رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
اهتمام الله بالأشياء الصغيرة اهتم بالأطفال، وتحدث عنهم بكل حب وتقدير.. كان يحتضنهم ويعطف عليهم ويقول "دعوا الأولاد يأتون إلي ولا تمنعوهم، لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات" (متى 19: 14). وأخذ ولدًا وأقامه في الوسط، وقال لتلاميذه "إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد، فلن تدخلوا ملكوت السموات. فمن وضع نفسه مثل هذا الولد، فهو العظم في ملكوت السموات. ومن قبل ولدًا واحدًا مثل هذا باسمي فقد قبلني" (متى 18: 2- 5). واهتم بنفسيته هؤلاء الصغار، والبعد عن إعثارهم، فقال: من أعثر أحد هؤلاء الصغار المؤمنين بي، فخير له أن يعلق في عنقه حجر الرحى ويغرق في لجة البحر" (متى 18: 6). إن الله يهتم بالصغار من كل نوع، سواء في سنهم، أو في حياتهم، أو نوعيتهم، عمومًا، أو في ضآلتهم وضعفهم. رعايته تشمل الكل. لقد اهتم حتى بالقصبة المرضوضة وبالفتيلة المدخنة.. فقيل عنه في الإنجيل "قصبة مرضوضة لا يقصف، وفتيلة مدخنة لا يطفئ" (متى 12: 20). إنه يعطي رجاء لكليهما. فالقصبة المرضوضة قد تربط وقد تعصب. والفتيلة المدخنة قد يرسل لها ريحًا فتشعلها. والشجرة التي لم تعط ثمرًا، أعطاها رجاء وفرصة أخري. فلما امتدت الفأس لتوضع علي رأس هذه الشجرة، قال في حنوه "أتركها هذه السنة أيضًا، حتى أنقب حولها وأضع زبلًا. فإن صنعت ثمرًا، وإلا ففيما بعد تقطعها" (لو 13: 7-9). إنه لم يقطع الرجاء حتى بهذه التي استمرت ثلاث سنوات بلا ثمر. وهو يعطي قيمة حتى للنملة الصغيرة، ويقدمها درسًا للبشر.. فيقول: "اذهب إلي النملة أيها الكسلان. تأمل طرقها وكن حكيمًا.." ونحن نقول: ما هي هذه النملة يا رب حتى تخلصها، وتمنحها هذه الطبيعة النشطة، وتضرب بها المثل فيما وهبتها إياه من نشاط ومهارة وقدرة..؟! وكأن الله يجيبنا ويقول: لا تظنوا أني فقط خالق التنانين، وإنما أيضًا خلقت الحشرات والهوام وأرعى هذه وتلك.. وأهتم حتى بالعصافير التي يباع اثنان منها بفلس واحد. وأعطي طعامًا لفراخ الغربان التي تدعوني (مز 147: 9). عجيب هو الرب الذي يخلق هذه الأشياء الصغيرة ويهتم بها. بل يهتم حتى بالدودة التي تسعي تحت حجر، وبالزنبقة الأشياء التي يلبسها أفضل من سليمان في كل مجده (متى 6: 29). إنه يضرب لنا مثلًا للإيمان ولملكوت السموات بحبة الخردل التي هي أصغر جميع البذور. فيقول يشبه ملكوت السموات حبة خردل أخذها إنسان وزرعها في حقله، وهي أصغر جميع البذور. ولكن متى نمت فهي أكبر البقول، وتصير شجرة، حتى إن طيور السماء تأتي وتتآوى في أغصانها" (متى 13: 31-32). ويقول أيضًا "الحق أقول لكم لو كان لكم إيمان مثل حبة الخردل، لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلي هناك فينتقل. ولا يكون شيء غير ممكن لكم" (متى 17: 20). إذن لا تفقد رجاءك ولو كان إيمانك صغيرًا كحبة الخردل. إنه يمكن أن ينمو ويصير شجرة تتآوى إليها الطيور. والله يقبل هذا الإيمان ويباركه. وأيضًا.. في الإيمان والملكوت يضرب مثلًا بخميرة صغيرة تخمر العجين كله. فيقول: "يشبه ملكوت السموات خميرة أخذتها امرأة ووضعتها في ثلاثة أكيال دقيق حتى اختمر الجميع" (متى 13: 33). وقد تذكر بولس الرسول هذا المثل فقال لأهل غلاطية: "خميرة صغيرة تخمر العجين كله" (غل 5: 9). إذن لا تفقد رجاءك مهما كان إيمانك قليلًا، ومهما كان عملك ضئيلًا، فالله يقبل القليل ويباركه ليصير كثيرًا. إن الرب قد أعطي في ملكوته رجاء حتى للعرج والجدع.. فقال لعبده بعد أعد الوليمة "أخرج عاجلًا إلي شوارع المدينة وأزقتها. وأدخل إلي هنا المساكين والجدع والعرج والعمي" (لو 14: 21). بل قال أيضًا كوصية: "إذا صنعت ضيافة فادع المساكين الجدع العرج العمي. فيكون لك الطوبى إذ ليس لهم حتى يكافئوك" (لو 13: 13). فإن حوربت بفقد الرجاء، تذكر هؤلاء الذين ليس لهم، والذين قبلهم الرب بدون مقابل.. هنا ونذكر ملاحظة هامة في معجزة الخمس خبزات والسمكتين: إن الله اهتم بالكسر، فأمر بجمعها، وحملها الرسل.. لعلك تقول ليتني كنت خبزة في يد الرب، يباركها ويطعم بها الألوف، وهكذا يمكنني أن أصلح لشيء في الخدمة! أقول لك: حتى لو لم