منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 17 - 05 - 2012, 07:07 AM
الصورة الرمزية بنتك يايسوع
 
بنتك يايسوع Female
..::| مشرفة |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  بنتك يايسوع غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 24
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 30
الـــــدولـــــــــــة : قلب بابا يسوع
المشاركـــــــات : 14,417

تعاليم الانبا ارسانيوس الجزء الثاني


تعاليم الانبا ارسانيوس


قيل عن أرسانيوس وتادرس الفرمي إنهما كانا مُبغضَيْن للسُبح الباطلِ جداً أكثر من غيرهم من الناس. أما أنبا أرسانيوس فلم يكن يلتقي بالناسِ كيفما اتفق. وأما أنبا تادرس فإنه وإن كان يلتقي بهم لكنه كان يجوزُ بسرعةٍ كالرمحِ.

تحدَّث القديسُ أرسانيوس عن إنسانٍ وفي الحقيقةِ كان يتحدثُ عن نفسِهِ، فقال: «كان أحدُ الشيوخِ جالساً في قلايته متفكراً، فأتاه صوتٌ قائلاً: هلمَّ فأريكَ أعمالَ الناسِ. فنهض إلى خارجِ فرأى رجلاً أَسودَ يقطعُ حِملاً من الحطبِ، وبدأ يجرِّبُ إن كان يستطيعُ حملَه فلم يستطع. فبدلاً من أن يُنقص منه، قام وقطع حطباً وزاد عليه. وهكذا صنع مراراً كثيرةً. ثم أنه مشى قليلاً فرأى رجلاً آخر واقفاً على حافةِ بئرٍ يتناول منه الماءَ ويصبُّه في جرنٍ مثقوبٍ، فكان الماءُ يرجع إلى البئرِ ثانية. وجاز قليلاً فرأى رجلين راكبين فرسين حامليْن عموداً على المجانبةِ، كلٌّ من طرفٍ وسائريْن بعرضِ الطريق، فلم يتضع أحدُهما ليكونَ خلفَ الآخرِ فيُدخلان العمودَ طولياً. وعلى ذلك بقيا خارج الباب». وأردف قائلاً: «هؤلاء هم الحاملون نير ربنا يسوع المسيح بتشامخٍ ولم يتواضعوا أو يخضعوا لمن يهديهم. لذلك لم يستطيعوا الدخولَ إلى ملكوتِ السماوات. أما قاطعُ الحطبِ فهو إنسانٌ كثيرُ الخطايا، فبدلاً من أن يتوبَ، يُزيد خطايا على خطاياه. وأما المستقي الماءَ فهو إنسانٌ يعملُ الصدقةَ من ظلمِ الناسِ فيَضيعُ عملُهُ».

قيل عن الأنبا أرسانيوس: أتى أناسٌ من الإسكندريةِ في بعضِ الأوقاتِ لينظروه، وكان أحدهم خال تيموثاوس بطريرك الإسكندرية، وكان الشيخُ في ذلك الوقت مريضاً. فلم يشأ أن يلقاهم لئلا يأتي آخرون فيسجسوه. وكان الشيخُ يسكنُ في طرواوس. فرجع الإخوةُ حزانى. فاتفق حضور البربر، فجاء وسكن في الأرض السفلى. فلما سمعوا عنه جاءوا إليه أيضاً ليبصروه فقبلهم بفرحٍ. فقالوا له: «هل عرفتَ يا أبانا أننا جئنا إلى طرواوس ولم تقبلنا»؟ فأجاب الشيخُ: «أنتم أكلتم خبزاً وشربتم ماءً. وأما أنا يا أولادي فما أكلتُ خبزاً ولا ذقتُ ماءً، بل كنتُ جالساً معذِّباً نفسي حتى علمتُ أنكم وصلتم إلى مواضعكم. لأن تعبَكم كان من أجلي، لكن الآن اغفروا لي»، فرجعوا مسرورين.

