رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لماذا نحتفل بعيد الميلاد 4 ـ بالنسبة لنا هذا هو مفهوم الاحتفال، وهذا هو ما نحتفل به اليوم: نُعيد لسكنى الله بين البشر الذى يرفعنا لنسكن بجوار الله، أو بالحرى لنرجع إليه، لكى بخلعنا الإنسان العتيق، نلبس الإنسان الجديد. وكما متنا في آدم، هكذا يمكننا أن نحيا في المسيح، إذ نولد معه، ونُصلب معه ونُدفن معه لكى نقوم بقيامته. لأنه ينبغى أن نتغير التغيير الحسن الصالح. فكما أن الأمور الحسنة (الحالة الفردوسية الأولى) تبعتها الأمور التعسة (حالة السقوط)، هكذا ينبغى بالأحرى أن تأتى الأمور الحسنة من الأمور التعيسة. " لأنه حيثما تكثر الخطية تزداد النعمة جدًا" (رو20:5). وإذا كان تذوق الأكل[6] قد جلب الإدانة فكم بالأكثر تبررنا آلام المسيح. إذن فلنُعيد، ليس بطريقة الإحتفالات الوثنية الصاخبة، لكن بطريقة إلهية، ليس بطريقة العالم لكن بطريقة روحية. لا باعتباره عيدنا نحن بل باعتباره عيد ذاك الذي هو لنا (أى المسيح) أو بالأحرى عيد ربنا. نعيد ليس بما للمرض بل بما للشفاء. نُعيد ليس بما يخص الخلق، بل بما يخص إعادة الخلق. كيف نحتفل بالعيد؟: 5 ـ وكيف يصير هذا التعييد؟ لا بأن نزين الأبواب، ولا نقيم حفلات رقص، ولا نزين الشوارع ولا نبهج عيوننا، ولا نُطرب أسماعنا بموسيقى صاخبة، ولا نلذذ أنوفنا بروائح أنثوية غير لائقة، دعونا لا نفسد حاسة التذوق، ولا نسمح لحاسة اللمس أن تتلذذ بلمس أشياء غير لائقة. هذه الحواس التي يمكن أن تكون مداخل سهلة للخطية؛ لنكن غير متخنثين بلبس الملابس الناعمة والكثيرة الثمن، والتي لا نفع لها. ولا نتزين بأحجار ثمينة وبذهب لامع، وبأصباغ تشوه الجمال الطبيعى الذي خُلِقَ على صورة الله، ولا للهزء والسكر الذي يصاحبه دائمًا الفسق والدعارة (انظر رو13:13)، لأن التعاليم الشريرة تأتى من المعلّمين الأشرار، أو بكلام أفضل، لأن البذرة الشريرة تنبت نباتًا شريرًا، فلا نفترش الفرش الناعم الذي يرضى لذّات البطن والشهوات العابرة. ولا نُقبِل على شرب الخمور الممزوجة برائحة الزهور، ولا على الطعام الشهى الذي يتفنن الطهاه في طهيه. ولا نُدهن بطيب غالى الثمن. لا ندع الأرض والبحر يقدمان نفاياتهما الثمينة كهدية ـ لأنى أسمى الرفاهية نفاية ـ دعونا لا ننافس أحدنا الآخر في إرتكاب المعاصى، فكل شئ زائد عن الحاجة الضرورية هو إفراط. بينما يوجد آخرون ـ من نفس طينتنا وطبيعتنا ـ يتضورون جوعًا، وهم في غاية العوز. 6 ـ فلنترك كل هذه الأمور للوثنيين ولإحتفالات الوثنيين، الذين تسر آلهتهم برائحة شواء الذبائح، ويقدمون لها العبادة بالطعام والشراب، فهم مخترعون للشر، وكهنة وخدام للشياطين. أما نحن الذين نقدم عبادتنا "للكلمة"، إن كان يجب أن نستمتع بشئ، فلنستمتع بالكلمة، بالناموس الإلهى وبالشواهد الكتابية خاصةً تلك التي تحدثنا عن موضوعات مثل موضوع إحتفال اليوم، حتى تكون متعتنا قريبة من ذاك الذي جمعنا معًا للإحتفال به (أى المسيح) وليست بعيدة عنه. هل تريدون (لأنى أنا اليوم سوف أقدم لكم المائدة يا ضيوفى) أن أضع أمامكم رواية هذه الأحداث (الميلادية) بأكثر غزارة وأجمل كلام أستطيعه لكى تعرفوا كيف يستطيع شخص غريب[7] أن يُغذى مواطنى البلد، وساكن الريف أن يغذى سكان المدينة، والذي لا يهتم بالمتع أن يُغذى أولئك الذين يسرون بالمتعة، ومَن هو فقير وليس له بيت ولا يملك أى شئ أن يغذى أولئك المشهورون بسبب غناهم. افتتاحية تعليمية عن الله (الثيولوجيا): سوف أبدأ بالآتى: نقوا عقولكم وآذانكم وأفكاركم أنتم الذين تبتهجون بهذه الأشياء، لأن حديثنا سيكون حديثًا مقدسًا عن الله؛ حتى حينما تغادرون المكان تكونون قد استمتعتم حقًا بسماع تلك الأمور المبهجة التي لن تنتهى ولا تخبو. سوف يكون الحديث ملىء تمامًا وفي نفس الوقت سيكون موجزًا، حتى لا تتضايقوا بسبب غياب بعض الحقائق، كما أنه لن يكون مملاً بسبب الإطالة الزائدة. 