تكن خبزة، وكنت مجرد كسرة ملقاة علي الأرض لم تجد من يأكلها، ستسمع قول الرب "اجمعوا الكسر وسيأتي وقت تستطيع فيه أن تشبع الآخرين. إذن إن كانت أعمالك الروحية ضعيفة، قل له في اتضاع: أدخلني يا رب مع المساكين والجدع والعرج والعمي إلي ملكوتك. وكما اهتممت بجمع الكسر في معجزة الخمس خبزات والسمكتين، اعتبرني أنا أيضًا من هذه الكسر، ليأخذني رسلك معهم في سلالهم وقففهم. أنا يا رب من هذه الكسر. اجمعني في سلتك المباركة. لا تظن أنه يجب أن تصعد إلي أعلي، لكي تقابل الله. بل انك كلما شعرت أنك لا شيء، ولا استحقاق لك علي الإطلاق. وهبط قلبك أسفل، فهناك تلتقي بالله. وهكذا كلما نزلت إلي أسفل صعدت إلي أعلي. حقًا الإنسان يصعد في هبوطه، ويهبط في صعوده. وقد قال الرب في ذلك "كل من يرفع نفسه يتضع. ومن نفسه يرتفع" (لو 13: 11). لقد ضرب لنا ثلاثة أمثلة في اهتمامه بالصغار في الأصحاح الخاص بقبوله للتائبين وبحثه عنهم (لو 15). رجوع الابن الضال بانسحاق قلب، قابله الرب بفرح كبير ومكافآت عديدة.. ثم ماذا عن الخروف الضال؟ من ذا الذي يستطيع أن ينظر إلي حظيرة فيها مائة خروف فيلمح أنها مجرد 99، ويبحث عن الواحد الناقص إلي أن يحمله علي منكبيه فرحًا، بل من ذا الذي يهتم بدرهم واحد مفقود، ويظل يبحث عنه حتى يجده، ويفرح بوجوده ألا يعطيك هذا رجاء في عمل الله من أجلك! هو يبحث عنك، إن لم تبحث أنت عنه.. ومن اهتمام الله بالصغار، اهتمامه بقرية بيت لحم الصغيرة. هذه التي قال لها الوحي الإلهي "وأنت يا بيت لحم.. لست الصغرى بين رؤساء يهوذا، لتكوني قدسًا ومكانًا للميلاد المجيد.." ومن اهتمامه بالصغار، اختاره ليئة المكروهة العينين (تك 29: 17، 33). ليئة هذه التي كانت صغيرة القدر والمكانة بالنسبة إلي أختها راحيل، هي التي اختارها الرب لتكون أمًا ليهوذا سبط الملوك، وأمًا للاوي سبط الكهنوت، وجدة للمسيح، فأتي من نسلها ولم يأت من نسل راحيل.. بل اختار الرب راحاب الزانية وكذلك ثامار ضمن سلسة الأنساب، واختار راعوث الموآبية ضمن سلسة الأنساب أيضًا (متى 1: 3، 5).. بل اختار مريم المجدلية التي كان عليها سبعة شياطين لتكون مبشرة للرسل (مر 16: 9، 10). بل أنه اختار التراب ليجعل منه صورته ومثالة. فلا تيأس إذن من عمل الله معك واختياره لك.. إنه "المقيم المسكين من التراب، والرافع البائس من المزبلة، ليجلسه مع رؤساء شعبه" (مز 112). إذن الله قادر أن يقيمك مهما كانت حالتك، بل يرفعك أيضًا لتجلس مع رؤساء شعبه أليس هو الذي لا يحتقر قصبة مرضوضة، ولا فتيلة مدخنة، يأمر بتشجيع صغار النفوس، وأن نسند الضعفاء وتتأني علي الجميع" (1 تس 5: 15). بل ما أجمل قول الكتاب "قوموا الأيادي المسترخية والركب المخلعة" (عب 12: 12)، حتى إن كنت من هذا النوع، سوف لا يهملك الله، بل سيرسل لك من يقومك.. بل خذ مثال اهتمامه بالعصفور، كرمز لاهتمامه بك. إنه يقول "أَلَيْسَ عُصْفُورَانِ يُبَاعَانِ بِفَلْسٍ؟ وَوَاحِدٌ مِنْهُمَا لاَ يَسْقُطُ عَلَى الأَرْضِ بِدُونِ أَبِيكُمْ" (إنجيل متى 10: 29). فالذي يهتم بالعصفور لا شك يهتم بك أيضًا. ولذلك يقول بعدها مباشرة "وأما أنتم فحتى شعور رؤوسكم جميعها محصاة. فلا تخافوا، أنتم أفضل من عصافير كثيرة" (متى 10: 30). ويعجب الرب بالعصافير في إيمانهم بأن الله يقوتها ويقول في ذلك "انظروا إلي طيور السماء. إنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلي مخازن. وأبوكم السماوي يقوتها (متى 6: 26). وهكذا يذكرها ويضرب بها مثلًا لنا، هي "وفراخ الغربان التي تدعوه" (مز 147: 9). إنه يهتم بالدودة التي تسعي تحت حجر، ويعطيها طعامها.. كم بالأولي أنت، يعطيك طعام الروح، وطعام الروح، وطعام الجسد أيضًا. أليس الإنسان أفضل من ديدان كثيرة؟! الدودة الصغيرة استخدمها الله ليعطي درسًا ليونان النبي حينما أعدها الله لتضرب اليقطينة (يون 4: 7). حسن أن هذه الدودة ذكرت في الكتاب المقدس، وهي تؤدي رسالة تؤول إلي توبة نبي. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
اهتمام الرب بالأشياء الصغيرة |
تمتع بالأشياء الصغيرة |
اهتمام الله بالأشياء الصغيرة |
اهتمام الله بالأشياء الصغيرة |
استمتع بالأشياء الصغيرة، |