وحدث وهو في الإسقيط أن مرض فمضى القسيسُ وجاء به إلى الكنيسةِ ووضعه على فراشٍ صغير، ووضع تحت رأسهِ وسادةً من جلدِ الغنم. فلما جاء بعضُ الشيوخ ليفتقدوه ورأوا الفراشَ والوسادةَ قالوا: «أهذا هو أرسانيوس المتكئ على هذا الفراش»؟! فما كان من القسيس إلا أن يختلي بأحدهم ويسأله قائلاً: «ماذا كان عملُك في بلدتِك قبل أن تترهبن»؟ قال: «راعياً». قال له: «وكيف كان تدبيرُك في معيشتك»؟ أجابه: «تدبيرٌ كثيرُ المشقةِ والتعب». ثم سأله: «والآن سسألهسألهوالآن كيف حالُك في قلايتك»؟ فأجابه: «بكلِّ ارتياحٍ، أفضلُ مما كنتُ في العالمِ». فقال له القسيس: «ألا تعلم أن أنبا أرسانيوس هذا كان في العالم أبَ الملوكِ. وكان له ألفُ غلامٍ من أصحابِ المناطق الموشاةِ بالذهبِ وأطواق اللؤلؤ. وكان له عبيدٌ وخدمٌ يقومون بخدمتهِ وهو جالسٌ على الكراسي الملوكية وتحته البرفير والحرير الخالص الملون. فأما أنت فقد كنت راعياً ولم يكن لك في العالمِ ما هو لك الآن من النياح. أما هذا فليس له شيءٌ من النعيمِ الذي كان له في العالمِ. فالآن أنت مرتاحٌ أما هو فمتعَبٌ». فلما سمع الشيخُ ذلك ندم وصنع مطانية قائلاً: «اغفر لي يا أبي فقد أخطأتُ. بالحقيقةِ هذا هو الراهبُ لأنه أتى إلى الاتضاع، وأما أنا فقد أتيتُ إلى نياحٍ»، وانصرف منتفعاً.

ودفعة أتاه أحدُ الإخوةِ وقرع بابَه، ففتح ظاناً أنه خادمه، فلما رآه أنه ليس هو وقع على وجهِهِ. فقال له الأخُ: «قم يا أبي حتى أسلِّمَ عليك ولو على البابِ». فقال له الشيخُ: «لن أقومَ حتى تنصرفَ». وألح الأخُ في الطلبِ فلم يقُم. فتركه الأخُ وانصرف.

وحدث مرةً أن جاء أخٌ غريب إلى الإسقيط ليبصرَ الأنبا أرسانيوس، فأتى إلى الكنيسة وطلب من الإكليروس أن يروه له، فقالوا له: «كُلْ كِسرة خبزٍ وبعد ذلك تبصره». فقال: «لن أتذوقَ شيئاً حتى أبصره». فأرسلوا معه أخاً ليرشده إليه لأن قلايته كانت بعيدةً جداً. فلما قرع البابَ فتح له فدخل وصليا وجلسا صامتين. فقال الأخُ الذي من الكنيسةِ: «أنا منصرفٌ فصلِّيا من أجلي». أما الأخُ الغريبُ لما لم يجد له دالةً عند الشيخِ قال: «وأنا منصرفٌ معك كذلك». فخرجا معاً. فطلب إليه أن يمضي به إلى قلاية أنبا موسى الذي كان أولاً لصاً. فلما أتى إليه قبله بفرحٍ ونيح غربتَه وصرفه. فقال له الأخُ الذي أرشده: «ها قد أريتُك اليوناني والمصري، فمَن مِن الاثنين أرضاك»؟ أجابه قائلاً: «أما أنا فأقولُ إن المصري قد أرضاني». فلما سمع أحدُ الإخوةِ ذلك صلَّى إلى الله قائلاً: «يا ربُّ اكشف لي هذا الأمرَ، فإن قوماً يهربون من الناسِ من أجلِ اسمِك، وقوماً يقبلونهم من أجلِ اسمِك أيضاً. وألحَّ في الصلاةِ والطلبةِ، فتراءت له سفينتان عظيمتان في لُجَّةِ البحرِ. ورأى في إحداهما أنبا أرسانيوس وهو يسير سيراً هادئاً وروحُ الله معه. ورأى في الأخرى أنبا موسى وملائكةُ الله معه وهم يُطعمونه شهدَ العسلِ.