7 ـ الله كان كائنًا دائمًا وهو كائن في الحاضر وسيكون دائمًا إلى الأبد، أو بالحرى، هو كائن دائمًا. لأن "كان" و "سيكون" هى أجزاء من الزمن ومن طبيعتنا المتغيرة. أما هو فهو "كائن" أبدى، وهذا هو الاسم الذي أعطاه لنفسه عندما ظهر لموسى " أنا هو الكائن" (خر 14:3). لأنه يجمع ويحوى كل "الوجود"، وهو بلا بداية في الماضى، وبلا نهاية في المستقبل؛ مثل بحر عظيم لا حدود لوجوده، لا يُحد ولا يُحوى، وهو يتعالى كلية فوق أى مفهوم للزمان وللطبيعة، وبالكاد يمكن أن يُدرك فقط بالعقل ولكنه إدراك غامض جدًا وضعيف جدًا، ليس إدراك لجوهره، بل إدراك بما هو حوله[8]، أى إدراكه من تجميع بعض ظواهر خارجية متنوعة، لتقديم صورة للحقيقة سرعان ما تفلت منا قبل أن نتمكن من الإمساك بها، إذ تختفى قبل أن نُدركها. هذه الصورة تبرق في عقولنا فقط عندما يكون العقل نقيًا كمثل البرق الذي يبرق بسرعة ويختفى. أعتقد أن هذا الإدراك يصير هكذا، لكى ننجذب إلى ما يمكن أن ندركه، (لأن غير المدرك تمامًا، يُحبط أى محاولة للإقتراب منه). ومن جهة أخرى فإن غير المدرك يثير إعجابنا ودهشتنا، وهذه الدهشة تخلق فينا شوقًا أكثر، وهذا الشوق ينقينا ويطهرنا، والتنقية تجعلنا مثل الله. وعندما نصير مثله، فإنى أتجاسر أن أقول إنه يتحدث إلينا كأقرباء له باتحاده بنا، وذلك بقدر ما يعرف هو الذين هم معروفين عنده. إن الطبيعة الإلهية لا حد لها ويصعب إدراكها. وكل ما يمكن أن نفهمه عنها هو عدم محدوديتها، وحتى لو ظن الواحد منا أن الله بسبب كونه من طبيعة بسيطة لذلك فهو إما غير ممكن فهمه بالمرة أو أنه يمكن أن يُفهم فهمًا كاملاً. ودعنا نسأل أيضًا، ما هو المقصود بعبارة "من طبيعة بسيطة"؟ لأنه أمر أكيد أن هذه البساطة لا تمثل طبيعته نفسها، مثلما أن التركيب ليس هو بذاته جوهر الموجودات المركبة. 8 ـ يمكن التفكير في اللانهائية من ناحيتين، أى من البداية ومن النهاية (لأن كل ما يتخطى البداية والنهاية ولا يُحصر داخلها فهو لانهائى). فعندما ينظر العقل إلى العمق العلوى، وإذ لا يكون لديه مكان يقف عليه، بل يتكئ على المظاهر الخارجية لكى يكوّن فكرة عن الله، فإنه يدعو اللانهائى الذي لا يُدنى منه باسم غير الزمنى. وعندما ينظر العقل إلى الأعماق السفلى وإلى أعماق المستقبل فإنه يدعو اللانهائى باسم غير المائت وغير الفانى. وعندما يجمع خلاصته من الإتجاهات معًا فإنه يدعو اللانهائى باسم الأبدى لأن الأبدية ليست هى الزمان ولا هى جزء من الزمان لأنها غير قابلة للقياس. فكما أن الزمان بالنسبة لنا هو ما يُقاس بشروق الشمس وغروبها هكذا تكون الأبدية بالنسبة للدائم إلى الأبد. نكتفى الآن بهذا الحديث الفلسفى عن الله، لأن الوقت الحاضر غير مناسب، إذ أن موضوع حديثنا الآن هو عن تدبير التجسد وليس عن طبيعة الله (ثيؤلوجيا). ولكن عندما أقول الله فأنا أعنى الآب والابن والروح القدس. لأن الألوهية لا تمتد إلى ما يزيد عن الثالوث وإلاّ كان هناك حشد من الآلهة، كما أنها لا تحد بنطاق أصغر من الثالوث حتى لا نتهم بأن مفهومنا عن الألوهية فقير جدًا وهزيل، وحتى لا ينسب إلينا أننا نتهود بالحفاظ على الوحدانية، أو أننا نسقط في الوثنية بتعدد الآلهة. إذ أن نفس الشر موجود في الاثنين اليهودية أو الوثنية، حتى إن كان موجودًا في إتجاهين متعارضين. هذا إذَا هو "قدس الأقداس"[9] المخفى عن السيرافيم وهو الذي يُسبّح بنشيد الثلاثة تقديسات، والثلاثة يُنسب إليها لقب واحد هو الرب والإله، كما تحدث عن ذلك أحد سابقينا[10] بطريقة جميلة وسامية جدًا. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
نحتفل بعيد الميلاد في التاسع والعشرين من شهر كيهك |
لماذا نحتفل بهذا بعيد البشارة؟ |
لماذا نحتفل بعيد الغطاس ليلًا؟ |
لماذا نحتفل بعيد الصعود؟ |
لماذا نحتفل بعيد مار يوسف في ١٩ آذار؟ |