رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الفداء هو السبب الأساسي للتجسد
لمثلث الرحمات البابا شنودة الثالث لقد أخطأ الإنسان الأول، وكانت خطيته ضد الله نفسه: فهو قد عصي الله وخالف وصيته. وهو أيضًا أراد أن يكبر وأن يصير مثل الله عارفًا الخير والشر (تك3: 5). وفي غمرة هذا الإغراء نري أن الإنسان لم يصدق الذي قال له عن شَجرة معرفة الخير والشر: "يوم تأكل منها موتًا تموت" (تك2: 17). وعلى العكس من هذا صدق الحية التي قال: "لن تموتا". وبعد الأكل من الشجرة نري أن الإنسان قد بدأ يفقد إيمانه في وجود الله في كل مكان وقدرته على رؤية كل مخفي، وظن أنه إن اختبأ وسط الشجر يستطيع أن يهرب من رؤية الله له. وفي محاسبة الله للإنسان بعد الخطية، نري أن الإنسان يتكلم بأسلوب لا يليق، إذ يحمل الله جزءًا من مسئولية خطيته فيقول له: "المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني" (تك3: 12). إنها مجموعة أخطاء موجهة ضد الله: عصيان الله، ومنافسة الله في معرفته، وعدم تصديق الله في مواعيده، وعدم الإيمان بقدرة الله، وعدم التأدب في الحديث مع الله. أخطأ الإنسان ضد الله، والله غير محدود، لذلك صارت خطيته غير محدودة. والخطية غير المحدودة، عقوبتها غير محدودة. وإن قدمت عنها كفارة، ينبغي أن تكون كفارة غير محدودة، ولا يوجد غير محدود إلا الله. لذلك كان ينبغي أن يقوم الله نفسه بعمل الكفارة... هذا هو ملخص المشكلة كلها في إيجاز... الفداء السبب الأساسي للتجسد لقد أخطأ الإنسان، وأجرة الخطية هي الموت (رو6: 23). وكان لابد أن يموت الإنسان، وبخاصة لأن الله كان قد أنذره بهذا الموت من قبل أن يتعدي الوصية، إذ قال له: "وأما شَجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها. لأنك يوم تأكل منها موتًا تموت". وهكذا استحق حكم الموت، وكان لابد أن يموت. كان موت الإنسان هو الوفاء الوحيد لعدل الله. وإن لم يمت الإنسان، لا يكون الله عادلا، ولا يكون الله صادقًا في إنذاره السابق... هذه النظرة يشرحها القديس أثناسيوس الرسولي باستفاضة في كتابه " تجسد الكلمة ". وإذ يشرح لزوم موت الإنسان، يشرح من الناحية المضادة المشاكل التي تقف ضد موت الإنسان. فماذا كانت تلك المشاكل؟ كان موت الإنسان ضد رحمة الله، وبخاصة لأن الإنسان قد سقط ضحية الشيطان الذي كان أكثر منه حيلة ومكرًا!! (تك3). وكان موت الإنسان ضد كرامة الله، إذ أنه خلق على صورة الله ومثاله، فكيف تتمزق صورة الله هكذا؟! وكان موت الإنسان ضد قوة الله، كأن الله خلق خليقة ولم يستطع أن يحميها من شر الشيطان! وهكذا يكون الشيطان قد انتصر في المعركة!! وكان موت الإنسان ضد حكمة الله في خلقه للبشر. (انظر المزيد عن مثل هذه الموضوعات هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى). وكما يقول القديس أثناسيوس الرسولي إنه كان خيرًا للإنسان لو لم يُخلَق، من أن يخلق ليلقي هذا المصير!! وأخيرًا كان موت الإنسان ضد ذكاء الله. إذ كيف توجد المشكلة ولا يستطيع عقل الله أن يوجد لها حلًا!! إذن كان موت الإنسان ضد رحمة الله، وضد كرامة الله، وضد قوة الله، وضد حكمته وذكائه. وكان لابد لحكمة الله أن تتدخل لحل هذا الإشكال... وهكذا تدخل أقنوم الابن لحل الإشكال. والابن كما يقول القديس بولس الرسول هو: "حكمة الله وقوة الله" (1كو1: 24)، ويسميه سفر الأمثال: "الحكمة" (أم9: 1). والآن نسأل: كيف أمكن لحكمة الله حل هذا الإشكال؟ كان الحل هو الكفارة والفداء، لابد أن يموت أحد عن الإنسان، فيفديه، لإنقاذه. ولم يكن يصلح لهذا الفداء أي كائن آخر، غير الإنسان ذاته، لا ملاك، ولا حيوان، ولا رُوح، ولا أية خليقة أخري... فلماذا ؟ كان لا يمكن لمخلوق أن يموت عن الإنسان لسببين: أولًا لأن كل مخلوق محدود، لا يمكن أن يقدم كفارة غير محدودة، توفي العقوبة غير المحدودة، للخطية غير المحدودة. ثانيا لأن الحكم صدر ضد الإنسان، فيجب أن يموت الإنسان. وكان الحل الوحيد هو التجسد: أن ينزل الله إلى عالمنا مولودًا من امرأة، فهو من حيث لاهوته غير محدود كإله، يمكنه أن يقدم كفارة غير محدودة، تكفي لمغفرة جميع الخطايا لجميع الناس، في جميع الأجيال. وهو من حيث ناسوته، يمكنه أن ينوب عن الإنسان المحكوم عليه في دفع ثمن الخطية. من أجل هذا السبب كان السيد المسيح يتعمد أن يسمي نفسه: "إبن الإنسان" في كثير من المجالات... هذا إذن هو السبب الأساسي لولادة السيد المسيح مع العذراء. جاء ليحمل خطيتنا، ويموت عنها، لينقذنا من عقوبتها... إن عرفنا هذه يقة، فما هي الدروس الروحية التي يمكن أن نتعلمها منها في حياتنا؟ هذا ما نود الآن أن نتأمل فيه. |
|