زاره مرةً بعضُ الشيوخِ وسألوه عن السكوتِ وعن قلةِ اللقاءِ، فقال لهم: «إن العذراءَ ما دامت في بيتِ والديها فكثيرون يريدون خطوبتها. فإن هي دخلت وخرجت فإنها لن تُرضي كلَّ الناسِ لأن بعضَهم يزدريها وبعضَهم يشتهيها، ولن تكون لها الكرامةُ إلا وهي مختفيةٌ في بيتِ أبيها. هكذا النفسُُ الهادِئةُ المعتكفةُ، متى اشتُهِرت تبهدلت».

قال أنبا أرسانيوس هذا التعليمَ لتلاميذهِ قبل نياحته: «ثلاثةُ أشياءٍ تكونُ من جودةِ العقلِ: الإيمانُ باللهِ والصبرُ على كلِّ محنةٍ وتعبُ الجسدِ حتى يُذَّل. وثلاثةُ أمورٍ يفرحُ بها العقلُ: تمييزُ الخيرِ من الشرِ والتفكر في الأمرِ قبل الإقدامِ عليه والبعدُ عن المكرِ. وثلاثةُ أشياءٍ يستنيرُ بها العقلُ: الإحسانُ إلى من أساء إليك، والصبرُ على ما ينالك من أعدائك، وتركُ النظرِ أو الحسد لمن يتقدمك في الدنيا. وستةُ أشياءٍ يتطهرُ بها العقلُ: الصمتُ، حفظُ الوصايا، الزهدُ في القوتِ، الثقةُ باللهِ في كلِّ الأمورِ مع ترك الاتكال على أيِّ رئيسٍ من رؤساء الدنيا، قمعُ القلبِ عن الفكرِ الرديء وعدم استماع كلام الأغنياء والامتناع من النظر إلى النساء. وأربعةٌ تحفظُ النفسَ: الرحمةُ لجميعِ الناسِ، تركُ الغضب، الاحتمالُ، إخراج الذنب وطرحه من قلبك بالتسبيح. وأربعةٌ تحفظُ الشابَّ من الفكرِ الرديء: القراءةُ في كتبِ الوصايا، طرحُ الكسلِ، القيامُ في الليلِ للصلاةِ والابتهال، والتواضع دائماً. وثلاثةٌ تُظلم النفس: المشي في المدن والقرى، النظرُ إلى مجد العالم، الاختلاطُ بالرؤساءِ في الدنيا. من أربعةِ أمورٍ تتولد للجسد النجاسةُ: الشبع من الطعامِ، السُكر من الشرابِ، وكثرة النوم، نظافةُ البدنِ بالماءِ والطيبِ وتعاهد ذلك كل وقت. وأربعةٌ تُعمي النفس: البغضةُ لأخيك، والازدراءُ بالمساكين خاصةً، الحسدُ، والوقيعةُ. وأربعةٌ يتولد عنها هلاكُ النفسِ وخسارتُها: الجوَلان من موضعٍ إلى موضعٍ، محبةُ الاجتماعِ بأهلِ الدنيا، الإكثارُ من الترفِ والبذخِ، كثرةُ الحقدِ في القلبِ. من أربعةِ أمورٍ يتولد الغضبُ: المعاملةُ، المساومةُ، الانفرادُ برأيك فيما تهواه نفسُك، عِدولك عن مشورةِ الآخرين واتِّباع شهواتك. وثلاثةٌ إذا عَمل بها الإنسانُ يسكنُ في الملكوتِ: الحزنُ والتنهدُ دائماً، البكاءُ على الذنوبِ والآثامِ، وانتظارُ الموتِ في كلِّ يومٍ وساعةٍ. وثلاثةٌ تحاربُ العقلَ: الغفلةُ، الكسلُ، وتركُ الصلاةِ».
ولما قَرُبَ وقتُ نياحته دعا تلاميذَه وعزَّاهم ووعظهم وقال لهم: «اعلموا أن زماني قد قَرُبَ، فلا تهتموا بشيءٍ سوى خلاصِ نفوسِكم ولا تنزعجوا بالنحيبِ عليَّ. ها أنذا واقفٌ معكم أمام مِنبرِ المسيحِ المُهاب، فإذا جاءت الساعةُ رجائي ألا تُعطوا جسدي لأحدٍ من الناسِ». فقالوا له: «فماذا نصنعُ لأننا لا نعرف كيف نكفِّنه»؟ فقال لهم الشيخُ: «أما تعرفون كيف تربطون رجليَّ بحبلٍ وتجرونني إلى الجبلِ لتنتفعَ به الوحوشُ والطيورُ». وكان الشيخُ يقول لنفسِه دائماً: «أرساني أرساني تأمَّل فيما خرجتَ لأجلهِ».

