آلام الصليب ماكانيتش مجرد آلام جسدية وماكانيتش شوية مسامير أتدقت ولا طعنة حربة , بل فى واقع الأمر أن آلام الصليب كانت آلام المحبة الجريحة , المحبة المتألمة , المحبة المرفوضة, وقلب الله كان يئن من أجل الإنسان المارق والمعاند والذى لا يدرك شيئا عن أن أبوه يتألم من أجله لأنه يحبه , وآلام الأب كانت شديدة بسبب نفور الأبن منه وإعراض الإبن عنه , وهذه الآلام هى الشىء الوحيد اللى جعل باب الغفران والمصالحة مفتوح أمام الأبن الضال , ولولا أن الأب كان يتألم لولا أنه قبل الأبن طيب ليه؟ لأنه كان فى إمكان الأب إنه يعلن أن أبنه اللى تركه ده مات! وخلاص أنتهى وأنه قطع العلاقة بيه ولا هو أبنى ولا أنا أعرفه ويريح نفسه تماما بأن مالوش أبن , يعنى هو كان ليه أبن وهذا الأبن مات وبكده آلام الأب تخف وأنه ينسى هذا الأبن تماما ويقطع العلاقة بيه وينسى أن كان ليه أبن , وده لو الأب كان عايز يريح نفسه زى ما بيحصل لما أب بيلاقى أبنه عمال يعاند يعاند فيقول له لا أنت أبنى ولا أعرفك ويبتدى يرتاح وينسى أن كان ليه أبن ويرتاح , لكن هذا الأب السماوى لم يفعل هكذا مع الإنسان ولم يقطع العلاقة بينه وبين الإنسان , ولكن هذا الأب أراد أن يكون متألما وكونه ظل متألم هو ده اللى ضمن أن باب المصالحة والغفران يظل مفتوح أمام الأبن لأن معنى أنه محتفظ بآلامه أنه لسه عايز هذا الأبن وعايز يغفر له وعايز يصالحه , وكان هذا ما ممثله هذا الأب من إخلاء الذات , ونتيجة آلامه تخلى عن كرامته وعن مجده تماما كما شفنا هذا الأب لما ترك بيته وترك مركزه ووقاره وطلع يخلى ذاته من مجده ومن كرامته بأنه يجرى فى الشارع ويتعرض أن يكون مثار للسخرية والإستهزاء , وهو ده الصليب "أخلى ذاته"