمرار، فأن هذا يُعد دليل على ضعفه في أن يمنح الشفاء، لأن سمة الدواء أن يُستخدم مرة واحدة، وليس مرات عديدة، هكذا هُنا أيضاً (فيما يتعلق بالذبيحة). بمعنى أنه لماذا كانوا يحرصون دائماً على تقديم الذبائح؟ لأنه إذا كانوا قد تخلصوا بالفعل من كل الخطايا بالذبائح، ما كانوا ليقدموها كل يوم. كذلك كان هُناك بعض الذبائح التي كانت تُقدم كل يوم عن كل الشعب، في المساء وفي الصباح. إذاً فما كان يحدث، هو بمثابة اعتراف بوجود الخطايا وليس بمحوها، كان اعترافاً بالضعف، وليس دليل قوة. لأن الذبيحة الأولى لم يكن لها حقيقة أي قوة. لهذا قُدمت الذبيحة الثانية (ذبيحة المسيح)، ولأن الذبيحة الأولى لم تنفع مطلقاً، فقد تبعتها ذبيحة أخرى، إلا أن كثرة هذه الذبائح كان يُعد دليلاً على وجود الخطايا. بينما تقدماتها بشكل مستمر كان دليل ضعفها] ويقول أيضاً القديس يوحنا ذهبي الفم في شرح عبرانيين 10: 8 – 13، العظة الثامنة عشر: [ لقد أظهر بالكلام السابق أن الذبائح كانت بلا فائدة من حيث تحقيق النقاوة الكاملة، وأنها ضعيفة جداً. بل أن الواحدة قد أتت ضد الأخرى، فإن كانت هذه الذبائح أمثلة وظلال، فكيف، بعد ما أتت الحقيقة، لم تتوقف ولا تراجعت، بل كانت تُمارس؟ هذا بالضبط ما يظهره هنا، أنها لم تعد تُقدم بعد، ولا حتى كمثال، لأن الله لا يقبلها. وهذا أيضاً يبرهن عليه ليس من العهد الجديد، بل من الأنبياء، مُقدماً منذ البداية أقوى شهادة، أن الذبائح القديمة قد أُنقضت وانتهت، وانه ليس من المقبول القول بأنها تصنع كل شيء، فهي تأتي باستمرار في تعارض مع الروح القدس. ويُظهر بكل وضوح أن هذه الذبائح لم تتوقف اليوم فقط، بل منذ ظهور المسيح، بل الأفضل أن نقول، بل وقبل ظهوره، وأن المسيح لم يُبطلها مؤخراً، بل توقفت قوتها أولاً ثم أتى بعد ذلك، فقط أُبطلت سابقاً وحينئذٍ أتى المسيح. إذاً لكي لا يقولوا أنه بدون هذه الذبيحة (أي المسيح)، كان يُمكن أن نُرضي الله، فقد أنتظر هؤلاء أن يزدروا بأنفسهم، وحينئذٍ يأتي المسيح، لأنه يقول "ذبيحة وقرباناً لم ترد" (مزمور51: 16). لقد نقض كل شيء بهذا الكلام، وبعدما تكلم بشكل عام، نجده يتكلم بشكل خاص يقول لم تُسّر بالمحرقات التي كانوا يقدمونها، من أجل غفران الخطايا ... كانت تُقدم (الذبائح) مراراً كثيرة؟ لم يتضح، أنها كانت ضعيفة وانها لم تفد ابداً، من حيث أنها كانت تُقدم مراراً كثيرة فقط، بل ومن حيث إن الله لا يقبلها، لأنها زائدة، وبلا فائدة. هذا تحديداً هو ما يعلن عنه في موضع آخر فيقول: " لا تُسر بذبيحة وإلا فكنت أقدمها " (مزمور51: 16). إذاً بحسب هذا الكلام هو لا يُريد ذبيحة. فالذبائح ليست هي بحسب إرادة الله. بل هو يُريد إبطالها، وبناء على ذلك، فهي تُقدم بحسب إرادة الذين يقدمونها ] (القديس يوحنا ذهبي الفم عظة 17؛ 18 على شرح رسالة القديس بولس الرسول إلى العبرانيين مترجم عن اليونانية طبعة 2010 صفحة 255، 256؛ صفحة 262، 263) |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أن خبرة حضور الله في حياتنا الشخصية |
حضور الله هو خبرة استعلان مجده |
حضور الله – خبرة وشركة حياة (الجزء 3) |
حضور الله – خبرة وشركة حياة (الجزء 2) |
الحضور الإلهي - خبرة وشركة وحياة |