وقال: «كثيراً ما تكلمتُ وندمتُ، وأما عن السكوتِ ما ندمتُ قط».

ولما دنت نياحته نظروه يبكي فقالوا له: «يا أبانا أتفزع أنت أيضاً»؟ أجابهم قائلاً: «إن فزعَ هذه الساعةِ ملازمٌ لي منذ جئتُ إلى الرهبنةِ». وهكذا رقدَ ودموعُه تسيلُ من عينيهِ. فبكى تلاميذُه بكاءً مُرّاً وصاروا يقبِّلون قدميه ويودِّعونه كإنسانٍ غريبٍ يريدُ السفرَ إلى بلدهِ الحقيقي.

وقد أخبر عنه دانيال تلميذُه فقال: «إنه ما طلب قط أن يتكلمَ من كتابٍ، بل كان يصلِّي من أجلِ ذلك لو أرادَ. وما كان يكتبُ رسالةً. ولما كان يأتي إلى الكنيسةِ كان يقفُ خلفَ العمودِ لئلا يبصرَ إنسانٌ وجهَه. وما كان ينظرُ إلى وجهِ إنسانٍ. وكان منظرُه يشبه منظرَ ملاكٍ. وكان كاملاً في الشيخوخةِ وصحيحَ الجسمِ مبتسماً. وكانت لحيتُه تصلُ إلى بطنهِ، وكان شعرُ جفونِه يتساقط من كثرةِ البكاءِ. وكان طويلُ القامةِ، لكنه انحنى أخيراً من الشيخوخةِ. وبلغ من العمرِ سبعاً وتسعين سنةً، أربعون سنةً منها حتى خروجِه من بلاطِ الملك، وباقيها في الرهبنةِ والوحدةِ. وكان رجلاً صالحاً مملوءاً من الروحِ القدس والإيمان. وقد ترك لي ثوباً من الجلدِ وقميصاً من الشعرِ ونعالاً من ليفٍ، وبهذه الأشياءِ كنتُ أنا غيرُ المستحق أتبارك بها».

قيل عن البابا ثاؤفيلس البطريرك لما حضرته الوفاة، قال: «طوباك يا أنبا أرسانيوس لأنك لهذه الساعةِ كنتَ تبكي كلَّ أيامِ حياتك».
رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
بعض اقوال ابو الصمت(الانبا ارسانيوس)
صورة الانبا ارسانيوس للتلوين
تمجيد للقديس الانبا ارسانيوس
من اقوال الانبا ارسانيوس
من اقوال الانبا ارسانيوس


الساعة الآن 11:27 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024