إن الله يقيس العظمة بمقدار الخدمة. والعظمة الحقيقية لا تتحقق بالتعالي والترأس على الآخرين وإصدار الأوامر؛ بل بالخدمة المضحّية الباذلة المُكلِّفة.
والرب يسوع - تبارك اسمه - هو قدوتنا ومثالنا الأسمى في هذا الشأن. وهكذا، لهؤلاء الذين كانت بينهم مشاجرة مَن منهم يظن أنه يكون أكبَرَ، قال - تبارك اسمه - «أَنَا بَيْنَكُمْ كَالَّذِي يَخْدُمُ» (لوقا٢٢: ٢٧). فمع أنه هو الله، ومع أنه يستحق كل إكرام وسجود وتعبّد الجميع، فإنه قَبِلَ أن يأتي إلى عالمنا إنسانًا، مُخليًا نفسه من هالة المجد، مُستتِرًا في الناسوت الذي تهيّأ له، وساترًا صورة الله تحت صورة العبد، وأعلن أنه «لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ» (متى٢٠: ٢٨).
لقد كان له مقام السيادة والسلطان، ولكنه تنازل ليشغل مقام الخادم؛ فأعطانا قدوة عجيبة.