معمودية واحدة
" هناك جسد المسيح الواحد ،الكنيسة ، وروح واحد ورجاء واحد للجميع ورب واحد وإيمان واحد ومعمودية واحدة . " ( افسس 4/4 ) .
" الحق الحق أقول لكم ما من أحد يعاين ملكوت السماوات ما لم يولد من الماء والروح . " ( يو 3/5 ) .
إن كان الله يريد أن يخلص جميع الناس وان كان قد بذل نفسه فداء عن الجميع ، وان كان العماد ضرورياً للخلاص ، هل يعني ذلك أن الخلاص يستحيل على من سبقوا المسيح ومن ، بعده ، لم يسمعوا شيئاً عنه ولا عن العماد ؟ تكلم المسيح عن الماء والروح ، إننا نعرف أين يتجه الماء وهو رهن الجاذبية ، أما الروح " فيهب حيث يشاء " لا نعرف من أين يأتي ولا إلى أين يذهب ، هذه هي حالة المولود بالروح . وهذا الروح هو الذي يقود العالم إلى الخلاص كيفما شاء .
إنها معمودية واحدة ، إنما لهذه المعمودية الواحدة ثلاث صيغ :
معمودية الدم :
الاستشهاد . هذه هي المعمودية " المسيحية " التي عاشها المسيح في آلامه " عليّ أن أقبل معمودية الآلام وما أضيق صدري حتى تتم " ( لو 12/50 ) هو نموذج العماد ، إذ هو قمة الحب وشهادة الإيمان " اغتسل " بدمه، أعطى حياته . ما من حب أعظم من هذا …
معمودية الماء :
العماد الطقسي الرسمي .
معمودية الشوق :
أو معمودية الصدق كما يقو اللاهوتي زندل ، هذا العماد لا يتطلب أية معرفة واضحة بيسوع المسيح أو بالكنيسة أو بعماد الماء . هو عماد الروح وحده الذي يهب حيث يشاء ويوحي لكل أحد بدء إرادة طيبة ، وهو خاصّة كل الذين لا يرفضون بعناد ما يصل إليهم من نور . يقول المجمع " هذا ليس فقط بالنسبة إلى الذين يؤمنون بالمسيح ، بل بالنسبة إلى جميع الناس ذوي الإرادة الطيبة " ، إذ أن غالبية الناس لن يعرفوه في هذه الحياة . وعماد الشوق هذا ، هو غير الشوق إلى العماد ، لأن البشرية التي لم يصلها الإنجيل لا تعرف العماد . ولكي " يغطس " جميع هؤلاء الناس في حدث الخلاص ، أي لكي يعتمدوا بالشوق ، يكفيهم بعض الضمير . ذاك الذي يدعو كل إنسان لكي يصنع ما يظن أن من واجبه أن يصنعه . كل إنسان يتبع ببساطة ضميره هو معمّد بعماد الشوق . لأن هذه الأنوار ، مهما كانت ضعيفة هي عملياً إرادة الله في حياته . ومن يعمل الحق يأتي إلى النور .
هذه التأكيدات ليست ثانوية ولا نتردد في إقتبالها ، فإذا كان المعمدون في الماء هم وحدهم في المسيح يسوع ، فهو ليس إذاً مخلص أكثرية الناس ، ليس سيد هذا العالم . " حقاً إن الله ، لكونه خالقاً ، هو أب . ولكونه خالق الجميع وكلاّ بمفرده ، " الله هو أب للجميع وأب كل بمفرده ، يملك على الجميع ويعمل في الجميع ويسكن في الجميع." ( افس 4/6 ) للجميع بمفرده يعطي ابنه المتجسد كأخ في الإنسانية وكقائد إلى الخلاص ، للجميع ولكل بمفرده يعطي هذا الابن حياته ودمه وموته ، إلى الجميع وإلى كل بمفرده يرسل هذا الابن القائم من الموت روحه . كل إنسان ، في يوم من الأيام ، أجاب " نعم " بحسب الأنوار المعطاة له ، يدخل في عهد الخلاص . لذلك لا يتلكأ الروح عن الهبوب في كل مكان يرجو أن يخلق فيه قليلاً من الإيمان ، هذا الإيمان الغامض الذي ندعوه الإرادة الحسنة حتى إن كل من آمن يجد الحياة الأبدية .